نائب: توجيهات الرئيس بتأهيل المعلمين تؤكد اهتمام الدولة بجودة التعليم    مشاركة جامعة كفر الشيخ باللقاء الختامي لمراكز التدريب على مستوى الجامعات    البورصة المصرية تختتم بتباين جماعي لكافة المؤشرات    البنك المركزي: القطاع المصرفي يهتم كثيراً بالتعاون الخارجي وتبادل الاستثمارات البيني في أفريقيا    «الاتحاد» يتقدم بمشروع قانون لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر    برلمانى: تأكيد ترامب على حقوق الفلسطينيين تحول في خطابه السياسي    فليك يتغنى بأنشيلوتي وينفي مسئوليته عن الإقالة    موعد مباراة الأهلي والبنك الأهلي في الدوري والقناة الناقلة    كاباكا : تعاهدنا على عبور مباراة المغرب.. ولن نفرط في حلمنا    حسام البدري: في طريقنا للعودة إلى مصر.. وكهربا برفقتنا عبر مطار مصراتة    سقوط المتهمين بتعريض حياة المواطنين للخطر بالإسكندرية| فيديو    إحالة أوراق المتهم بارتكاب «مجزرة المعصرة» في الدقهلية لفضيلة المفتي    تأجيل محاكمة متهمي خلية العجوزة الثانية    مصر وألمانيا تتحدان معًا في النسخة الثالثة لملتقى "التمكين بالفن" بالمتحف المصري الكبير    اليوم.. محمد رمضان يطرح «البابا راجع»    «الشرق الأوسط كله سف عليا».. فتحي عبد الوهاب يكشف كواليس «السيلفي»    غرفة الإسكندرية التجارية تستضيف قيادات التأمين الصحي الشامل    جدول امتحانات الصف الثالث الإعدادي 2025 الترم الثاني محافظة شمال سيناء    الاحتلال يجدد استهدافه لموقع اغتيال السنوار.. وتحقيقات لتأكيد هويته    إزالة 15 حالة تعد على أملاك الدولة والأراضي الزراعية في حملات ب أسيوط (صور)    لأصحاب برج السرطان.. اعرف حظك في النصف الثاني من مايو 2025    الليلة.. محمد بغدادي في ضيافة قصر الإبداع الفني ب6 أكتوبر    مشاجرة بالأسلحة النارية بسبب خلافات الجيرة في سوهاج.. وإصابة 6 أشخاص    إعفاء وخصم وإحالة للتحقيق.. تفاصيل زيارة مفاجئة إلى مستشفى أبو حماد المركزي في الشرقية    وزيرة التضامن تترأس اجتماع مجموعة العمل الوزارية بشأن تنفيذ مقترحات زيادة فصول الحضانات    بالصور- حريق في مصنع الهدرجة للزيوت والمنظفات بسوهاج    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية الترم الثاني 2025 في محافظة البحر الأحمر    براتب 350 دينارا.. وظائف خالية بالأردن    طرابلس تتحول ل"مدينة أشباح".. ممثلو 30 شركة إيطالية محاصرين بفندق بعاصمة ليبيا    الليلة.. ميلان فى مهمة كسر عقدة كأس إيطاليا أمام بولونيا    وكيل عمر فايد يكشف ل في الجول حقيقة إبلاغه بالرحيل من فنربخشة    مسئول أمريكي سابق يصف الاتفاق مع الصين بالهش: مهدد بالانهيار في أي لحظة    استعدادًا لموسم الحج.. رفع كسوة الكعبة "صور"    بعد شائعة وفاته.. جورج وسوف يتصدر تريند جوجل    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    الجيش الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل    المجموعة الوزارية للتنمية البشرية تؤكد أهمية الاستثمار في الكوادر الوطنية    توقيع بروتوكول بين المجلس «الصحي المصري» و«أخلاقيات البحوث الإكلينيكية»    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    الرئيس الأمريكى يغادر السعودية متوجها إلى قطر ثانى محطات جولته الخليجية    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    بالصور.. جبران يناقش البرنامج