كتبتُ "ثمّ أزهر الحزن" وأنا في مقتبل العمر (في شتاء 1961-62)، ونُشِرت طبعتها الأولى في بيروت عام 63 (والطبعة الرابعة قيد الإعداد أخرَّتْها الأحداث). وأزعم أنها لاقت رواجا وأحدثت صدى عند القراء والكتّاب في الوطن العربي، وأُعدّت عنها أطروحتا ماجستير في كلّ من موسكو ووارسو، وقُدّمت مسلسلا تلفزيونيا بدمشق عام 2002، حرصوا على أن يستبدلوا بعنوانها الجميل عنوانا آخر "البيوت أسرار"! اسمحوا لي، أيها الأصدقاء الأعزّاء، أن أقدّم لكم مقتطفَين كنموذجَين من النقد، منصف ومجحف، لكاتب مصري كبير (راحل) ولكاتب في سورية كان يملأ الساحة النقدية في وقته متمتّعًا بكلّ ضروب الدعم والتأييد، وشدّ ما آذاني بكتاباته، قبل أن يُلملم أوراقه ويرحل متنقّلا بين أطراف الجزيرة العربية. محمد عبد الغني حسن (شاعر وكاتب مصري): ... واستمعتُ إلى حديث "هالة" [البطلة المحورية في الرواية وكانت تروي بضمير المتكلم]، فأغراني حديثُها أن أنصت إليها، وتساءلتُ: أَبلغ الحدُّ بفتاتنا العربية أن تتحدث مثل هذا الحديث الرائع، الطليّ، الواعي؟ وشدّني عنف القدر مع أسرتها إلى المضيّ في القراءة مهما بلغت قسوة الأحداث التي كانت تعتصر قلبي، وقلت في نفسي إنّ فاضل السباعي بارعٌ حتى وهو يجرّنا إلى قراءة الأحزان جرّا! وهل أعترف بأني قرأت الكتاب، بصفحاته الأربعمئة، في ليلة واحدة؟ مجلة "الأديب" اللبنانية، يوليو 1965 د. حسام الخطيب (كلية الآداب بجامعة دمشق): ... وإذا وافقنا على المبدأ القائل بأنّ قوة أية رواية تكمن في قوة شخصياتها، فإنه يصعب أن نعتبر "ثمّ أزهر الحزن" رواية ناجحة، فمعظم شخصياتها - إن لن نقل كلّها - مسطّحة، رخوة، غير متشكلة... وتلك نتيجة لعُزوف الكاتب عن التعمّق في نفوس أشخاصه. وإنّ مقارنة الوسط الاجتماعي في هذه الرواية بما يوازيه في بعض الروايات العربية، يكشف عن الكساح الذي تعانيه رواية فاضل السباعي، وإنّ مقارنة مماثلة في مجال الشخصيات لا بدّ أن تقودنا إلى الإحساس بأنّ شخصيات "ثمّ أزهر الحزن" كانت شخصيات من ورق! مجلة "الثقافة العربية (بنغازي، ليبيا)، سبتمبر 1975