«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع الفنان التشكيلي العراقي "عبد الأمير المالكي"، الفنانة التشكيلية الفلسطينية "منال ديب" و الأدبية الفلسطينية "عفاف خلف"
نشر في شموس يوم 22 - 02 - 2015


السلام عليكم
كنت أجوب الإحساس بغمرات أفراحه و أحزانه، عندها التقيت بهم على قمّة قصيدة لونية لفظيّة، فتعارفنا على ضفاف إبداع ما انفك يعزف مقاصد الجمال على أوتار عطائهم، و قد أنجب ثغره ابتسامة رضاء و اكتفاء. أدركت أننا إخوة ينزف في عروقنا الوطن الجريح و الأرض صارخة، جذوركم في أعماقي عطر يجوب كل المكان و كل الزمان. حملتني دهشتي لقراءة كفوفهم، و إذ بهما فنّانا التشكيل، بريشتهما التي تعبر المسافات، لتحلّق أناملهما و تلامس تأوّه الموج بحرقة الفراق، و لتتوحّد مع إرادة طير في حرية و انعتاق، ليرافقهما أدب بتوهّج حرف لوّنته المعاناة، فكبر على أنغام لم ترضى بغير الشموخ لها عنوان. توحّدت أنفاسهم، لتشهق الواقع و الحلم، و تزفر تجسيدا بأبهى الحلل، فيختلج الوجدان بترنيمة، يحتضنها ليجتاز دواخل اختلط فيها الألم بالرقي و الوجع بالرفعة، فينفجر الانفراد و التميّز، لتلتحم النفوس و تتفتّح براعم الإتقان، جمالية تنهل من مشاعرهم و تصبّ في أرواحنا، ذلك هو سَيبهم، عِبق لون يحرّر صمتنا و كلمة تكسر قيد انطلاقنا، فتجدنا معهم قد تواصلنا و بالاستمتاع قد تحاورنا، فتنشدهم الذاكرة هوية، الفنان التشكيلي "عبد الأمير المالكي"، العراق، قلب الأمة الطيب و الحاضن، كما شاء أن يسميه، و الفنانة التشكيلية "منال ديب" و الأديبة "عفاف خلف"، فلسطين، قلب الأمة الجريح، كما نعتها الفنان التشكيلي "خالد نصار".
أهلا و سهلا و مرحبا بكم
أهلاً بك
س قلب الأمة، لحضنه نحن، و لجرحه نئن، متى تجالسه ريشة "المالكي"، كيف يتواصل معه لون "ديب"، و إلى أي مدى يواسي حرف "خلف" أحاسيس غُمِس نزفه في أرواحها؟
ج-الفنان التشكيلي "عبد الأمير المالكي"- إن الطبيعي أن ينصهر الإنسان الواعي لما حوله و مجرياتها فيترجم فعله و يصنع من هويته، أولا من الأرض التي نشا فيها، و من الطين الذي استطعمه، و من الهواء الذي يتقطر في أنفاسه بكل ذرات الحياة الممزوجة باللهو، والمحنه و لأننا جزء لا يتجزأ من هذا الحضن، فعلينا أن نوفي حق الرضاعة و نثمن الرعاية و نقدم فروض الطاعة لامنا الحنون، و كل حسب قابليته و وعيه و إدراكه وفكره وإبداعه وتحسسه واجتهاده.
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- مثل الروح تشتاق لبارئها، هكذا أنا في اشتياق لوطني، تعرّفه الحروف العربية في لوحاتي، اعزف الحرف العربي كالقلب لتظهر من طياته الوجوه، وتعابير الوجه تقول أنا امرأة عربيه، متأصلة عروبتي كما هذا الحرف أصيل وجميل.
ج- الأديبة "عفاف خلف"- ثم تلك المخطوطات القديمة التي جسّدت الحرف رسماً، وكانت الكلمات صوراً تًركّب لتجتهد الحياة في إظهار نفسها، تخرج من قيود الرمز أو لنقل حرية التأويل إلى أسر البصر ومحدودية الرؤية التي أرادت حصر الحرف بجسد / صورة / لون، فكان التحايل وكان الفن تحريراً للحرف من قيد الرمز الذي كان، منح الريشة للون جناحين حتى صار غواية الحرف يلاحقه كغزالٍ شريد، كفراشةٍ تبحث عن فحوى الولادة من رماد.
