أٌقام نادي حيفا الثقافيّ أمسيةً تكريميّة للكاتب والمربّي تميم منصور ومنجزاته الأدبيّة، برعاية المجلس المليّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ/ حيفا، في قاعة كنيسة القدّيس يوحنّا المعمدان الأرثوذكسيّة في حيفا، وذلك بتاريخ 16-2-2017 ووسط حضور كبير من أدباء ومثقفين وأصدقاء وأقرباء من حيفا والجليل والمثلث، فرحّب بالحضور المحامي فؤاد نقارة مؤسّس ورئيس نادي حيفا الثقافيّ، وتولّى عرافة الأمسية الشاعر رشدي الماضي، وتحدّث عن منجزات تميم منصور الأدبيّة كلٌّ من الأدباء: آمال عوّاد رضوان، وسعيد نفاع وعبدالرحيم الشيخ يوسف، وفي نهاية اللقاء قدّم نادي حيفا الثقافيّ درع تكريم للكاتب تميم منصور، ثمّ تمّ التقاط الصور التذكاريّة. مداخلة فؤاد نقارة: أهلا وسهلًا بكم في قاعة كنيسة يوحنا المعمدان الأرثوذكسيّة في حيفا. أمسيات نادي حيفا الثقافي تُقام برعاية المجلس الملّيّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ في حيفا. الشكر الكبير لمُشاركي أمسياتنا. نشكر موقع ودار "الوسط اليوم" للنشر والإعلام على ما تقوم به من رعاية لأدبائنا ونشر وطباعة كتبهم الأدبيّة، ونشر تقارير أمسياتنا المفصّلة للأخت الشاعرة آمال عوّاد رضوان؛ المحرّرة الثقافيّة في "الوسط اليوم"، وتوزيعها في عدّة مواقع محليّة وعربيّة وعالميّة، كما ونشكر المواقع الإلكترونية والمجلّات والجرائد التي تنشر أخبار الأمسيات. نشكر جميع العاملين والمشاركين بالكامل في النادي بمحبة وشغف تطوّعًا في أمسياتنا، من مداخلاتٍ وفِرَقٍ موسيقيّة وفنّانين، عن مبدأ ورسالة لخدمة الثقافة والأدب والإبداع والمجتمع، فالجزء الأكبر منهم يُثمّنون مشروعَنا الثقافيّ والعمل الدؤوب الذي تتطلبُهُ إقامة أمسياتنا، من ترتيبات وتحضيرات وتنسيق واتصالات، وتحضير دعواتٍ وطباعتها ونشرها وتوزيعها، وإقامة الأمسيات وتصويرها وتوثيقها، ورعاية الحضور وتقديم التضييفات لهم، ومن ثمّ نشر تقرير مفصّل مَحليّا وعربيّا وعالميّا بقلم الشاعرة آمال عوّاد رضوان المحرّرة الثقافيّة لموقع "الوسط اليوم"، وخبر بقلم خلود فوراني سرّيّة، ولكن وللأسف، هناك بعض آخر يستكبر وبعض يتنكّر! إنّ إقامة أمسياتٍ ثقافيّة لا يُجبرُنا عليه أحد، وإنّما نقوم بذلك بدافع الواجب والتقدير، ونحن نعتقد في نادي حيفا الثقافي أنّنا نتعامل مع المحتفى به برقيّ، ونتوقّع منه أن يُبادلنا هذا الرقيّ ولو بكلمة شكر. نشاطات نادي حيفا الثقافي يُموّلها المجلس المليّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ في حيفا، والنادي مستقلٌّ تمامًا ولا يتلقّى أيّ دعم من أيّة جهة، وإنّما بما يتبرّع به أعضاءُ النادي وبعض المشاركين بجزء من ريع كتبهم. إنّ الكاتبَ الأمّيّ ظاهرةٌ منتشرة في وسط كتابنا وشعرائنا، فلا أستطيع أن أستوعبَ أنّ هناك كاتبًا لا يقرأ للآخرين، وتستطيع أن تلاحظ ضحالة ثقافتهم. نحن ندعو إلى ثقافة المَحبّة والاحترام لكلّ إنسان، وقد استضافَ النادي مبدعينا من المثلث والجليل والكرمل وحيفا ومناطق السلطة الوطنيّة والشتات، وصفحة نادي حيفا الثقافيّ على الفيس بوك، يمكنكم متابعة نشاطاتنا وأخبارنا بالكلمة والصورة والفيديو، فهذا النادي هو استمرارٌ للنهضة التي قام بها أسلافنا لخدمة لغة الضادّ والعروبة وبمسؤوليّة، يجب أن يتحمّل كلّ منّا حسب قدرته المساهمة بها، بهدف تنوير وترسيخ انتمائنا العربيّ في هذا الشرق. الأديب تميم منصور مِن مُرَبّي أجيالنا، ومواقفُه المُشرّفة حولَ ما يدورُ في مجتمعنا تُنشَرُ على الملأ منذ عقود، وإصداراتُهُ وأبحاثه تشهد له غيرته وحرصه على شعبنا وقوميّتنا، وكمثقف راقٍ جريء كتاباته عابقة برائحة الوطن والتراث، ويُشرّفنا استضافته في نادي حيفا الثقافيّ، ونرحّبُ بالمشاركين في المداخلات: الباحث والمُربّي عبد الرحيم الشيخ يوسف، والكاتب المحامي سعيد نفّاع، والشاعرة آمال عوّاد رضوان، وعريف الأمسية الشاعر رشدي الماضي. مداخلة رشدي الماضي: للشاعرة آمال عوّاد رضوان أقول: تعمّدتُ شاعرتي أن لا أسيءَ إلى إليكِ، لأغرقَ فيه، فأصعدُ إلى ذرى قصيدتِكِ وأعصرُ عنقودًا وأشدُّ له وترًا، أريقي النورَ في سُحُبي بردًا، ألستُ المتيّمَ، وكلُّ نيرانِكِ نيراني وتكويني؟ وللأديب تميم منصور ناثر تباشير الغد الآتي: أنا على مقعدي في تاريخ الحزن العربيّ، أبكي نصف الكلام، وقبلَ أن أسقط مضرجًا بدمي وحبر قصائدي، بعد أن ضاق المكان على المكان، أنتظرُ الهدهدَ ليدلّني على الطريق إلى دمعة البئر البريئة التي تبرّئ ذئب كنعان من إثم الخيانة والخطيئة. أنتظرُهُ مفتاحًا يفتح لي تمامة وتميمة، وتميم في طقوس معابد الكلام يتهاطلُ دفء أنفاس الوطن، أبجديّة إبداعيّة تثمر حبًّا بين الإنسان والمكان، حبًّا لمّا أزل يا تميم أتلوه عشقًا بيني وبين هذه الأرض الطيّبة، وأتلوه أنشودة إباء وشموخ، وملحمة عبور نحو انتصارات الحياة، على جواد يمتطي صهوة الخلاص والقيامة والحرّيّة. كلماتك يا تميم نشيد كرامة وعزّة في هذا الزمن الذلة، صباحات شفيفات منقوعة بالزنابق، مغسولة بالنعناع والمواقف لكلّ المعذبين والرافضين الصاخبين في وطن العرب. أعلنتَ انتماءك للحياة وطنًا وقضيّة، أرضًا وإنسانًا، فانتعشت في صحراء فراشات وارتعشت حولها أطيار، وسأظلّ أنا العاري الذي لا مدينة يلبسها، أجيئك أسرق من سلاسلك المطر والفرح جذوة تمسك بالنور، يُصرّ أن لا ينقطع عن الإصغاء إلى همسك. مداخلة آمال عواد رضوان: *سلامي لكم مطرا وإبداعًا وانتماءً لهذا البلد