محافظ البحيرة ورئيس جامعة دمنهور يستقبلان طلاب الجامعة الأهلية    محافظ البحيرة ورئيس جامعة دمنهور يتفقدان الجامعة الأهلية بالبستان    الأمين العام الجديد للشيوخ يجتمع بالعاملين لبحث أليات العمل    البورصة تربح 28 مليار جنيه في ختام تعاملات اليوم الإثنين    الذكاء الاصطناعي أم الضمير.. من يحكم العالم؟    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    مفوض الطاقة الأوروبي: نعمل لفرض حظر على النفط والوقود النووي من روسيا    ليست الأولى.. تسلسل زمني ل محاولة اغتيال ترامب (لماذا تتكرر؟)    بعد تهنئة إسرائيل له.. من هو الرئيس البوليفي الجديد رودريغو باز؟    "أسود الأطلس يكتبون التاريخ.. أول منتخب عربي يتوج بكأس العالم للشباب | فيديو    أشرف نصار يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي لضم عمرو الجزار    هل اهتزت ثقة سلوت في صلاح.. ذا صن تكشف تفاصيل سقوط ليفربول أمام اليونايتد    طلب عاجل من توروب في الاهلي    الداخلية تواصل جهودها لتحقيق الأمن ومواجهة أشكال الخروج على القانون    المؤبد لعصابة الأب ونجليه بتهمة الاتجار في المخدرات بالخانكة    ماس كهربائي وراء حريق عقار بأبو الغيط.. والحماية المدنية بالقليوبية تسيطر    بين المجد والرحيل الصامت.. محطات في مسيرة الفنان الراحل محمد فوزي    تفاصيل ندوة شريف عرفة بمهرجان الجونة.. كواليس جمعته ب الزعيم وأحمد زكي    عمر خيرت يرفع لافتة "sold out" قبل حفله بمهرجان الموسيقى العربية    الجيزة: إعادة إحياء نزلة السمان جزء من خطة تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف الكبير    "بين ثنايا الحقيقة" على مسرح السامر ضمن ملتقى شباب المخرجين    مشروع رعايات مصر يقدم الخدمة ل 1544 مريض بالشرقية خلال أسبوع    قصة وفاة محامٍ ونجله.. مرض الابن فتوفي الأب كمدًا ولحق به الابن    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    اغلاق مزلقان التوفيقية في سمالوط بالمنيا لمدة يومين للصيانة    الفجر في الإسكندرية 5.39.. جدول مواقيت الصلاة في محافظات الجمهورية غدًا الثلاثاء 21 أكتوبر 2025    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    أسعار زيت الطعام على بطاقات التموين بعد إضافة عبوة جديدة (تفاصيل)    طارق العشري: زعلت على نفسي بعد رحيلي من فاركو    وزير الخارجية: نقدر جهود الدكتور مجدي يعقوب في تسخير العلم والخبرة لخدمة الفئات الأكثر احتياجا داخل مصر وخارجها    احمي نفسك بهذه الخطوات.. لماذا يقع برج السرطان ضحية للتلاعب؟    مدبولي: الحكومة تعمل على مواصلة تكثيف الجهود لتعزيز قدرات الدولة في مجال زيادة الاستثمارات في مراكز البيانات    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    تأجيل محاكمة 3 متهمين بالتنظيم الثلاثي المسلح لسماع أقوال شاهد الإثبات الأول    وكالة "وفا": مقتل 47 فلسطينيًّا بنيران الجيش الاسرائيلي في مناطق متفرقة من قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    فوزي لقجع يهدي لقب مونديال الشباب للملك محمد السادس    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    باكستان: الهدف الأساسى من اتفاق وقف إطلاق النار مع أفغانستان القضاء على الإرهاب    وزير التعليم يتابع سير الدراسة بأسيوط    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    مواقف محرجة على السجادة الحمراء.. حين تتحول الأناقة إلى لحظة لا تُنسى    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة بخط الكيلو 21 بالإسكندرية.. توجيه المحافظ للنقل العام لتيسير حركة المرور أوقات الذروة    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    سعر الأرز الأبيض والشعير للمستهلك اليوم الإثنين 20اكتوبر 2025 فى المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-10-2025 في محافظة الأقصر    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    ضبط 3 أشخاص بالمنيا تخصصوا في النصب على أصحاب البطاقات الائتمانية    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    دار الإفتاء توضح حكم تصفح الهاتف أثناء خطبة الجمعة    وزير الصحة يبحث خطة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في المنيا    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسفة الصيام .. والصوم !
