أشار د. شاكر عبد الحميد وزير الثقافة إلى أننا فى لحظة ينبغى أن نستحضر فيها الكثير من الدروس والعبر التى تصلنا وما تزال تصلنا من هذا الشخص العظيم الذى فقدناه ، ولكن مازال معنا وهو البابا شنودة الثالث ، العالم والمفكر العربى الذى نستطيع أن نستمر فترات طويلة كى نستوعب ماقدمه لهذا الوطن وما يحتويه من سكان مسلمين ومسيحين وقيم وطنية ، أعتقد انه لن يجود الزمان بمثله ، جاء ذلك خلال حفل تأبين البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية و بطريرك الكرازة المرقسية ، بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة بحضور الأنبا مارتيروس الأسقف العام بالقاهرة ، الأنبا بسنتى أسقف أبرشية حلوان والمعصرة ، الأب القمص تداوس أفامينا ، القس يُسطس الأورشليمى ، م. ماجد الراهب رئيس جمعية المحافظة على التراث، ونخبة من المثقفين ، مضيفاً بعض الكلمات للبابا شنودة ثلاثى الرحمات بأننا أبناء وطن واحد ، نحبه ونرضيه ، ونحب كل مافيه نحب نيله وأراضيه وشوارعه وصحاريه، نحب صُناعه وفلاحيه ، وأقباطه ومسلميه ، نحب الوطن حين يرضى ويغضب ، وحين يمنح ويمنع ، نحن جميعاً نعبد إلها واحداً لا إله سواه ، واستطرد عبد الحميد قائلاً أن كلمة الحب والمحبة هى مفتاح لحل كل المشكلات المستعصية والعقبات على المستوى الفردى والإجتماعى والخلافات والإختلافات ، هذه كلمات تجسد وعى مواطن مصرى أحب الوطن فأحبه الناس جميعاً ، مسلمين ومسيحين أخلص للوطن فأخلص له الجميع وأكد على أن الطيبة والتراحم والتعاطف والرفق كلها معانى وسمات توجد فى المصريين ودائما ما يتذكرها البابا ، فالبابا متعدد الخصائص والمزايا والمواهب والنعمات والهبات وقد منحه الله القدرة على التأثير فى الآخرين بكلمات قليلة وسط جماهير غفيرة ،وكان قادراً على ان يقدم لنا القيم والعظة والفكرة والشعر ، فقد كان شاعراً ومربياً ومفكراً ومبدعاً ، فينبغى أن يعتكف البعض لعمل دراسات عنه من خلال مشروع بالتعاون بين وزارة الثقافة والمسئولين فى الكاتدرائية أو من لهم صله بهذا الجانب ،واختتم كلمته بأن البابا سسيظل معنا نحبه ، كما أحبه الجميع . واوضح د.سعيد توفيق الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة بأننا نلتقى لنحتفى بتأبين قداسة البابا شنودة الثالث وبذكراه التى ستبقى حية دائماً فى نفوسنا وحاضرة فى عقولنا كمصريين مسلمين ومسيحيين ، مؤكداً بأننا نحتفى برمز من رموز مصر المعاصرة وشخصية بالغة الثراء سواء على المستوى الوطنى او الروحى أو الثقافى ،فوطنيته لا تتمثل فقط فى موقفه الرافض لممارسات اسرائيل العدوانيه واعتداء الصهاينة على المقدسات ، مماجعله رمزاُ عربياً قوياً للإحتجاج والممانعة ، وإنما تتمثل وطنيته الصادقة الممثلة فى مصريته التى تجرى فى دمائه ، حتى أنه كان يردد دائماً مقولتة الشهيرة " إن مصرليس وطن نعيش فيه وإنما وطن يعيش فينا " ثم تحدث عن نشأته وتكوينه ،قائلاً عندما توفيت أمه بعد ثلاث أيام من ولادته أرضعته أمهات مسلمات من الجيران ، وهكذا جرت الدماء المصرية فى عروقه التى لا تعرف فرق بين مسلم ومسيحى ، وهى نفس الدماء التى سالت فى الحروب او امتزجت فى ساحات معارك البطولة دون ان تعرف هذا الفرق، وكما خدم معلماً فى المدارس خدم فى الجيش المصرى ضابطاً احتياطياً ، وكان أول دفعته حينما تخرج من كلية الضباط سنة 1948 ، أما حياته الروحية فهى الجانب الثانى المميز فى تكوينه وشخصيته . أما الجانب الثالث فى تكوينه الثرى هو البعد المعرفى والثقافى والموسوعى ، فقد درس التاريخ والعلوم العسكرية و اللغة الإنجليزية وقام بتدريسها ، كما درس الأدب العربى وألف الشعر وكثير من الكتب التى ترجمت الى الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والرومانية ، فكل هذا الثراء فى تكوينه والورع والسكينة والسماحة والإعتدال فى شخصيته ووطنيته جعله رمزاً فى تاريخ مصر يعتز به المصريين ويجلونه ومثالاً سوف يبقى حياً على الدوام فى نفوسنا . وقدم الأنبا بسنتى التحية والشكر للدكتور شاكر عبد الحميد ود. سعيد توفيق كما رحب بالأنبا مارتيروس ، و قدم الشكر لوزراة الثقافة على إقامتها لهذا الإحتفالية مشيراً إلى أننا معرفته بالبابا شنودة كانت منذ 56 عاما ، وكان البابا يميل إلى المرح وهذا هو شأن العظماء وكان فصيحاً منذ طفولته ، لايعرف التعب ، وكان صديقاً للكل ، لن ينساه كل من تعامل معه ، لذلك لم يكن غريباً أن الملايين كانت فى جنازته تخرج من مسلمين ومسيحيين لتودعه ، كان قادراً على حل المشاكل بالدعابات ، كان حريصاً على إلقاء كلمة المؤتمر الإسلامى الدولى الذى تقيمه وزارة الأوقاف ، وكان معلماً وبسيطاً فى طريقته للتعليم ومعطاء باستمرار ومن مقولته " أنا ماض فى طريق الصديق لذكر أبدى ، أو ذكر الصديق تدوم إلى الأبد ". كما قدم الأنبا مارتيروس كلمته نيابة عن الأنبا باخميوس قائم المقام بأعمال البطريرك الشكر لوزير الثقافة ، مشيراً بأن البابا كان يلتقى مع الفقراء كل يوم خميس الساعة الحادية عشر صباحا لتقديم المعونات المختلفة ، فكان محباً للقراءة منذ طفولته وهو فى عمر 6 سنوات،، فقد قرأ لطة حسين وفى الطب والدب والقصص والدباء ومفكرين كثيرين وفى البحث الجنائى ، واحب الشعر ونظمه منذ ان كان عمره 16 عاما ، كان محباً لشعر العصر الحديث كانت طفولة البابا مليئة بالثقافة ، فالجذور العمرية لديه كانت الثقافة هى الماكل والمشرب والصديق ، والمعرفة هى صحوة ومنامة وكان كثيرا مايضئ النور ليلاًُ ليكتب فكرة راودته ، او بيتاً من الشعر ، قد عاشق فكرة وانتج افكاراً سواء للكنيسة او لوطنه ، حاز على 9 شهادات فخرية من الدكتوراة خاصة من الولاياتالمتحدةالأمريكية والمانيا والمجر كان حبه للثقافة عظيماً ، حتى رُسم أسقفاً للتعليم ونظم محاضرة اسبوعية فى الكاتدرائية ليلقيها على الشعب إزدهرت الإكليريكية فى عهده ، أنشأ 17 فرعاً للإكليريكية فى مصر والخارج ، شجع الأباء والأساقفة والمطارنة على انشاء المعاهد ،لذا دُعى بيوحنا وأثناثيوس القرن العشرين ، وكيرلس عمود الدين ، لأنه تيوا مكانة ثقافية كبيرة ، وقد