أوضح الداعية الدكتور أنس عطية الفقي رئيس مركز التراث العربي والمشرف العام على متطلبات جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أن أي هم أو حزن يصيب قلب إنسان فمعنى ذلك أنه لم يشهد قرب ربه ولم يستشعر أنوار مولاه ولم يتحقق بكنز الجنة (لا حول ولا قوة إلا بالله) تبارك وتعالى. وقال في درسه الذي ألقاه أمس على طلاب الجامعة عقب صلاة الظهر بمسجد جامعة مصر بمدينة السادس من أكتوبر مستأنفاً شرح الحكم العطائية، يقول الشيخ أحمد بن عطاء الله السكندري: (ما تجده القلوب من الهموم والأحزان فلأجل ما منعت من شهود العيان). وعليه، فالمؤمن يوقن أن من عرف الله لا يلحقه غم أبدا. وكيف يلحقه الغم والله معه، قال تعالى: " إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا " فمعية الله واستشعار قربه ولطفه يكون سبباً في عدم الحزن. قال تعالى: قال تعالى: " مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ". أي أن الحزن يكون على ما فات ومضى، والهم يتعلق بهواجس مستقبلية، وكان من الدعاء المأثور عن سيدنا أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه قوله: (اللهم إني أسألك الايمان بحفظك إيماناً يسكن به قلبي من هم الرزق وخوف الخلق، واقترب اللهم مني بقدرتك قرباً أمحق به عني كل حجاب محقته عن إبراهيم خليلك فلم يحتج إلى جبريل رسولك وحجبته بذلك عن نار عدوك. وكيف لا يحجب عنه مضرة الأعداء من غيبه عن منفعة الأحباب؟). وعكس الهم والحزن الفرح.. فبأي شيء نفرح؟ قال تعالى: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون".. نفرح بنعمائه وآلائه التي لا تعد ولا تحصى.. نفرح برسوله خير خلقه الذي أرسله ربه رحمة للعالمين.. نفرح باستشعار قربه ومناجاته.. نفرح بأن أعد لنا جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. نفرح بذلك وفوق ذلك. وفي صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة: سأل موسى ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة قال هو رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم فيقال له أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت رب فيقول لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله فقال في الخامسة رضيت رب فيقول هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول رضيت رب قال رب فأعلاهم منزلة قال أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر قال ومصداقه في كتاب الله عز وجل (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) .