س عندما تهاجر الحدائق أرضها، إلى أي مدى تعطّر الورود ترابها؟ و إلى أي حد تبرز قدرة الأرض في ملامسة هذا العطر؟
ج- الفنانة التشكيلة "منال ديب"- الذكرى في ذهني من الأرض والأشجار ومن قلب أمي الذي يفوح عطرا كما الورود، كل صباح تخبز الخبز وتطعمنا الحب ...هي والأرض يصلني عطرهم من هناك إلى هنا، مختوم في الذاكرة ومتأصل في الروح، ومن هنا أجسد وطني علني أجده في كل مكان.
ج- الأديبة "عفاف خلف"- أكثر ما يسكن العطر الحواس، أكثر ما نحمله من آخرٍ سكننا، العطر فوضى الريح والجسد الذي هب من النوم ودبّت فيه الحياة، نحت الروح من " ريحٍ " فأسرها الطين حتى نزّت الحواس وشفت، فهي ماكثةٌ، باقية كلما هزتها الذكرى اهتزت وفاحت. تلك هي الأرض في تكويننا، ترتوي أرواحنا وتطلقنا في فضائها / فضائنا حتى لتختلط الرائحة على الحواس، أهي نحن/ الأرض / الأم / ذاكرتنا!! هل للذاكرة رائحة!! وهل للحنين لون، ورقٍ أصفر ورائحة دفءٍّ معتّق نختصره بحضن.
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- للذاكرة رائحة في باطن كفي أمي، حين أقبلها، تعزف في روحي طفولتي التي لا أنساها، للذاكرة رائحة الأرض بعد المطر، اخرج لأزرع وردة، الحنين يأتي بكل الألوان يباغتنا في كل مكان وينثرنا ورودا في حضن من نحب.
ج- الأديبة "عفاف خلف"- مرة كتبت: مدينتي، مدينة الياسمين المتدلي على جيد الحسناوات، كنتُ أراه " غوايةً " صغيرة، لموتٍ " قصير الأمد"، نقاءٌ يفوح برائحة " خطيئة " تراودها النفس اقتراف، ويعبّأنه صدورهن - اعترافاً - بمواسم أثمرت وحان قطافها، جرأة أنثى على البوح أو ربما خجلٌ موروب لدعوة صريحة. وفي المساءات المحتضرة، الغافية على الشرفات، كنت أراها تمطرُ ياسميناً أبيض، تتهادى الطرقات كعروسٍ سربلها الحياء بخمارٍ هو ما بين بين، يعّد بكل شيء، ولا يشي، فقط وشوشة القماش الناعم حين تداعبه أصابع الرغبات، ويذهب الحلم إلى منتهاه.
س: بين اشتياق و احتضان، بين اغتراب و أوطان، بين وتر و ألحان، بين أحاسيس الإنسان، هل الفنان "عبد الأمير المالكي" له في هذا الاعتقاد من إيمان، و كيف ينشدنا تفاعله مع المبدعتان "عفاف" و "منال"؟
ج- الفنان التشكيلي "عبد الأمير المالكي- بين الحب والحرب فجوة ..وبين الخير والشر خيط ... وبين الأرض والخبز صراع هذا الخليط والتنافر يخلق إنسان مجاهد، ومن الذكاء أن يستثمر الإنسان طعامه الفكري في خدمة الإنسانية، ويسخر جهده في زراعة الإبداع وحصاد الخير، وجاءت الفنون لتكون اكبر خدمة للبشرية لما تحتويه من افرازات لونيه جميلة، لتنشر المتعة والجمال وبنفس الوقت تكون سلاح لمحاربة الجهل والفقر والكسل.
س يقول الشاعر العربي "أبو الطيب المتنبي" "لا تعذل المشتاق في أشواقه حتى يكون حشاك في أحشائه"، إلى كم من عاطفة تشعر الإنسانة "عفاف خلف" أنها تحتضن اشتياق المغتربة "منال ديب"؟ و كيف تترجم ذلك الأديبة "عفاف خلف"؟
ج- الأديبة "عفاف خلف"- حين تلامسين لوحات منال افتحي باب الروح قليلاً، قليلاً فقط لئلا يجتاحك الحنين والآسى. منال تُجسد الأنثى / المرآة الفلسطينية التي انتهكتُ بأغلى ما تملك - وطنها - الشجرة التي اقتلعوها من جذور جذورها وظل بها جذرٌ يتمدد ليصل الوطن، تحّلق منال في غربتها ولكن أرى ساقيها مغروستين هنا، أراها في كل اللوحات، توكيداً لفلسطينيتها وعروبتها، لستُ من عرى الشوق وألبسه اللون والصمغ ولحاء الشجر وكسا ذراعيه ألواناً وسال حرفاً لوحات منال فعلت.
