قضية قديمة جديدة ناقشها مخيم الفنون مصر فى أزمة.. والدراما جزء منها د. خلف الميرى: الدولة كانت حاضرة فى الستينيات فلعبت الدراما دورها فى الوطن العربى والعالم الثالث. د. مدحت الجيار: الاستعمار حاول أن يقطع الصلة ما بين الشعوب المحتلة وتاريخها القديم حتى تسهل مهمتة تستحوذ "أزمة الدراما المصرية" على مساحة كبيرة من اهتمام النقاد والمفكرين لما تمثله من أهمية وتزداد المشكلة تعقيدا مع الغزو التركى للدراما واحتلاله مكانة كبيرة على الشاشات العربية ، لذلك نظم معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته ال44 ندوة بعنوان "الدراما التاريخية والثورة" بمخيم الفنون ، شارك فيها الناقد الأدبى د.مدحت الجيار ود. خلف عبد العظيم الميرى وأدارها محيى عبد الحى، أوضح محيى عبد الحى أن قضية الدراما التاريخية والثورة أمر غاية فى الحيوية ولم يتعرض له الكثيرين. وأشار خلف إلى أن الدراما المصرية جزء من مصر ومصر كلها فى أزمة والقوة الحقيقية الباقية لمصر الآن هى رصيدها الثقافى، والدراما تمثل أحد ما يميز مصر ثقافيا، وعبر عن قلقة بشأن زحف الدراما غير المصرية إلى شاشتنا التليفزيونية وهى ما تسمى بالقوى الناعمة ، كما تطرق حديثه عن الدراما قائلاً إنها تسلسل العمل الفنى الذى لدية القدرة على نقل ما يحدث فى دائرة الإبداع إلى المشاهد أى صياغة عملا إبداعيا مكتوبا أو مسموعا أو مرئيا.. والدراما هى مرآة الواقع وكما قال يوسف وهبى "وما الدنيا إلا مسرح كبير" وهذا يعنى أن الدراما لديها القدرة على طرح تصورات لنقل المجتمع ككل لرحاب أوسع ومستقبل أكثر إشراقا، مضيفاً بأن قليل من الأعمال الدرامية المصرية هى التى نجحت فى رصد الواقع المصرى فى إطار إبداعى.. رغم أن المنجزات المصرية فى الثورة مثلا تستحق أعمال درامية تعبر عنها فى حين نجد الموجود حاليا أعمال متنافرة وفردية. وعلى مستوى الأعمال التاريخية قال: كنا نمتلك الدراما الملحمية المعبرة عن التاريخ المصرى القريب والبعيد وإن كانت قليلة العدد منها ليالى الحلمية، ورأفت الهجان ومن الأفلام فيلم المومياء الذى رصد وبعمق مسألة التاريخ القديم وفى التاريخ الإسلامى لدينا فيلمى الناصر صلاح الدين والشيماء مدللا على ذلك التقصيربحرب أكتوبر المجيدة التى لم نجد لها أعمالا ملحمية راقية على غرار ما يحدث فى الدول المتقدمة، مضيفا بأنه فى عصر عبد الناصر كانت مصر مالكة للقوى الناعمة التى اخترقت كل الأرجاء العربية وأصبح لها دورا هاما فى العالم الثالث. وضرب د. خلف مثالا آخر على ذكر عبد الناصر وأضاف: لقد عجزت الدراما المصرية على مجاراة إنجازات الرئيس الراحل جمال عبد الناصر باستثناء فيلم ناصر 56 لمحفوظ عبد الرحمن الذى تناول يومين فى حياة مصر أيام عبد الناصر تناولا راقيا، وبخلاف ذلك افتقدنا العمل الملحمى . وأكد خلف أن دور المؤرخ فى العمل الدرامى لا يقتصر على مراجعة النص فقط بل يجب أن يكون مستشارا للعمل ككل واستشهد بالمسلسل التركى حريم السلطان . وأكد خلف أن مصر لديها الطاقة الخلاقة فى إطار المبدعين والنقاد والمخرجين وما ينقصها فى تصوره وجود دور للدولة فى دعم الدراما المصرية مشيرا إلى أن هذا الدور كان موجودا فى الستينيات وطالب خلف الميرى الدولة بالتنسيق أو عمل خطة استراتيجية مع القطاع الخاص ودعمه لإنتاج أعمالا درامية محترمة . وعن تأريخ ثورة يناير قال خلف: أن هذه الثورة التى قام بها الشباب الطاهر المخلصين المؤمنين بوطنهم لا يمكن تأريخها لأن الثورة من وجهة نظره لم تحقق أهدافا تؤرخ إلا تأسيس الجمهورية المدنية، ولكن يستطيع المؤرخ أن يرصد الواقع ويناقش الأسباب التى أدت لاندلاع الثورة وأهم دوافعها ويرصدها من خلال عمل درامى فى ثلاث أجزاء . وعقب عبد الحى: إن هدف الكاتب من تقديم عمل درامى ليس تقديم تاريخ بل إلقاء الضوء على مناطق لإثارة فكرة معينة. وأضاف د.