تقول صفحات التاريخ أن العادة جرت منذ العصور الإسلامية الأولى على خروج مجموعة من الناس في آخر شهر شعبان لرؤية هلال رمضان, لأن الفقهاء يرون رؤية الأهلة من فروض الكفاية, لما يترتب عليها من الأحكام الفقهية والشرعية اقتداء بالسنة الشريفة …. واختلف المؤرخون في أول من خرج لرؤية هلال رمضان من قضاة مصر, فذكر السيوطي إن أول من خرج لرؤية الهلا ل فيها القاضي غوث بن سليمان الذي توفي سنة 168هجرية,, وقيل إن أول قاض ركب في الشهود إلى رؤية الهلال هو أبو عبد الرحمن بن لهيعة الذي تولى قضاء مصر 771 ميلادية. ….. وقال الكندي: طلب الناس هلال شهر رمضان وابن لهيعة على القضاء فلم يره أحد وأتى رجلان وزعما أنهما رأيا الهلال وتحرى بن لهيعة عنهما وعن عدالتهما عند الناس فلم يعرفا واختلف الناس وشكوا, فى رؤيتهما . فلما كان العام المقبل خرج عبد الله ابن لهيعة في نفر من أهل المسجد عرفوا بالصلاح لرؤية الهلال , وقد سن ابن لهيعة لمن بعده من القضاة هذه السنة الحسنة فكانوا يخرجون إلى جامع عبود بسفح المقطم لترائي الهلال في شهري رجب وشعبان احتياطا لإثبات هلال رمضان. ….. ولتحقيق هذا الغرض أعدت للقضاة دكة عرفت (بدكة القضاة ) بجبل المقطم ترتفع عن المساجد يجلسون عليها لاستطلاع الأهلة منها …… أبطل الخلفاء الفاطميون رؤية القاضي للهلال, وجعلوا الشهور الرمضانية شهرا تسعة وعشرين يوما وشهرا ثلاثين فإذا وقع رمضان في أحدهما أمضوه كما هو, وأصبح ركوب الخليفة الفاطمي أول رمضان يقوم مقام إثبات الرؤية عندهم, أما الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله أباح صوم رمضان بالرؤية لمن يريد …… أما الوزير الفاطمى بدر الجمالي بنى مسجدا له علي سفح المقطم اتخذت مئذنته مرصدا لرؤية هلال رمضان. ….. كما سن الفاطميون أيضا ما يعرف بموكب أول رمضان أو موكب رؤية الهلال, وهي العادة التي استمرت في العصر المملوكي, فكان قاضي القضاة يخرج لرؤية الهلال ومعه القضاة الأربعة كشهود ومعهم الشموع والفوانيس, ويشترك معهم المحتسب وكبار تجار القاهرة ورؤساء الطوائف والصناعات والحرف, , فإذا تحققوا من رؤيته أضيئت الأنوار علي الدكاكين وفي المآذن وتضاء المساجد, ثم يخرج قاضي القضاة في موكب تحف به جموع الشعب حاملة المشاعل والفوانيس والشموع حتي يصل إلي داره, ثم تتفرق الطوائف إلي أحيائها معلنة الصيام. ….. أما في العصر العثماني, فقد استطلع الهلال من سفح المقطم فكان يجتمع القضاة الأربعة وبعض الفقهاء والمحتسب بالمدرسة المنصورية في بين القصرين, ثم يركبون جميعا يتبعهم أرباب الحرف وبعض دراويش الصوفية إلي موضع مرتفع بجبل المقطم حيث يترقبون الهلال, فإذا ثبتت رؤيته عادوا وبين أيديهم المشاعل والقناديل إلي المدرسة المنصورية, ليعلن المحتسب ثبوت رؤية هلال رمضان ويعود إلي بيته في موكب حافل يحيط به أرباب الطرق والحرف بين أنواع المشاعل في ليلة مشهودة. …… واستمر الأمر علي ذلك حتي أمر الخديو عباس حلمي الثاني بنقل مكان إثبات رؤية الهلال الي المحكمة الشرعية بباب الخلق. … وفى العصر وعلى الرغم من تطور وسائل رؤية الهلال تطورا كبيرا فلا يزال الخلاف قائما حول ثبوته بين الأقطار الاسلامية بسبب: تاثير اشعة الشمس على ظهوره بوضوح في صفحة السماء …كما تؤثر عوامل التلوث بالغلاف الجوي على الرؤية العادية له . … وتكن تظل أعين المسلمين متطلعة الى ليلة الرؤية لتحتضن قلويهم بشوق شهر رمضان بلياليه المباركة .. وكل عام وانتم بخير …