كان بارعاً في جمع أشعّة الشمس و خيوط الحرير ، كان يحدّثني عن النهر و شجرة الفضّة ، يا للنقاء الغريب . لقد قال لي : إنّ الكلمة كالشمس ليس لها الا أنّ تكون نقية ، ليس لها الا أنّ تكون كما يجب ، بيضاء تفيض بالسائرين . وسط ذلك السرور، حكى لي قصّة الفجر الحزين ، و تلك العيون المورقة ، لقد لمست ُ رموشَها بيديّ هاتين ، بينما تلك السحب تغنّي ببرود ، كم هي سعيدة بأقدامها الحافية ، لقد سمعتُ صوتها البعيد ، كل ما تجيده لون باهت و أعمى . قال لي إنّ الفضّة طيبة كالعنبر النديّ ، هي ليست من الظباء كما تتوهّم ، فأجدادنا ذوو الاجنحة الطويلة أحضروها من جزر بعيدة حينما نزلوا قبل المساء . قال وهو يبتسم : أنا أتذكّر ذلك جيداً . كنت أعلم أنه لا يكذب أبدا . لكنّ تلك العيون ما عادت ترى بريقه الفاتن ، لم تعد تستطيع أن ترفع طرفها نحو نجومه الخضراء . أنا لم أتكلم ، لكنّني في واقع الأمر أردت أن أساله شيئا . إلتفتَ إليّ قائلا : أين أجد صخرة و بخوراً ؟ حينها نطقتُ و قلت له لقد رأيتهم يصفعون وجه الزمن الأعمى ، لقد رأيتهم ينثرون الفضّة في الأرض اليباب . ليتك رأيتها كانت تتراقص مع الريح في وديان بللها المطر . أجل كم هو مبهج أن ترى السرور على جفون الحقول النديّة ، لقد كانت فضية كما يجب . بعد ذلك أشرتُ نحو العمق و قلت له : هنا نهر فضّي ، أرواح فضّية ، صوت فضّي . لقد أذهلتُه فعلاً حتى صار يردّد : يا لهذا العالم الفضّي . و أخذ يرمق الأفق كقارب وحيد عند الغروب ، كان يشعر بذلك بقوة . شيء غريب فعلاً .