س هل يمكن للزهرة أن تينع في أرضين في نفس الوقت؟
ج- الأديبة "عفاف خلف"- لا يمكن للزهرة أن تينع في أرض واحدة، سأخبرك، لم تكن النباتات خيارا لأرعاه، و غالبا ما كنت أتخلص من قصص أمي، و حين نمت تربتي تعلمت أن النبتة تربة أخرى، لتنمو تحتاج لتربة مرآة.
س أي شعور و تواصل تبلغه الفنانة التشكيلية "منال ديب" مع نظرة الأديبة "عفاف خلف" و هي الزهرة المتفتحة في أرضين في نفس الوقت؟
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- هي ربما تحتاج أرضا لكي تكون، ولكن كي يفوح عطرها وتزهر هناك حديث آخر، يمكنها أن تتفتح بتلاتها وتعيش ربما بالحب ، بالفن بالموسيقى، يكفي التشبث بهدف يسقي الأرض الأم.
س "أنا سعيدة لأني أنا فلسطينية، و مع الخراب و الحرب و فقدان الهوية إلا أني أنا مبتسمة لأمل و تفاؤل"، بين الأمل و الحلم، على ماذا يقتات حسّ الفنانة التشكيلية "منال ديب" ليربي بداخلها واقع معتدل؟
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- زرع حب الوطن في داخلي الأمل، ومع كل خطوة نجاح أخطيها تترسخ لدي فكرة البقاء والهوية، حتى مع البعد والغربة ، وطني وأهلي في قلبي يشعلون الإبداع في داخلي كي ارسم وطن حرفا ولونا ورونقا يؤكد أن الآتي أجمل وان الفلسطيني باق ما بقيت السماء والأرض.
س: فلسطين، الغربة و منال ديب، ترنيمة تحكي فصولها وصلة روحية بين الأمس و اليوم، بين العطش و الارتواء، بين الفن و الاحتواء، كيف يمكن أن تنشدي لنا هذه الترنيمة؟
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- فلسطين هي الروح، هي البذرة التي نمت بها الأيام و الآلام، هي عين قلبي التي استلذ بها الجمال في كل شيء حولي، و بها أيضا أموت و ابحث عن نفسي، من هناك بدأ الحب و اليه ينتهي، ذاك الحب الذي لا ينضب و لا يمل من الجريان، من هناك إلى هنا، يجري في باطن الأرض، من هناك الروح، و من هنا الخطوط و الألوان، ارسم روحي علها تتحول إلى طير يعود.
ج- الفنان التشكيلي "عبد الأمير المالكي"- بقدر ما أنجبت ولازالت ولادة هذه الأرض الطيبة التي تحمل سحر الشرق وعبق الثقافة، فقد حملها أولادها بروح سريرتهم النقية فدرسوها في منهاج حياتهم وتعلقت بثيابهم وأشرقت من بين عيونهم واحتضنوها أما وأبا، فصارت فلسطين كتاب مقدس فيه من الفنون والآداب والفكر والعلوم والتهذيب ومحوره الجهاد والاعتزاز والرجولة والشهامة والتضحية ونكران الذات، فلا بد أن ينسخ أبنائه هذه الوثيقة الآدمية، فلا غرابة أن يخرج من بين عباءته هؤلاء المبدعين والموثقين لمسيرة جيل كامل وحكاية وطن، فما اعتمدته الفنانة الكبيرة الرائعة ذات الحرف العربي الأصيل "منال ديب" كان بمثابة بصمة ورسالة.
