وزير الدفاع يتحدث عن دور مصر في مساندة القضية الفلسطينية.. ماذا قال؟    استجابة لطلبات الجالية المصرية.. وزارة الهجرة تقترح تسيير رحلات جوية مباشرة بين القاهرة وسول    آخر موعد للتقديم في مسابقة التربية والتعليم 2024.. الرابط والتفاصيل    القائم بأعمال رئيس جامعة بنها الأهلية يتفقد سير الامتحانات بالكليات    وزير المالية: الدولة تحشد كل قدراتها لدفع النشاط الاقتصادي إلى الأمام    محافظ القليوبية يضبط 4 سيارات نقل تلقي مخلفات بناء في أرض زراعية    مواعيد وأماكن قطع المياه في عدة مناطق غرب الإسكندرية اليوم    النائب عمرو هندي: العالم كله أثنى على دور مصر لحل القضية الفلسطينية    بمشاركة زعماء وقادة.. ملايين الإيرانيين يلقون نظرة الوداع على رئيسي (فيديو)    مستشار أبو مازن: يجب استكمال مسار الاعتراف بدولة فلسطين حتى النهاية    الفصائل الفلسطينية تستهدف 3 دبابات «ميركافا» إسرائيلية في مخيم جباليا    خسائر ب8 ملايين دولار.. أهالي جنين يتفقدون آثار العدوان الإسرائيلي على المدينة    سلمي أيمن وملك إسماعيل تتأهلان لنهائي بطولة نهائي كأس العالم للخماسي الحديث    23 لاعبا في قائمة الأهلي لمواجهة الترجي في نهائي دوري الأبطال    هل تلغى كأس الكونفدرالية؟.. كاف يفجر مفاجأة عن بطولات الموسم القادم وموعد السوبر الإفريقي    «مش عيب والله يا كابتن».. شوبير يوجه رسالة لحسام حسن بشأن محمد صلاح    تريزيجيه: أنشيلوتي طلب التعاقد معي.. وهذه كواليس رسالة "أبوتريكة" قبل اعتزاله    وصول جثمان شقيق هاني أبوريدة إلى جامع السلطان حسين بمصر الجديدة "صور"    ضبط شخصين بمطار القاهرة حاولا تهريب عملات محلية وأجنبية للخارج    «السياحة»: تشكيل لجان لتذليل أي عقبات أمام الحجاج المصريين    ننشر الصور الأولية من مسرح حادث مقتل مدرس داخل سنتر تعليمي بالمطرية    حادث ميكروباص معدية أبو غالب.. قوات الإنقاذ النهري تبحث عن جثة الضحية الأخيرة    عاجل.. رفض طعن منة شلبي وتأييد حكم حبسها    «أزهرية مطروح»: انطلاق أعمال تصحيح الشهادتين الابتدائية والإعدادية    حيثيات الحكم بتغريم شيرين عبد الوهاب في قضية سب المنتج محمد الشاعر    فيلم السرب يواصل تصدر شباك التذاكر في مصر رغم طرح فيلمين جديدين بدور العرض    لحظة رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج 2024.. «لبيك اللهم لبيك» (فيديو)    أدوار دنيا سمير غانم المتنوعة خلال مسيرتها الفنية: أخرها روكي الغلابة    هل يجب على الحج بمجرد استطاعتي أم يجوز لي تأجيله؟.. الأزهر للفتوى يجيب    مستشار الرئيس: مشروع تصنيع مشتقت البلازما استراتيجي.. والسيسي يدعمه    «حياة كريمة» تطلق قوافل طبية مجانية في الشرقية والمنيا    «صحة المنيا»: تقديم الخدمات العلاجية ل7 آلاف مواطن خلال شهر    أسعار السمك في أسيوط اليوم الخميس    تخرج الدفعة العاشرة من طلاب برنامج التصميم الجرافيكي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة    الداخلية تُحرّر 170 مخالفة للمحال المخالفة لترشيد استهلاك الكهرباء    تداول 15 الف طن بضائع عامة بموانئ البحر الأحمر ووصول 740 سيارة لميناء بورتوفيق    تعرض طالبة الإغماء خلال إمتحانات الإعدادية بالفيوم    "العدل الدولية" تصدر غدا حكمها بشأن تدابير الطوارئ في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    عضو مجلس الزمالك: نعمل على حل أزمة بوطيب قبل انتقالات الصيف    في الجول يكشف تفاصيل إصابة عبد المنعم وهاني بتدريبات الأهلي قبل مواجهة الترجي    إصابة طفلين فلسطينيين برصاص الاحتلال شرق مدينة قلقيلية    مسلسل البيت بيتي 2.. هل تشير نهاية الحلقات لتحضير جزء ثالث؟    