فعاليات اليوم الثاني لاجتماع رؤساء هيئات قضايا الدولة في الدول العربية    رئيس شئون البيئة ل الشروق: نسعى لاستقطاب أكبر حجم من التمويلات التنموية لدعم حماية السواحل وتحويل الموانئ إلى خضراء    رئيس شعبة الدواجن بالجيزة يحذر من الفراخ السردة: اعدموها فورا    استمرار تعثر خطة الصين لبناء سفارة عملاقة في لندن    أول مقاتلة عمودية الإقلاع في العالم تعمل بالذكاء الاصطناعي بمعرض إيديكس 2025    برشلونة يتصدر ترتيب الدوري الإسباني بثلاثية في أتلتيكو مدريد    محافظ الدقهلية يتابع جهود السيطرة على حريق في سوق الخواجات بالمنصورة    تراث وسط البلد رؤية جديدة.. ندوة في صالون برسباي الثقافي 7 ديسمبر الجاري    بنك التعمير والإسكان يوقع مذكرة تفاهم مع مدرسة فرانكفورت    دراما بوكس| محمد إمام يكشف مفاجأة «الكينج ».. وظهور صادم ل محمد فراج    «القومى للمرأة» ينظم الاجتماع التنسيقي لشركاء الدعم النفسي لبحث التعاون    بابا الفاتيكان يعرب عن أمله في أن تكون رحلته الخارجية المقبلة إلى إفريقيا    أجواء حماسية والمنافسة تشتعل يين المرشحين في انتخابات النواب بقنا    أحمد فهمي يحسم الجدل حول ارتباطه بأسماء جلال    بعد فرض ارتدائها في بعض المدارس.. الصحة: الكمامات تقتصر على الطلاب المصابين بالفيروسات التنفسية    متأثراً بإصابته.. وفاة شاب إثر طلق ناري بقنا    وفاة ضابط شرطة إثر أزمة قلبية خلال تأمين انتخابات مجلس النواب بسوهاج    القطاع الخاص يعرض تجربته في تحقيق الاستدامة البيئية والحياد الكربوني    غياب الكرتي ومروان.. قائمة بيراميدز لمواجهة كهرباء الإسماعيلية في الدوري    واشنطن تكثّف حربها على تهريب المخدرات: "بدأنا للتو"    متسابقة بكاستنج تبكى من الاندماج فى المشهد واللجنة تصفق لها    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    لميس الحديدي بعد واقعة "سيدز": لازم الكاميرات تُعمم على كل المدارس    تشكيل أتلتيكو مدريد أمام برشلونة في الدوري الإسباني    مرموش على مقاعد بدلاء مانشستر سيتي أمام فولهام في البريميرليج    السعودية تتفوق على عمان 2-1 في افتتاح مشوارها بكأس العرب 2025    فقرات ترفيهية وهدايا.. مبادرة الخير بدسوق تنظم حفلًا ترفيهيًا للطلاب الصم وضعاف السمع|صور    كارمن يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي 2026    تعرف على التفاصيل الكاملة لألبوم رامي جمال الجديد "مطر ودموع"    استثمارات فى الطريق مصانع إنجليزية لإنتاج الأسمدة والفواكه المُبردة    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    وكيل شباب الدقهلية يتابع تدريبات المصارعة بالمشروع القومي للموهبة والبطل الأولمبي    وزير خارجية ألمانيا: كييف ستضطر إلى تقديم "تنازلات مؤلمة" من أجل السلام    تعليق ناري من ماجدة خير الله عن أزمة فيلم الست لمنى زكي    251 شاحنة مساعدات تغادر رفح إلى غزة محملة بالغذاء والدواء والبترول والملابس الشتوية    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    بشكل مفاجئ .. ترامب يصدر عفوا رئاسيا عن رئيس هندوراس السابق    وزير الري يلتقي نظيره المغربي على هامش فعاليات الكونجرس العالمي التاسع عشر    إحلال وتجديد طريق ترعة الرشيدية بالمحمودية بتكلفة 2.7 مليون جنيه    مكتبة مصر العامة تنظم معرض بيع الكتب الشهري بأسعار رمزية يومي 5 و6 ديسمبر    الصحة: استراتيجية توطين اللقاحات تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي    أخطاء في تغذية الأطفال لاعبي الجمباز تؤثر على أدائهم    هزار قلب جريمة.. حقيقة الاعتداء على طالب باستخدام مفك فى الشرقية    