القطري للعمل اللائق مع فريق "العمل الدولية"    لدعم التعاون العلمي.. سفيرة رومانيا تزور المركز القومى للبحوث    رئيس جهاز سوهاج الجديدة يتفقد وحدات "سكن لكل المصريين" وأعمال التطوير    رئيس الوزراء: الاقتصاد العالمي يدخل حقبة جديدة لا تزال ملامحها غير واضحة حتى الآن    الداخلية: ضبط 558 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    السجن المشدد 10 و15 سنة لشقيقين قتلا جارهما بالشرقية    "معرفوش ومليش علاقة بيه".. رد رسمي على اتهام رمضان صبحي بانتحال شخصيته    كرة اليد.. انطلاق بطولة أفريقيا للأندية أبطال الكؤوس اليوم في الأهلي    الري: تحقيق مفهوم "الترابط بين المياه والغذاء والطاقة والبيئة" أحد أبرز مستهدفات الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0    «الرعاية الصحية»: توقيع مذكرتي تفاهم مع جامعة الأقصر خطوة استراتيجية لإعداد كوادر طبية متميزة (تفاصيل)    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    بيان عاجل خلال دقائق.. معهد الفلك يكشف تفاصيل زلزال القاهرة    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لم تكن تدرك . . . . أنها تفقده ! ! قصة قصيرة
نشر في شموس يوم 24 - 07 - 2013

كان عمر أصغر أشقائه عُمراً ، فقد كان هو الولد الوحيد بين أربع فتيات ، كن جميعهن أكبر منه ، وقد توفى أبوه وهو فى سن الخامسة وتركه صغيراً ، كانت أمه – رحمها الله - ربة منزل ، وكانت أماً عطوفة وحنونة كسائر الأمهات ، أدركت بعد موت أبيه أنه قد أصبح يتيم الأب ، فأرادت أن تعوضه عن ذلك ، وأعطته كل إهتمامها وحنانها ورعايتها . . وكان عمر طفلاً هادئ الطباع ، ولم يكن مثل باقى أقرانه يهوى اللعب كثيراً أو الخروج من البيت ، إلا مع إحدى شقيقاته أو أمه ، حتى عندما إلتحق بالمدرسة الإبتدائية التى كانت قريبة من بيته ، كان يروح ويغدو فى هدوء وسكينة ، ولم يكن مُثيراً للمشكلات أو الأزمات مع زملائه أو أقرانه ، فكان يُحسن إختيار أصدقائه الذين يقترب منهم ويسمح لهم بالإقتراب منه ، وإستمر عمر على هذا النهج وتلك الخصال إلى أن أنهى تعليمه الجامعى ، فكان يميل إلى الهدوء والتفكير والتأمل والتحليل ، وإنحصرت هواياته طوال سنوات عمره فى القراءة ولعب الشطرنج وممارسة الرياضة ومشاهدة الأفلام التاريخية والأفلام الدرامية الهادفة ، فلم يكن يهوى أفلام الحركة أو العنف الشديد .
هكذا نشأ عمر . . وسط جو من الهدوء والإستقرار النفسى والعائلى ، وزخم من الحنان والعطف والرعاية ، كانت أمه دائماً تشعره بأنه الإبن الأول والأخير فى حياتها ، وكانت حريصة على إرضائه بشتى السُبل فى حدود العقل والحكمة . . كبر عمر وكبرت معه كل طباعه وخصاله التى تربى عليها ، فكان حريصاً كل الحرص على أن يهتم بمن يحبهم ويحبونه إهتماماً من نوع خاص ، وينتظر أن يبادلونه هذا الحب وذلك الإهتمام على ذات المستوى ، كان يدرك تماماً أن الحياة بذل وعطاء قبل أن تكون أخذاً ، ولم يكن يرضى بأن يكون إهتمام الآخرين به أقل من إهتمامه بهم ، نما معه الإباء وعزة النفس ، وكان حريصاً دائماً على إحترام الآخرين فى كل أقواله وأفعاله ، لذلك كان محبوباً مُهاباً مُحترماً ممن تعاملوا معه أو إقتربوا منه ، ولم يكن يرضى لنفسه أن يضعها موضعاً لا يليق بها ، وحتى بعد أن تخرج من الجامعة وعمل فى مجال القانون ، كانت تلك هى ضوابط علاقته بزملائه وأصدقائه فى العمل .
