السلام اسم من أسماء الله تعالي الحسني ، التي لا تعد ولا تحصي ، ولا يعلمها إلا هو، وهو مصدر في الأصل ، والمراد به ذو السلام ، وليس في الأسماء الحسني ما هو مصدر إلا هذا الإسم ، وقولهم إله ، أما باقي الأسماء الحسني المعروفة فصفات . وقد ذكر اسم الله تعالي ( السلام ) مرة واحدة في القرآن الكريم في قوله تعالي : { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون} . الحشر 23. وذو السلامة ، أي من جميع العيوب والنقائص ، لكماله في ذاته وصفاته وأفعاله . والسلام ، هو الذي لايأتي من قبله ظلم أو عدوان ، بل يرتقب منه الخير والرضوان . واسم الله تعالي ( السلام ) له عند أهل الطريق أسرار . وقد ورد هذا الإسم في كتب السنة النبوية المطهرة في أكثر من موضع ،، فعند الإمام مسلم عن ثوبان رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته ، استغفر ثلاثا، وقال: " اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت ذا الجلال والإكرام " ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " السلام اسم من أسماء الله تعالي ، وضعه في الأرض ، فأفشوه بينكم ، فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم ، فسلم عليهم ، فردوا عليه ، كان له عليهم فضل درجة ، بتذكيره إياهم السلام ، فإن لم يردوا عليه ، رد عليه من هو خير منهم وأطيب (يعني الملائكة). رواه الطبراني وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالي : { والله يدعو إلي دار السلام } . يونس 25 قال ابن فارس رحمه الله تعالي في ( معجم مقاييس اللغة ) : السلام هو الله تعالي ، والجنة داره ، وأورد النيسابوري رحمه الله تعالي في ( غرائب القرآن ، ورغائب الفرقان ) أن الله تعالي سلم علي المؤمنين في اثني عشر موضعا في الأزل ،،،،،،، 1 علي لسان نوح عليه السلام ،،،،،،،، قال سبحانه : { يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ } . هود 48 2 علي لسان جبريل عليه السلام ،،،،،، قال سبحانه : { تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } . القدر 4 و 5 3 علي لسان رسول الله صلي الله عليه وسلم ،،،،،،،،، قال سبحانه : { قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ } . النمل 59 4 علي لسان موسي عليه السلام ،،،،،،،،، قال سبحانه : { وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ } . طه 47 5 أمر محمدا صلي الله عليه وسلم بالسلام عليك ،،،،،،، قال سبحانه : { وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ } . الأنعام 54 6 أمر المؤمنين بالسلام ،،،،،،، قال سبحانه : { وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } . النساء 86 7 علي لسان ملك الموت ،،،،،،، قال سبحانه : { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَام عَلَيْكُمْ } . النحل 32 8 من الأرواح الطاهرة أصحاب اليمين ،،،،،،، قال سبحانه : { وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ } . الواقعة 90 و91 9 علي لسان خزنة الجنة ،،،،،،، قال سبحانه : { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } . الزمر 73 10 علي لسان الملائكة ،،،،،،، قال سبحانه : { وَالْمَلَائِكَة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلّ بَاب سَلَام عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ } . الرعد 24 11 سلم عليك إلي الأبد ،،،،،،،، قال سبحانه : { سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } . يس 58 12 علي لسان أهل الجنة ،،،،،،،،،، قال سبحانه : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ } . الأحزاب 44 انتهى . ثم إن الله تعالي قال في كتابه الكريم ، تعظيما لرسول الله صلي الله عليه وسلم : {إن الله وملائكته يصلون علي النبي ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} . الأحزاب 56 وقد وعد المولي تبارك وتعالي يحيي بن زكريا عليهما السلام بالسلام ، وذلك في مواطن ثلاثة ، هي أشد الأوقات حاجة إلي السلام ، ( الولادة والموت والبعث ) ، قال تعالي : { وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا } . مريم 15 ولعظمة هذا الإسم يكون ذكر المصطفي صلي الله عليه وسلم فى يوم القيامة ، وقت جواز أمته علي الصراط ، إذ يقول : " يا سلام سلم" علي أن دخول الجنة بسلام يستلزم أسبابا ،،، منها إفشاء السلام ، فعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : لما سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم ، دخلت في غمار