التقى الأستاذ الدكتور/ هشام قنديل رئيس الوزراء بأعضاء المجلس الأعلى للثقافة، وقد حضر الاجتماع كل من وزير الثقافة صاحب الدعوة، ووزير التعليم العالي، ووزير التربية والتعليم، ووزير الأوقاف، ووزير السياحة، وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة، فضلاً عن قيادات وزارة الثقافة من أعضاء المجلس، وقد افتتح اللقاء الدكتور صابر عرب وزير الثقافة بكلمة رحب فيها برئيس الوزراء وأشار إلى الدور الثقافي المصري على مدار التاريخ وما يتهدَّد الهوية الثقافية المصرية من مخاطر وتحديات في اللحظة الراهنة، مشيرًا إلى أن مصر لم تكن عبر تاريخها قوة اقتصادية كبرى، إلا أنها كانت دومًا قوة فاعلة في محيطها الإقليمي والإنساني، وأن على الدولة وعلى المثقفين معًا أن تستعيد مصر قوتها الناعمة ودورها الثقافي، وأن هذا اللقاء هو خطوة على هذا الطريق. ثم رحب بعد ذلك الدكتور سعيد توفيق أمين عام المجلس الأعلى للثقافة برئيس الوزراء وبأعضاء المجلس، ووصف هذه الجلسة بأنها جلسة تاريخية، وبأن هذا اللقاء يمثِّل فرصة بالغة الأهمية لكي يطرح المثقفون احتياجات الثقافة ومطالبها على الحكومة، وأكَّد سيادته على ضرورة المصارحة والتصارح بين المثقفين ورئيس الوزراء في هذه اللحظة التي تتطلب تكاتف كل جهود أبناء الوطن. ثم قدَّم الدكتور صابر عرب رئيس الوزارء، وبدأ رئيس الوزراء كلمته بتحية المثقفين الذين يحملون عبء نشر الثقافة في مصر. وأنه اليوم حريص على أن يسمع أكثر مما يتكلم. وقد أكَّد سيادته على ضرورة الحفاظ على هوية مصر الثقافية وعلى ضرورة أن تستعيد مصر مكانتها الثقافية وقوتها الناعمة. ورأى أن ثورة 25 يناير قد كسرت حاجز الخوف وأنه مع سقوط النظام سقطت هيبة الدولة، وأنه كما كانت للثورة إيجابيات تولدت أيضًا سلبيات عديدة؛ مما ولَّد تحديات كبرى، لعل أهمها وأكبرها هو الإنسان المصري نفسه؛ لأنه يتعرض لضغوط من جميع الأطراف، سواء من الإعلام، أو من الثقافة الوافدة من بعض البلدان المجاورة، وأنه قد ظهر لاعبون جدد على الساحة؛ مما أدى حتى إلى تغير شكل التدين الذي عرفه ويعرفه المصريون على مدار تاريخهم. وقد أشار في هذا الصدد إلى ضرورة التأكيد على الثقافة ودورها في هذا السياق. كما أكَّد على ضرورة الحفاظ على لحمة النسيج الوطني المصري بشقيه المسلم والمسيحي، وأشار إلى مدى سعادته حين حضر احتفال الكاتدرائية بأعياد الميلاد، وضرورة التأكيد على تلاحم شقي الأمة. ثم توالت كلمات أعضاء المجلس، ومن أبرزها كلمة الأستاذ الدكتور جابر عصفور الذي أكَّد على أن الحل لمأزق العقل الثقافي المصري في اللحظة الراهنة يتمثل في ضرورة تشكيل مجموعة وزارية تتألف من وزارة الثقافة، ووزارة الإعلام، ووزارة التعليم، ووزارة الشباب، ووزارة الأوقاف، خصوصًا أن أعدادًا كبيرة من المساجد غير الحكومية لا تخضع لإشراف الأوقاف مما يتيح لغير المؤهلين من الخطباء والوعاظ أن يشوهوا عقول المواطنين وينشروا قيم التطرف والعنف. هذا على أن تنفتح الحكومة من جهة أخرى على الجمعيات الثقافية المنتمية إلى المجتمع المدني بحيث يكون هناك تنسيق بين الطرفين. كما أكد الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي على ضرورة مراجعة الحقبة الماضية ومراجعة الأخطاء التي اقترفت فيها وكيف تراجعت الثقافة، وتساءل عن غياب الدولة ودورها تجاه من يصفون المثقفين بأنهم سحرة فرعون ومن يسبون طه حسين، وعن محاولات طمس الهوية المصرية، وتكفير المثقفين، ومن يرفعون قضايا حسبة على المفكرين والكتّاب كما حدث مع نصر حامد أبو زيد، وضرورة أن تلغي الدولة هذا القانون المشين، كما أشار إلى إبعاد بعض الصحف القومية لمجموعة من كبار الكتاب والمثقفين، مما يمثل عدوانًا صريحًا على الثقافة والمثقفين وأن هذا حدث معه هو شخصيًا، مؤكِّدًا على أن كل هذا يتطلب وقفة جادة وحقيقية. كما طالب الدكتور صلاح فضل رئيس الوزارء أن يبرئ ذمته أمام التاريخ والوطن من إصدار أي قرار أو قانون يحد من الحريات، مؤكَّدًا على أن الحريات مسألة جوهرية لمصر. ثم كانت كلمة الأساذ مكرم محمد أحمد الذي أكَّد فيها على الحريات وعلى أن أخطر ما تواجهه مصرالآن هو حالة الانقسام التي قسمت مصر قسمين، وأنه من الوهم أن يتصور أي طرف أنه يستطيع أن ينفرد بمصر، وطالب رئيس الوزراء بألا يجيز أي مشروع يحاول أن يفرض على مصر مشروع الدولة الدينية وينفي عنها مدنيتها، كما أشار إلى أن المثقفين ينتابهم القلق على مستقبل البلاد في ظل ما تتعرض له حريات التعبير من هجوم وتربص ومحاصرة لمدينة الإنتاج الإعلامي وملاحقة للصحفيين، وختم كلمته قائلاً: إننا لا نستبعد الإخوان ولكن على الجماعة أن تفهم أن هذه البلد ستكون عصية على الحكم والطاعة لهذه الجماعة وحدها، وأن الثقافة الحقة هي وحدها القادرة على أن تخرج بهذا البلد من حالة الانقسام والاستقطاب التي تشهدها. وتوالت كلمات بقية الأعضاء لتؤكِّد على قيم الحرية والتعددية والديموقراطية وحقوق المرأة، والمواطنة، وضرورة مراجعة الخطاب الديني، ومدنية الدولة. ثم اختتم رئيس الوزراء اللقاء بكلمة قصيرة أشار فيها إلى أنه لا ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، وأنه يتعرض لحملات من الإساءة يتجاهلها من أجل حرصه على الصالح العام، وأنه لا بد من تكاتف جهود المثقفين من أجل العبور بمصر من المرحلة الانتقالية. ثم استأنف أعضاء المجلس بعد مغادرة رئيس الوزراء أعمال الجلسة بحضور وزير الثقافة وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة.