(المعهد الدبلوماسي، الخميس 8 يناير 2014) السادة الحضور، يسُرُني أن أشهدَ معكم اليومَ تخرجَ الدفعةِ (47) من الملحقين الدبلوماسيين، وهى الدفعةُ التى تبدأُ مسيرَتَها المِهَنِيَّةَ في وقتٍ يَمُرُ فيهِ العالمُ بتطوراتٍ متلاحقةٍ تُغَيِّرُ ملامِحَ المَشْهَدِ السياسىِّ العالمىِّ والإقليمىِّ... وإنني لعلى ثقةٍ بأن الزملاءَ الجدد يُدركونَ حجمَ المسئوليةِ المُلقاةَ على عاتِقِهِم... فالأملُ معقودٌ على الدبلوماسيةِ المصريةِ بمختلفِ أجيالِها لتلبيةِ تطلعاتَ هذا الشعبِ لعودةِ بلادِهِ إلى مكانَتِها فى قلبِ العالم. تعلمون جميعاً أن المعادلةَ الدوليةَ أصبَحَتْ أكثرُ تعقيداً... والأمرُ لم يَعُدْ يَقتصرْ على العلاقاتِ بينَ الدول فحسب، بل أصبحَ للكيانات من غير الدول non-state actors دوراً ملموساً على الساحة الدولية... وقد تنوعت أشكال هذه الكيانات، ما بين جماعات عابرة للحدود، وشركات متعددة الجنسيات، ومنظمات إرهابية تتخفى بستار الدين، ومليشيات مسلحة، فضلاً عن مؤسسات الجريمة المنظمة... كما لم تعد قضايا الحرب والسلام وحدها على مائدة مفاوضات الدول، بل تعددت الموضوعات محل الاهتمام العالمى، فتشمل قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف، وموضوعات البيئة وتغيرات المناخ، وقضايا أمن الطاقة، وجهود مكافحة الهجرة الغير شرعية. ولذلك، يهمني أن أؤكد على الزملاء الجدد أن الدبلوماسية لا تعترف بمن يكتفون بالعمل داخل الغرف المغلقة... وإنما تعتمد على إستقاء المعلومة من مصدرها الأصلى، والوقوف على طبيعة الأحداث على أرض الواقع، فضلاً عن التواصل مع كافة الأطراف ذات الصلة... كما أن البيئة الدولية الجديدة أصبحت تفرض على الدبلوماسى أن يكون متعدد المواهب بما يمكنه من الإقناع والتواصل مع مختلف الأطراف فى إطار من المؤسسية والمهنية... بالإضافة إلى دوره فى رعاية مصالح المصريين بالخارج بما في ذلك أعباء ومسئوليات جديدة تشمل الإشراف على الانتخابات التي يتم تنظيمها في سفاراتنا في الخارج... هذا فضلاً عن ضرورة الإهتمام بدور المواطن المصرى فى الخارج فى دعم الاقتصاد والاستثمار فى وطنه الأم... كما أن الدبلوماسى المتميز لا يعمل بمعزل عن مجتمعه، فالتحديات الراهنة تفرض ضرورة التنسيق والتفاعل بين الدبلوماسية ومنظمات المجتمع المدنى. وإيماناً منا بقيمة القدوة فى حياة الدبلوماسى، وتقديراً للجهود المضيئة التى بذلها أسلافنا من أجل صالح هذا الوطن ورفعة لرايته؛ يسعدنى أن أعلن أن الدفعة 47 ستحمل اسم واحد من رواد الدبلوماسية المصرية... هو السيد السفير الدكتور/ مصطفى الفقي... ذلك المفكر والمثقف الذى أثرى الحياة العامة بكتاباته ومؤلفاته القيمة، وساهم فى رفع راية مصر عالياً فى كافة المحافل الدولية التى مثل فيها وطنه... كما قررنا أن تحمل الدفعة القادمة اسم السيد السفير/ أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية الأسبق، الذى تحمل شهادته على العصر الكثير من المعانى والدلالات على العمل الدبلوماسى بصورة يومية. وختاماً أوجه التحية والشكر إلى إدارة معهد الدراسات الدبلوماسية، التي تستكمل مسيرة تطوير المعهد بما يتلاءم مع تطورات العصر ومقتضيات الدبلوماسية الحديثة، ثم أتوجه بكلماتى إلى زملائى الملحقين الدبلوماسيين الجدد... لأقول لهم... لقد دقت ساعة العمل... فكونوا على قدر المسئولية، وتسلحوا بالعلم والعزيمة، وحافظوا على عقولكم متفتحة لكل جديد، وأذهانكم متقدة تسعى دوماً إلى الابتكار، وأبقوا عيونكم يقظة تعى الأخطار وتدرك حجم التحديات، وتذكروا دائماً أنكم تحملون اسم مؤسسة هي خط الدفاع الأول عن المصالح المصرية وواجهة هذا الوطن أمام العالم بأسره.