اللغة الأدبية ليست دلالية فقط ، إذ أن لها جانبها التعبيري فهي تنقل لهجة المتحدث أو الكاتب وموقفه ، كما أنها لا تقتصر على التعبير وإنما تريد أن تؤثر في موقف القارئ كما أنها تشيد على الإشارة نفسها ، على الرمز الصوتي للكلمة ، وقد وضعت جميع أنواع الصنعة لتلفت النظر إليه كالوزن والسجع وأنماط صوتية مكررة . إن انتقاد مؤلف أو شاعر لا يعني الانتقاص من شخصه أو مقامه أو أدبه إذ أن انتقاد الشعر شيء عام. ومهما بلغ الشاعر من منزلة كبيرة في الأدب فلابد من وجود بعض الكبوات هنا وهناك وهو ما لم يسلم منه كبار شعراء العربية وفطاحلها الأوائل. إن القصد هو الإيضاح وضرب الأمثلة خدمة للشعر والشعراء ولكل رأيه وتعدد الآراء يغني البحث ويفيد الجميع . إن النقد الشعري هو موضوع هام جدا لمعرفة فاسد الكلام وصحيحه, وتمييز حسنه من قبيحه,على أسس أهم أركان اللغة والأدب لمعرفة جواهر الكلام وأساليب البيان الخالصة من المعتلة المدخولة كما فعل النابغة الذبياني في الجاهلية, إذ كان يحكم بين الشعراء والخطباء بفكرته الوقادة ويوازن بينهم بنظره الصائب النقاد, فيصدرون عنه نازلين على حكمه راضين بقضائه.وللنقد أسس قويمة يقوم عليها علم النقد,النقد الشعري,النقد اللغوي,النقد النثري,لتبقى اللغة محفوظة المفردات والتراكيب متينة الأساليب. مذاهب الناس في النقد: يختلف نظر الناس بنقد الشعر جل الاختلاف, فمنهم من يميل إلى ما سهل فيقول:خير الشعر مالا يحجبه شيء عن الفهم,ويقول أيضاً: خير الشعر ما معناه إلى قلبك أسرع من لفظه إلى سمعك, ومنهم من يؤثر الألفاظ الجزلة المتينة والأساليب الفخمة الرصينة كأبي عبيدة ويونس بن حبيب,ذلك لأن أذواقهم توافق اختصاصهم, وهو البحث بمادة اللغة وألفاظها. ومنهم من يؤثر المعنى الطريف في اللفظ المستعذب الرقيق الذي لا ينحط إلى لغة السوقة كالجاحظ وأمثاله من الكتاب والشعراء ورواة الأدب لان أذواقهم تلائم اختصاصهم أيضا . هو البحث بمعاني الشعر الجميلة اللابسة من ثوب اللفظ ارقه،اشفه وأعذبه . لذلك كان للفرزدق وابن مقبل عند علماء مادة اللغة المقام الأول ولجرير عند الشعراء والأدباء كبشار بن برد وأبي نواس المكانة العظمى، ولهذا السبب كان ثعلب يفضل مسلم بن الوليد ،والبحتري يفضل أبا نواس . أما طريقة النقد عند أدباء هذا العصر فهي مستمدة من طريقة المعاصرين من النقاد الأوربيين, وخلاصتها أن يبنى النقد على اللذة الفنية, وينظر للفظ الشعر ومعانيه, ويستدل بذلك على نفسيته وشخصيته, وينتقل من ذلك إلى معرفة الشاعر وتحديد شخصيته ومنها إلى معرفة صبغة عصره وأذواق جماعته المعاصرين وأحوالهم الاجتماعية والسياسية والعمرانية ومنها إلى التأثير في نفسك فيبعث فيها العواطف على اختلاف أنواعها من رضى أو سخط أو إعجاب أو مقت . يتوقف النقد الشعري على استكمال العلوم الأدبية التي لا بد منها ليكون الإنسان أديباً كاملاً, وللنقد صلة بجميع هذه العلوم,إذ قد يكون النقد ل: 1- مخالفة علم الصرف 2- قواعد النحو 3- يتوقف على علمي العروض والقوافي وخلاصة القول: إن الأدب بمعناه العام يشمل كل ما أنتجه عقل الإنسان ، وكان له أثرًا من آثار تفكيره ، وهو يرادف لفظ الثقافة ، فالعلوم الفلسفية والرياضية والطبيعية والاجتماعية واللسانية ، وكل فن من الفنون الجميلة كالموسيقى والتصوير والشعر والكتابة ، وكل ما يدعو إلى تثقيف العقل يدخل في باب الأدب بمعناه العام .