لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بسم الله الرحمن الرحيم الخطبة الأولى: الحمد لله ثمّ الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارًا لرُبوبيَّته ، وإرغامًا لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا صلى الله عليه وسلّم رسول الله سيّد الخلق والبشر ما اتَّصَلَت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بِخَبر . اللَّهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدّين ، اللَّهمّ ارْحمنا فإنّك بنا راحِم ، ولا تعذّبنا فإنّك علينا قادر ، والْطُف بنا فيما جرَتْ به المقادير ، إنَّك على كلّ شيءٍ قدير ، اللّهمّ علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزدْنا علمًا ، وأرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه ، وأدْخلنا برحمتك في عبادك الصالحين . الشّهوات و الغرائز : أيها الأخوة الكرام ؛ متابعةً للموضوع الذي عولِجَ في الخطبة السابقة ، والذي انطلقَ من أنَّ في الإنسان شهوات ، أو دوافِعَ ، أو غرائِزَ ، قد تختلف الأسماء لكنّ المُسمَّى واحد ، يجمعها كلّها قوله تعالى : ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [ سورة آل عمران: 14 ] الله سبحانه وتعالى أوْدَعَ فينا هذه الشَّهوات ، وكما أقول دائمًا لِنَرْقى بها إلى ربّ الأرض والسموات ، لِنَرقى بها تارةً صابرين ، وتارةً شاكرين ، ولكن أيها الأخوة لو أنّ هذه الغرائز ، أو تلك الشّهوات ، او هذه الدوافع كانت بعيدةً عن تَوْجيه الإيمان ، وعن منهج الله عز وجل فعَلَتْ في الأرض ما لا يُصدَّق ، فكلُّ فساد الأرض ، وكلّ انحراف البشر بِسَبب طُغيان الشهوات على منهج الهل عز وجل . فيا أيها الأخوة الكرام ؛ لِنَضْرب على ذلك مثلاً على الشهوة التي أوْدَعها الله فينا من أجل بقاء النّوع ، هذه لها سُلطان كبير ، بل إنّ بعض علماء النفس فسَّر بها السُّلوك البشري كلّه ، وهو ليس مُصيبًا في هذا . أيها الأخوة الكرام ؛ تتجلَّى هذه الغريزة في الشباب أكثرَ ما تتجلّى ، لذلك حينما ورد في الأثر أنّ العدل حسن ولكن في الأمراء أحْسَن ، وأنّ الورَعَ حسن ولكن في العلماء أحسن، وأنّ الحياء حسن ولكن في النساء أحسن ، وأنّ الصَّبر حسن ولكن في الفقراء أحسن ، وأنّ السخاء حسن ولكن في الأغنياء أحسن ، من ضِمْن هذا القول ؛ وأنّ التوبة حسن ولكن في الشباب أحْسن ، لأنّ هذه الغريزة تتجلًّى على أشدّها في الفتوّة والشباب ، فالشباب تستقطب هذه الغريزة معظم طاقاته الحيويّة ، ودوافعَهُ النفسيّة ، وبِسَبب من قلَّة عِلْمه ، وضَعْف تجاربه في الحياة ربّما زلّتْ قدمُه ، لذلك ما من شيءٍ أكرم على الله من شابٍّ تائب ، وحينما يؤثِرُ الشابّ المؤمن طاعة ربّه يقول الله عز وجل لِمَلائكته : اُنظروا عبدي ترك شهوته من أجلي . فيا أيّها الشباب ، بإمكانكم أن تصلوا إلى أعلى المراتب عند الله عز وجل حينما تضْبِطوا هذه الغرائز ، وفي مقدِّمتها غضّ البصر ، لأنّ الله سبحانه وتعالى حينما قال : ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ [ سورة النور: 30] جعل غضّ البصر قبل حفظ الفرْج تأكيدًا على أنّ طريق حفظ الفرج هو غضّ البصر . الإيمان سبيل العفة و التحصن عن المعصية : على كُلٍّ في القرآن