وذات يوم من الأيام ، أثناء الإنتخابات وأمام إحدى اللجان الإنتخابية ، ولدى خروجه من اللجنة وإدلائه بصوته ، إقتربت منه فتاة فى منتصف العشرينات من العمر ، تبدو عليها علامات الحيوية والنشاط والجدية ، تضع بطاقة تعريف على صدرها ، وألقت عليه التحية قائلة : إسمى سلمى إحدى عضوات جمعية تنمية المجتمع التابعة لهذا الحى ، ومسئولة عن مراقبة عملية الإنتخاب ومدى إنتظامها ، وسألته عن رأيه فى سير العملية الإنتخابية ، فأبدى الرأى بكل موضوعية وحياد ، فقد كان عمر يؤمن دائماً أن تصحيح أى مسار يبدأ من مواجة المشكلات بكل موضوعية وحياد ، وإعطاء كل أمر قدره ، أبدى عمر رأيه إلى سلمى ثم حياها وإنصرف . . . ولكنه أحس ساعتها بأن شيئاً ما فى هذه الفتاة قد شد إنتباهه ، فعاد إليها مرة أخرى ليُبدى رغبته فى المشاركة معها فى نشاط تلك الجمعية ، أعطته رقم هاتفها المحمول ، وطلبت منه الإتصال بها بعد يومين ، فحياها وإنصرف.
ولكن . . شيئاً ما ظل عالقاً بذهن عمر ، حتى بعد أن غادرها ، وظل مشغولاً بها بقية اليوم ، أحس عمر أن شيئاً ما قد ربط بينهما ، ما هو ؟ لا يدرى ! ! ولكنه صار مشدوداً إليها ، وظل يتعجل مرور اليومين كى يتصل بها ، وبالفعل هاتفها بعد يومين ، لتحدثه وتطلب منه مقابلتها بمقر الجمعية بعد ساعتين ، كان صوتها ساحراً له أثناء مكالمته معها ، هكذا شعر عمر . .
وبعد ساعتين كان عمر فى مقر الجمعية ، فوجد سلمى فى إنتظاره ، إنتحت به جانباً وجلسا لتحدثه عن طبيعة نشاط الجمعية وشروط الإنضمام لعضويتها ، بعد أن طلبت له كوباً من الشاى ، إستغرق حديثهما قرابة الساعة . . لم يكن عمر بطبيعته يميل إلى ممارسة هذا النوع من النشاط الإجتماعى ، الذى يتطلب كثرة الحركة والنشاط والتواجد المستمر وسط الناس فى الشارع والإلتحام بهم لحل مشكلاتهم ، ولكنه وجدها فرصة سانحة للقرب من سلمى .
تعددت اللقاءات بين عمر وسلمى ، داخل مقر الجمعية وخارجها ، إقترب كلاهما من الآخر كثيراً ، وأبدى كل منهما للآخر إرتياحه معه ، فقد كان عمر فى منتصف الثلاثينات من العمر ، هادئ الطباع ، يتسم بالعقل والرزانة وسعة الأفق ، وكان مُثقفاً ذا معرفة واسعة فى مجالات عديدة ، وكانت سلمى فى منتصف العشرينات ، نشيطة ومتحركة وجادة ، تهوى التعامل مع الناس بحرية عاقلة ومنضبطة ، وكانت لها صفحة على موقع التواصل الإجتماعى الفيسبوك ، تتواصل من خلالها مع الآخرين ، كل هذ أعجب وأدهش ولاقى إستحسان عمر فى سلمى . . . . ولكن ! !
بمرور الوقت شعر عمر أنه يزداد تعلقاً بسلمى يوماً بعد يوم ، ويهوى الحديث معها لساعات وساعات ، وأحست سلمى بإرتباطها الشديد بعمر ، ولكنها بحكم إهتماماتها ونشاطاتها المستمرة والمتواصلة ، لم تستطع أن توفر له ذلك القدر من التفرغ والإهتمام والقرب الذى كانت ترنو إليه نفسه ، كانت تنشغل عنه كثيراً ، حاول التواصل معها بشتى الطرق ، حتى أنه صار مهتماً بالدخول إلى صفحتها على الفيسبوك ، ليقرأ ما تكتبه ويعلق عليه ، كان يتمنى أن يشاركها إهتماماتها ويتعايش معها .