تمت فى عهده مناقشة 7 ماجستير ودكتوراة ، إحتضن المؤتمرات، كان البابا عاشقاً لمصر، ومحل عطاءات ،أحب مصر بنيلها وترعرع فى قرية سلام وارتوى من ماءه ، تعلق بالأرض والوطن حمل فى داخلة الوطنية النادرة المليئة بالوفاء والإخلاص ، فهناك الكثير من الشخصيات التى تعتز بها مصر تحدثت عن البابا منهم نجيب محفوظ، محمد حسنين هيكل، مصطفى امين ، يحيى الجمل ، رفعت السعيد ، درية شرف الدين ، عبد الحليم قنديل ،صلاح الدين حافظ ، إبراهيم الوردانى ،جلال عيسى، والسورى مازن الصباغ ، هانى شنودة. تضمن حفل التأبين عرض فيلم تسجيلى عن قداسة البابا شنودة ، إلى جانب جلستين ، الأولى بعنوان " البابا شنودة كاتباً سياسياً " ادالرها السفير فخرى عثمان ، شارك فيها د. سنيوت د لوار شنودة ببحث بعنوان " النشاط الأدبى والصحفى لقداسة البابا شنودة فترة ماقبل الرهبنة" والذى أشار إلى ان البابا شنودة واحد من اهم الرموز المصرية فى القرنين ال20 ، 21 ، عاصر التطورات السياسية والإجتماعية بداية من العقد الثالث من القرن الماضى حيث ولد فى فترة الأربعينات وبداية الخمسينات من القرن الماضى وحتى رهبنته فى 18 يوليو 1954، بالإضافة لرئاسته تحرير مجلة مدارس الأحد ، كما تحدث عن بداية نشأته منذ طفولته ، وكشاعرا ،وكقاصاً ،ً وناسكاً ، وصحفياً . كما تحدث د. حسن طلب ببحث بعنوان " البابا شنودة شاعراً " ، د, نبيل منير ببحث بعنوان " البابا والسياسة " حيث اوضح أن الكنيسة ليست مؤسسة سياسية ، فهى موجودة فى الالم ولكنها ليست من العالم ، تصنع خيراً للإنسان ، وهى لاتهتم بأولادها فقط ولكن بكل الناس ، فالكنيسة لا تطمح لأى سلطة سياسية ، فرسالتها هى رسالة المسيح ، واهتمامها هى رعاية الإنسان كنسيا وخدمته ، الكنيسة لا تملى على ابناءها مواقف سياسية لأن هذا ينافى طبيعتها ، فرسالة البابا إنسانية لا سياسية تسلطية ، وهذا ما صرح به البابا حين سأل عن اقباط المهجر فقال : إذا طلبنا البابا بأخذ إجراءات تجاه الأقباط فى الخارج نكون بذلك قد منحناه صلاحيات سياسية ، وهذا ليس من شأنه ولكن شئون الدولة . أما الجلسة الثانية بعنوان " البابا شنودة راهباً وإنساناً " أدارتها د. نهاد حماد ، شارك فيها م ؟ ماجد الراهب رئيس جمعية المحافظة على التراث المصرى ، د. عبد المعطى بيومى ببحث بعنوان " القدس فى نظر البابا شنودة " ، ود. فينوس فؤاد ببحث بعنوان " الجوانب الإنسانية فى حياة البابا شنودة " ، والتى اكدت على انه بالرغم من الحزن الشديد الذى اصاب المصريين عند سماع خبر انتقال البابا ،فإن الشئ الوحيد الذى خفف عنهم هى تلك الروح الرائعة التى لمستها من المصريين مسيحين ومسلمين فى رثائهم للبابا على صفحات الفيس بوك ورسائل التليفون المحمول ، مما يؤكد على أن البابا استطاع أن يغرس تتناول من ثمارها الجميع ، والدليل على ذلك ثورة 25 يناير التى جمعت كل طوائف الشعب . كما تقدم د. سامى صبرى شاكر وكيل معهد الدراسات القبطية ببحث بعنوان " حياة قداسة البابا شنودة ... تجسيد لتعاليم الكتاب المقدس ".