الجيار بأن الفنون والآداب تلجأ للذهاب إلى مرحلة تاريخية لتقديمها مع مرور لحظات ضعف بأى أمة يستتبع هذا الضعف باستعادة فترة تاريخية كانت الأمة فيها مزدهرة لبث روح التفاؤل والإقدام لدى هذه الأمة واستخلاص العبر فالتاريخ يساعد فى حل مشكلات الواقع الراهن. وأضاف الجيار إلى أن استرجاعنا لتاريخنا العربى والإسلامى المزدهر جاء نتيجة وقوع العالم العربى الإسلامى تحت الاستعمار الذى حاول أن يقطع الصلة ما بين الشعوب المستعمرة وتاريخها القديم حتى تيأس الأمة من الخروج من هذا الاستعمار.. والمستعمرون فى لحظات التخلف والضعف الأولى لديهم وعندما كان العرب يمتلكون حضارة عظيمة أخذوا أفكارا من تاريخنا استخدموها فى بناء حضارتهم التى علت فيما بعد فما وصلوا إليه من الأصل يؤول إلينا، وهم يعرفون ذلك جيدا فحاولوا أن يحدثوا هذه الفجوة بيننا وبين تاريخنا. وبالتالى ينظر المؤرخ إلى لحظات القوة فى التاريخ ليؤرخها وأيضا يحلل لحظات الضعف لمعرفة أسبابها ، مضيفا بأن البداية الحقيقية كانت واضحة فى مقاومة الاستعمار فى مصر من خلال ما قدمه الروائى جورجى زيدان حين رأى أن تقديم التاريخ القديم فى لحظات ازدهاره هو سلاح ضد الاستعمار فى مصر وبلاد الشام وكافة أرجاء الوطن العربى . واستطرد د. مدحت الجيارقائلا أنه مع بداية القرن العشرين لم تصبح الرواية التاريخية مجرد موضة بل كانت موقف قومى ولهذا حين بدأ نجيب محفوظ حياته الأدبية فى الثلاثينات بدأ بثلاثية عن تاريخ مصر الفرعونى وتوالت فيما بعد أعمالة الاجتماعية والسياسية التى نزل بها إلى المجتمع ولم يلجأ إلى التاريخ سوى بتقديمه لثلاثيته الشهيرة (قصر الشوق- السكرية- بين القصرين) و أضاف الجيار بأن تأريخ الفترة مابين ثورة 1919 وثورة يوليو 1952 يثبت أن الفكر المصرى رغم الاستعمار نجح فى عمل ثورة ودستور وتاريخ يفخر به المصريون ولولا الحرب العالمية الثانية لتغير وجه التاريخ . والعمل التاريخى يظهر العلاقة بين السلطة القائمة وروح النص والمؤرخ علية أن يرصد تاريخ حركة زمان مع إنسان.. وعن النماذج التاريخية فى الدراما المصرية قال الجيار أن المسلسلات التاريخية فى الدراما إما أنها مسلسلات الجاسوسية التى تلاقى نجاح كبير مع المتلقى وتعمل على إيقاظ الوعى القومى أو تقديم شخصية تاريخية مثل أدهم الشرقاوى . كما تطرق حدثه عن الفرق بين المنظور الشعبى للتاريخ و المنظور العلمى له . ورداً على التساؤلات حول كيفية تناول الروائى للتاريخ فى الكتابة الدرامية أوضح خلف أن المؤرخ فى الحقيقة هو روائى مربوط بالأحداث والوقائع وإذا أخد التاريخ على طريقة السرد لاستطاع أى شخص أن يؤرخ الأحداث ولكن التاريخ له ظاهره وباطنه وقيمة النظر للمسألة أكبر من مجرد الظواهر.. فالمؤرخ يحاول أن يكون قاضيا ليضع يديه على الإيجابيات والسلبيات وتناول الباطن والظاهر وهو ما يسمى بالتفكيكية والتركيبية ، مضيفاً الجيار بأن المؤرخ وفق منهج فلسفة التاريخ يحاول أن يرى التاريخ بكافة الجوانب ويسافر إلى الحدث فى ظروفه كاملة لإجراء العملية التفكيكية حتى يؤدى العمل الدرامى وما يهدف إليه . أما عن مسلسل الجماعة قال الجيار: إن مسلسل الجماعة لوحيد حامد كان فى ظل تنامى القوى الإسلامية على الصعيد السياسى وهومحاولة لإعادة تأريخ الجماعة والنظر إليها نظرة مختلفة عن السائدة فى المجتمع المصرى. واختتم خلف حديثه رغم تحفظاتى الكثيرة على الدستور الجديد ،إلا أنه احتواى على مادة تنص على الاهتمام بالتاريخ المصرى وتدريسه على المستوى القومى لأن فى فترة المخلوع أهين التاريخ كما أهينت أشياء كثيرة وهذا كان جزء من تعمية الشعب فحين يتم قطع الصلة ما بين التاريخ والنشئ الجديد نضع أنفسنا فى مهب الريح وقد أدارت ثورة يناير عجلة التاريخ التى لا يمكن أن تتوقف وتعود للوراء ومع وجود وسائل الأعلام المتعددة حاليا تمنع أى نظام من فرض وجهة نظرة الخاصة على التاريخ لأن الحقيقة لا يمكن أن تحجب. أعقب ذلك تقديم فقرة فنية قدمتها فرقة التنورة التراثية بالتعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة حيث قدمت مجموعة من الأغنيات التراثية بدأتها بأغنية لمدح الرسول الكريم شهدت تفاعلاً كبيراً مع الجمهور، بالاضافة لعرض فيلم تسجيلى عن "يوسف وهبى" بالتعاون مع المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية. كما تم عرض فيلم "عسل أسود" بطولة أحمد حلمى وإيمى سمير غانم وإدوارد وإنعام سالوسة ولطفى لبيب وأحمد راتب ، تأليف خالد دياب وإخراج خالد مرعى . كماقد قدمت فرقة ألترا عرضا مسرحيا بعنوان"ثورة الماريونت" بطولة كريم صلاح الدين وإخراج سامح سعيد.