نشر في شموس يوم 30 - 06 - 2016


أ.د.إلهام سيف الدولة حمدان – مصر
هل توقفنا لحظات ولو أمام المرآة لنسأل أنفسنا : لماذا نصوم؟ المفروض أن يطرح كل إنسان على نفسه هذا السؤال، والأهم هو أن يمارس عادة الصيام؛ ويختبر معناه ليكتشف فائدته وأبعاده النفسية والروحية، فإن لم يصُم فإنه لن يكتشف حقيقته ولا مغزاه؛ ولو قرأ عشرات الكتب والمراجع عنه . ففي الأساطير اليونانية تأتي ترجمة كلمة "صوم" بمعنيين :
الأول بمعنى "إمساك" والثانية بمعنى "الانضباط السلوكي" ؛ وهو المعنى الأدق الذي يتم تفسيره بضبط النفس والعفة والتعفف، وفيها يمارس الإنسان بكل الطواعية فعل الحرمان من شهوات النفس إلى الطعام والشراب .. والجسد !
ولكن .. مامعنى الصوم ؟ فكثير من الكلمات نمر عليها دون إدراك لأصولها اللغوية؛ ومنها كلمة الصيام؛ فالصيام في أصله اللغوي هو الصوم عن الكلام عندما نذرت "العذراء مريم" أن تصوم للرحمن : "إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا"؛ وهو أصعب بما لا يقارن من الصيام عن الطعام والشراب . وأدعوكم إلى التأمل في بداية الآية حين خاطب المولى العذراء مريم بقوله :"فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا" !
إذن لم تكن الدعوة للصيام عن المأكل والمشرب، بل الالتزام ب "الصوم" عن الكلام حتى لاتضطر إلى الرد على اتهامات قومها الباطلة بالجارح من الكلمات للدفاع عن عذريتها؛ ولثقتها في طهارتها ونقائها. وهذا يرشدنا إلى المعنى الأمثل للصيام، فهو الابتعاد عن الموبقات التى قد يقترفها اللسان في الحياة اليومية من انفعالات في البيع والشراء، ناهيك عن ساحة المعارك السياسية وما تلوكه الألسنة من أكاذيب مع أو ضد من يختلفون أو يتفقون معهم فى التوجهات والأغراض الحزبية، وهي البعيدة كل البعد عن المغزى السامي الذي فرضه الله على عباده، فالصوم هو السلوكيات السويَّة البعيدة عن الكذب والنفاق، بل هي تنعكس ضد الفرد ذاته وتنتقص من احترامه لنفسه . إن "فلسفة الصيام" لها رجع الصدى في النفوس، فالنقاء في الأنفس يعمل على ترميم الجسد بإراحة المعدة وتجديد خلاياها، والأهم هو صيانة اللسان من استعمال الألفاظ الخارجة عن المألوف، ولم يقل أهل الطب والصحة النفسية من فراغ مقولة " صوموا..تصحُّوا" !
وحتى يتحقق ذلك يشرح علي بن أبي طالب رضي الله عنه – فلسفة الصيام فيقول: "صوم القلب خيرٌ من صيام اللسان، وصوم اللسان خيرٌ من صيام البطن"، وتلك هي فلسفة العارفين ، وتأتي في كلمات بسيطة صادقة وموحية بالدلالات التي تُبتغى من الصوم، فهو تربية للنفس بالبعد عن الشهوات في نهار رمضان، ليس فقط المحرمة بل الحلال أيضَا . وللصيام في التاريخ الإنساني عبرة وعظة، فالصوم كان دائمًا شريعة الأنبياء والمجاهدين وأصحاب المباديء الرفيعة،
وكان التقشف والصيام أسلوب "المهاتما غاندي" في نضاله المدني ضد الاحتلال الإنجليزي، ففي الصوم تتدفق الحكمة من القلب على اللسان، والدليل الأكبرهو تنزيل القرآن الكريم في شهر رمضان.
وكانت الأديان السماوية تتفق تمامًا ومنطوق تلك الحكمة الرائعة في مضامين الصيام والصوم الحقيقي، وهي البُعد عنه المظهريات ومحاولات تصنع العبوس؛ للإيحاء بأن صاحب الوجه المتجهم من الصائمين، فنجد نفس المعاني في شتى الديانات؛
وأقرت بها الكتب السماوية المقدسة، فنقرأ في "إنجيل متى" بالإصحاح السادس، الآية 16: "وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ…"، أي أن الصيام يحتاج إلى الترفع عن السلوكيات التى يستنكفها المجتمع. كذلك نجد الصوم في الديانة اليهودية؛ فيقال إن "سيدنا موسى عليه السلام"؛ صام أربعين يوما عندما صعد إلى جبل سيناء ليكلمه الله، وبحسب ما جاء في سفر اللاويين وهو ثالث كتب التوراة فقد فرض على بني إسرائيل صيام يوم واحد، وهو المعروف باسم "يوم كيبور" أو "يوم الغفران" .
والعجيب والغريب أيضًا، أن المصلحين الاجتماعيين وأصحاب المذاهب الوضعية؛ لم يخرجوا عن هذا الإطار في التعاليم التى أقرها المولى سبحانه وتعالى،
فقد ظهر مايسمى ب"الديانة الكونفوشيوسية "؛ صاغها " كونفوشيوس" في القرن السادس قبل الميلاد، واستن ضمن تلك التعاليم" طقس الصوم الكونفوشيوسي" الذي يقوم على أساس "وجبة واحدة تكفي"، حيث يتبعون عبادة إله السماء، والصيام يكون بتناول الطعام والشراب قبل مواعيد الصلاة فقط، بينما يكتفي الكهنة والرهبان بتناول وجبة واحدة في عصر يومي ظهور الهلال ويوم اكتمال القمر!
وهناك آراء تعتقد بوجود أسباب أخرى وراء لجوء إنسان الحضارات القديمة إلى الصيام، إذ ساد الاعتقاد قديمًا بأن الامتناع عن تناول الطعام والشراب يساعد الإنسان على الوصول إلى حالة من الشفافية الروحية، تسمح له بالاتصال بالمعبودات وعالم الأرواح. فكان الناس يخرجون إلى الأماكن الصحراوية والجبال العالية، ويمكثون هناك فترة طويلة في حالة من التأمل وهم صائمون ثم ينامون، فتأتي لهم الرؤية في الأحلام لتصلهم بالعالم الروحي أو تنبئهم بما سيحدث في مستقبل الأيام .
وهو عِتْقُ النَّفسِ الإنسانية، من رِقّ الحياة ومطالبها، ومن الأبدان وحاجاتها، ومن العقول ونوازعها، ومن النفوس وشهواتها، ومن رِقِّ المخاوف حاضرها وغائبها. حتى تشعر بالحرية الخالصة، حرية الوجود، والإرادة، والعمل؛ فتحرير النفس المسلمة هو غاية الصيام الذي كُتِبَ عليها فرضًا، وتأتيه طَوْعًا-في دندنة للشيخ «محمود محمد شاكر». فصوموا [ صوماً ] و [ صياماً ] لتعمّ الفائدة . أستاذ العلوم اللغوية أكاديمية الفنون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.