«الأعلى للجامعات» يوافق على اعتماد الشهادات المؤمنة لطلاب الجامعات الخاصة    زيلينسكي يتوجه إلى برلين لإجراء محادثات قبل القمة الأمريكية-الروسية    وزير الدفاع السوري يزور العاصمة التركية الأربعاء    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات الأوضاع في غزة    مجلس الوزراء ينعي علي المصيلحي ويقف دقيقة حداد في بداية اجتماعه    السوبر الأوروبي.. موعد مباراة باريس سان جيرمان ضد توتنهام والقنوات الناقلة    نيوكاسل يتعاقد رسميًا مع ماليك ثياو    وزارة الرياضة: تحية لرابطة الأندية.. والعقوبات على جماهير الزمالك ليست «ضعيفة»    فيديو.. الأرصاد: اليوم ذروة الموجة شديدة الحرارة.. ونحذر من السيول في تلك المناطق    الصحة تكشف التفاصيل الكاملة لحريق مستشفى حلوان العام    "أخلاقيات البحوث الطبية" يناقش ضوابط ومعايير الطب التجديدي والخلايا الجذعية في مصر    انخفاض أسعار 5 عملات عربية خلال تعاملات اليوم    أسعار الخضروات اليوم الأربعاء 13 أغسطس في سوق العبور للجملة    قافلة المساعدات المصرية ال 14 تنطلق إلى قطاع غزة    الاحتلال ينسف مجموعة كبيرة من المنازل في حي الزيتون جنوب شرق غزة    بورصة أسعار السمك والمأكولات البحرية بأسواق الإسكندرية اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025    تباطؤ نمو مبيعات السيارات الكهربائية عالميًا إلى 21% في يوليو    جهاز تنمية المشروعات وبنك القاهرة يوقعان عقدين جديدين بقيمة نصف مليار جنيه    موعد مباراة باريس سان جيرمان وتوتنهام في صراع السوبر الأوروبي    «الزراعة» تكشف قصة نجاح الوزارة في حماية الثروة الحيوانية من العترة الجديدة لفيروس الحمي القلاعية    في اليوم الثالث من البحث.. انتشال جثمان مندوب أدوية في حادث سقوط سيارته بالترعة بسوهاج    «تامر حسني» يشعل الساحل الشمالي في 16 أغسطس    شجرة أَرز وموسيقى    إبراهيم عبد المجيد عن «ثلاثية الإسكندرية»: طفولتي كانت فيها    رئيس جامعة القاهرة يشارك في التصويت بانتخابات صندوق الزمالة    وزير الري يتابع المشروعات التنموية في سيناء    رئيس «الرعاية الصحية» يتابع ملف التدريب والبحث الطبي بمنشآت التأمين الصحي    رئيس جامعة القاهرة يشارك في التصويت بانتخابات صندوق الزمالة ويؤكد تعظيم موارده وتطوير خدماته    غدًا آخر فرصة لحجز شقق الإسكان الأخضر 2025 ضمن الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» (تفاصيل)    «الترويكا الأوروبية» تهدد بإعادة فرض عقوبات على إيران في هذه الحالة    مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد توتنهام بالسوبر الأوروبي    البدري: توجنا بالدوري الأصعب.. وقدمنا كرة هجومية مع أهلي طرابلس    السد العالي يستقبل مياه نهر عطبرة والنيل الأبيض.. خبير يكشف التفاصيل    أسعار النفط تستقر بعد بيانات عن تباطؤ الطلب الأمريكي    محافظ الجيزة يعلن اليوم المرحلة الثانية لتنسيق القبول بالثانوية العامة    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي، بأقل التكاليف    منتخب الشباب يختتم تدريباته لمواجهة المغرب وديا    صافرة أمين عمر تقود مباراة بيراميدز والإسماعيلي    مصطفى كامل ل أنغام: عفا الله عما سلف    عاجل| أمريكا تستعد لتصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية    المتحدة تُطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    ما حكم الوضوء لمن يعاني عذرًا دائمًا؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ المنيا يقرر تخفيض مجموع القبول بالثانوي العام والفني    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    نشرة