الحمد لله: من المفيد ان اذكر انه قد ورد في القرآن الكريم كثير من الفاظ القسم قبلها لا وهذه اللا يكون حكمها زائدة ففي هذه السورة يفتتحها الله تعالى بالقسم بيوم القيامة تعظيما وتفخيما لهذات اليوم واقسم بالنفس اللوامة وهي نفس المؤمن اذ تلوم على ما فاتها وتندم على فعل الشر ولماذا فعلته وعلى الخير ولماذا لم تستكثر منه وقيل انها نفس الكافر تلوم وتتحسر في الاخرة على ما فرطت في جنب الله تعالى . والله تعالى خلق النفوس الانسانية والهمها فجورها وتقواها وهو ما سارت عليه في الحياة الدنيا وقد صنف العلماء النفوس الى عدة درجات فقيل ثلاث وقيل خمس وقيل سبع فقسمت الى ثلاث هي والنفس اللوامة والنفس الملهمة والنفس المطمئنة وانا قسمتها الى ست حسبما توصلت اليه من معلومات بهذ الامور :
1- النفس الامارة : وهي التي تأمر صاحبها بالسوء وهي نفس خبيثة وواسطة للسوء وقرينة للشيطان وتتسم بالكبر والركض وراء الشهوة وتتمير بسرعة الغضب وسوء الخلق والحقد والكراهية ووسيلتها الغواية واللهاث وراء الرذيلة وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيها (اعدى اعداءك نفسك التي بين جنبيك) .
2- النفس اللوامة: وهي النفس التى توقع صاحبها بالخطأ ثم تلومه بعد الوقوع وتندم على ما فعلت فيصبح في موقع الندم فهي نفس حساسة غلبت عليها الطبيعة البشرية وتانيب الضمير .
3- النفس الملهمة : وسميت بالملهمة لانها تلهم صاحبها الرشد والتفريق بين الحق والباطل او الخير والشر وتميل بطبيعتها الى العشق والبكاء وحب ذكر الله تعالى.
4- النفس المطمئنة : وهي النفس التي وصلت الى مقام التمكين فهي في مأمن من العثرات والزلات عرفت طريقها الى الله تعالى فالتزمته و سارت فيه .
5- النفس الراضية: وهي النفس التي تجذب بقوة الألطاف الإلهية وقد وصلت في سمتها إلى قمة الكمال وإلى مقام الرضا عند الصوفية .
6- النفس المرضية: و سميت بالمرضية لرضا الله تعالى عنها وارضاها فهي النفس التي قد انعم الله عليها بالرضا ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه ) سورة البينة الآية الاخيرة. وبعضهم يضيف إلى هذا التوزيع اخرى هي: النفس الكاملة : وهي التى تكاملت في الأمان والخلق القويم . ولمن أراد الاستزاده عليه مراجعة كتابي ( شرح ديوان الشيخ عبد القادر الكيلاني وشئ في تصوفه ) ج 1 الصفحات \63-71 يقسم الله تعالى القسمين أعلاه إنه قادر على جمع العظام بعد ان تكون رفاتا وترابا فيعيدها خلقا جديدا وسيجمعها وقادر ايضا على ان يسوي بنانه أو أصابع أيديه فيجعلها سوية مجتمعة كما في خف البعير او يجعلها متساوية في الطول او يجعل لمسات اصابع الانسان متساوية ومتشابهة ومن المعلوم ان أصابع ايدي أو أرجل كل إنسان لاتتشابه مع انسان اخر من حيث التكوين واللمسات والبصمات وغير متوافقة. ويبين الله تعالى ايضا ان النفس الانسانية ترغب في الأغلب ان تقدم فجورها فيما يستقبله من الوقت وتؤخر توبته وليتساءل متى يوم القيامة و ليحقق في ذلك . فاذا حل يوم القيامة وجاء اشراطها وبرق البصر وفزع وتحير من شدة الهول وشخص الإنسان للموت او للبعث و النشور وقد بينت فيما سبق بفضل الله ومنته كيفية حدوث يوم القيامة وما يعتري الخلق