التكثيف في الومضين ، صدفة التقيت بالقصة. لم أبحث عنها أو تبحث عنِّي . كلانا وجد الآخر في مصادفة وحده التطلع من خلقها. كنت منغمسة في حبر قصائدي وومضاتي الشعرية حين أضافني المبدع المصري فؤاد نصر الدين إلى "مجموعة القصة القصيرة جدا في مختبر السرديات " و أغرى فيَّ الساردة المختفية بين تضاعيف الشاعرة. على بياض هذه المجموعة ، و بين نزوة حكي و أخرى ، وجدت قلمي يتجه صوب القصة بنوع من الاندهاش أمام شساعة الحكي و صعوباته. وحدها التعليقات على قصصي القصيرة جداً من قبل نقاد و كتاب و إعلاميين ، كانت تشحنني تشجيعاً ، و تذهب بي نحو مزيد من الكتابة. بدوتُ كما لو أنني وجدتُ ضالتي بعد عقد قران أبدي مع الشعر، إلى حد أنني خفت من شعري على قصصي ، بسبب تدفق حالاتي كساردة. تلك كانت بداية ولوج قلمي عالم الحكي. لم أغص في أعماق بحر القصص ، فقط أنا على الضفاف أقف و عيني على أعالي بحار هذا الجنس الأدبي المكثف و الآسر و العسير معاً. الآن ، و أنا أكتب ، أتذكر كيف أنني كنت أصيغ القصة على شكل قصيدة ، و أحرر القصيدة بأفق قصصي ، دون أن أدري حقيقة هذا التداخل الجميل. ما أدركه جيِّداً أني وجدت بداخلي مخزوناً سردياً هائلاً . أعتقد أنه ناتج عن تشبعي بالقصص و الحكايات التي طالما سمعتها في سنوات يفاعي من قبل جدتي المرحومة لالة خدوجة البقالي. إضافة إلى القصص التي كان يقتنيها لي والدي محمد البقالي القاسمي. مما أستغرب له كوني لم أجد صعوبة في كتابة القصة بالدرجة التي كنت أتصورها. يعزى ذلك – دون شك – لتعوّدي كتابة الومضة الشعرية بإيقاع حامل لبذرة السرد. " سرير المتناقضات" كتابة قصصية تلوذ بالجمر نشداناً لبرد الحقيقة. تلج أقاصي الجرح لتعلن عن حجم الألم في واقعنا. لن أبالغ حين أقول إن شخصيتي المتمردة على القوالب و الأوضاع الجامدة ، طالما دفعتني لممارسة الرفض اتجاه كل ما يحدُّ الحرية ، و يئد الطموح ، و يقيد الانطلاق ، و ينبذ الظلم. من هنا تبدو قصص " سرير المتناقضات " مغامرة محسوبة العواقب في اختراق المسكوت عنه ، و تشريح المحظور و التشهير به. ليس الأمر شجاعة ، بل موقفاً. و الكتابة الإبداعية هي إبداء موقف، و ممارسة حرية ، و محاربة القبح ، و الانتصار للجمال.