لصناع الأمل في العالم العربي منذ إطلاقها مطلع مارس الماضي، نجحت مبادرة "صناع الأمل" في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي يتطلعون إلى المساهمة في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي. حتى اليوم، تلقت مبادرة "صناع الأمل" أكثر من 65 ألف قصة أمل من أفراد ومجموعات، لديهم مشاريع ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة أو المساهمة في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم. سعياً لمشاركة الناس هذه القصص كي تكون مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل، نستعرض بعض قصص صناع الأمل التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج. القصة الأولى: أطلقت مؤسسة "أهل مصر" وقريباً مستشفى هو الأول من نوعه في المنطقة هبة السويدي تمنح الأمل ل 100 ألف مصري من ضحايا الحروق سنوياً سنوياً، يعاني من الحروق في مصر أكثر من 100 ألف شخص، يلقى أكثر من نصفهم حتفهم متأثرين بحروقهم نظراً لعدم توفر العناية الطبية الملائمة وقلة الوعي في التعامل مع حالات الحروق فور إصابتهم. وتعدّ الحروق من الحوادث الأكثر إيلاماً، حيث تغير حياة الضحية إلى الأبد. هكذا بدأت هبة السويدي التعريف بمبادرتها التي دشنتها في العام 2013 من خلال إطلاق مؤسسة "أهل مصر"، وهي أول مؤسسة تنموية غير هادفة للربح في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا تهتم بقضايا الوقاية من الحروق وعلاجها. وتهدف المؤسسة إلى إحداث نقلة نوعية في مفهوم العمل الخيري والتطوعي والرعاية الصحية في مصر. ولقد تمكنت خلال فترة بسيطة من أن تصبح مؤسسة مميزة وفاعلة في المجتمع المصري، مسلطةً الضوء على قضية الحروق التي قد يراها البعض مهمَّشة ويراها آخرون مجهولة المعالم. بدأ اهتمام هبة بعلاج ضحايا الحروق بعد أن طلب إليها أحد الآباء مساعدة أبنائه الذين أصيبوا بحروق بالغة. وخلال رحلة البحث عن مستشفى مختص بالحروق في مصر اكتشفت هبة كم أن العملية صعبة ومكلفة للغاية، الأمر الذي أدى إلى بلورة فكرة بدأت معها مسيرتها التطوعية والخيرية لمساعدة عشرات الأسر المصرية. جمعت هبة السويدي تبرعات لعلاج المرضى والمصابين بالحروق خصوصاً خلال الأعوام الأخيرة، وتعمل حالياً على إنشاء مستشفى مساحته 45 ألف متر مربع لعلاج ضحايا الحروق بالمجان. وقد صممت المستشفى بحيث تبلغ طاقته الاستيعابية 120 سريراً في المرحلة الأولى، قبل أن تصل إلى 180 سريراً في المرحلة الثانية، متطلعة كي يصبح هذا المستشفى الأول والأكبر من نوعه في العالم في خدمة ضحايا الحروق في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا. كما سيضم المستشفى خدمات طبية متكاملة تشمل أجنحة العمليات، والطوارئ والإسعاف، والتأهيل والعلاج الطبيعي، والأشعة والرنين المغناطيسي، والعلاج بالأكسجين، والعناية المركزة والعيادات الخارجية التي تغطي تخصصات مختلفة. مشروع المستشفى لم يكن آخر مبادرات السويدي ومؤسسة "أهل مصر"، حيث أطلقت حملة "إنسانية بلا حروق" كمبادرة عالمية من مصر، تهدف إلى جمع كل الهيئات والمؤسسات والأفراد التي تهتم بضحايا الحروق تحت مظلة واحدة، حتى تتحقق الاستفادة من خلال التوعية العالمية بإصابات الحروق وتأثيرها السلبي والمؤلم على الضحايا ومن حولهم، وحقهم في دمجهم اجتماعياً. كما اختارت مؤسسة "أهل مصر" يوم 24 أغسطس من كل عام ليكون "اليوم العالمي للحروق"، وتم الاعتراف بهذا التاريخ وتسجيله رسمياً على الصعيد الإقليمي، ويتم العمل حالياً على الاعتراف به عالمياً. تجسّد هبة السويدي نموذجاً للمرأة المصرية المؤثر في تغيير الصورة النمطية حول ضحايا الحروق، وتمثل مؤسستها بارقة أمل لآلاف المصريين الراغبين باستئناف حياة طبيعية بعدما كتب الله لهم حياة ونجاة من فاجعة ألمت بهم. القصة الثانية: درَّب مئات الشباب على أعمال النجارة وساهم في وضع قاموس لغة الإشارة الفلسطينية هاشم غزال حوّل وظيفته إلى مهمة إنسانية نبيلة لتوفير بيئة إبداعية للصم وذوي الإعاقة السمعية هاشم غزال، لم