الناس ، فأول ما سمعت منه : " يا أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام " . وإذن ، فإفشاء السلام واجب ، وهو من شعائر الإسلام ، لأن السلام بشارة بالسلامة ، وإزالة الضرر . وهو واجب أيضا لقوله صلي الله عليه وسلم : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " . ومما يدل علي فضيلة السلام عقلا ، أن الوعد بالنفع ، قد يقدر الإنسان علي الوفاء به ، وقد لايقدر ، أما الوعد بترك الضرر ، فإنه يقدر عليه لامحالة . ولذلك كان السلام أفضل أنواع التحية ، ومن ثم صارت تحية المسلمين السلام ،، في حين كانت تحية النصاري وضع اليد علي الفم ، وكانت تحية اليهود الإشارة بالأصبع ، وكانت تحية المجوس الإنحناء ، وكانت تحية الجاهلية حياك الله ، وكانت تحيتهم للملوك أنعم صباحا . وأكثر العلماء علي أن السلام سنة ، أما رد السلام فواجب ، وفي ذلك قال تعالي : { وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ } . النساء 86 ، وظاهر الأمر الوجوب ، ويدخل في ذلك ، أن ترك الجواب إهانة ، والإهانة ضرر ، والضرر حرام ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " لاضرر ولا ضرار " . ورد السلام فرض كفاية ،،،إذا قام به البعض ، سقط عن الباقين ، والأولي أن يقوم به الكل ، إكثارا وإظهارا للإكرام ، أما إذا لم يرد أحد ، فقد أثم الجميع بما يتناسب معه كفرض كفاية . ورد السلام واجب علي الفور ، لاعلي التراخي ، بل وبقدر ما يعهد بين الإيجاب والقبول في العقود . وقيل إن جواب السلام كتابة يكون بالكتابة أيضا ، ومن قال لآخر أقريء فلانا مني السلام ، وجب عليه أن يفعل . ومنتهي الأمر في السلام أن يقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، لأن هذا القدر هو الوارد في التشهد ، كما أن السنة النبوية وردت أيضا بذلك ، إذ روي أن رجلا قال للنبي صلي الله عليه وسلم : السلام عليك يا رسول الله . فقال النبي صلي الله عليه وسلم : " وعليك السلام ورحمة الله " وقال آخر : السلام عليك ورحمة الله ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم : " وعليك السلام ورحمة الله وبركاته " وجاء ثالث وقال : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم : " وعليك " ،، فقال الرجل : نقصتني ،،،،، فأين قول الله { فحيوا بأحسن منها } ؟ فقال النبي صلي الله عليه وسلم : " إنك لم تترك لي فضلا ، فرددت عليك بمثله ، فقوله تعالي { أو ردوها } أي أجيبوا بمثلها " . ومن السنة في السلام : * أن يسلم الراكب ( لزيادة هيبته ) علي الماشي . * أن يسلم راكب الفرس علي راكب الحمار ،، والأمر الآن يقاس علي ذلك . * أن يسلم راكب المركبة الثمينة علي راكب المركبة الأقل ثمنا أو شأنا * أن يسلم الصغير علي الكبير . * أن يسلم الأقل علي الأكثر ، احتراما لقدر الجماعة . * أن يسلم القائم علي القاعد ، لأن القائم أهيب ، ولأن القاعد هو الواصل إليه . * أن يسلم جهرًا . * أن يسلم ابتداءًا . * أن يسلم تعميمًا . * من دخل بيته فليسلم ، كأنه سلام من الله تعالي علي نفسه ، أو سلام علي من في البيت من مؤمني الجن ، أو طلبا للسلامة ببركة اسم الله السلام ممن في البيت من الشياطين والمؤذيات . علي أن هناك حالات يكون ترك السلام فيها أولي : * عند قضاء الحاجة ،،، لما ورد في السنة المطهرة ،، إذ روي أن رجلا سلم علي النبي صلي الله عليه وسلم وهو في قضاء الحاجة ، فقام ، وتيمم ، ثم رد الجواب . * إذا دخل المسلم المسجد في يوم الجمعة ، والإمام يخطب ،،، فلا ينبغي أن يسلم ، لإشتغال المسلمين بالإستماع . * السلام علي القاريء ، أو المشتغل برواية الحديث والدرس ، أو مذاكرة العلم ، كي لايقطع عليه . * السلام علي من يؤذن ، حال الأذان ،،، أو من يقيم الصلاة ، حال إقامته الصلاة . *السلام علي المشغول بالأكل ، في حال إذا ما كانت اللقمة في فيه *السلام علي من كان مشتغلا بإرتكاب معصية ، كلاعب النرد ، أو مطير الحمام ، أو ما شابه . فاللهم إنك أنت السلام ومنك السلام ، فحينا ربنا بالسلام ، وأدخلنا بفضلك ورحمتك دار السلام . ثم اللهم صل وسلم وبارك علي من هدانا بالحق إليك ، ودلنا بالصدق علي أسباب الرضا منك ، سيدنا محمد وعلي آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين ، واغفر اللهم لنا ولآبائنا ولأهلينا ولمشايخنا ولأصحاب الحقوق علينا ولكل المسلمين ، وارحمنا أجمعين ، وقنا عذابك يوم تبعث عبادك ، يوم لاينفع مال ولا بنون إلامن أتي الله بقلب سليم ،،،،،، اللهم آمين ، ويحسن ويطيب فى كل حال وحين الحمد لله رب العالمين .