يمتطي جواده إلي منصته الشاعر : جمال حامد لا دهشةً ، لا عجباً ، لكنّ إِدراكٍ لقدرة منْ سبحِ وغاص في عمقِ بحور اللغةِ وعاد مُحملاً بحصادِ لآلئ كانتْ هي غايتهِ ، ليِمتطي بَعدها بِيسرٍ القوافي رافعاً رايةَ إبداعهِ وتُميزهِ . شَاعرُنّا قديراً وفناناً يَمّلكُ مع مفاتحَ اللغةِ العربية ومغاليقها كل اسرار توظيفها ، ويضعها بحنكة ودراية – صوتا وإيقاعاً – ، حيث تكون الصورة الشعرية صورةً مُكتملةِ العناصر ، ويَمنحُ الصورة قدرة إيحائية تستقبلها مشاعر المتلقي وتُسكنها حيث أراد الشاعرُ ليبدأ الحوار الحميمي بين إبداع الشاعر ، وحسّ المتلقي ، فصورة الحرفِ المكتوب في الكلمة علي السطور بنغمته الذاتية حين يُلفظ ويُنطق ، كبناءٍ صوتيِ وشكليِّ يؤكد عمق الوعيّ والفهم للحرفِ وإيقاعهِ في بنائيةِ الكلمة ، وبنائية الصورة الشعرية التي تتسق في هارمونية سلسلة مع عناصر أخري كالقافية ، والجرسُ المُوسيقي ، وتأثير الإرتداد الوجداني والفكري لديّ المُتلقي ، وهذا بقدرِ مخزونهِ وثراءهِ وتحصيلهِ من القراءات الشعرية السابقة ، تشكل هذه المنظومة من اللغة بحروفها وكلماتها وإيقاعاتها ، مع تجارب الشاعر وتفاعل كل المؤثرات المتجمعة داخله ، يشكل كل ذلك منصتهُ للإنطلاق لإبداعه الشعري . وفي هذا النص الذي بين أيدينا … " تمهلي " وبقيتُ سيدتي أطارد وحدتي وخواطري الخرساءُ غايةَ موئلي ***** من كل حرف عشته وكتبته نارٌ مؤججةُ بقلبي تعتلي ******* نستطيع أن نلمس بوضوح ٍ هذه المقدرةُ اللغوية في صياغةِ الصورة الشعرية من الحروف والكلمات في بنائية صوتية بعلامة " كسر" الحرف التي تنتهي بها المقاطع البنائية للصورة والتي تخدم ايضا الصورة الكُلية في التعبير عن المشاعر المتعددة والمتضمنة ما هو معروف ومألوف في شعر الغزل والوجدان وتعدد الصور الإنسانية التي تجيش بها مشاعر المحبين تصاعداً وهبوطاً بين الجفوة ، و الإغتراب والأمل والمناجاة .. الخ . ولنتأمل بعضا من هذه الصور ، ومافيها من دلالات تؤكد ما ذهبنا إليه . ( 1 ) " من كل حرف عشته وكتبته نارٌ مؤججةُ بقلبي تعتلي ***** وحجبتها عن كل عين لاترى نبض الحقيقة غير طعمِ الحنظلِ " ( 2 ) " غنيتُ للدنيا وحبكِ في دمي يا خاطري هل تقرئين رسائلي ***** هل تسمعينَ الشوقَ يسري هامساً ويشقُ صمت الليلِ دون تمهلِ " ( 3 ) " " إني أحبكِ رٌغمَ كل تدللي ***** فعشقتُ فيكِ حقيقتي وتدللي ***** وعشقتُ فيكِ طلاقةَ الوجه الذي يرنو إليَّ ببسمة لمقبلِ ***** وعشقت صمتكِ والكلامَ كلاهما ينسابُ في دنيايَ عذبُ المنهلِ " ******* ( 4 ) يمضي به في الكونِ همسُ مسافرٍ ويعودُ كالطوفانِ يهبطُ من علِ ***** فأراكِ في دنيايَ أجملَ قصة ٍ غنى بها زمني فكيف ستنجلي ؟؟؟ " ****** أختم هذه السطور منوهاً أن بين يدي إهداء خاص من الشاعر لديوانه الرابع الصادر في 2016م " ما زال سرك مستحيل " ، ولم انتهي من قراءته بعد ، وقد خلا الديوان من هذه القصيدة الجديدة " تمهلي " .