الشاعرة التونسية بسمة مرواني، شخصية تتمتع بثقافة عميقة وواسعة، ولها فلسفتها الخاصة في الحياة، ونظرتها الموضوعية للأمور، تنظر للأمور نظرة فلسفية ثاقبة، تتمتع شخصيتها بالجرأة والصراحة والذكاء. تقول شاعرتنا بسمة: الكتابة فن، والفن موهبة ربانية، لكن الموهبة يستوجب صقلها، تتعدى أن تكون فردية لتصبح عمل جماعي، فبالرغم من أنها ذاتية، إلا أنه ما من كاتب أصبح ممتازاً، إلا كانت له مجموعة من القراء المخلصين الصبورين. كعادتي مع كل من التقيهن من الشاعرات كان سؤالي الأول لها هو: @-الرجاء التعريف بشخصيتك من حيث جنسيتك، ومكان إقامتك، وطبيعة عملك والعمر، والحالة الاجتماعية، والمستوى التعليمي، وهواياتك المفضلة؟؟؟ بسمة مرواني، تونسية الجنسية، متزوجة، من ولاية سليانة، وإحدى ولايات الشمال الغربي، اقطن مدينة قرطاج، امتهن التعليم، لي فيه شجرة مورفة....درست علوماً اقتصادية وتصرف، هواياتي عديدة، أهمها كتابة الشعر خاصة...والاستماع للموسيقى ورسم الخط العربي على محامل مختلفة، والترجمة، حيث اعشق اللغة الانجليزية، وأمارسها كهواية أيضاً. @-هل تعتقدي أن الشبكة العنكبوتية نعمة أو نقمة على الإنسان بعامة، وكيف خدمت أو أساءت الشبكة العنكبوتية للمواطن بشكل عام، والأدباء العرب بشكل خاص ؟؟؟ العولمة التي طغت من خلال وسائل الاتصال، وازدهار التقنيات الحديثة، اكتسحتنا كفعل الاستعمار، أسفر عن أهمية دور الحاسوب في البيت، وحسن التوظيف في كل أمر محمود، وما زاد فابتلاء مذموم ومنكور، وان الشبكة العنكبوتية من أتقن مسك تلابيبها، كانت له عوناً ووعاء يروي به ظمأه الغير مروي، والذي اقسمه إلى ظمأ معرفي وثقافي، يتزود به المتتبع ليكون سبباً في الانتشار أيضاً، خارج حدود الجغرافيا، خارج حدود الاتجاهات الخرائطية، وهو الأجمل والألذ، كتغذية راجعة، خاصة للأديب والشاعر والكاتب، حيث له مجال بتوطيد علاقاته، وولوجه إلى بيوت كل كاتب من خلال مؤلفاته، وانه أيضاً الظمأ الوجداني، الذي أسفر عن اختلال التوازن، بين من يقف وراء الحاسوب من نساء ورجال، صغاراً وكباراً، ليكونوا فريسة الغلط، وفريسة للتفسخ الأخلاقي، ولزنى المحارم، وفي هذا الشأن، يدور موضوع روايتي المترجمة التي كتبها قلم الأستاذ المبدع التونسي يوسف رزوقة بعنوان:(جنة الشيطان)، والتي آثرتُ أن أترجمها للعربية، لإبراز مساوئ الشبكة العنكبوتية وأخطارها على استقرار حياتنا العامة، وما أوصلتْ إليه أسرنا العربية خاصة، من سوءة حال، وتفسخ وانحلال، فنكون إذن بها بين حجري الرحى. @-أرجو إعطاؤنا نبذة عن المرأة التونسية من النواحي التعليمية والثقافية، ووعيها وروحها الاجتماعية، ومدى تحررها وتقدمها، ونظرة الرجل التونسي لها، وهل أنت راضية عنها، وهل ما حدث ويحدث في تونس الآن يصب في مصلحة المرأة التونسية وتحررها، ومع حريتها الشخصية ؟؟؟ المرأة التونسية لها لغتي الساكنة، صوت الخليقة الأولى..تنمو في صحاري الصوت وردة لا تقاوم غشاء الفناء، ببسمة بسمة...لغتي آتية إليها من تضاريس تواجدها في كل الساحة الحياتية، ولمعان حضورها البراق، في جيب السموات، وفي حياة الرجل التونسي، فهو واع بقيمتها سنداً وارتكازة عكازة، يستحسنها كأهل عرفان بجمال فيها سيميولوجي..وان حبها ميراث نبوي، وعشق إلهي.." ليس له مما لدى أصحاب العقول الجنسية، ان حبها حب جسدي لتضاريسها الفيزيولوجية، إلا ما استثني طبعاً فليس كل العقول لها نفس نسيج الأفكار، وهي أيضاً الزوجة المربية، والعاملة الكادحة، والمعلمة الفاضلة، والمؤسسة لكل أركان سعادته، وهي أيضاً تلك الشرسة لأجل كرامتها...لكن بسمة يا صديقي الأستاذ احمد القاسم....