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- تأخذنني لوحاتي إلى عوالم لا أتوقعها، تقطع لي تذاكر السفر دون أن تشاورني، تجرني وأذعن لذاك السحر والنداء الذي يفتح أبواب المعرفة والمفاجأة سواء في الخيال أم الواقع، إنني دائماً في ترحال ما بين الوهم والحقيقة، أعني الوهم في تلك القناعة في الانتشاء الذي يصيبني حين أنجز عملا لم أكن قد خططت له مسبقا في مخيلتي، ولكن يتكون هكذا بعفوية اللاوعي والحروف التي تعزف الألوان. أذكر في بداياتي كانت الهوية بالنسبة لي هي الدافع الأصلي للإبداع، أما الآن فالهوية والإبداع في أعمالي اختزلت في الذكريات، كما يقول "ريكله "الذكريات لا معنى لها إلا بعد أن تنصهر فينا، بعد أن تختلط بدمائنا وعروقنا، وعندما لا يعود لها اسم ولا هوية.
ج- الأديبة "عفاف خلف"- أيتها السماء " الصب"
الكون " الآثم "
بحثاً
عن كينونةٍ ومصير
وحدك
المنفى
وحدك
القيد
ج- "آمنة وناس"- سأذهب إلى هناك
أين الأرجوحة البيضاء
سألامس خيوط الندى
و الابتسامة الزهراء
و سأعود من حيث أنا
س لطالما وزّع الزمن حكمته على كل قدر، كيف يعكس لنا الأدب و الفن متانة العلاقة من دونها بين الزمن و القدر؟ و ما الطريق الذي تسلكه هذه العلاقة بالأديب و الفنان من منطلق حياة الإنسان؟
ج-الفنانة التشكيلية "منال ديب"- الزمن يمر ولكن إلى أين ؟ إلى ذلك المدعو بالمبهم، بالمجهول، لا احد يستطيع أو يدري لعله زمن حائر لا يدري أين يمضي، هل الزمن هو الإنسان، أم الإنسان هو الزمن؟ "والروح المشروخة"كما هي عند الإنسان العربي حيث الموت والقهر في الواقع الذي نعيشه تلك النغمة العميقة والشرخ الخفي.. خلقت الاختلال الذي لا يعود الإنسان معه موجوداً، وجوداً طبيعياً على هذه الأرض، ليقرر بدوره أن يتعامل مع الأشياء غير الموجودة على هذه الأرض أكثر من تعامله مع الأشياء التي يحيا الناس بينها ومعها. الأديب والفنان كما الملامح والمضمون، هما الكون بمعناه الداخلي والخارجي، حيث الشاعر والفنان لا يملكان إزاء الموت غير الحلم والأغنية.
ج- الأديبة "عفاف خلف- الأدب هو فن التحايل على الحياة، ألم يقل "ماركيز" يوماً أن الأدب هو رفع الواقع ليصير فناً - أو بما معناه - والأدب / الفن هو تحايل على الزمن لفرض زمنٍ آخر، أو بغية حرف الزمن ليتخذ مجرىً في صالح الإنسان، منذُ أن أنتزع من الإنسان خلوده وهو يبذل كل ما بوسعه لانتزاع الخلود، ليضع بصماته على المكان والزمان معاً، فكان الفن في محاولةٍ لمحاكاة " الخلق" عله من خلال " الخلق " يستطيع استعادته من الموت.
س هل نفهم من اعتقادك هذا مساندتك و حسن تواصلك مع الكاتب الفرنسي "أندريه موروا" حيث قال "يهدف الفن لخلق عالم أكثر إنسانية مواز للعالم الحقيقي"؟
ج- الأديبة "عفاف خلف- لا، أؤمن بالفن كمعول تغيير لا مخدر نجرعه حين تزداد المرارات، لا أؤمن بالفن كمصحة تودي بنا إلى مهاوي الرضا، الفن الحقيقي هو الذي يغيّر، هو الذي يحثك باستمرار، يدفعك لتتغير يهجس بك دائماً لك شيءٌ في هذا العالم، فقم.
س عندما تقتاتنا الأمنيات، تصبح الاستفهامات عقيمة و يستهزئ الوجود بسذاجة الحلم، كيف يتخطى الفن هذه العرقلة ليمنح الحالم كلمات الأغنية و يمرّ بنا نحو النور؟
ج- الأديبة "عفاف خلف- تلك لعمري بصماتنا، ما ينفع الناس يمكث في الحواس، أما الزبد فيذهب جفاء.
