ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداسا احتفاليا في كنيسة مار شربل في عنايا، بدعوة من الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي طنوس نعمة، لمناسبة مرور خمسين عاما على اعلان تطويب القديس شربل واختتام اعمال المجمع الفاتيكاني المسكوني الثاني، عاونه فيه راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، الاباتي طنوس نعمة ورئيس الدير القيم البطريركي الاب شربل بيروتي، وخدمته جوقة الصوت العتيق بقيادة الاب ميلاد طربية، في حضور قائد منطقة جبل لبنان في قوى الامن الداخلي العميد جهاد الحويك، آمر مفرزة جونية القضائية المقدم طوني متى، آمر فصيلة جبيل في قوى الامن الداخلي النقيب كارلوس حاماتي، رئيس بلدية عنايا كفربعال بطرس عبود واهمج نزيه ايلي سمعان، رئيس جمعية آنج الاجتماعية اسكندر جبران، عدد من المطارنة ولفيف من الكهنة والاباء وحشد من المؤمنين. العظة بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان " حينئذ يتلألأ الابرار في ملكوت ابيهم " جاء فيها: منذ خمسين سنة، في 5 كانون الأول 1965، رفع الأب شربل مخلوف، الراهب اللبناني الماروني، على مذابح الكنيسة طوباويا، في ختام المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي اعتبر "عنصرة جديدة"، والطوباوي شربل مخلوف أول رسل الروح العالميين، كما اعتبر "ربيعا جديدا في الكنيسة"، والطوباوي شربل مخلوف أوفر ثماره الشهية. كان إعلان تطويبه، بإرادة الطوباوي البابا بولس السادس في تلك المناسبة، مبادرة نبوية تمت فيها كلمة الرب يسوع في إنجيل اليوم: " حينئذ يتلألأ الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم" (متى13: 43). فقال يومها: "إن تطويب الأب شربل أتى في أنسب وقت لكي يلقننا الدروس العليا". الوقت الأنسب، بالنسبة إلى البابا الطوباوي بولس السادس، هو ختام المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، الذي قال فيه البابا نفسه في عظة ختامه: "نستطيع القول أننا مجدنا الله في أعمال هذا المجمع، وبحثنا عن معرفته ومحبته. وخطونا إلى الأمام في الجهد للتأمل في جمالاته، عبر الاحتفال بسره، وفن الكرازة به لجميع الناس، الناظرين إلينا كرعاة وكمعلمي طرق الله" (عظة الختام في 7 كانون الأول 1965). وأضاف البابا الطوباوي بولس السادس: "إن تدوين الحبيس من الجبل اللبناني في عداد الطوباويين كأول معترف من الشرق يرفع على المذابح وفقا للاجراءات الحالية في الكنيسة الكاثوليكية، له معانيه العميقة التي هي: – اتحاد الشرق والغرب. – الأخوة الكنسية بين مسيحيي العالم أجمع. – الشرف الذي تقلده كنيسة رومية للكنيسة المارونية، ومن خلالها، للكنائس الشرقية. – عضو سام من أعضاء القداسة الرهبانية يغني بمثَله وشفاعته العالم المسيحي بأجمعه. أما الدروس العليا، قال البابا بولس السادس، فهي: أ – أن راهب عنايا الطوباوي يأتي لكي يذكرنا بضرورة وأهمية الصلاة والفضائل المستترة والتقشف. ما يوجب على الكنيسة أن تضيف إلى الأعمال الرسولية مناهل حياة تأملية يتصاعد منها التسبيح والتشفع نحو الله كرائحة عطر زكية". ب – أن في عالم تسحره، في أغلب الأحيان، الثروة والرفاهية، تظهر قيمة الفقر والتوبة والتقشف كأنجع وسيلة لتحرير النفس في صعودها نحو الله". – القديس شربل، الذي يتلألأ كالشمس في ملكوت الآب، في اتحاد عميق لألأ مع الله الواحد والثالوث، قد تلألأ في كنيسة الارض بانخطافه في الله الذي ظهر إلى الخارج في وجهه المشع بالسمو الإلهي، وفي نشوة التأمل والتفكير والأخذ بأمور الله. فكان قلبه ونفسه وأفكاره مغمورة بالله. أحب شربل اللهَ حتى المنتهى، بالبحث الدائم عن الحضور الإلهي في داخله، حتى بلغ حالة الاستنارة والاستشراق بصلواته وتأملاته، وذروةَ الزهد بالتقشف والتوبة والإماتة. فنستطيع القول أنه كان مستهلَكا بحب الله، وقد عاش الملكوت على أرضنا، قبل أن يصل إليه في السماء (راجع الأب الياس الجمهوري: القديس شربل، سَفَر في الأعماق، ص185-188). المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني خاطب العالم المعاصر وكل فئات البشر، في دستوره الراعوي "الكنيسة في عالم اليوم"، معلنا تضامنه مع جميع الناس "في أفراحهم وآمالهم، في أحزانهم وأوجاعهم" (فقرة1). وفي ختامه وجه نداءات إلى حكام الدول، ورجال الفكر والعلم، واهل الفن، إلى النساء والعمال، إلى الفقراء والمرضى وكل المتألمين، فإلى الشباب. والقديس شربل من سمائه يخاطبنا ويخاطبهم جميعا ويخاطب سواهم، يرافقهم ويشفيهم ويزرع السلام في قلوبهم". اضاف: "واليوم نستلهم كلمات المجمع المسكوني وحضور القديس شربل العالمي، لنقول كلمة رجاء وسلام لأبناء لبنان وبلدان الشرق الأوسط، الذين يعانون من ويلات الحرب والنزاعات، والهدم والقتل والتهجير، مصلين برجاء وطيد من أجل إيقاف الحروب الدائرة في فلسطين والعراق وسوريا واليمن وفي أي مكان آخر، ومن أجل حلول سياسية تفضي إلى إحلال سلام عادل وشامل ودائم، ومن أجل عودة جميع النازحين والمهجرين والمخطوفين إلى بيوتهم وأراضيهم، بحكم حقوق المواطنة الكاملة". وختم: "أما في لبنان، فندعو الكتل السياسية إلى مقاربة المبادرة الجديدة الجدية بشأن انتخاب رئيس للجمهورية، والخروج من أزمة الفراغ في سدة الرئاسة منذ سنة وسبعة أشهر، مقاربة مسؤولة واعية وموضوعية، قوامها التشاور والتوافق، على أساس من التجرد والتعالي عن المصالح الشخصية والفئوية، وانطلاقا من الواقع الراهن. والبطريركية تسعى جاهدة الى تعزيز هذا التشاور من اجل ضمان قرار وطني شامل موحد يجمع على شخص المرشح لرئاسة الجمهورية فليساعد القديس شربل، رجل القرار والخروج من الذات والمثول بصفاء أمام حضرة الله، المكونات السياسية في لبنان، على الخروج من زاوية الرؤية الضيقة إلى رؤية وطنية شاملة، تلتقط الفرصة السانحة لإجراء خطوة حاسمة نحو انتخاب رئيس للجمهورية، نأمل أن يكون هدية الميلاد ورأس السنة لجميع اللبنانيين وللمنطقة. وصلاتنا إلى الله، بشفاعة القديس شربل وابينا القديس مارون، أن نتلألأ جميعنا بمحبة المسيح وكلمة الحق وعمل الخير، تمجيدا لله الواحد والثالوث، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الابد، آمين".