التوك شو| زيارة تاريخية للرئيس الأوغندي لمصر.. و"موسى" يهاجم مظاهرة أمام السفارة المصرية بدمشق    4 أبراج تفتح لها أبواب الحظ والفرص الذهبية في أغسطس 2025.. تحولات مهنية وعاطفية غير مسبوقة    الشيخ رمضان عبد المعز: سيدنا إبراهيم قدوة في الرجاء وحسن الظن بالله    الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق هائل نشب بسيارة بالمحلة الكبرى    الفائز بجائزة الدولة التشجيعية ل"البوابة نيوز": نحتاج إلى آليات دعم أوسع وأكثر استدامة خاصة لشباب الفنانين    فترة تحمل لك فرصًا كبيرة.. حظك اليوم برج الدلو 13 أغسطس    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    محافظ القليوبية يكرم 3 سائقي لودر لإنقاذ مصنع أحذية من حريق بالخانكة    سوق مولد العذراء مريم بدير درنكة.. بهجة شعبية تتجدد منذ آلاف السنين    كيف أستغفر ربنا من الغيبة والنميمة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفعة يونس.. بين قصيدتين
نشر في شموس يوم 05 - 05 - 2020

شهور عدة لم أقرأ فيها قصائد أو دواوين شعر إلا صدفة، بعضها كنت أقرأها ولا تترك أثراً بذاكرتي والبعض وهي القلة مما قرأت ما ترك أثراً لا يزول بسهولة، فالشعر وخاصة النثري إن افتقد اللوحات الفنية والرمز والجرس الموسيقي لن يتجاوز مستوى الخاطرة المكتوبة على شكل شعر والشعر منها براء، وفي عصر الثورة الرقمية وكون المجال مفتوح للكتابة والنشر لكل من أراد، بتنا نغرق في بحر من الرداءة وطوفان المستشعرين، فأصبحنا نعاني من كثرة الشعر وقلة الشعراء، وهذا ما نلمسه الآن بالرواية التي أصبح كل من هب ودب يكتب روايات لا علاقة لها لا بالرواية ولا بالكتابة.
وفي ظل هذا البحر المتلاطم قرأت قصيدتين للشاعرة المتمكنة رفعة يونس أثارتا روحي للقراءة والتمتع أكثر من مرة، وأثارتا قلمي ليكتب بعد طول غياب عن الكتابة وقراءة النصوص الشعرية بروحي وقلمي، والنص الأول حمل اسم “بين الربيع وكورونا” وهو نص من عنوانه أنه حديث العهد كتبته الشاعرة التي تسكن مدينة عمَّان في ظل منع الحركة وحظر التجوال بسبب الجائحة العالمية التي تمكنت الحكومة الأردنية من محاصرتها بخطوات شديدة ولكنها صبت في مصلحة المواطن، وفي هذا النص والأشبه بهمس الروح شوقا للربيع الذي حرمت منه، نجد نصا اجتمعت به عدة لوحات حطت على مهل، فاللوحة الأولى وصفت الربيع وإطلالته، واللوحة الثانية لوصف الحال الذي أصبحنا به حين فرحنا بالربيع ولم تطل الفرحة، حتى داهمتنا هذه الجائحة التي انتشرت كمرض مخيف ومميت في أنحاء العالم فحصدت الآلاف من الأرواح ومئات الألوف من الضحايا الذين أصابتهم العدوى، لتعود في لوحة أمل للربيع والفرح والأمل بانتهاء هذه الجائحة والمحنة والحلم بغد أجمل..
كان وصف الربيع متميز برسم اللوحة الربيعية بالكلمات فقد صورته كعطر ناعم وكعريس “يتهادى هذا الربيع” على ” غيمة عطر ..سماوية”، ناثرا للزهور وعرائش الورد ” ليشعل هذا الكون …زهورا” ممسدا لعشب الحقول مرخيا جنون الظفائر فترتاح الأرواح لمشهد الربيع “يبعث خدرا في الأرواح” وجمالا في الطبيعة والروابي فهو” جمالا شهيا . ..في الربوات” ، لتنقلنا من هذه اللوحة الشاعرية الجميلة والمتميزة الى لوحة ثانية مناقضة للأولى تصور آثار هذا الزائر العابر فجأة متسللا من تحت أجنحة الربيع، فيجعل المدن خاوية “مدائن خاوية، إلا من وسائل هذا الموت، والطرقات فارغة والعيون ترقب من خلف النوافذ أفواج الراحلين” يلملم كل خطى المارين، عن الطرقات، وأرصفة الانتظار”، ويترك الجميع مع قلوبهم ولكنها “قلوبا واجفة”، ولا بد من الإشارة لحجم الأمل في روح الشاعرة حين وصفت هذا الوباء بأنه زائر وعابر ” ذاك العابر”.