إعلام عبري: العدل الدولية تستعد لإصدار أمر بوقف الحرب في غزة    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    اتفاق بين مصر وألمانيا لتمويل البرنامج الوطني للمخلفات الصلبة ب80 مليون يورو    موعد ورابط الاستعلام عن نتيجة الصف السادس الابتدائي بالقاهرة والجيزة    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    جامعة النيل تستضيف ورشة عمل حول "الظاهرة الثقافية لجمع المقتنيات"    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    رئيس جامعة المنيا يفتتح مهرجان حصاد «نوعية» في نسخته الأولى    رئيس جهاز مدينة 15مايو يتفقد المشروعات الجارية.. ويجتمع بمسئولي الجهاز    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    توريد 211 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة حتى الآن    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    أحمد العوضي ب «لوك جديد» في احدث ظهور له..ويوجه رسالة (صورة)    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(( الجدلية الثنائية في حب سمر الجبوري ))
نشر في شموس يوم 21 - 04 - 2012

دراسة في قصيدة :(حوليات دانيال الأسير (3 ) للأديبة سمر الجبوري
قبل أن أبدأ أي تحليل أو نقاش لنص الشاعرة سمر الجبوري (( حوليات دانيال الأسير )) أريد أن أعطي لمحة تعريفية وتاريخية صغيرة عن النبي دانيال وعصره لأنها ستساعدنا على استيعاب النص و ستظهر لنا مدى قدرة الشاعرة في استغلال هذه القصة واسقاطها على ما كتبته لتخرج لنا شيئا متميزا ومتفردا أعتبره من أجمل ما قرأت لسمر الجبوري وهو علامة مميزة في تاريخها الابداعي....
اذاً مَن هو النبي دانيال؟
النبي دانيال كان ضمن من تم أسرهم ونقلهم إلى بابل إبان السبي البابلي لبيت المقدس وتدميرها على يد (نبوخذن صر) وجنوده. وكان محمولا ضمن أبوين أسيرين وهو طفل صغير ومما حالَ بينه وبين الملك المنتصر حينذاك أن بعض قادة الجنود تعمدوا أن يخفوا بعض الشخصيات التي تم أسرها على ملكهم البابلي حيث عاش النبي حياة عادية تملأها الفوارق و الجهاد النفسي والإنساني والعِبَر الكبيرة حتى وصل لِرميهِ في مغارة الأسود التي كانت أيضا خير ونيس له وتعبدهِ وقربهِ من الرب....وكان مشهورا (بتفسير الأحلام والتنبؤ بما خُفيّ من البعد الآخرللظاهر عن الناس )كآية وهبها الله لهُ برحمةٍ وقياس (للتنويه:دانيال النبي هو أحد أحفاد يوسف النبي).وما وجدنا من الأبحاث عن مكان دفنه رأيين:
الأول: أن الصحابة لما فتحوا (تُستر) عثروا على قبره وكان جثمانه لم ينحل ..فأمروا بتغييبه خشية أن يعبده الناس يوما ما.
والثاني وهو الذي أثبتته شاعرتنا في بحثها الذي سمحت لي أن أتصفح بعض فصول منه:_
(قال ابن كثير في تفسيره 3/97: وقد رُوينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه لَمَّا وَجَد قبر دانيال في زمانه بالعراق أمَر أن يُخْفَى عن الناس ، وأن تُدْفَن تلك الرقعة التي وجدوها عنده فيها شيء من الملاحم وغيرها.)
