احتفالاً بنجاح الثورة المصرية أقام الفنان التشكيلى المصرى مكرم حنين أحدث معارضه الفنية فى قاعة بيكاسو للفنون بضاحية الزمالك ، بعنوان « الروحانية بين الواقع والخيال » ، وضم المعرض مجموعة كبيرة من اللوحات المعبرة عن طبيعة الحياة المصرية فى الريف والحضر . ولوحات المعرض تصور المرأة الريفية بالزى الريفى التقليدى باستخدام ألوان تشع بالبهجة والراحة ، فهناك لوحة تضم ثلاث فتيات يحملن القلل المصرية الشهيرة على رؤسهن ويسرن فى دلال ، ولوحة آخرى تضم إمرأتان من جنوب مصر تقفا فى شموخ وقوة . ثم تأتى تلك الفتاة وطفليها فى لوحة تعبر عن عاطفة الأمومة فى أزهى صورها . ومن أكثر اللوحات تعبيراً تلك اللوحة التى أظهرت شعب مصر فى ثورته المجيدة فى 25 يناير حيث أظهر مصر فى صورة فتاة تقف مرفوعة الرأس فى شموخ وعظمة تعلوها حمامة السلام ويحيط بها أبناء شعب مصر بكافة أطيافه حاملين الأعلام واللافتات ، وفى الخلفية الهرم الأكبر ليظهر من خلاله حضارة 7 آلاف سنة . أما لوحة الفارس العربى يمتطى فرسه فى زهو وقوة ويحمل العصا راقصاً ، وتظهر المرأة المصرية فى حياء ناظرة إلى الفارس النبيل . أكد الفنان مكرم حنين أن ثورة الشباب حررت الفكر والتوجهات للفنانين المصريين جميعاً شباباً وشيوخاً ، حررتهم من الارتباك والفوضى فى مجال الفنون الجميلة ، وكان ذلك سبباً فى نفور جمهور الفن فى مصر من تلك التوجهات نحو تقليد البدع الأورو أمريكية فيما بعد الحداثة التى إنتهت إلى طريق مسدود ، ثم تحولت معظم هذه البلاد إلى أهمية التمكن الأكاديمى أو الكلاسيكى أو التعبيرى منذ عام 1965 فى فن التصوير والنحت على يد رونكو ، سيجال وروشنبرج وغيرهم ، فمن يملك ريشته يملك حريته فى التعبير والإبداع . وقال حنين : الفنانين المصريين استفاقوا بثورة يناير وبدأ عدداً كبيراً منهم مراجعة توجهاتهم لترك هذا الارتباك والفوضى ، والنظر إلى حركة الشعبية المستقبلية نحو الحرية والديموقراطية ، وغيرها من القيم الإنسانية والأخلاقية ، والتحرر من التبعية والتوجه نحو إبداع فن مصرى ، وسوف يحتاج ذلك إلى وقت للنضوج والتألق ، وخلق لغة تخاطب مع الجماهير ليس فقط فى الفنون الجميلة ولكن فى جميع الفنون والآداب . وأضاف : النبض والحيوية فى الأعمال الفنية الجادة مصدرها تلك الروحانية التى تجذب المتلقى من خلال الانتظام الجمالى ومعايشته العميقة المكتسبة من رؤيته للأعمال الفنية على امتداد التاريخ ، وها نحن فى مطلع الألفية الثالثة ما زلنا نتحاور بشغف مع التماثيل والرسوم الفرعونية ، والإغريقية وغيرها ، فلكل فن ثقافته وروحانياته التى تميزه وتؤكد إنتمائه لشعبه . الروحانية تتواجد بكثافة فى المجسم المتحقق بينما تظهر فى المجردات المتفككة مرتبكة ، ضائعة ومشتته لإكتفائها بالمظهر . الروحانية ترتبط بالإنتماء ، ومجال الإنسان ، وبالمكان وبواقع وأحوال البشر فى زمانهم ، وهذا يمنح الفنان أرضاً خصبة للتصور الحر والخيال والإبداع الأصيل .