موعد صلاه العشاء..... مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    رمضان عبدالمعز: الإيمان يرفع القدر ويجلب النصر ويثبت العبد في الدنيا والآخرة    صحة الوادى الجديد تنفذ عدد من القوافل الطبية المجانية.. اعرف الأماكن    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    بالصور.. الوطنية للانتخابات: المرحلة الثانية من انتخابات النواب أجريت وسط متابعة دقيقة لكشف أي مخالفة    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    وزير الصحة يبحث مع وزير المالية انتظام سلاسل توريد الأدوية والمستلزمات الطبية    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    يلا شوووت.. هنا القنوات الناقلة المفتوحة تشكيل المغرب المتوقع أمام جزر القمر في كأس العرب 2025.. هجوم ناري يقوده حمد الله    الإحصاء: 37.1 مليار متر مكعب كمية المياه المستخدمة فى رى المحاصيل الزراعية 2024    بث مباشر الآن.. متابعة لحظة بلحظة لمباراة السعودية وعُمان في افتتاح مواجهات كأس العرب 2025    شاهد الآن.. مباراة مصر والكويت بث مباشر في افتتاح المجموعة الثالثة بكأس العرب 2025    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محفور فى الذاكرة... لقاء مع يوسف إدريس
نشر في شموس يوم 16 - 10 - 2013

فى بدايات 1974 كنت طالبا بالفرقة الأولى بكلية الصيدلة جامعة القاهرة وأحد أعضاء لجنة النشاط الثقافى . وكان معى كل من مجدى أحمد على الذى أصبح مخرجا متميزا وكريمة الحفناوى المناضلة والثائرة دائما وسمير دانيال وكان كاتبا بارعل فى كتابة القصة القصيرة " لا أدرى أين هو الأن . كما أننى لم أكمل الدراسة فى كلية الصيدلة " ومن خلال هذه اللجنة أصدرنا العدد الأول من مجلة " صوت الصيدلة " . وفكرنا فى إجراء مقابلة مع الكاتب الكبير والمتميز . د . يوسف إدريس بمكتبه فى الدور السادس بجريدة الإهرام
تحدد الموعد وذهبنا أنا ومجدى وسمير وأجرينا الحوار وتم نشره فى العدد الأول من مجلة " صوت الصيدلة " عام 1974 تحت عنوان " أفضل من كتب القصة القصيرة فى العالم " . حوار مع . د . يوسف إدريس . أجرا الحوار . مجدى أحمد على و ربيع مفتاح
شهد عام 1974 خلافا حادا بين الرئيس السادات والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل والذى كان يرأس تحرير جريدة الأهرام حينئذ
فقد خرج السادات من حرب 73 منتصرا ومزهوا بالنصر وأصبحت حساسيته للنقد عالية كما كان هيكل مهندس العملية التى أطلق عليها اسم مراكز القوى . ولا أدرى هل الغيرة الصحفية أم أشياء أخرى عند يوسف إدريس من ناحية هيكل هى التى جعلته
يقول حين سألناه عن سبب إبعاد هيكل عن الأهرام :
أراد هيكل أن يكون دولة داخل الدولة وهذا سبب غضب السادات عليه
تحولقنا حول يوسف إدريس وهو يجلس فى مقعده الوثير الدوار ينظر إلينا بعينين يشع منهما بريق عجيب وذكاء نادر فتاك ونحن حوله لانصدق أنفسنا أننا فى معيته
بادره صديقى مجدى أحمد على " كان يسبقنى بعامين فى الكلية " حين رأه يشعل سيجارة مارلبورو
فلاح ويدخن مارلبورو
فأجابه بثقة
حصلت على هذه السجائر وأنا فى الطائرة القادمة من اليابان
وقد أصدر يوسف إدريس كتابا عن هذه الزيارة بعنوان " زيارة إلى نصف قارة " وتنبأ فيه بتفوق دول جنوب شرق أسيا على المنافسين التقليديين مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبالفعل أصبحت نمور شرق أسيا من أهم محاور الاقتصاد العالمى
جاء دورى فى طرح الأسئلة فاتجهت إليه قائلا
ما رأيكم فى المشاكل التى يعانى منها الأدباء الشباب وكيف نساعدهم كى يتحققوا أدبيا ؟
اعتدل فى جلسته وأجاب