س : قلت للألم لماذا عاطفتك نحونا سخية، قال أو لست إلهاما لكثير من الأعمال الإبداعية، علاقة الألم بالإبداع، كيف تتجلّى خصالها بين ريشة و قلم؟
ج- الأديبة "عفاف خلف"- لا أعرف من قال أن الكتابة تولد من رحم المعاناة، وأذكر مرة كتبت أن علينا أن نتلوث لنكتب، فهل الألم خدين التلوث، رفيق ما تترك الطريق من بصمات. إن كان للألم لسانٌ كيف أحاله الرسام إلى لونٍ وضوء.
ج-الفنانة التشكيلية "منال ديب"- إن "بيكاسو" يعتقد أن الفن هو وليد الحزن والمعاناة .. وأن الحزن يهيئ للتأمل .. وأن المعاناة هي جوهر الحياة.. وإذا طلبنا الصدق من الفنان علينا أن نتذكر أن الصدق لا يمكن أن نجده خارج ميدان الفقدان.
س الشاعرة العراقية "نازك الملائكة" تعتقد أيضا أنه "مُهدي ليالينا الأسى و الحُرق، ساقي مآقينا كؤوس الأرق، نحن وجدناه على دربنا، ذات صباح مطير، و نحن أعطيناه من حبنا، ربتة إشفاق و ركنا صغير، ينبض في قلوبنا" لكنها تسأل "من أين يأتينا الألم من أين يأتينا؟"
ج- الأديبة "عفاف خلف- يقال في الأسطورة أن باندورا وقعت في فخٍ نصبته الآلهة لها حين قادها الفضول إلى فتح صندوقٍ أهدته لها الآلهة لتنطلق منه كل الشرور - الفقر، الجهل، المرض ومنها تناسلت كل الآفات - ولم تطبق باندورا سوى على الأمل الذي ظل حبيس الصدور. من أين يأتي الألم من ثالوثٍ رافق الإنسان ولما يفارقه بعد.
س تحدّث الكاتب الانجليزي "جراهام جرين" عن "حكمة العمر الحزينة" قارنا إياها بنضب حسّ الفضول، هل عمل الفنان و الأديب يعتبر حضنا حنونا ينهل منه الفضول العاطفة حتى يتسنى التواصل بينه و بين المتلقي؟ و ما هو المراد إيصاله من عبارة "حكمة العمر الحزينة"؟
ج- الأديبة "عفاف خلف- كتبتُ ذات نص "الفنان طفلٌ مولعٌ بالتكرار اللولبي، دهشته حافزه للارتقاء، وتبقى أدواته وخاماته سلماً عصي الصعود حتى بالنسبة إليه، ومن هنا لوعته وبحثه الدائم عن ذاته التي سيرتقي إليها صعوداً، أو يصعد إليها ارتقاءً، عبر خاماتٍ تتشكل وفقاً لأصابع احترفت فن الخلق، ولم تعرف سر النمو بعد، فالتربة هي مأساة الفنان مذ كان فلاحاً في بستان التكوين. وأبحث عنك وأنت المدى وأنت السماء وأنت الفضاء الذي لا يحّد وأنت انحسار البحار إذا ما انتكَستْ وخطاي نحوك ثوراتُ مد" لا أعتقدُ " بحكمة العمر الحزينة "، فالفنان ليس مولعاً بتلاوة الوصايا وليس من ضمن غاياته أن يكون حمورابي الشرائع، ربما كاكونديرا أؤمن أن خلف " الفن " نقداً ساخر اللذوعة حتى لو جاء النقد أسوداً " كعمى " ساراماغو مثلاً، ولكن أبداً ليس حكمة عمرٍ حزينة.
س كتب "مصطفى صادق الرفاعي"، الكاتب المصري يقول "الذوق الأدبي في شيء إنما هو عن فهمة، و إن الحكم على شيء إنما هو عن أثر الذوق فيه، و النقد إنما هو الذوق و الفهم جميعا"، أين الأديب أو الفنان و المتلقي من أثر الذوق و الفهم و النقد؟
ج- الأديبة "عفاف خلف"- لا يمكن أن ينمو فنانٌ خارج النقد، لا يمكن أن تتم القراءة وعملية التلقي دون عينٍ ناقدة تتحسس ودون ذائقة تستسيغ الطعم. في البدايات، تلك البدايات التي يكون فيها الفنان فوضى مغرماً بمواضيع خلقه، قد تكون عين النقد غائبة، ولكن، وحين تكتمل " ذائقته " يُضحي الفنان سوطاً لعمله قبل سياط الآخرين. المتلقي: نحن نبحثُ عن آخرٍ يكمل ما بدأناه، لا تكتمل عملية الولادة / الخلق لدى الفنان، دون آخرٍ يرعى ما نثرناه في أرض تربته. هاجس الفنان أصابع عينٍ ترى ما لا يراه في استكمالٍ لعملية " الخلق / الولادة.