فيه ومنها خسوف القمر وانتهاء ضؤه وجاذبيته فيتحرك ويرتطم في الشمس فتبتلعه يكون في داخلها فيكونان كتلة واحدة (وجمع الشمس والقمر ) فلا يكون هناك ليل ولا نهار إلا ما شاء الله فالمؤمنون (نورهم يسعى بين أيديهم وإيمانهم) فهم في نور دائم والكافرون في ظلام دامس شديد وتساورالخلائق أفكار شتى منها اين المفر من عذاب الله تعالى وعقابه ولا يوجد ما يفرون اليه ويعتصمون به فلا جبل يصعدونه ولا حصن يلجؤون إليه فلا ملجأ من الله تعالى إلا إليه فيكون عندئذ المصير و الملجأ والمستقر إلى الله تعالى . فعندئذ يبدأ الحساب وأخذ الثواب وانزال العقاب وكل انسان يعرف حقيقة امره وما عمله في الحياة الدنيا من ايمان وعبادة وطاعة واستقامة او كفر ومعصية واعوجاج عما امرالله تعالى وجوارحه : فمه ولسانه وايديه وارجله وجلده خير شاهد عليه اذا انكر واذا جادل او انكر فعله فلا يفيده او ينفعه نكرانه وكذبه بعد شهادة اعضائه عليه . وهنا يبين الله تعالى لحبيبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم ان عليه ان لا يحرك لسانه وشفتيه في حالة نزول الوحي عليه بالقرآن الكريم والقائه عليه حرصا على حفظه فانه كفيل ان يجمعه في صدره الشريف واثبات قراءته في لسانه على الوجه الاكمل والاتم . فاذا بدأ الوحي قراءته عليه لينصت حتى يتم القراءة ومن ثم يبين بيانه اي تفسير ما فيه من الحلال والحرام وما يشكل على النبي صلى الله عليه وسلم حتى الفهم التام . ففي هذا اليوم العظيم يعرف الخلائق من وجهوهم فسيماهم في وجوههم فوجوه يومئذ ناضرة لينة طرية نضرة عليها مسحة النعيم وهذه الوجوه هي وجوه المؤمنين الشاخصة إلى الله تعالى وجوههم وناظرة اليه تعالى في هذا اليوم العظيم كما ينظرون إلى النورالساطع . اما الكافرون فوجوههم عابسة كئيبة خائفة وجلة تخاف ان تحل بها المصيبة الكبرى عند الموت وكانها فقرات الظهر المكسورة فاذا بلغت النفوس الحناجر او التراقي وبلوغ النفس التراقي اي الاشفاء على الموت ولا يرقيه احد او يعينه معين اي يرقيه او يشفيه او ينقذه وهذا هو قدر الله وقضاؤه فايقن بالموت وفراق الدنيا وما فيها من الاهل والاحبة والمال والولد ولامست ساقاه بعضها خوفا وهلعا وشدة الاتجاف اي مدد للنزع وفراق الروح للجسد فتخرج الروح إلى باريها وربها والجسد يلبد إلى الارض واذا تم ذلك وخرجت روحه من جسده تبين انه لم يصدق بالقرآن الكريم ولا صلى لربه ولا امن بقلبه ولا عمل ببدنه ما يفيد لكنه كذب بما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان في حياته الدنيا قد تولى عن طاعة الله تعالى وذهب إلى اهله يتبختر ويمشي اختيالا وافتخارا فيقال لهذا الشخص ان الله تعالى اولاك الويل والثبور مرة بعد اخرى فهل يحسب الكافر ان يترك بدون حساب فلا يحاسب ولايعاقب ؟ فاولى به العذاب والعقوبة لانه لم يفكر فيها. الا يحسب الانسان انه كان نطفة من مني يراق من ا بيه في رحم امه فيخلقه الله تعالى وسواه انسانا سويا . اليس الذي خلقه بهذه الصورة بقادر ان يعيده إلى الحياة بعد الموت والاعادة حتما اسهل من بدء الخلق الاول والصنعة . والله تعالى اعلم امير البيان العربي د. فالح الحجية الكيلاني العراق- ديالى – بلدروز