نحن اليوم في عصر آمن فيه الجميع بمبدأ المواجهات الصريحة ! حديثنا اليوم يتسم بالصراحة والصدق ، والمباشرة وعدم المواربة ، وهذا لسبب واحد يعلمه كل من يتميز بالإدراك للغة العصر ومعطياته ، فما كان يصلح بالأمس من مناهج للتعامل أثبت فشله ، أو بمعنى أدق أصبح لا يصلح للتعامل به اليوم . هذا على جميع الأصعدة سواء على صعيد الأفراد أو الصعيد الدولي والعالمي .. كمثل واضح و نعلمه جميعا عندما نستحضر قرار الزعيم الراحل محمد أنور السادات رحمه الله (بالمواجهة) في حرب أكتوبر 73 ، كنا في مرحلة لا سلم ولا حرب ، موقف لا نحسد عليه بعد نكسة 67، قبلها مررنا بعدة حروب متتالية، تكبدنا فيها ما لا تطيقة دول كبيرة، سواء من عدد الشهداء او استنزاف للموارد والتدهور الاقتصادي المستمر، والإحباط النفسي والمعنوي للشعب المصري ،والشعوب العربية ،كان رحمه الله يمتلك شخصية مقاتل، وفكر سابق المنطقة ككل، وأخذ قرار الحرب في وقت لم نكن نمتلك مقومات كافية نضمن بها الانتصار ، سوى الإيمان بالله، عقيدة الجندي المصري ومهاراته، مع بعض الأسلحة المتبقية من الحرب العالمية الثانية، أمام جيش اسرائيل بقوته وعدته، المدجج بأحدث الأسلحة ، و من خلفه أقوى دولة في العالم تسانده بكل قوة ، وبالرغم من هذا فكر وخطط، و دبر مع القيادات المصرية الشريفة، وواجه أبطال مصر العدو واقتنصوا النصر لمصر ، ثم حان وقت (المواجهة الثانية) وكانت هي الهدف من الحرب التفاوض منتصر، شجاع، قوي ، صاحب حق وليس من واقع ضعف ، او هزيمة بل نصر إعجاز مازال يدرس لجيوش العالم ، لقد واجه حتى يجنب شعبه وشعوب المنطقة ويلات الحروب المتتابعة وكانت المعاهدة ، و اتفاقية السلام ، التى تم رفضها واستنكارها من البعض حينذاك، ثم اتضح للجميع بعد عقود احتياج المنطقة لها ،و ان التعامل والمواجهة على أرض الواقع خير من تبادل الاتهامات،والشكاوى في الهواء الطلق. ما سبق كان مثل صارخ للمواجهة في السلم وفي الحرب . نقيس على هذا ما يحدث من حولنا في قضايا مماثلة، قد تكون على المستوى الفردي والإنساني،أو قد تكون على المستوى المجتمعي والثقافي .. إن مجرد التسويف او تأجيل المواجهات للقضايا الهامة والمصيرية، هو بمثابة هدم للكيانات بكل معنى الكلمة كما هو هدم للأفراد ،والمجتمعات، ومصائر دول و أمم . من متطلبات المرحلة اليوم الشجاعة، وعدم الاعتماد على الغير، او الإتكالية في اتخاذ قرارات مصيرية، تحتاج المواجهات الفعلية في خطوة إصلاح أو بناء . فلا مكان الآن لأي متخاذل ، من يريد الإنجاز والإصلاح عليه تحديد الهدف، والمضي في تحقيقه ،والوصول إليه بلا تشتيت ، لأن أمامه مواجهات قد تكون شريفة، أو غير ذلك .. الشجاعة والمواجهة تختصر الكثير من الجهد، والزمن، و ترسخ أقدام الحق وتلفظ الباطل .. تحيا مصر الإنجاز والعطاء