لايوجد مايسمى بأديب شاب وأديب غير شاب . يوجد أدب أو لا أدب . والكتابة الجيدة تفرض نفسها على الجميع
أصابتنى الإجابة بشىء من الإحباط لإحساسى أن سؤالى كان ساذجا
نظرت إلى الكاتب الفذ فلاحظت أنه يعانى من سمنة زائدة وخاصة فى منطقة الكرش ولاحظت أنه يأخذ أنفاسه بصعوبة . وعرفت بعد هذا اللقاء بسنوات قلائل أن جراح القلب المصرى العالمى أجرى له
عملية قلب مفتوح وقد كتب إدريس عن هذه التجربة الصعبة فى كتابه " الإرادة "
كان كوب الشاى فى يدى على وشك الانتهاء بينما راح كاتبنا الكبير يرتشف القهوة فى تمهل وتلذذ وسيجارته لاتفارقه عندئذ باغته مجى قائلا : كتبت قصة الحرام وحولها هنرى بركات إلى فيلم سينمائى
فهل أنت راض عن هذا الفيلم . رد قائلا
القصة إبداع فردى والفيلم إبداع جماعى لكن تظل رؤية كل من الكاتب والمخرج هى الأساس . المخرج السينمائى هنرى بركات من أهم المخرجين المصريين ولكن حدث اختلاف فى الرؤية بيننا
أرى عمال التراحيل من الفلاحين والعمال هم الأبطال الحقيقيين فى مجتمعنا وأنا أنظر إلى قوة تحملهم بدهشة بالغة أما بركات من خلال الأدوات الفنية التى استخدمها أظهر هولاء فى وضع يستحق الشفقة وشتان مابين الشفقة والبطولة
هؤلاء يبنون مصر بأجور زهيدة جدا ليست هى أجورهم الحقيقية
لأن الجزء الأكبر من أجورهم يلتهمه سماسرة العمال والمقاولون
مثل إبرة التطريز التى تشكك فتنتبه كانت كلمات كاتبنا الكبير
انتبهت فأنا أمام كاتب عبقرى فذ . ليست كتاباته فقط وإنما
أيضا مايقوله من أراء . لم أرد حتى أن اتحرك أو ألتفت وكأننى أمام كنز أود ألا أترك منه قطعة واحدة لكننى سرحت برهة ولسان حالى يقول من الضرورى أن أصبح طبيبا أديبا " هذا لم يتحقق بالضبط "
لقدكتب إدريس القصة والرواية والمسرحية والمقالة وشارك بأرائه
فى الحياة السياسية والثقافية لكنه يظل أمير القصة القصيرة بلا منازع وهو قد قال لنا بثقة تمتزج بالغرور
لابد لمن يريد أن يكتب القصة القصيرة أن يمر بالتشيكوفية أولا
ثم الإدريسية . بطبيعة الحال يشير إلى نفسه
اتسمت كتابات يوسف إدريس ببكارة الرؤية فهو يرى الأشياء وكأنه يراها لأول مرة وقد أطلق الناقد الروسى الشكلانى شكلوفسكى على هذه الظاهرة " التغريب " . كما حفر إدريس مشروعا أدبيا خاصا به لم يقلد فيه أحدا فله بصمته الخاصة فى معظم ما كتب وكان يقول
أنا أكتب لأغير وليس الكتابة مهنة وإذا أحسست أن كتاباتى لن تغير فلماذا أكتب ؟
والمهش أنه كان يقرأ فى العلوم والاقتصاد أكثر مما يقرأ فى الأدب والنقد . يقرأ فى الفيزياء النووية والهندسة الوراثية هكذا أجابنا حين سألناه
فى مسرحيته الجهنمية الفرافير التى أخرجها المخرج المبدع المبدع الراحل كرم مطاوع وقام بدور فرفور الممثل الذى لم يكتشف جيدا الراحل عبدالسلام محمد . يصرخ فرفور فى وجه سيده
أنت سيدى ليه ؟
يطرح إدريس بجرأة وطزاجة هذه العلاقة الأزلية بين العبد والسيد
لماذا يوجد أسياد وعبيد ؟ ! ربما تمر علينا هذه القضية مرور الكرام لكنها لاتمر عليه دون أن يفندها ويحاول الوصول إلى جذورها ومنابتها
تنتهى المسرحية بأن يدور الفرفور حول سيده فى مدار دائرى مثل دوران الأرض حول الشمس وكأنها قانون كونى . لكن ‘دريس يعترض على هذه العلاقة غير المشروعة وغير العادلة بين البشر
ولا أنكر أنه من أكثر الكتاب الذين أثروا على أسلوبى فى التفكير
بينما تأثرت بعميد الرواية الراحل نجيب محفوظ من حيث تقنيات الكتابة وهناك قول متداول : نجيب مفوظ روائى وإن كتب القصة
ويوسف إدريس قاص وإن كتب الرواية
وأظن وليس كل الظن إثم أنه مهما تعددت القراءات فى إبداعات إدريس ومحفوظ فإن هناك قراءات جديدة فى إبداعهما


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.