العامر بنا، ومباركٌ لنا "ذكرياتُ معلم" إنجاز الكاتب تميم منصور، الذي شدّني إلى حروفه، وقد لامستُ معاناتَك الصادقة ووصفك للأحداث، ووجدتُني أشاطرُكَ الكثير من أحداثه المشابهة لِما مرّ بي في مشوار معاناتي في التعيين والتنقيل وتوابعه! وكمحرّرة ثقافيّة في دار الوسط اليوم للنشر والإعلام، أشكر رئيس تحريرها الأستاذ جميل حامد على الجهود التي يُخصّصها لأصدقائي الكتّاب والمبدعين، ليس فقط في طباعة كتبهم وتنسيقها وتنقيحها ومونتاجها وتصميم غلافها، إنّما أيضًا بتسهيل إيصالها لهم، وقد كان كتاب "مذكّرات معلم" أحد الكتب في سلسلة الكتب الصادرة عن دار الوسط اليوم للنشر والإعلام، وقد أسعدَني جدّا أني كنت من أوائل من اطلع على الكتاب وأشرف على طباعته، فمبارك لنا ولك بهذا المنجز التوثيقي التأريخي القيّم. أستاذي تميم منصور، لماذا فطنت إلى كتابة مُذكرّاتك فقط بعد تقاعدك؟ هل اكتسبتَ شجاعةً وقوّةَ مواجهة، بعد أن تحرَّرتَ من قيود التعليم ومن أجهزته؟ هل لأنك انطلقت خارج دائرة الشكّ والترهيب التي فرضتها السلطات الإسرائيليّة عليك وعلى جهاز التعليم العربيّ؟ هل كنت آنذاك مُعلّمًا جبانًا مهزومًا أمام لقمتك، تطاردُك كوابيسُ الترهيب والمخاوف، وتُلاحقك حقائق تناقضات الهُويّة والانتماء المفروضة عليك، فتعلم تاريخ معاناة اليهود، وتطمس معالم النكبة وأهلك؟ هل حقّا مُذكّراتك تتّسم بالموضوعيّة والمصداقيّة، وتعرية المتعاونين المنتفعين الوصوليّين المُتستّرين على سياسة التمييز القوميّ والعنصريّ؟ هل أردتَ لهذه المُذكّرات أن تعيدَ الحياة لأحداثٍ ولّت بعدما كانت ميّتة، وأردت أن تؤبّن الزمن الراكدَ الراقد؟ هل أردت بذكرياتك أن تفتح تابوت آلامنا وأحزاننا، وتعرض أشرطة صور وخيالاتٍ وفضائح، لتكشفَ ألقابَ وأسماءَ طواها الزمن، وتُغلقَ نوافذَ مجاملاتك وصمتك وندمك؟ ما هي العبر التي تريدنا أن نجنيَها ونعتبر منها في ذكرياتك؟ هل هي ذكريات لمجرد التوثيق والتأريخ لمرحلة عبرت، أم لأهداف خفيّة أخرى في بطن الحوت وفي نفس يعقوب؟ صحيح أنّ بعض الأجوبة نجدها في مضامين النصوص، لكن هناك كثير من الأجوبة مُغلّفة بهالاتٍ ضبابيّة مُبهَمة، فاحتملني عزيزي، هو رأسي الصغير يُتعبني حين يضجّ بتساؤلات تتوالد متناسلة، وأظلّ أستفزّك، وتظلّ ترمقني بعينيك المكتنزتين بالموج الهادئ العاصف قائلا: على رسلك يا آمال عوّاد رضوان، فهناك ص6 "ملاحظة لا بدّ منها، فأنا لم أذكر في هذه المذكّرات كلّ الحقّ، لكنّني لم أذكرْ فيها إلّا الحقّ، والعِبرة التي أضيفها أمامَ كلّ مَن يفكّر ويحملُ أداةً للكتابة وأقول: الكتابةُ ترتبط ارتباطًا عضويًّا بالحرّيّة، فعندما لا تكون حرّيّة، لا تكون كتابة"! عن أيّة حقبةٍ زمنيّةٍ تتحدّثُ ذكرياتك السالفة؟ أتحدّث عن زمن الحكم العسكريّ ما بين الأعوام (1949- 1966) بعد أن سنّت الحكومة الإسرائيليّة قانون التعليم الالزاميّ المجّاني من جيل (5- 14 سنة)، الذي أتاح استئجار وبناء مدارس مختلفة للعرب، وفتحَ أمامنا آفاق التعلم بعدة مواضيع أساسيّة، وتعلم اللغة العبريّة والموسيقى والتاريخ والموطن، وقد عُيّن معلمون عرب أنهَوْا صفوف الثاني عشر، ومعلمون لم ينهوا المرحلة الثانويّة، وبسبب النقص في المعلمين العرب خاصّة في المثلث، عيّن في المدارس العربيّة معلمون يهود يتقنون اللغة العربيّة، وما أدراكم بحال معلمينا وطلابنا العرب آنذاك! كان الحكم العسكريّ صارمًا يُشدّد الرقابة على تعيين المعلمين وعلى التعليم العربيّ، ويُبعَد كلّ معلم له آراء سياسية وقومية عقابا له، وكان الطلاب ميسورو الحال او من لعبت معهم الظروف يُكملون دراستهم الثانوية في حيفا والناصرة والطيبة والطيرة، وفي بداية السبعينات انتشر بناء المدارس الثانوية في معظم القرى والبلاد العربيّة والتعليم المجانيّ للمرحلة الثانويّة، فازدادت فرص التعلم والتعيين أيضّا، وأنا بدوري أنهيت تعليمي الثانويّ في مدرسة يهوديّة وفرع علميّ، لكنّي عيّنت كمدرّس للتاريخ في العام 1960!؟ أستاذي تميم، ذكرياتك السالفة هذه هل تختلف كثيرًا عن حاضرنا؟ وهل اختلف كثيرًا حالُ تعيينات المعلمين اليوم عمّا كانه بالأمس؟ وهل حَمَلةُ شهادات اليوم يُضاهون معلمي الأمس معرفة وانتماءً وإخلاصًا، أم أنّ الشكليّات والظاهر والأوراق باتت تطفو قوّة وحضورًا على سطح الحقيقة المزخرفة بالتضليل والتشويه والتعتيم؟ قال: بكلّ أسف، الأوضاع التعيسة في مدارسنا العربيّة خلال 40 عام هي هي، على بؤسها تقوم، ليس فقط في البدايات، فحتى نهاية خدمتي كان وما زال السيناريو يتكرّر على نفس المسرح، وفقط يتغيّر الممثلون والديكور والملابس والكراسي! لقد كان معظم مفتشي المعارف العرب عراقيّين، وكان السموأل مفتش لغة عربّية، وكثير من مدراء المدارس منهم شولميت مديرة مدرسة حسن عرفة، وكان مدير دار المعلمين العرب في يافا إلياهو كوهين عراقيّا، وقد امتاز باستبداده وتحطيم شخصيّة المعلمين، وكذلك كان معظم المعلمين عراقيّين في اللد والرملة ويافا وكفرقاسم وجث وغيرها من قرى المثلث، فكانت لدينا صعوبة في فهم لهجتهم، وقد واجه المعلم العربيّ القوميّ الاضطهاد والملاحقة والمطاردة والتعجيز والعقاب في التعيينات البعيدة التي يتعذر التنقل والسفر الوصول إليها والمبات. ولا ننسى فصل المعلمين العرب بطريقة التفتيش الفنيّ، أي بطرق ملتوية وتقارير سيّئة متوالية ومتعاقبة لتحكيم المعلم وإثبات فشله من أجل فصله، إضافة إلى إلزام المعلمين العرب بالاشتراك في اقتناء "جريدة اليوم الحكوميّة".