" تقفز بك محاجر العيون ، وكل ما هو باللون الأسود إلي دلالات اللون الاسود المعروفة ، وانت تهمُ بإيقاظ حواسك وإستدعاء قدراتك الفكرية والبصرية لقراءة لوحة وعمل معلوم سلفا أنه للمبدعة والناقدة القديرة د . / ام البنين السلاوي ، ولكن بنفس السرعة تعاودك هذه الألوان الضوئية السبع من الماجينتا " MAGENTA " البنفسجي النيلي البني المزرق ، الأزرق، الأخضر ، الأصفر ، البرتقالي ، الأحمر" وإختياراتها من هذه الألوان مابين البنفسجية حتي الأحمر، وايضا مساحات الفراغ البيضاء مع اللون الاسود لتكتمل منظومة لونية إستدعائية تعتبر عنصر رئيس في هذا العمل الإبداعي الذي نحن بصدده . ويأتي هذا التكوين المتراص عموديا لوجوه غير مكتملة ، وإن إكتملت بالدلالات التعبيرية التي جسدتها الملامح الاساسية بهذه الألوان المُختارة لها والموزعة بعبقرية ودقة لتتوزع وتتنوع عناصر التكوين الأساسية من مساحة ، وفراغ ، والوان ، ودرجات سطوع .. الخ وبنسب حققت درجة الإكتمال للرؤية الفكرية والبصرية التي بدأت منها لحظة الإبداع بومضتها الإوليّ لدي المبدعة وهي تهم بإستخدام أدواتها وتقنياتها الخاصة التي هي مُكون رئيسي في كل أعمالها ، محفزة تارة وداعمة المتلقي بما يجده في العمل تارة اخري ليجد ما قد يلتقطه و يساعده في الإيغال – بقدر ثقافته البصرية والفكرية – إلي فكرة أو رؤية ما ، يتكئ عليها وهو بصدد الغوص او التعمق بحثا مع كل دلالة أو إيحاء كامن في عناصر العمل المختلفة . أري في هذا العمل ما يذكرني بقصيدة للشاعرالسياسي الإفريقي المعاصر ( ليو بولد سنجور ) يعبر فيها عن " الأقنعة " ، وهي تيمة أو أيقونة تستخدمها المبدعة كإسم لعديد من لوحاتها الأخيرة ، تقول القصيدة : أيتها الأقنعة .. إيه أيتها الأقنعة أيها القناع الأسود ، ويأيها القناع الأحمر إنكما تُقنعان الأبيض والأسود أيتها الأقنعة في الجهات الأربع حيث تهب الروح أحييك من أعماق الصمت ولست أن الأخير أيها الجد العتيق ذو رأس الأسد أنت تحرس هذا المكان الذي ضاع من ضحكة كل إمرأة ومن إبتسامة ذابلة . **** في هذه الوجوه الأربعة ، وتضاريس الحزن والّهمْ والأمل المائت والمحشور وراء الشفاه المضمومة ، وحفر العيون الغائرة وكأنها مقابر حيث مكان جثث الآمال ، وأفراح الغد المُؤملة في نصر ، شذرته واطاحت به ويلات الإنقسام ،فَضَلْ عن مكان الهبوط ، وابتلع الغُصة والحسرة بعد ان أنهكت أجنحته سنوات التحليق ، فأثر فيما يبد و ، مواصلة الإنتظار والطيرا ن وحي يتغيرُ الحال قد تعبر عنها إستطالة هذه الرقاب كدلالة رمزية عن عدم إختناق الأمل كليةً وأن الروح لا زالت حتي في تمددها ووهنِها ترقب ذلك النصر الغائب والمُحلق ، والمنْتظر ليس بعيدا رافضا لهذه الروح .. الإحتضار ! بتعدد الرؤية ( البصرية والفكرية ) لدي كل متلقي ، يتعدد ايضا ما يمكن إلتقاطه سواء كان كامنا أو واضحا في هذا العمل الثري بمضامينه وتكويناته ، وهذا يعكس نتاج جهد فكري وإبداعي من المبدعة ، تَعْمَد في أعمالها الأخيرة وتحت ايقونة " الأقنعة " أن تأتي مشاركاتها لأحلام وطنها العربي ، والمأزق الذي يجتازه حاليا ، ومن خلال تفردها بأعمالها التي تكاد تكون ومضات متتابعة تضئ للمتلقي وترصد بحرفية كفنانة تشكيلية لا تنفصل برؤاها وادواتها ، وقفزاتها الإبداعية عن محنة الأمة وهي في حالة مخاض عسيرة "