الكريم نموذجٌ فذّ لِشابٍّ في رَيْعان الشباب ، يمتلئ حيوِيَّةً وفُتُوَّة ، تكتَمِلُ رجولتُه ، تَدعوهُ إلى نفسها امرأة ذات مَنْصبٍ وجمال ، ليْسَتْ من عامَّة الناس ، ولكنّها امرأة العزيز الذي هو في بيتها ، وهو عبْدها وخادمها والأبواب مغلّقة ، والسُّبُل ميسَّرة كما حكى القرآن ، قال تعالى : ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ﴾ [ سورة يوسف: 23 ] هذا النبي الكريم مثلٌ أعلى لِكلّ شاب ، راودتهُ التي هو في بيتها ، وهو عبْدُها، وخادمها ، وهو بعيدٌ على أهله ، وليس متزوِّجًا ، والأبواب مغلَّقة ، والسُّبل ميسَّرة ، ولا أحد يعلمُ بهذا الفِعْل ، ومع ذلك قال : معاذ الله ، أمام هذا الإغراء ، وتلك الفتنة قال كما قال تعالى : ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [ سورة يوسف: 23 ] تقول هذه المرأة ذات المنْصِب والجمال بعد حينٍ ، قال تعالى : ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾ [ سورة يوسف: 32 ] ومع ذلك كما قال تعالى : ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [ سورة يوسف: 33 ] يا أيها الأخوة الكرام ؛ هذا الامْتِناع ، وذاك الخوف ، وهذا الورع ، وهذا الاستحضار لِعَظمة الله عز وجل ، وهذه العبوديّة لله عز وجل ، وهذا الائتمار بما أمر الله عز وجل ، هذا جعلَ من هذا الإنسان بطلاً تُرْوَى قصَّته في القرآن على مدى العُصور والدُّهور ، وكم من شابّ دعتْهُ امرأة ذات منْصب وجمال فزلَّتْ قدمُه فصار في مزبلة التاريخ ، فصار مع القُمامة ، فصار مع الخِيانة . أيها الأخوة الكرام ؛ ما ترك عبدٌ شيئًا لله إلا عوَّضه الله خيرًا منه في دينه ودُنياه ، أجمَلُ ما في الشابّ عِفَّتهُ ، أجمل ما فيه تحصُّنه عن المعصِيَة ، وما من إنسانٍ تزلّ قدمُه ويُفْتضح ؛ إما من جهة المال ، وإما من جهة النّساء ، والمؤمن بِفَضل الله عز وجل مُحصّن من هذين المَأخَذين الخطيرين ، من هاتين النقطتين الضعيفتين في شَخصية الإنسان . ذكرتُ هذه القصّة لأُريَكُم أنَّ هذه الشَّهوة ، وتلك الغريزة ، وذاك الدافع – اختلاف الأسماء لا ضَيْر به لأنّ المُسمَّى واحد – لا يستطيع أن يقف أمامها إلا الإيمان ، فإذا أردْت للفساد أن ينحسر ، وإذا أردْت للبيوت أن تغدو نظيفة ، وإذا أردْت للمجتمع أن يغْدو مجتمعًا راقيًا ، فعليك بِوَازع الإيمان ، إنّ الوازع لا شيءَ يعْدلُهُ في كبْح جِماح الشهوات ، والحياة من دون إيمانٍ لا تُعاش ، تعُجُّ بالخِيانات ، تعُجُّ بالانزلاقات ، تعجّ باختلاط الأنساب ، تعجّ بِكُلّ منكرٍ وبِكُلّ فساد. هذه غريزة من الغرائز التي أوْدعها الله في الإنسان ، إنَّهُ أوْدعها فيه لِيُؤسِّس أسرةً، لِتَغْدُوَ أسرتهُ جنَّته الصغيرة ، إنّ الله أوْدَع في الإنسان هذه الغرائز لِيَكون البيتُ عامرًا بالحبّ ، ولِينشأ الأولاد في ظلّ أبوَيْن متحابَيْن لا أن يكون الأولاد مشرَّدين ، والأزواج متفرِّقين ، والسِّفاح يحلّ محلّ النكاح . العفة أول خصيصة من خصائص المؤمن : يا أيها الأخوة الكرام ؛ من أولى خصائص المؤمن العِفَّة ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : (( الإيمان عفيف عن المحارم ، عفيف عن المطامع )) [ كنز العمال عن محمد بن النضر الحارثي] وما من شيءٍ يرقى بالإنسان