س: عندما يخترق جرح الإحساس حرف الأديبة "عفاف خلف" إلى أي المساحات اللونية تنزف ريشة الفنانة التشكيلية "منال ديب"؟
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- كما التيار الكهربائي، كتابات عفاف تباغتني وتسري الكلمات في بدني كما الضوء، ففيها دفئ وسكون، انتشاء لحاله عشق وتصوف، لأحمل هذه الوجدانية وألوانها في الوجوه التي أضعها أمامي، أحيكها مع الحروف العربية في رقصه تربط الأصل بالآن.
ج- الأديبة "عفاف خلف"- هنا الجسد
أبني في الأرض متكأ
و تخنقني الظلال
هنا الجسد
و حائطي
وطنٌ ضلال
أأعودُ ثانيةً؟
أواصل " الزحف اللئيم "
و يشطرني السؤال
هنا الجسد
بفسخِ العين التي
ترنو
إلى ظلٍ
و يسيلُ من روحي
ألف احتمال
هنا الجسد
معمورتي التي "أدميتها "
أنزعُ من ثناياها
المحال
أعودُ أو لا أعود
تُفجّر " كينونةً"
حلماً
مساً من جوعٍ قديم
في الروح
سال
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- بفسخ العين التي
ترنو
إلى ظل
و يسيل من روحي
ألف احتمال
هو ألف احتمال، صديقتي العزيزة عفاف، تذوب حروفك في ألوان وجهي
في كل مره تسيل الاحتمالات و تنزع من بين ثناياها المحال.
س: كلما يفتن الحرف باللون، تختلط المشاعر و يشكّل الانصهار روحا موحّدة تقتات على السفر الدائم في جوف المعاني، فإلى أي مدى تعتقد الفنانة التشكيلية "منال ديب" أن الحرف قدر على اختراق مكنون لونها؟ و هل ترى الأديبة "عفاف خلف" أن تجربة حرفها في التواصل مع لون "منال" استطاع أن يحيي أنفاسا في حناجر الاختناق؟
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- الكلمات التي أؤمن بها هي ما تتفتق بها مخيلتي وتجرني إلى اقرب عرس فلسطيني لأومن أنني على قيد الحياة، أتنفس وطنيتي، تستفز روحي التي تحلق في سماء القدس.
ج- الأديبة "عفاف خلف"- على اللون أن يستفزني لأكتب، على اللوحة أن تقدح حجارة الحروف لتوقد نار اللغة، عليها أن تترك بصماتها على الجلد والجسد والروح ليكتبوا جميعاً.
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- كلمات تؤكد أنثى القلق وأنثى الأرق، تقول لي بأن النصر لمن يؤمن بالأطفال والحياة، بالأمل برغم الألم، كلمات تذكرني برائحة أمي وألوان الربيع، كلمات تزين الرجوع لمن رحلوا وحناجرهم تقول نحن الوطن.
ج- الأديبة "عفاف خلف"- حين تمد أصابعها اللوحات، التقيها بحرف، لأعيد توكيد السلام أو ربما لأفجّر لحظات الأمن الآني التي نركن لها استسلاما.
ج- الفنانة التشكيلة "منال ديب"- أحب الكلام الذي يستفز إنسانيتي و يذكرني بها في عصر أصبح فيه أن أتحسس كل صباح قلبي لأتأكد انه لا زال هناك ولا زلت أحيا.
ج- الأديبة "عفاف خلف"- لا أبالي بلوحةٍ فاضحة الحياد تلازم الجمال فقط دون معنى، ذاك الفن الذي يقطر فناً لا أتصالح معه، كما لا أتصالح مع حياديةٍ حرفٍ يودي بنا إلى مصحات " التعقل " والحياد. لا أؤمن باللوحات إلا متفجّرة، باللون إلا أصباغاً تفضح أسطورة الأبيض، بالحرف، إلا قنابل موقوتة تنتظر مواعيد النار.
