أستاذ مساعد العلوم السياسية بكلية السياسة والإقتصاد/ جامعة بنى سويف- خبيرة فى الشئون السياسية الصينية- محاضر وباحث زائر بمركز دراسات الشرق الأوسط/ جامعة لوند بالسويد- مدير وحدة دراسات جنوب وشرق آسيا- عضو ملتقى الخبراء والباحثين العرب فى الشئون الصينية شعبية الرؤساء والزعماء حول العالم تُترجمها مواقع “السوشيال ميديا” فى صورة تتبع أخبار أو تصريحات لجذب المزيد من التفاعلات والمشاركات وإعادة تداولها بصورة أوسع بين رواد “مواقع التواصل الإجتماعى” حول العالم. وجاء توصيف الإعلام الصينى فور تعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد وإعتباره بأنه (الحدث الأكثر أهمية بالمنطقة فى السنوات القليلة الماضية(. وعندما تناقشت الباحثة المصرية مع عدد من الدبلوماسيين الصينيين المعنيين بالشرق الأوسط عقب زيارة الأمير محمد بن سلمان للصين من 13 إلى 16 مارس الماضى، وبسؤالهم عن شخصيته وإنطباعهم عنه، فجاءت إجابتهم بأن تعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد يكسر الصورة النمطية التى ترسخت لعقود بأن القيادة يجب أن تكون لكبار السن حيث أثبت الأمير الشاب منذ تعيينه نائباً لولى العهد ووزيراً للدفاع كفاءة وحكمة فى إدارة الأمور والتخطيط للمستقبل. وجاءت إفتتاحيات وكالات أنباء الصين الجديدة (شينخوا) وصحيفة (الشعب) اليومية وشبكة (الصين اليوم) فور تعيين “محمد بن سلمان” ولياً للعهد، وجاءت عبارات مثل (وتعد شخصية سمو ولى العهد السعودى “محمد بن سلمان” محورية بالنسبة لدائرة العلاقات بين بكينوالرياض) هى السائدة فى معظم الصحف الرسمية السعودية، فمنذ أن تم إعلان مبايعة الأمير/ محمد بن سلمان ولياً للعهد فى المملكة العربية السعودية، جاء تسليط وسائل الإعلام الصينية بشكل كبير على شخصية الأمير الشاب، وبصفتى متخصصة فى الشأن السياسى الصينى، ومقربة من الدوائر السياسية الرسمية فى العاصمة بكين، فكانت الأسئلة تدور حول: ما الذى سيحمله الأمير الشاب إلى المنطقة؟، بل وكان السؤال الذى يشغل بال صانع القرار فى بكين هو: كيف سيدير العلاقات بين بكينوالرياض؟ ومن هنا، جاء الترحيب الصينى الشديد بشخصية ولى العهد، خاصةً فى ضوء زيارة سمو ولى العهد الأمير/ محمد بن سلمان للصين وتحديداً شهر مارس الماضى، تأكيداً لما ترسخ فى أذهان الصينيين والقيادة السياسية فى بكين، بأن “شخصية ولى العهد المنفتحة” هى السر وراء إنطلاقته العالمية شرقاً وغرباً. وجاء تركيز وسائل الإعلام الصينية (الرسمية) – كما تابعتها بدقة- على تحليل طبيعة العلاقة بين بكين وولى العهد “محمد بن سلمان”، حيث أن تصريحات الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته لبكين – كانت ومازالت موضع ترحيب وتناقل حتى الآن على المستوى الشعبى الصينى، ومن قبل وسائل الإعلام الرسمية الصينية – إستناداً إلى ما نقله التلفزيون الرسمى الصينى عن تصريحاته خلال لقائه بالرئيس الصينى “شى جينغ بينغ” – بأنه: “لدى الصين الحق فى ممارسة أنشطة مكافحة الإرهاب والتطرف من أجل أمنها القومى”. وجاء إهتمام الأكاديميين وخبراء الشرق الأوسط الصينيين بشخصية ولى العهد الشاب “محمد بن سلمان” خلال الفترة الأخيرة، ومن أهمها، البحث المقدم من الباحث الصينى “تيان وينلين” Tian Wenlin 田文林 إلى قسم دراسات الشرق الأوسط فى المعهد الصينى للعلاقات الدولية المعاصرة، وتركيزه على عبارة (أن صعود ولى العهد الأمير محمد بن سلمان يمثل تغييراً إجتماعياً وثقافياً كبيراً، مع إنتقال السلطة إلى جيل أصغر سناً، وهو ما يبدو أكثر انسجاماً مع الأجيال السعودية الشابة). وفى مقابلة فى التلفزيون الرسمى الصينى “سى سى تى فى” CCTV مع الباحث الصينى “يى تشينغ هو” Yi Qing Hu 易庆虎 أشار إلى “تعاظم زيادة حجم التبادل المعرفى بين السعودية والصين، مشيداً بدور البعثة الدبلوماسية السعودية فى بكين، التى