تفند أيضاً فكرة فئوية تونسية لأصل فى الفكر التونسي ألذكوري، إذ يجري مجراه الطبيعي المستقيم - وهو أن يكون حواراً بين "لا" و "نعم" وما يتوسطهما من ظلال وأطياف، فلا الرفض المطلق الأعمى، يعد فكراً، ولا القبول المطلق الأعمى، يعد فكراً، لحرية المرأة التي تظل إلى اليوم، سبباً في عرقلة المسماة اللغوية (مساواة)، فهي تظل رغم تألقها في المجتمع ألذكوري العربي، تخوض عظام العقبات الكؤود، في حياتها لأجل تحقيق استقلالية كاملة... فاني أقول لسبب الحصر، انه المؤكد بيقين، أن المرأة التي تقبل على القراءة بعشق أنثوي عارم، يكون من سابع المستحيلات، أن تُستعبد بشعارات غوغائية، او تظل تحت رحمة مجتمع شهواني..او ذكوري، وهذا رأيي الشخصي والله اعلم . @-رأيي الشخصي يقول:وراء كل عذاب وتخلف امرأة رجل، ما هو تعليقك على قولي هذا؟؟؟ قال احد الرجال بعد زواجه من امرأة عالية الشهادة، وهو أستاذ جامعي: ثقافة المرأة، مثل الصبغة الخفيفة، التي يمكنك أن تزيلها بظفرك، وفي مواقف حياتية لنساء معروفات حين..تصبح منبوذة، وقد يتم اغتيالها مثلما فُعل بالكثيرات، وآخرهن الشاعرة والكاتبة الحجازية بلقيس الملحم. مثل هذه الخطوب، عذاب المرأة من اضطهادها، للأسف، أقولها اضطهاداً بحرقة، ما تحويه الفكرة، أتجول ببصري في أضابير التاريخ العربي، فأجد حرباً شعواء، تشن ظلماً وافتئاتاً على المرأة، يقودها بدوي متعجرف، يتقاطع مع فعلية المرأة، وحين اتسدل بما "جاء في كتاب البخاري حديثا عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:المرأة كالضلع؛ إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج. (البخاري، كتاب النكاح، باب المداراة مع النساء). وفي حديث أخر عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذي جاره، واستوصوا بالنساء خيراً؛ فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً (صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء) كل هذه أراها تلميحات أن تكون المرأة رفقة رجل يتصرف بمثل هذا السلوك، عرضة للتعسف والاضطهاد النفسي، الذي هو أكثر بشاعة من كل اضطهاد مادي او جسدي، ليجعلها في جب صفصف، يزيدها إلا تقوقعاً على ذاتها، وعدم جرأة في المطالبة بحقها والمنادى به، ككيان له العلوية، وله القداسة بأبهى معانيها، فكيف تكون امرأة توارثت منه صفات الراعي، الذي يراها فقط بالتكاثر والأكل والجنس والمتعة الرغائبية الحيوانية، إلا المعذبة المفعول بها، وكعادتي في الختام أحوصل بنافلة...وأنا مبتسمة:رب هب لكل أنثى رجلاً واعياً-سآخذ من يتوسد جسدها ما عقلها بمنعطفات النار نبيذه الجاري ليس فقط في عروق الفراش. @-ما هو رأيك بالثقافة الذكورية المنتشرة في المجتمعات العربية؟؟؟ والتي تقول: المرأة ناقصة عقل ودين، وثلثي أهل النار من النساء، والمرأة خلقت من ضلع آدم الأعوج، فلا تحاول إصلاحها، لأنك إن حاولت فسينكسر، والمرأة جسمها عورة وصوتها عورة، وحتى اسمها عورة، وما ولَّى قوم أمرهم امرأة، إلا وقد ذلوا. والمرأة لو وصلت المريخ نهايتها للسرير والطبيخ??? سؤالك مثمن عندي، هنا أقف على سلسلة الكلام، عن علاقة المرأة كتبويب في انثروبولوجيتنا الثقافية الاجتماعية، فالمحيط العربي، نأخذ من ماء المحابر السائل بقريحتنا دماً، لنرى كم هي عقبات كؤود ضخام، حام أولها، الفتاوى الدينية بإطارها النصي (الضيق) والمتحجر، على معطيات النصوص، بفهم قد أكل عليه الزمن وشرب؛ وانه وما زال وسيبقى، شكلاً فاضحاً لمعنى الرجعية الاجتماعية، واللاهوتية للمجتمع . ولا شك أيضاً، أن المرأة والنظرة إليها، تشكل الميزان الدقيق، لتحضر الرؤية المجتمعية، من تخلفها، من جعل المرأة مساوية للرجل، وتنتفي فيها أي لتلك الفكرة أن جرس صوتها عورة، وأنها كما ذكرت سابقاً وعاء للفروج، وإنها تلك الحيّيَة