كل شىء أرخى أطرافه فى الشقة ونام إلا الصغيرة ، تحاول التقلب فلا تستطيع، خط ملحى تبدو ملامحمة على وجهها الأبنوسى، انخلعت لصراخها روحى، هرولت إليها، قطرة دافئة على الخدين فى جلال، ترمى إلىّ بطرف عينيها اليمنى نصف نظرة، تصرخ ثانية، اتحسس بطنى المنتفخة، تحاول جاهدة أن تخرج ريحاً فلا تستطيع، منذ ثلاثة أيام وهى تحاول فلا تستطيع- أنا- أن أتخلص من وجهى الساكن فى بطنى منذ أن اشتكت. قال الطبيب: الإمساك للأطفال أحسن، قلت : لا .. الأفضل أن أستريح. أتوضأ وأدخل فى صلاتى، أرفع يدى وعينى فأراها معلقة فى سقف حجرتى، نصف نظرة فقط ترميها إلىّ وتعود تحدق فى المدى، أشعر بأننى محتقن ويقتلنى الإمساك لدرجة الجنون، أخرج من صلاتى، فهى بالطبع مكروهة، أجرى مسرعاً، أشوط أشياء كثيرة- فى طريقى- كنت حريصاً أن أضعها سلفاً برفق، أتبوأ مقعدى متهيئاً، استجمع قواى، أحاول، مرة ، اثنين ، ثلاث، تسقط منى قطرة لا أقصدها، تصرخ صغيرتى أكثر، تحتقن أوردتى، تجحظ عيناى، أنهج، تضطرب دقات قلبى الوهن، لا شىء يخرج منى ، كل شىء يعود هادئاً، مناوشات صغيرة داخل بطنى، اقترب منها، أمسح جبهتها التى تطرزها حبات العرق، تشعر بى أمها التى غافلها النوم فترات، ترانى فتقول: – الإمساك للأطفال أفضل! – لكنها لم تمس ثدييك منذ الأمس وتمص البزازة بشغف شديد. – ماذا أفعل؟ قامت بعادية شديدة، جهزت بعض المشروبات الساخنة، اشتاقت نفسى لها، أخت منها البعض. – هذا للصغار فقط! تمد يدها بمعلقة للصغيرة، تشرب معلقة، اثنتين، ثلاث، يستدير الفم بتلقائية، ترفض أن تشرب رغم جوعها الشديد، أشعر بسوء طعم الشراب رغم أن نفسى اشتاقت له فى البداية، يوجعنى قلبى أكثر. – هى ترفض أن تشرب، بطنها ملأنة. – ومن علمها ذلك – الله. – يا رب يفرج عنها يزداد صراخها، تنتزعنى، أهرب إلى زوايا الشقة من نصف نظرتها القاسية الحانية أحياناً، أغرق فى زرقة عينيها، تلاطمنى أمواج عاتية، تؤلمنى بطنى، تندفع أمعائى لأسفل، تثقل علىّ، أمسك مؤخرتى، أهرع للحمّام حيث لا راحة، تصرخ هى الأخرى، ينفلت منى بعض وجهى.. تصرخ أمها.. – خلاص.. ارتاحت هرعت إليها قبل أن أزيل عنى الألم ، حملتها، أغلقت مفاتيح الوجع فى بطنى، هدأت روحى روحها، استكان كل شىء، لم تبد أمها أى شىء غريب، رميتها بنظرة كاملة كانت كافية لإشعال ثلوجاً فى قلبى.