كأن يُؤْثِر مرضاة الله على شهوته ، ولا شيءَ يكبحُ جِماح الشهوة إلا مراقبة الله عز وجل ، اعبُد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ، وأفضل إيمان المرء أن يعلم أنّ الله معه حيثما كان ، فإذا أردْتَ لهذه الشهوة التي أوْدعها الله فينا ، والتي أوْدعها من أجل أن ترقى بنا ، إذا أردْتها أن تنضبط ، وإذا أردْتها أن تتسايَر مع منهج الله عز وجل فلا بدّ من تنميَة الإيمان ، والله هناك قِصص لا تُعدّ ولا تُحصى عن شباب مؤمنين وقفوا مواقف بُطوليّة ، والإغراء من حولهم من كلّ جانب ، ومع ذلك قالوا : معاذ الله إنّهُ ربُّنا أحْسنَ مَثْوانا . ألم يقل هذا النبي الكريم ، قال تعالى : ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ﴾ [ سورة يوسف: 33 ] أعْلنَ عُبوديّته لله عز وجل . غريزة المقاتلة : شيءٌ آخر أيها الأخوة ، في الإنسان غريزةٌ سمَّاها علماء النّفس غريزة المقاتلة، القوّة الغضَبِيَّة التي تدفعُ الإنسان لِيَرُدّ الصاع صاعَين ، تدْفعُه إلى التَّدْمير والانتقام ، وفيها يبْدو الإنسان كالوَحش الهائج ، وكالإعصار المُدمِّر جمْرةٌ من النار يُلقيها الشيطان في جَوْفه ، فتنْتفِخُ أوداجهُ ، وتحْمرّ عيناه ، وتبْدو وكأنّ له مخالبَ وأنيابًا ، ما الذي يُقلِّمُ أظافر هذه الشهوة ؟ ما الذي يُلقي على هذه الجمرة الملتهبة ماء الهدوء والسلام ؟ إنَّه الإيمان ، يحمِلُ المؤمن أن يكبت غيظَهُ ، ويعْفو عمّن ظلمه ، ويحلُم على من جهل عليه ، ويُحسن إلى من أساء إليه ، سيّدنا عمر قال : من خاف الله لمْ يصنع كل ما يريد ، من الذي يصنع كل ما يريد ؟ أيُّ خاطرٍ ينفّذهُ، وأيُّ غيْظٍ يُنْفذُهُ ، وأيُّ رَغْبةٍ يُحقِّقها ؟ هو الجاهل المتفلِّتُ من منهج الله عز وجل ، المُتفلِّت من رقابة الله عز وجل ، يقول هذا الإمام العادل : من خاف الله لم يصنع كل ما يريد ، ولولا يوم القيامة لكان غير ما تَرَوْن ، فالمؤمن مُقيّد بالشَّرْع ، لولا هذا القيْد ، ولولا تلك الرقابة ، ولولا ذلك الإيمان لتفوَّق على الكافر في مجالاتٍ يظنّها الكافر مجالاً لِبُطولته ، ولكنّ المؤمن مُقيَّدٌ بالشرع، بينما الكافر كالدابّة المتفلِّتة من كلّ قَيْد . رجلٌ وجَّه كلامًا قاسيًا لِسَيِّدنا عمر بن عبد العزيز ، أساء إليه أشدّ الإساءة حتى أغْضبهُ ، وهو أمير المؤمنين ، فهمّ به عُمَر ثمّ أمْسكَ نفسهُ ، وقال للرجل : أردْتَ أن تسْتفزّني بِعِزّة الشيطان ، أردْت أن تسْتفزّني بِعِزّة السلطان ، فأنال منك ما تنالهُ منِّي غدًا ؛ أي في الآخرة، قُمْ عافاك الله لا حاجة لي في مُقاولتك . أيها الأخوة الكرام ؛ شَهْوَة الغضب ، القوّة العُدْوانيّة ، شَهوَة التَّدْمير ، وردُّ الصاع صاعين ، هذا لا يكون من أخلاق المؤمن ، المؤمن منضبطٌ بالشرع ، المؤمن يعفو ، والمؤمن يرى أنّ الله سبحانه وتعالى أقْدرُ عليه منه على من دونه . دخل رجلٌ إلى المسجد في الليل ، فجلسَ لِيَسْتريح ، فمرّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، يبْدو أنّهُ لم يرهُ فداسَ على طرف قدمهِ ، فتألّم هذا الرجل وصاح : أأعْمى أنت ؟ فقال عمر : لا ، فلمّا سُئل ؛ كيف تقول له هذا ؟ قال : سألني وأجبْتهُ ، وانتهى الأمر عند هذا . أيها الأخوة الكرام ؛ هذه القوّة الغضبيّة ، قوّة الانتقام ، وقوّة الإيذاء ، قوّة التّدْمير لا يرْدعها إلا الإيمان ، تجدُ المؤمن ينْطوي على حلْمٍ ما بعدهُ حلم ، وعلى أناةٍ ما بعدها من أناة، وعلى تبصُّر ، وعلى مراقبة لله عز وجل . غريزة الأنانية و حبّ الذات : شيءٌ آخر أيّها الأخوة في الإنسان حبٌّ للذات ، غريزةٌ عاتِيَةٌ جبَّارة ، لا يكادُ يَخْلو منها إنسانٌ من عامّة الناس ، لها قوّة دَفْعٍ شديدة ، تدفع الناس إلى الأنانيّة ، وإلى التنافس على الدنيا ومتاعها ، وتدفعهم إلى المنازعة والاختصام ، وتدفعهم إلى أخذ ما ليس لهم ، وجحود ما عليهم من حُقوق ، تدفعهم إلى أكل أموال الناس بالباطل ، تدفعهم إلى كلّ سبيلٍ لا يُرضي الله عز وجل ، هذه الأنانيّة ، وإثبات الذات ، والرغبة في الغلبة ؛ هذه غريزة مودعةٌ في الإنسان، إنَّها حِيادية أودعَتْ به من أجل أن يرقى بها ، وكلّ غرائز الإنسان يمكن أن يرقى بها، ويمكن أن يهوي بها ، يمكن أن تكون درجات ترقى به إلى أعلى عِليِّين ، ويمكن أن تكون دركاتٍ تهوي به إلى أسفل سافلين ، لكن أيها الأخوة الكرام ؛ الإيمان إذا دخل هذه المعركة أطفأ لهيب الخُصومة فصارَتْ نارُها برْدًا وسلامًا ، حطَّم الإيمانُ طغيان الأنانيَّة فاستحالت تسامُحًا وإيثارًا ، وحلَّق المؤمن من المتاع الأدنى إلى المثَل الأعلى . رجلان اختصما في عهد النبي عليه الصلاة والسلام في مواريث ليس لهما بيّنة إلا دعواهما ، كلاهما يقول هذا حقّي ، وينكر على أخيه حقّه ، واحتكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، وفي صدْر كلّ منهما فرْديَّتُه وأنانيَّته ، فيقول عليه الصلاة والسلام فيما روتْهُ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ فَلَا يَأْخُذْهَا )) [ متفق عليه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا] سمع الرجلان مقالة النبي عليه الصلاة والسلام ، أنّ النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيّد الخلق وحبيب الحق ، والذي يوحى إليه ، والمعصوم ، والذي جاء بالقرآن ، ولو حكم لأحدهما ، وكان هذا الذي حكم له غير محِقّ لا ينجو من عذاب الله ، فالقضيَّة مع الله ، والله يعلم ما تخفون وما تعلنون ، لذلك بكى الرجلان وقال كلٌّ منهما : حقّي لك يا أخي ، فقال عليه الصلاة والسلام : أما إن فعلتما ما فعلتما فاقْتسِما وتوخَّيا الحقّ ثم لِيُسامح كلّ منكما أخاه فيما يتوهّم أنّه من حقّ أخيه . وقد روى النبي عليه الصلاة والسلام قصَّة ، وللنبي عليه الصلاة والسلام قصص يرْويها ، من هذه القصص ما رواه ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال : (( كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ اشْتَرَى عَقَارًا فَوَجَدَ فِيهَا جَرَّةً مِنْ ذَهَبٍ ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الْأَرْضَ وَلَمْ أَشْتَرِ مِنْكَ الذَّهَبَ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : إِنَّمَا بِعْتُكَ الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ ، فَقَالَ : أَلَكُمَا وَلَدٌ فَقَالَ أَحَدُهُمَا : لِي غُلَامٌ ، وَقَالَ الْآخَرُ : لِي جَارِيَةٌ ، قَالَ : فَأَنْكِحَا الْغُلَامَ الْجَارِيَةَ وَلْيُنْفِقَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ وَلْيَتَصَدَّقَا)) [ابن ماجه عن أبي هريرة] أيها الأخوة الكرام ؛ إنّ هذين الرجلين اللّذين حدَّثنا عنهما النبي عليه الصلاة والسلام لم يتنازعا على هذه الجرّة بل تدافعا هذه الجرَّة ، هذا فِعْلُ الإيمان ، ومثل هذه القصَّة نراها كثيرة بين المؤمنين ، كلٌّ من المؤمنين يريد أن يقدّم لأخيه ما يُرضيه ، قال تعالى : ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [سورة الحشر : 9] الإيمان وحدهُ كفيل بِتَغيير العادات المستحكمة : أيها الأخوة الكرام ؛ هذه الغريزة الثانية غريزة الأنانيّة ، بقيَ أنّ في كلّ إنسانٍ عادات مُسْتحكِمَة ، الإنسان قد يميلُ إلى شيءٍ ، ويستجيبُ لهذا الشيء ، ويفعلُ هذا الشيء ، ويُكرِّرُ فِعْل هذا الشيء ، حتى يغْدُوَ هذا الشيء جزءاً من كيانه ، وحتى تحفر المؤثِّرات والاستجابات في جهازه العصبي أخاديد تتَّسِع وتعْمق بِقَدْر هذه العادة ، وقد قيل : العادة مستحكمة ، ونحن أسرى عاداتنا ، وقد قال بعض الفلاسفة : الإنسان مجموع عادات يمشي على الأرض ، وقال بعضهم : العادة طبيعةٌ ثانية ، والطبيعة الأولى هي الفطرة ، والإنسان إذا شبّ على شيءٍ شاب عليه ، العادات المستحكمة في الطعام ، والشراب ، والنُّزهات ، والعلاقات الاجتماعيّة ، والاختلاط ، هذه عادات مستحكمة في كلّ مجتمع ، وقد يظنّ علماء النفس أنّ أحدًا لا يستطيعُ أن يغيِّرَ هذه العادات ، ولا أن يعدِّلَ مَسْراها ولا مَجراها ، ولكنّ الإيمان وحدهُ كفيل بِتَغيير هذه العادات . أيها الأخوة الكرام ؛ حقيقة أضعها بين أيديكم ، في عام ألفٍ وتسعمئة وثمانية عشر صدر قانونٌ في أمريكا بالولايات المتحدة بِتَحريم الخمر ، لأنّ المجتمع اقتنع أنّها مدمِّرة للفرد والمجتمع ، مُضعفةٌ للاقتصاد ، فهذا القانون لمْ يصْدر من علٍ بل صدرَ من مجلس تَشريعي منتخبٍ بالاقتراع الحرّ ، ما الذي حصل ؟ أسطول بحري ضخم جُنِّدَ لِمُراقبة الشواطئ ، وأُسطول من الطَّيران جنِّد لِمُراقبة الأجواء ، كلّ وسائل الإعلان جنِّدَت لِمُحاربة الخمر ، يرْوي التقرير أنّ ستِّين مليون دولار أُنفق على أعمال الدِّعاية لِتَحريم الخمر ، طُبِعَتْ عشْرة بلايين صفحة لِتَوْعِيَة الشعب من ضرر الخمر ، أُعْدِمَ ثلاثمئة رجل ، وأودِعَ في السِّجن نصف مليون من الأشخاص عقابًا لهم على تعاطي الخمر ، أخِذ من الناس ستّة عشر مليوناً غرامات ، وصودِرَت من أملاكهم خمسمئة مليون ، وفي عام ألف وتسعمئة وثلاثة وثلاثين صدر قانون بإباحة الخمر إباحةً مطلقة ، لأنّ كلّ هذه الإجراءات ، وكلّ هذه الأساطيل ، وكلّ هذه الوسائل الإعلاميّة ، وكلّ هذه الغرامات ، وكلّ هذه القوانين ، وكلّ هذه المصادرات ، وكلّ هذه النشرات لمْ تقْنِع الإنسان في الامتناع عن شُرب الخمر ، ما الذي فعلهُ الإيمان ؟ وما الذي فعلهُ الإسلام؟ الخمر أيها الأخوة في العصر الجاهلي كان لها سريانٌ وانتشار ، حتى إنّ بعض الشعراء كان يقول : إذا متُّ فادْفني إلى جنْب كرْمةٍ تُروِّي عظامي بعد موتي عروقها *** كانت الخمر متغلْغِلَةً في كيان الإنسان في الجاهليّة تغَلْغُلاً لا حدود له ، أحصى علماء اللّغة للخمر مئة اسمٍ ، حتى أنّ امرأ القيس الشاعر الجاهلي ، وقد قُتِل أبوه ، قال : اليوم خمر ، وغدًا أمر !! أي آثر الخمرة على الأخذ بِثَأْر أبيه ! مع كلّ ذلك آيةٌ واحدة بعد آيتين اثنتين قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [ سورة المائدة : 90] لا ترى في المدينة سكَّة ولا زُقاقًا إلا وقد أُلقيَت فيه دِنان الخمر ، وكُسرَت الدِّنان، وأُغلقَت الخمور ، قال تعالى : ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [ سورة المائدة : 91] فكان أصحاب النبي رضوان الله عليهم يقولون : يا ربّنا انتهَيْنا ، انتهَيْنا ، الحياة لا تُعاشُ بلا إيمان ، لا تصلح الحياة بلا إيمان ، أقمْتُ هذه الموازنة بين إجراءاتٍ لا حدود لها ، أساطيل ، وأموال طائلة ، عشرة بلايين صفحة طُبِعَت لِتُقنعَ الشعب لترْك الخمر . تعميق الإيمان في قلوب المجتمعات للتخلص من أسباب فساد و شقاء الإنسان : لذلك أيها الأخوة ، هذه الغرائز ، العادات والتقاليد ، الأنانية ، حبّ الذات ، القوّة الغضبيّة في الإنسان ، الشهوة الجنسيّة ، هذه أساس فساد العالم ، وأساس شقاء الإنسان ، الإيمان يضبطها ، ويسمو بها ، ويرقى بها ، فإذا أردنا مجتمعًا نظيفًا ، ومجتمعًا منضبطًا ، إذا أردنا مجتمعًا يتعامل تعاملاً أخلاقيًّا ، فلا بدّ من أن نعمق الإيمان في قلوبنا ، والقصّة التي أرويها دائمًا ، هذا البدوي الذي لقيَهُ عمر بن الخطاب ، وقال له : بعني هذه الشاة وخُذ ثمنها ؟ قال : ليْسَت لي ، فقال : قل لصاحبها ماتَتْ أو أكلها الذئب ، فقال : ليْسَت لي ، قال : خذ ثمنها ؟ فقال : ليْسَت لي ، إلى أن قال هذا البدوي : والله لإني في أشدّ الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلتُ لِصاحبها ماتَت أو أكلها الذئب لصدَّقني ، فإنِّي عنده صادق أمين ، ولكن أين الله ؟ لا نحتاجُ نحن إلى مَزيد علْمٍ ، ولا إلى مزيد آياتٍ أو أحاديث ، ولا إلى مزيد خُطبٍ أو توجيهات ، نحتاج إلى التطبيق ، وتطبيق ما تعلمنا ، ويكفي آيةٌ واحدة لو علمتها وطبَّقتها لتألَّقْت ، ولارْتَقَيْت ، هذا الأعرابي الذي تلا عليه النبي آيةً واحدة ، قال : قد كُفيت ، فقال عليه الصلاة والسلام : فقُهَ الرجل . يا أيها الأخوة الكرام ؛ والله السَّماعُ لا يكفي ، والله حُضور خطب الجمعة لا يكفي، لا بدّ من أن يُجريَ الإنسان حسابًا دقيقًا مع ذاته ، لا بدّ أن يُحاسب نفسهُ حسابًا عسيرًا ليكون حسابه يوم القيامة يسيرًا ، لا بدّ من أن يضع ساعة مغادرة الدنيا أمام عينيه ، لا بدّ من أن يُعدَّ لهذه الساعة عُدَّتها ، لا بدّ من أن يسير وفْق منهج رسمه الله له ، لا بدّ من أن يُقيم الإسلام في عقله ، وفي قلبه ، وفي بيته ، ومع أهله ، وأولاده ، وفي طريقه ، وفي عمله ، أما أن يظنّ الإنسان أنّ التديُّن مجرّد صلاة نؤدِّيها ومالٍ ندفعه للفقراء ، ونعيشُ كما نريد مع شهواتنا، ومع تقاليد العصر وعاداته ، ومع صرعات الأزياء ، ومع فنون العصر نتابعها ، لو أنّ الإنسان تصوّر الدِّين هكذا ، عندها يكون الدِّين مجرّد طقوس لا تقدّم ولا تؤخِّر . أيها الأخوة الأكارم ، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أنّ ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطّى غيرنا إلينا فلْنَتَّخِذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتْبعَ نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني ، والحمد لله رب العالمين . * * * الخطبة الثانية : أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . الإيدز : أيها الأخوة الكرام ؛ أخٌ كريم أطْلعني على أحدث تقرير عن مرض الإيدز ، سأتلو عليكم بعض فقراته لأنّ خطرًا جاثمًا يتهدَّد المسلمين ، خطرُ الهُجوم الثقافيّ الإباحيّ الغربي على العالم الإسلامي ، هذا الهجوم الثقافي عن طريق الأقمار الصِّناعيَّة ربَّما دمَّر الأسر ، وربّما أوْدى بِشَبابنا إلى متاهات الهلاك ، فهذا التقرير الأخير يقول : حتى الآن مات مليونا شخص مُصابين بهذا المرض ، عدد الموتى في العالم بهذا المرض مليونا شخص ، وحتى نهاية القرن الحالي يقدّر العلماء أنّ عشرة ملايين إنسان سوف يلْقَون حتفهم بهذا المرض ، وحتى نهاية هذا القرن يصبحُ عدد المصابين بالعالم أربعين مليونًا ! وقد قسّم بعض علماء الإحصاء حالات الوفاة على مِعيارٍ زمني فكانت النتيجة أنّه في كلّ دقيقة يموت واحدٌ من المصابين ، أما الأخطر من ذلك فأنّ حاملي هذا الوباء ليس لهم علامات تكشفُ أنّهم حاملو هذا الوباء ، هؤلاء أعدادهم كبيرة جدًّا ، وهؤلاء أخطر على المجتمع من الذين أُصيبوا بهذا المرض ، هذا المرض يكمنُ في الإنسان إلى عشر سنوات دون أن يظهر ، فهذا الذي يحمل هذا المرض أخطر من المريض نفسه ، وهذا المرض أيها الأخوة يهدِّد قارات بأكملها ، وعِلاجه طفيف جدًّا ، العِفَّة ، الاستقامة ، تطبيق أحكام الشرع . فيا أيها الأخوة الكرام ؛ كلّ شيءٍ يدفعُ إلى المعصية يجب تركهُ ، ونحن عندنا قاعدة أصوليّة ؛ ما كان الواجب لا يؤدَّى إلا به فهو واجب ، وما لا يؤدَّى الفرض إلا به فهو فرض ، وما لا تؤدَّى السنّة إلا به فهو سنّة ، وأيُّ شيءٍ أدَّى إلى معصيَة فهذا الشيء التمهيدي معْصِيَةٌ أيضًا ، لأنّ الشريف كما قيل ليس الذي يهرب من الخطيئة نفسها ، بل الشريف هو الذي يهرب من أسباب الخطيئة ، لذلك ربّنا عز وجل لمْ ينْه عن الزنا ، بل قال : ولا تقربوا الزنا، وقال تعالى : ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾ [ سورة البقرة : 229] وفي آية ثانية : ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾ [ سورة البقرة : 187] فلا بدّ من أن يكون هامشُ أمانٍ واسعاً جدًّا بينك وبين المعصِية ، وأساس هذا الهامش غضّ البصر ، وصحبة المؤمنين ، وعدم اقتناء أجهزة اللّهو ، وعدم متابعة البرامج التي لا ترضي الله عز وجل ، هذا الذي قد يقي أسرنا وشبابنا ، وإلا فهو الخطر الأوّل الذي يتهدَّد العالم الإسلامي . الدعاء : اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك . اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين . اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك . اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين . اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين . اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء . اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب . اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شرّ خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء . اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين . اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .