أتى المسيح إلى هذا العالم لمداواة الجرح الإنساني، ولإحياء الجمال المحتجب في داخل الإنسان، أو بمعنى أصحّ الجمال الّذي قتله الكبرياء. نتيجة الكبرياء إدانة الآخر حتّى نستر أخطاءنا، ونظهر أنّنا الأفضل والأكمل. بيد أنّنا كلّنا نخضع للنّقص والضّعف ونجنح إلى القسوة والخطأ. يأخذ النّص الإنجيلي في ( يو 7،3:8) منحىً إنسانيّاً يدلّنا على معنى الإنسانيّة الكاملة، ألا وهو الإنسانية الحاملة قلباً وفكراً إلهيّيْن. كما أنّ هذا النّص يعيدنا إلى ذواتنا لنقف ضميريّاً أمام سلوكنا المُدين للآخر دون النّظر إلى وجعه الإنسانيّ ونزفه الرّوحيّ والنّفسيّ كما الجسديّ. – " من كان منكم بلا خطيئة، فليرمها بأوّل حجر" ( يو 7:8). طلب الكتبة والفرّيسيّون من المسيح حكماً على المرأة الزّانية، لكنّ السّيّد لم يعطِ حكماً بل درساً ينبّه من خلاله الإنسان إلى ضعفه، ويدعوه ليفحص ضميره قبل إدانة أي شخص، مهما بلغ من سوء. والخطيئة هنا ليست الزّنى وحسب، بل أي خطأ يُرتكَب بحقّ الإنسان. فالرّبّ يقول: من منكم بلا خطيئة، وبالتّالي لا يحقّ لمن لا يزني أن يحكم أو يدين الزّاني، لأنّه بغضّ النّظر عن نوع الخطيئة، الفعل الشّرير ورفض المحبّة الإلهيّة قائميْن. " ومن يظن أنّه قائم ، فلينظر أن لا يسقط". ( 1 قورنتس 12:10). – " اذهبي ولا تخطئي بعد الآن" ( يو 11:8). هذه النّظرة الإنسانيّة الّتي نظرها السّيّد إلى المرأة أعظم من أيّ حكم، وأقوى من الشّريعة. فالشّريعة حكم ظاهريّ قد يبدّل السّلوك الخارجي أو يحجبه إلى حين. أمّا قوّة الكلمة فتحرّك الأحشاء الإنسانيّة، ومحبّة الرّبّ تخلقه من جديد. حريّ بنا أن نتأمّل ذواتنا كلّ حين، ونقيّم علاقتنا بالمسيح الحيّ. وكلّما اقتربنا من نوره انكشفت لنا أخطاؤنا، ودنت إنسايّتنا من الكمال. وكلّما سعينا إلى إدانة الآخر ابتعدنا عن الرّبّ وغرقنا في خطايانا. كلّنا نخطئ إذن كلّنا نحتاج إلى نظرة السّيّد وحبّه ورحمته. " إن كنت تراقب الآثام يارب، يا سيد، فمن يقف" (مز 3:130).