س: التزاوج بين اللون و الحرف، ما ملامح عطاءه، و كيف يتجلّى بين لوحة و قصيدة؟
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- للخط العربي جمال ورونق لا مثيل له، وأكبر دليل القرآن الكريم وإعجاز رسالته الخالدة حتى هذا اليوم.
ج- الأديبة "عفاف خلف"- ربما كل ما يتمثّل أمامي طفولة الحرف حين كان رسماً يحفر وجوده في لحم الطين ليستنطقه عن معناه، لا أعرف طفولة اللون وربما من الجدارة البحث في طفولته كيف كان، كيف صار، من أين نشأ وهل كان اللون نفث الروح في الحرف ليصير نبضاً.
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- لانحناءات الخط العربي وتعرجاته جمالية خاصة تجعله مادة فخمة للفن في نظري، فما بالك حين نقوم بدمجه مع تعابير وجه أنثوي، لغة أنثوية جديدة بملامح البلاد، بها من بذور الروح ما يبعث على الإيمان بالمحبة والفن والجمال أكثر من إيماننا بضعفنا، ذهناً وقلباً نقيا مخلصاً.
ج- الفنان التشكيلي "عبد الأمير المالكي"- جميل كلمة التزاوج ولو كان قبلها الخطوبة بين اللون والحرف التي أخذت وقتها في التأمل والدراسة، وهذه بصمة يمكن أن تكون فردية وإبداع شخصي وليس مدرسة فنية مستقلة، وهنا تظهر ملامح عطائه في إبهار مشاهديه.
ج- الأديبة "عفاف خلف"- لست أرى اللون / اللوحة / الرسم سوى حرفاً في تفجّره ووحشيته، الخيل الذي أطلقته مخيلتنا وأطلق اللغة من عقال الخيال إلى كينونة الوجود، أوليس الفنان اجتراح " الخليقة " في محاولةٍ لانتزاع الخلود.
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- قراءاتي باللغة العربية لها تأثير كبير على حالتي النفسية وروحي وخاصة قراءة القرآن أو الشعر، حيث تضعني في حالة ذهنية تجعلني استخدم اللون والحرف بطريقة سحرية لم أعهدها من قبل.
ج- الفنان التشكيلي "عبد الأمير المالكي"- عالم الخط العربي والحرف مدرسة قائمه بذاتها.
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- روح اللوحة في الأصل عندي يأتي من نص شعري، وشغفي بالحرف العربي جعلني ادخله في لوحاتي كمعطف يدثر الوجوه الأنثوية يضفيها جمالا ورونقا ويدفئها من برد الحياة.
ج- الأديبة "عفاف خلف"- أعتقد أن رؤيتي للحرف بصرية أكثر منها صوتٌ ورمز، لا أرى رمزاً بصوت، بل أرى صورة، بكل تفاعلها اللوني ، بخطوطها وانحناءاتها، ربما لهذا تستوقفني اللوحات إذ تتماهى مع الكلمات، تصبح محفزة، مستفزة، تستثير نثراً أو شعراً.
ج- الفنان التشكيلي "عبد الأمير المالكي"- بعض الفنانين أدخلوا الحرف مع رسم اللوحة بل رسموا الحرف فتحولت اللوحة إلى تصميم أو رؤية فنية جديدة ويمكن أن نسميه حداثة في التعبير وقد خرج من الواقعية بالرغم من كونه فن واقعي، ولكن يبقى الحرف مقدس في محله وفي رسمه الخطي وفي صورته القانونية.
ج- الفنانة التشكيلية "منال ديب"- في الحرف عمق، وفي العمق غموض يجعلني أعود لاستخدامه بكل ثقة في كل عمل من أعمالي، وكتابات عفاف التي بها من الروح ما يحفز على الإتيان بهذا النسيج في معظم أعمالي قولا ولونا وموسيقى.
ج- الفنان التشكيلي "عبد الأمير المالكي"- البصمة الخاصة التي تنفذها الفنانة المبدعة "منال ديب" تعدّ تفرّد بنوع الإبداع التقني واللوني والموضوعي وتسخير الحرف في خدمة اللوحة.