أراد عمر أن يثبت لسلمى أنه بالفعل يحبها ويتمنى القرب منها ، فصارحها برغبته فى الإرتباط بها ، فهو لم يعد يستطيع الإستغناء عنها ، وافقت على الإرتباط وطلبت منه الإنتظار لستة أشهر ، حتى يعود والدها فى أجازته السنوية من العمل فى إحدى الدول العربية ، فرح عمر فرحاً شديداً لموافقتها وقرر الإنتظار .
كان عمر ينتظر من سلمى أن تقترب منه أكثر وأكثر ، وأن تهتم به أكثر وأكثر ، بعد أن صارحها برغبته فى التقدم لخطبتها ، إلا أن الأمر لم يتغير فيه شئ ، ظلت سلمى كما هى ، وظل عمر يعدو ويعدو وراءها هنا وهناك أملاً فى اللحاق بها والقرب منها . .
صارحها بأن ما تظهره من عدم إهتمامها به ، وعدم حرصها على القرب منه مثل حرصه تماماً ، هو أمر له توابعه وآثاره السيئة على علاقتهما ، وأنه ما إعتاد ذلك قط ، إنه إعتاد أن يكون دائماً فى أول الصفوف ممن يحبونه ويحبهم ويهتمون لأمره ويهتم لأمرهم ، وما إعتاد قط على أن يتجاهله أحد ، أو لا يهتم به ، وما رضى لنفسه قط أن يكون فى آخر الصفوف . . أما من يبتعدون عنه ولا يهتمون لأمره ، فلا يأبه بهم قط ، ولا يهتم لأمرهم قط . . صارحها بكل ذلك ، وأبدى لها عدم إرتياحه لإنشغالها الدائم عنه ، وهو الذى ليس فى عقله وفكره سواها ، فهى توأم عقله وفكره ، أكد لها على حبه وسعادته فى القرب منها ، وكان كلما تحدث إليها قال لها " لا تبتعدى عنى وكونى قريبة منى يا سلمى " . . ولكنها لم تكن تأبه بما يقول ، ولم تعمل بنصيحته بألا تبتعد عنه ، ظناً منها أن حبه لها سوف يمنعه عن فعل أى شئ وكل شئ ، فهو قد أمسى لا يطيق لها بُعداً .
وبمرورالأيام . . شعر عمر بأنه لم يعد له مكان فى حياة سلمى المشغولة دائماً ، وأنه حتى ولو إرتبط بها فلن تضعه فى أول الصفوف ، بل سوف تضعه فى آخرها ، لقد إعتادت على ذلك ، لم تستطع سلمى أن تعطه الإحساس بذاته وكيانه معها ، على الرغم من حبها الشديد له ، شعر بأنه معها لن يكون ذلك الرجل الذى تجعله محوراً لحياتها ، فحياتها مفتوحة على مصراعيها لكل الناس وهو منهم ، وهو لا يريد أن يكون من الناس ، ولكنه يريد أن يكون أعز الناس ، وأغلى الناس ، وأول الناس . .
يوماً بعد يوم . . صار البُعاد هو السمة الغالبة على علاقتهما، كانت الأيام تمر ولا يُحدِ ث كلاهما الآخر ، ولا يسمع كلاهما صوت الآخر ، ولا يرى كلاهما وجه الآخر ، أحبها عمر وتعلق بها كثيراً ، ولكنها أخرجته من حياتها رغماً عنه ورغماً عنها . . لم تعرفه جيداً ، ولم تفهمه جيداً ، ولم تهتم به جيداً ، حسبته مثل كل الناس ، وما هومثل كل الناس ، إهتمت بنفسها فى المقام الأول وبمن حولها وتركته وحيداً . . إبتعدت عنه رويداً رويداً حتى صار لقاؤهما صدفة . . لم تكن تدرك أن عمر ليس من ذلك النوع من الرجال الذى لا يقبل ألا يهتم به أحد . . ولم تكن تدرك أنها بإبتعادها عنه ، إنما تقطع الحبل السرى الذى يربط بينهما . . ولم تكن تدرك أنها بذلك تفقده . .
وا أسفاه . . لقد خسرته بعد أن كان كلاً منهما حُلماً للآخر يراوده فى منامه ، وأملاً لا يفارقه فى نهاره ، وقد ضاع الحلم وتبدد الأمل . . .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.