عملت عبر ملحقيتها الثقافية والمدرسة السعودية فى بكين على تعزيز أوجه التبادل المعرفى والثقافى والتراثى بين البلدين”. وجاء إهتمام الإعلام الرسمى الصينى وأهم الصحف الصينية مثل “تشاينا ديلى” China Daily بالتركيز على أهم إيجابيات عصر “ولى العهد محمد بن سلمان”، وعلى الأخص سياساته التى يشترك فيها مع الرئيس الصينى “شى جين بينغ” بمحاربة الفساد، وعقد مقارنة بينهما فى ذلك، والمثال الأوضح على ذلك هو تقرير صحيفة (جلوبال تايمز) الصينيةGlobal Times فى نوفمبر 2017، والذى أشارت فيه إلى أن ولى العهد الأمير محمد بن سلمان قد أصدر أوامره بالمضى قدماً فى حملته ضد الفساد متشابهاً فى ذلك مع الرئيس “شى”. ومن هنا، لاحظت الباحثة المصرية – كمتخصصة فى الشأن السياسى الصينى – كثرة تداول أخبار سمو ولى العهد السعودى “محمد بن سلمان” فى المواقع الصينية المختلفة وبين جيل الشباب الصينى خاصةً عقب زيارته الأخيرة إلى بكين من 13 إلى 16 مارس الماضى بدعوة من نائب الرئيس الصينى (لى يوان تشاو)، ورصدت وسائل التواصل الإجتماعى الصينية كالويبو والوى شات تصريحات ومواقف للأمير السعودى الشاب – وفق المسمى المفضل للشباب الصينى – سواء بالمواقف السياسية أو التصريحات أو زيارة سموه التاريخية لسور الصين العظيم وإلتقاطه لصور كثيرة أمامه حازت على إعجاب رواد وسائل التواصل الإجتماعى الصينية المختلفة، ووصفه بالشخصية الطموحة القادرة على تغيير العالم. وجاء الترحيب الصينى الكبير – على المستويين الشعبى والرسمى – بقرار الأمير الشاب بإعلان المملكة العربية السعودية البدء فى وضع خطة لإدراج اللغة الصينية كمقرر دراسى على جميع المراحل التعليمية فى المدارس والجامعات السعودية، وإعتبار سموه أن تعلم اللغة الصينية يُعد جسراً بين الشعبين سيسهم فى زيادة الروابط التجارية والثقافية. وجاء أول رد فعل سعودى رسمى على خطوة إدخال اللغة الصينية “رسمياً” إلى المملكة من قبل وزارة العدل السعودية التى نشرت عبر حسابها التوعوى والتثقيفى المعنى بنشر الثقافة القانونية والحقوقية على تويتر حيث كتبت فى التغريدة جملة بالصينية xīfǎ bù 司法部التى تعنى (وزارة العدل) باللغة العربية، فى خطوة سريعة لمواكبة الحراك فى المملكة وتزامناً مع دخول تعلم اللغة الصينية فى التعليم العام. وتفاجأ المتابعون فى تويتر بتغريدة وزارة العدل السعودية، التى تعد من أولى الوزارات التى تدخل سباق اللغة الصينية وإدخالها فى موادها ومنصاتها الإجتماعية تشجيعاً منها لمبادرة ولى العهد محمد بن سلمان على إدخال اللغة الصينية فى التعليم السعودى الرسمى. وعلى جميع وسائل الإعلام الصينية،تغطيات الإشادات الترحيبية الكبيرة من قبل وجاءت رأسها تقارير صحيفة الشعب اليومية، والتلفزيون الرسمى الصينى (سى سى تى فى) الذى عمد إلى تغطية هذا الحدث الهام، بالخطوة التى أعلنها سمو الأمير محمد بن سلمان فور زيارته إلى بكين فى حفل ثقافى وعلمى نظمه فرع (مكتبة الملك عبدالعزيز) العامة فى جامعة بكين، وإعلانه عن تدشين الجائزة العالمية الجديدة (الأمير محمد بن سلمان الثقافية) والتى تهدف إلى دعم البحوث المتميزة لطلاب تعليم اللغة العربية فى الجامعات الصينية، علاوة على دعم حركة الترجمة بين اللغتين العربية والصينية، وتشجيع الفنون والمعرفة والآداب بين الصين والسعودية. وجاءت العناوين الرئيسية للصحف الصينية، بأن إقامة فعاليات ثقافية سعودية فى فرع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بجامعة بكين، وأخرى صينية فى مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض، تأتى لتتناغم مع رؤية المملكة 2030 ومع مبادرة الصين العالمية للحزام والطريق. وفى هذا الإطار، حرص ممثلو الصين من الأعضاء المؤسسين للجمعية العمومية ل (الندوة العالمية للشباب الإسلامى)، بزيارة ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، لجمهورية الصين الشعبية، مؤكدين أنها تأتى في إطار تعزيز رؤية المملكة 2030 وتوسيع لمسار الشراكات الدولية الإستراتيجية الشاملة، وتدعيم للعلاقات المتطورة بين الرياضوبكين. ووصفت وسائل الإعلام الحكومية الصينية ولى العهد بأنه “يتمتع بالحكمة رغم صغر سنه”، ووصفته بأنه (حائط صد) ضد الإسلام المتشدد فى الشرق الأوسط و “عراب مرحلة التغيير التى تمر فيها السعودية”، وذلك عقب تصريحاته فى الصين بضرورة الوقوف سوياً لمكافحة الإرهاب والتطرف. وجاءت تقارير حكومية صينية كى تدعم رؤية سموه للمملكة 2030 والتى إنتقلت من مرحلة التخطيط والتصميم إلى مرحلة التنفيذ. وعلى خلفية مؤتمر “مبادرة إستثمار المستقبل” الذى عقد في الرياض، وعن مشروع “نيوم” تحدثت الصحف الصينية الرسمية عن خطة المملكة – فى عهد الأمير محمد بن سلمان – لبناء مدينة حديثة مستقبلية للمبتكرين، تعتمد على مصادر بديلة للطاقة، وكيف يمكن للمشروع الجديد أن يُوجد عدداً من الوظائف لجيل الشباب السعودى. وذكرت إذاعة الصين الدولية، أن بكين ترغب فى سرعة إستئناف مفاوضات التجارة الحرة مع مجلس التعاون الخليجى بمساعدة ودعم الأمير الشاب “محمد بن سلمان”. وجاءت تقارير الإعلام الصينى كى تربط بين (طريق الحزام والطريق الصينى ورؤية الأمير محمد بن سلمان للمملكة 2030)، وإعتبرت تقارير وكالة “شينخوا” الرسمية الصينية بأن إحياء طريق الحرير الصينى جاء ليتناسب مع (رؤية ولى العهد السعودى للمملكة 2030) التى تستهدف تحويل الموقع الإستراتيجى للمملكة بين الممرات المائية ذات الأهمية الكبرى، كالبحر الأحمر الذى تعبره التجارة العالمية بما يقدر قيمته بأكثر من تريليونَيْ، لمركز لوجيستى عالمى. وتأتى أهم المقالات الصينية بخصوص سياسات ولى العهد فى موقع (تشاينا أورج) China.org.cn الإخبارى الصينى وترجمته حرفياً بشأن “أن استخدام عوائد حملة مكافحة الفساد التى بدأها سمو ولى العهد “محمد بن سلمان” تهدف لخدمة التنمية وإستكمال مشروعات رؤية 2030 مما يؤدى إلى الإسهام بشكل كبير فى مساعى وجهود القيادة السعودية لتطوير وتحديث الإقتصاد السعودى. وجاء تركيز وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا” على كلمة الرئيس الصينى “شى جين بينغ” إلى “محمد بن سلمان” بأن “بلاده تؤيد بقوة خطط السعودية نحو التنوع الإقتصادى”. وفى إقتباس أوسع لتصريحات سمو ولى للعهد السعودى، نقلت وكالة أنباء “شينخوا” الرسمية الصينية قوله: “تتمسك السعودية بقوة بسياسة “صين – واحدة”، مع إشادة رسمية صينية بإنفتاح الأمير محمد بن سلمان وإطلاعه على السياسة الصينية داخلياً ودولياً، بل وجاءت كلمات سمو ولى العهد كمفتاح مهم للصين لإيصال رسائل دولية بشأن عمق العلاقات مع السعودية والنقلة النوعية فى العلاقات بين الرياضوبكين. كما سلطت وسائل الإعلام الصينية الضوء على تصريحات ولى العهد بشأن أن الإضطرابات السياسية مصدرها معروف فى المنطقة، وهو التنظيمات الإرهابية مثل “داعش”، و”القاعدة”، و”الإخوان المسلمين”، مع تأكيد دعم الإعلام الصينى الرسمى الذى يسيطر عليه من مكتب الدعاية التابع للحزب الشيوعى الحاكم فى بكين الكامل لحملة سمو ولى العهد السعودى فى التصدى بشكل حازم لكل أشكال التطرف والطائفية والسياسات الداعمة لها من خلال التنسيق الأمنى بين البلدين. ومن خلال العرض السابق لتغطيات وسائل الإعلام الصينية المختلفة لشخصية وكلمات سمو ولى العهد السعودى (الأمير محمد بن سلمان) فى مناسبات مختلفة، بالتركيز على أهم إنجازاته الثقافية والإجتماعية والتعليمية، فضلاً عن سياساته فى “مكافحة الفساد”، وتقاطع وتشابك مبادرة الحزام والطريق الصينية مع رؤية ولى العهد لتحديث المملكة عام 2030، يتضح مدى الإهتمام الصينى الرسمى بالأمير الشاب، وهو اللقب المفضل لدى الإعلاميين والأكاديميين الصينيين عند وصف سياسات ولى العهد محمد بن سلمان.