تعوقه عدم قدرته على النطق والسمع من مساعدة الآخرين، فهو يعمل مسؤولاً لورشة النجارة في جمعية "أطفالنا للصم" في غزة حيث ساهم في تطوير مهارات الصمّ المهنية في النجارة والأعمال الخشبية عبر تنظيم ورش عمل ودورات متخصصة. بالنسبة لهاشم، العمل في الجمعية – التي تهدف إلى مساعدة الأطفال والبالغين الصم وضعاف السمع في الحصول على فرصهم في التعليم والتأهيل والتدريب المهني – ليس وظيفة، بل مهمة إنسانية نبيلة، يحرص من خلالها على رعاية مواهب الشباب وتطوير ملكاتهم الإبداعية، كي يتفوّقوا في مهنة تتطلّب مهارات حرفية متميزة لصنع تحف فنية مدهشة توفر لصانعيها مصدر دخل يجنّبهم الحاجة أو الاعتماد على الآخرين. على مدار سنوات، ساهم هاشم في تدريب أكثر من 300 شخص من الصمّ في القسم المهني بالجمعية، كما عمل على إعطاء دورات في لغة الإشارة لنحو 200 شخص من المهتمين من مختلف شرائح المجتمع، وخاصةً أهالي ذوي الإعاقة السمعية. وساهم في وضع قاموس لغة الإشارة الفلسطينية، وتنسيق المعارض الفنية الخاصة بالأعمال الخشبية والتطريز اليدوي، وتأسيس أول نادٍ تدريبي ترفيهي للصم في غزة عام 1995. كذلك، كان هاشم أحد أهم عناصر الجمعية في تنفيذ سلسلة من المبادرات الفريدة من نوعها، من بينها إقامة الجمعية معرض دائم للأثاث المنزلي بعنوان "أطفالنا للأثاث" في مدينة غزة، ضمن أنشطة مشروع "تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأشخاص ذوي الاعاقة في قطاع غزة ضمن نهج تنموي شامل"، وهو مشروع نُفِّذ على مدار ثلاث سنوات (يناير 2012 – ديسمبر 2014). وضم المعرض أثاثاً منزلياً عالي الجودة من صنع الشباب الصم أنفسهم الذي أشرف هاشم على تدريبهم وتأهيلهم، حيث مثل المشروع فرصة كبيرة لترويج وبيع المنتجات الحرفية، التي تعكس إبداعات هؤلاء الشباب وتسهم في خلق فرص عمل لهم من شأنها تحسين جودة حياتهم. لم تكن تلك المبادرة الوحيدة التي أسهم هاشم في إنجاحها، فهو اليوم يعتبر ممثل الصم في قطاع غزة، وهو لقب ناله عن جدارة من خلال سنوات من العمل الدؤوب من أجل توفير بيئة إبداعية تمكِّن العشرات من فاقدي السمع القيام بأعمال وتنفيذ مشاريع تساندهم وتخفِّف من مشقة حياتهم وتمنحهم أملاً بحياة أفضل. القصة الثالثة: ساهمت في بناء مدرسة في نيبال تضم 300 طفلا وتوفير الطاقة المتجددة في قرية إندونيسية مشاعل الفردان.. متطوعة إماراتية تكرِّس نفسها للعطاء وجعل الحياة مكاناً أفضل للأطفال مشاعل الفردان، ابنة الامارات، التي وجدت منذ انخراطها في العمل التطوعي وهي في السادسة عشرة من عمرها، الراحة النفسية التي يفتقدها عدد كبير من الناس في عصر تسارعت فيه وتيرة الحياة اليومية لدرجة نسي البعض معها قيمة العطاء. مشاعل، وفي مسيرة عملها التطوعي، شاركت مجموعة من الشباب رحلتهم إلى قرية جافا في الريف الإندونيسي لتعليم الأهالي كيفية توفير الطاقة وذلك ضمن فريق «مصدر» في 2014، فالطاقة المتجددة التي باتت أملاً في مستقبل أكثر استدامة تجاوزت مرحلة الخطط النظرية لتشكل واقعاً ترسمه دولة الإمارات لشعبها وشعوب العالم. الفريق الإماراتي الذي كانت مشاعل بين أعضائه منح الإندونيسيين فرصة فريدة للاستفادة من طاقة لا تنضب في ظل صعوبة توفير الموارد الكهربائية في العديد من المناطق النائية. كما تطوعت مشاعل، الموظفة في موانئ دبي العالمية، مع "دبي العطاء" لبناء مدرسة في النيبال تضم 300 طفل في ديسمبر 2016، لتسهم في إدخال الفرحة في قلوب الصغار الذين وفرت لهم المدرسة فرصة لاستعادة حقهم في التعليم في ظل ظروف إنسانية صعبة. هذه الشابة الإماراتية، التي ساهم التطوع في تغيير حياتها، تحلم بتكريس المزيد من الأعمال التطوعية للتعليم، حيث ساعدت في إدارة وإطلاق برنامج التعليم العالمي في دبي، الذي يهدف إلى تعليم الأطفال في البلدان الفقيرة من خلال عملها في موانئ دبي العالمية. إن حبّ الخير والعطاء بالوقت والجهد والمال عناصر رسمت شخصية ابنة الإمارات مشاعل الفردان الطموحة لجعل العالم مكاناً أفضل لجميع الأطفال بمختلف جنسياتهم وأعراقهم ودياناتهم.