ج- الأديبة "عفاف خلف"- بعض اللوحات تنثرك، تصير قماشها، وتسيل ربما هذا ما يحدث معي في لوحاتٍ معينة لمنال وعبد الأمير.
س: لطالما نشأت أعمال الفنان التشكيلي "عبد الأمير المالكي" على صرخات أحداث البلاد، فنطقت بالواقعية، تسرد قضايا العباد، و من هنا كان هذا الميلاد:
فإلى أي مدى تعتقد الأديبة "عفاف خلف" أن حرفها تعطّر من هذا الإحساس الوقاد؟
ج- الأديبة "عفاف خلف"- ما يلفتك في لوحات الفنان عبد الأمير الحياة/ الغنى / اللون الحار " الشرقي في حرارته "/ الإحساس واصطياده الحياة وكأنه يرديها بلوحة، وأمام هذا الزخم يصطادك أيضاَ، يصطاد الحرف والنص والكلمة. ما يأسرك في لوحات الفنان عبد الأمير حيويتها وزخمها - هل أكررني هنا!! - أقرأتي إيزابيل الليندي يوماً، شعرتِ بلهاثك وأنت تتابعين حياة الأبطال يوماً إثر يوم، بيتاً إثر بيت، شارعاً إثر شارع وحارةً إثر حارة، انتبهتِ للكنات الغنية، تنوع المستويات الاجتماعية، عنكبوت الحياة إذ تنسج شباكها .. تلك لوحات عبد الأمير نسيج غني في لقطة يطلق عليها لوحة وأطلق عليها " الحياة".
س تقول الفنانة التشكيلية "منال ديب" "الفن هو مرآة الحياة"، هل تعتقدين أن عبارتها هذه تستوقفنا في عمق فجاج الجَنان و تأخذنا إليه لننهل و ننهل من آفاقه؟
ج-الأديبة "عفاف خلف"- لا أذكر من قال: "أن الفن هو محاولة رفع الواقع ليصير فناً " ربما ماركيز. لقد جهد رواد مدرسة الواقعية للارتقاء بالحياة لتصير فناً، ولم يعد الأدب حكراً على الرومانسية التي عمدت إلى رسم عوالم لا تنتمي إلى الواقع بصلة، حيث الجمال والقيم والأخلاق والبطل المعصوم من الخطايا حامل لقب " الفارس " مادةً للأدب أو الفن. صار على الفن أن يعيد بناء أدواته وقولبتها لترسم الحياة بكل جوانبها وغناها، وفي هذا أتفق ومنال، حتى رواد السريالية والتكعيبية حاولوا من خلال لوحاتهم وإعمالهم استشفاف الحياة وإمكانات تحوّلها وبعضهم أبدع لا في استشفاف الواقع ونقله إلى أعمالهم وحسب بل برعوا في قراءة ما سيكون، ما سيصير، وتلك مهمة أخرى للفنان/ الكاتب " القراءة "، استخدام أدواته " ليرى".
ج- "آمنة وناس"- رأيتها، بين كحلة و ضياء، في طريق وهبها الوضوح أسراره العميقة، هبّت ورود عبقها، عانق المكان هويتها، بين أحضانها درس أتعلمه، تعزف لي صمتا تتلذّذ به ذاكرتي، و مرقمي في جوفها يروي مناقبها، حملتني في سفرها، سقتني حتى التلاقي بين العطش و الارتواء، هِمت في قواعد عطرها، دخلت في جيوبها المعبّئة بالمعاني، أغمضت عيني على صدى حكاياتها، و حلمت، قالت أنا فلسطينية، أنا عراقية، تعلّقت بسمائها، احتسيت من فجرها أكواسا دهاقا تسرد نجمها، ركبت بحرها، بين زرقة و موج و رمل، و شهدت أطناب شمسها، و قلت أنا...، ذلك هو سفري عبر الكلمة و اللوحة بين "خلف"،"ديب" و "المالكي".
شكرا لكم الفنان التشكيلي العراقي "عبد الأمير المالكي"، الفنانة التشكيلية الفلسطينية "منال ديب" و الأدبية الفلسطينية "عفاف خلف" على حسن تواصلكم و رقي عطائكم و إلى لقاء آخر إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.