عندما تراها تدب الأرض بخطى ثقيلة، وبجسد مترهل ، وشعر أسود حليق ملتصق على الجبهة، ونافر عند الأذنين يفر تفكيرك على الفور للأرملة السوداء؛ تلك العنكبوت الكريهة التى تلتهم رفيقها فى ليلة الزفاف.. وتتساءل بالتأكيد عن عدد من التهمتهم قبلاً..؟ وتتنبأ بأنهم كثر.. ويضاعف من المأساة أنها تتباهى بكم الزيف والتشويه الذى تنقله معها أينما حلت، فهى بلا منازع ملكة القبح؛ فأينما توجد تغطى المكان غيمة من الكذب ، ووشاحا من الدنس ، وسيلا من الابتذال حيث تطفو على السطح مشاعر الغل وال.. وال.. وال.. وال فلا تملك سوى أن تغادر المكان بعد أن حوله وجودها الى جهنم .. ماهرة هى فى الحياكة ؛ فبإمكانها حياكة المكائد بمهارة شديدة وبدون ترك أى أثر كان .. وهى تطبخ وجبتها تتخيل رأس من يخالفونها الرأى قطعة لحم مسجاة فى الآنية، فتشويها.. تقليها.. أو تكتفى بالسلق.. وتكون فى غاية السعادة وهى تلتهم الطعام إلتهامًا أملةً الخلاص من هؤلاء؛ فهى تشبههم بآل لوط فى المدينة يجب التخلص منهم لأنهم أناس يتطهرون، والجرم الأكبر الذى يرتكبونه إلى جانب شرفهم ونقائهم أنها لاتحبهم وهذا يكفى ليختفوا من الوجود بالنسبة لها.. تفكر يومًا فى ضرورة اختيار شريك لها - بمبدأ الافتراس- ولاتتعب كثيرًا، بل تسوق لها الظروف شريكًا أقل خبرة، وهى بالتأكيد تريده كذلك.. لاتريد حبيبًا لأنها لاتعرف معنى الحب، وتراه معطلاً، بل أنها ترى المحبين يرتكبون أفعالاً تتسم بالحماقة طوال الوقت، ويهدرون طاقات فيما لا جدوى منه .. وبسرعة يدرك الشريك دوره؛ فهو يزيل من أمامها العقبات (الشرفاء)، يشتتهم فى الأرض، يستولى على طعامهم، أسلحتهم، ملابسهم لو استطاع .. تشعر بالعرفان نحوه ، تقربه منها، تحاول أن ترد إليه الجميل، ولكن هل تعرف هى تلك المعانى..؟ تدعوه يومًا إلى عرينها، يقبل بسذاجة.. يتغزل أولا فى نبلها، ونقائها.. لا تمهله كثيرًا، فسريعًا مايرى أشلاءه تتناثر حوله.. من فرط تأثره لا يصدق أن ذلك يحدث له هو..!!! يتذكر كل الرؤوس التى أهداها إليها، كل الحرائق التى أشعلها من أجلها، كل الأصدقاء الذين نكل بهم، باعهم من أجل خاطرها.. يفهم أخيرًا ماذا فعل بنفسه.. فى الرمق الأخير يلقى بنفسه عليها، يحاول النيل منها، يجدها الأقوى كما كانت دائمًا.. يحاول أن يصرخ ، يستغيث ، لا أحد يسمعه، وهو يعرف جيدًا أن معرفتها لم تدع له من يفكر فى الإقدام على نجدته .. ينجح فى جرحها بمخالبه المسمومة، هى من علمته أن يغدر، علمته أن يكون له دائمًا سلاحً خفي، أخيرا يصيبها إصابة نافذة، هو سعيد أنها تترنح، ولكن.. هاهو ينتهى هو الآخر، هاهما ي س ق ط ا ن معًا..