في اللوحة الثالثة تعود روح الشاعرة التي رغم كل شيء لم تفقد الأمل ولم تستسلم للواقع المخيف والمؤلم، فهي ترى أن الربيع يعود لينثر الفرح، يغسل الطرقات من آثار هذا الزائر المزعج، فهو “يسري كهفهفة الريح” ويقوم هذا الربيع و”ينفي جائحة …قد حلت”، وهو “يسرج مهر الحكايا
في خلد الأحفاد” حيث ستصبح هذه المرحلة بعض من ذاكرة في أذهان الأحفاد، فالربيع سيعود من جديد آتيا لنا وحاملا ” أعراسا…وشالات للفرح”.
الجميل في هذا النص أنه أتى لروح الشاعرة في ظل اشتداد الأزمة وكأن روحها تهمس لنا: “اشتدي يا أزمة تنفرجي”، وأن الشاعرة رغم الخوف الجاثم على صدور سكان الكرة الأرضية قاطبة، كانت تحلم بالفرح وترى أن هذا الوحش الذي اجتاحنا ليس أكثر من زائر عابر للطرقات، وأن نسمات الربيع والأمل والفرح سيكون لها دورها بكنس آثاره وعودة الفرح للأرواح المتعبة.
للشاعرة رفعة يونس بصمتها الخاصة في قصائدها ونصوصها، وفي نصها الثاني “في يوم ميلادي” … الذي قرأته وشدني نراها كما كل عام تواكب ذكرى ميلادها مع بوح روحها، وهذا العام وفي ظل الحصار ومنع التجوال والتوتر الذي يعيش به الناس في أردننا الحبيب وفي العاصمة عمَّان، تهمس في نصها للغد الجميل فهي ونحن في الربيع المعطل والموقوف تهمس للربيع في عيد ميلادها وتقول: “سأهدهد زهر الحقول، أردد للنوار بواكير أحلام”، والربيع بعيد عن الرؤيا فلا سيارة يمكنها أن تسير ولا حافلة، ولا يمكن لإنسان أن يخرج من نطاق بيته إلى مكان آخر، فكيف للطبيعة والجمال؟ لكنها الحالمة دوما لا تتوقف عند حدود هذا الحلم، بل تصر أن تقول: “أشدو للعاشق، ذاك المتيم ….بالعينين، ترانيم وجد، قصائد حب”، وبدون أن تحدد من هذا العاشق وتكتفي بالإشارة للمجهول “ذاك المتيم”، فما يعنيها ليس من يكون هو فهذه مسألة تبقى بين نبضات قلبها التي تشدو له ذلك العاشق، فقد أعطته الصفة العامة حتى تصل للهدف، وهدفها معلن وهو الفرح رغم كل الظروف المحيطة والخوف الذي يجتاح العالم، وتراه وهو يجول المدينة مع انطلاق صافرت الإنذار في كل يوم، فتقول: “ألملم نجمات الصبح أنظمها للجيد قلائد”.
فالغد ما يهمها فتحلم من أجله ولا تترك المجال للخوف أن يجتاح محيطها الصغير بين أزهارها وأسرتها، فهي في روحها كانت وما زالت ” تحرس ما قد تبقى من صهوات العمر”، وتصر أن يبقى الغد هو الحلم الأجمل فتعزف له: “سيمفونيات …أناشيد، تعلن …أن القادم أبهى وأجمل”، فبالحب والإيمان وحدهما مقتنعة “أن جدار العتمة لابد ينهار”، و “أن شموسا ستشرق تملأ الكون”، وتشبه النور القادم منها في تشبيه جميل بالخيول الأصيلة” تملأ الكون صهيلا للنور”، فالخيول من تصهل وهنا النور كأنه خيول قادمة تحمل رايات الانتصار وتصهل، وتجلب معها “شالات.. صبوات لأحلى نهار”.
هكذا اعتادت رفعة يونس أن تحلّق روحها في قصائدها، مقدمة ومتن وخاتمة، فنقرأ قصة على شكل قصيدة، وقصيدة كما أنها قصة، فهي تتقن اللغة وتمتلك الروح وتبتعد عن السرد وتكثف الكلمات، وتبدع باللوحات المرسومة بالكلمات، فلم أمتلك وأنا أجول بين حروفها الصمت.. فتكلمت..
“جيوس 22 نيسان 2020”


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.