وهذا هو الرأي الصحيح حيث مكانه في قرية تسمى(أم الهوى) تقع ضمن نطاق محافظة ديالى العراقية/معروف ومؤرخ
نعود الى نصنا لنبدأه بهذه الأسطر : أكان يدري حين حطم أورشليم انك ضمن أساراه
أصان عُرفاَ وأتقن فنَّ أنه ابن من افتخر بإسمها حين بالصرخة ناداه
ام كان مُخَلِّصُ هو قلبهُ::: ما آتى له ونام في عينيه ضَيم ولا من غياب دموعٍ واتاه
تتساءل الشاعرة كأنها(( تجادل الملك (نبوخذ نصر) : هل كنت تعلم أن النبيّ كان ضمن الأسرى يا ملك؟؟؟ وهل أتقنتَ فعلا فنَّ قيادتُكَ ونَجحتَ في أن تأخذ بثأر
( أمك التي صَرختَ تدعو للحرب باسمها ؟ وافتخرتْ بها؟)..ولماذا كل هذا الغضب حيث تحطمت أورشليم؟نطرح وما علاقة ذلك بالملكة بلقيس؟وغيرها من الأمور فلماذا يا ترى أشارت الشاعرة لذلك؟
القصة باختصار أنه بعد وفاة النبي سليمان أعلن ابنه (رحبعام) نفسه ملكاً على بني إسرائيل فبايعه سبط (يهوذا) الذين كانوا يقيمون في منطقة أورشليم وما حولها إلى جنوب فلسطين، ورفض الأسباط العشرة الآخرون مبايعته لخلاف نشب بينهم، وهكذا انقسمت مملكة إسرائيل إلى مملكتين .ويصف أحد كتاب الغربيين نهاية الدولتين فيقول : (هي قصة نكبات، وقصة تحررات لا تعود عليهم إلا بإرجاء نزول النكبة القاضية وهي قصة ملوك همج يحكمون شعباً من الهمج، حتى إذا وافت سنة 721 قبل الميلاد محت يد الأسر الآشوري مملكة إسرائيل من الوجود، وزال شعبها من التاريخ زوالاً تاماً، وظلت مملكة يهوذا تكافح حتى أسقطها البابليون سنة 586 قبل الميلاد). و (رحبعام) كان سيئا جدا رغم أنه ابن نبي ..فقد اتبع الذين يعبدون العجل وقد (نفاه والده النبي سليمان الى مصر لمدة 12 عاما).ونلاحظ أنه ليس كل ابن نبي هو بالضرورة خيرا..وكان النظام السائد نظاما إقطاعيا دكتاتوريا جائر جدا..و نبوخذ نصر حسب الأبحاث التاريخية كان يؤمن بمبادئ ثابتة رغم بعده الكبير عن الديانات الربانية وكان يتقصى الظلم ليكتسح الممالك أما مسألة انتمائه لمبادي بلقيس سبأ والنبي سليمان فذاك شأن ستُفَك طلاسمهُ في القريب العاجل ان شاء الله:وكررنا ذكر ذلك هنا للتوكيد من السبب وإلا ما حاجة مَلك مثل (نبوخذ نُصر )الى تحطيم أورشليم والهيكل الذي كان يؤمن بأبديته وهو القادر على استحلال أي أرض في الأمصار؟أما سبب نخوته لبلقيس كأمّ... فهذا يدل على أنها أعدت اما بالتكليف للناس الذين يؤمنون بها لرجاحة عقلها وحكمتها المشهورة/راجع حياة الملكة بلقيس
ثم نعود للنص حيث: ام كان مُخَلِّصُ هو قلبهُ: ماآتى له ونام في عينيه ضَيم ولا من غياب دموعٍ واتاه
وهنا الشاعرة ترفع من وتيرة صوت الروح حيث وكأنها تُعاتب وتستفزهُ لتصل لتصل به لما ستطلبهُ مِنهُ أو تأمرهُ بِه فتقول: وهل مازلتَ مثلما أنت لاتنامُ عن ظلمٍ ولاتدخر وسعا للحَميّة..وكأنها تريد أن تُذكرهُ بأسيرهُ المرمي في جب بابل وهي المغارة المعروفة بالمنقطعة عن العالم..ثم وبصرخة تُناديه:(نبوووخذ نصر) فتطلب منهُ أن يُعطيها أسيره النبي دانيال حين تقول: هبني أسيرك ينبئني.....بأي الاكوان سأجدني لأكونه عينيَّ:::مبدأهُ....ومنتهاه ... مهيييبُ هو جرحي يانبي الأحلام.......تركته جَدك تباعا تباعا.....لأرسوه عمري.....أمووووت في نفسي .....وبِ ترابهِ أُواراه