بحيائها، منكسرة أمام صلابة الرجل، فأين تطور المحتوى الديني، وخصيصاً في انفتاحه على الأنثى، كجوهر ومقدس، في ظل ما يراه هذا المجتمع الذكوري، فقط استدرك سيدي ألأستاذ والصحفي والكاتب المبدع رفعت سليمان الشاذلي انه فعلاً تسليط القوس بِسُم ّفي طرف السهم، لكينونة المرأة، وسيكون حديث بحندس وحندقوق وكراهية وأنانية، وتزعجني الفكرة، لكن الاستدراك جائز، حيث أن نخبة كبيرة مثقفة واعية مدركة من الرجال، تربط سعادتها بتواجد، وإنها تلك الزهرة الفواحة في أقاصي القلب، لها منفى مؤبد، يمنح ادم جنته الأرضية المعجلة. @-ما هي نظرتك المستقبلية كشخصية تونسية، لما قيل عنه الربيع العربي بعامة، والوضع التونسي بخاصة؟؟؟ صلصلة الكلمة، عنيفة في المعنى، تبهر كما الجدوى، حين نقول الربيع العربي، من فعل منظور التفاعل، الفاعل لحب معرفة الذائقة المستقبلية التي لا نتمناها إلا ابهى ، لتونس او الدول العربية التى انبتتْ فيه كزرعة الثورات...فالثورة .تحول مُريد وضد الجمود، نحو توافق جديد، وشعوري عقلي معنوي، ً ومنطقي ونفسي، يكون بوصلته ان ندخن كل جغرافيا الوطن الواحد، دون تجزئة لأن المصير العربي، متنامي في ثنايا الطموحات المستقبلية ويُسَمون جميعاً الدمع غيثاً، وهنا اوجب بالفعل الوجيب، أن يكتب للوطن، أن يكتب لهذه المسماة ثورة، كثروة تمددت حتى تبددتْ، راح بسببها إلى جوار المقدس شهداء أبرياء، ربما إن تحقيق تلك الثروة، واقصد بها الحرية، تلك الزهرة النارية كما اسميها، للأسف الشديد، في نفق، تتداخل الرؤيا فيها، ويغرق بل نغوص في مرحلة التنور المتوقد، السياسي والاجتماعي، ليكون دور الإعلام أكيد، مسلطاً، وجهه للفرد البسيط، الفقير المهمش، للغلاء، للتقلبات العكسية المنبوذة، لا المحمودة، ودعوتي لكل مثقف أن لا يظل في برج عاجي، حاملاً تليسكوباً عقيماً، وان لا يكون متنرجساً، او في قمقم نفسه، ينظر عمودياً لمجريات المجتمع، أثناء وبعد الثورات، لتكون القصيدة والخط المكتوب، مختومة الرسمي المباشر، بإيحاء بترميز بانزياح، وكل أسلوبية مستساغة ،يصل بها إلى فعل التنوير، والوعي، وإيصال كلمة الحق بكل حريته، في أي بلد، ليس فقط تونسنا البرواقة العيون، بل في كل أوطاننا العربية، ليضمن كرامة الإنسان وحقوقه، وما تونس إلا نموذجاً لتجاوز العقبات الكؤود، وترسيخ لمنظور تطبيق الديمقراطية، كدنا ننسى هذا الاسم، خلال عقود من فرط دكترة وتسلط سياسي. @-ما هو تقييمك للمرأة الفلسطينية وكيف تنظر المرأة التونسية لها؟؟؟ هي وجع القلب العربي المصدوم، بمرايا تكسرت على أرصفة الخيبات البطولية، وهي منعطف الحقيقة..ونعلم أنها ما كانت لتكون إلا حقيقة المرأة التي لا تشابهها أخرى في جبين جبهة الصمود والتصدي. هذه بعض من كتاباتي: @ماذا تعلمت من الحياة من التجارب التي مررت بها في حياتك الشخصية؟؟؟ الخذلان، من قدر لي تحريكه بعصا الإرادة، والعزم، لست أقف على أعتاب الانهزامية، اسأل أعماقي البعيدة..وليس كتجمد الماء في عروق الشتاء، أكون إلا كمثلي سائرة باتعاظي ليس غرورا ولا تعاليا، بل نضج أن اخرج من برقع ملة الخيبات..ويكون لي جوهر الأشياء انظر به. @-ما هي أحلامك وطموحاتك التي تتمني تحقيقها، كذلك أحلام وطموحات المرأة التونسية بشكل عام ؟؟؟ أتمنى دوماً أن لا تكون أحلامي على قارعة الانتظار...أتمنى أن يعم الحيز الإنساني، فانا أؤمن أن الإنسان، هو اغلي قيمة، الإنسان، رهاني الأول والأخير، أما طموحات المرأة التونسية عموماً، فأني أتمناها أن لا تضبط نفسها في دوغم، منغلق ومتكلس، وان تراهن على مكتسباتها في تطويرها لمجلة الأحوال الشخصية، وان تفرض لفظة مساواة، بدل لفظة (تكامل)، التي حاولوا أن يصوغوا بها أحد فصول الدستور التونسي.