وهنا بالذات اسكنني وسكت لدقائق لهذه الرهبة الفريدة فبأي حب يستطيع شاعر أن يكتب هكذا إلا أن يكون قيد وطن عظيم مثل العراق وروح تسكنه مثل سمرالجبوري..نعم هي هنا تقصد وتعيش فيما يدور حولها ممايجري في العراق وليس بعيد علينا أن نفهم الشاعرة حيث ما انفكت تمزج الحبيب والوطن معا في عدة مناسبات وقصائد
ونرجع لنكمل هيام الوجد حين تصقل التماهي عشقا وفنا وقيادة في حبيبها الازلي ووصفها لذاتها حين جرح وطن بحجم العراق:
غفوت و ما غفو الجفون بأسلَمي....لكنني تعب الظنون عماني ...
وشَددتُ من وعي المُقدم ميمني.......أتوق ولا صدره به يلقاني
أهييييم بأرض الله والعيد مؤممي.......فَطروا ...فمالَ الزمان نساني
أما كنتُ صَليت ليلي و عوازمي........أم هو المكتوب غربتي :أوطاني
بحري دموع..ودمعي ببحر تقدمي.....مِصراع محترف الشذاب حناني
نواصل نصنا لنقرأ : يامن أبقيته الحب دهري ... :حروفا ما أملها الخاطر ... ولا انحنى من قرارها ينبوع
هو الوعد والان رحيله ... ليبق يبقى...مابين الظلوع : تارة يبكي .. وتارة موجوع... فبأي الخبز لنا أحلام
وبأيٍّ بعد الشموع : طلوع ... يااا جماله وردك الاصفر..... وليتني بمافيه وإن.....موجوع مودوع
ترجع الى الشاعرة الى حبيبها ( وهو كما قلنا لا ينفصل عن الوطن .امتزج الوطن بالحبيب ليصبحا كلا لا يتجزأ )ذلك الأشيب الملتحي الذي لملمنا شؤونه من قصائدها فنجدها تذكره بووفائها وبقائها على عهدها( يا من أبقيته الحب دهري : حروفا ما أملها الخاطر) صامدة واقفة لا تنحني..وتقول له أن هذا الوعد في قلبها (مابين الضلوع)يتلون بأحاسيسها ومشاعرها المتألمة التي تئن وجعا لكنه مكتوم هناك في مخبأ اسرارها.
ننتقل الى نهاية المقطع وهنا نجد أنها أخذت من البناء القرآني (( فبأي آلاء ربكما تكذبان)) لتقول له فبأي الخبز لنا أحلام وبأي الشموع :طلوع..هذا الاثراء بالأسلوب القرآني جميل جدا ويظهر قدرة الشاعرة في تطويع مخزونها المعرفي والديني في اثراء نصوصها وهو تميز لا يقدر عليه أغلب الشعراء لكن شاعرتنا أبدعت في هذا الاقتباس لتنهي قصيدتها بهذا المقطع : يااا جماله وردك الاصفر.... وليتني بمافيه وإن.....موجوع مودوع ... تتغزل بغيرته وتطريها لكن في داخلها احساس بالقهر والظلم المسلط عليها من الحبيب.وتسلم بالأمر وتذعن لمشاعرها المتألمة وتعترف بكبر الوجع المودوع بداخلها .. ننهي مع هذا النص المتفرد الذي جعلنا نتجول في التاريخ وأغلب عصوره من الملكة بلقيس الى يومنا هذا لنعيش مراحله باكل حساسنا ونحن ينتابنا ذلك الشعور العذب الذي منحته لنا الشاعرة ونتفيأ ظل أسطرها واحة غناء نستعذب العيش فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.