رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد افتتاح مبنى خدمات ومكتبة كنيسة المقطم.. صور    آخر تحديث: سعر الدولار صباح تعاملات اليوم الخميس 25 أبريل 2024 في مصر    تطبيق التوقيت الصيفي في مصر 2024: خطوات تغيير الساعة وموعد البدء    تأثير حملة "خلّوها تعفن" على أسعار الأسماك واللحوم في مصر    محافظ الغربية يتابع الموقف التنفيذي لكورنيش المحلة الجديد    تراجع إنتاج السيارات في المملكة المتحدة خلال مارس الماضي    حماس تبدي استعدادها لإلقاء السلاح في حالة واحدة فقط    الدفاع المدني الفلسطيني: الاحتلال دفن 20 شخصا على الأقل بمجمع ناصر وهم أحياء    الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    مسلسل البيت بيتي 2.. تفاصيل العرض ومواعيد الحلقات على منصة شاهد VIP    الرئيس السيسي: سيناء تشهد جهودا غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة    شوشة عن إنجازات سيناء الجديدة: مَنْ سمع ليس كمَنْ رأى    البحرية البريطانية: بلاغ عن حادث بحري جنوبي غرب عدن اليمنية    الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء "الأونروا" في دعم جهود الإغاثة للفلسطينيين    مواعيد مباريات الخميس 25 إبريل - الأهلي والزمالك في بطولة إفريقيا لليد.. ومواجهة صعبة لمانشستر سيتي    صباحك أوروبي.. بقاء تشافي.. كذبة أنشيلوتي.. واعتراف رانجنيك    مفاجأة غير سارة لجماهير الأهلي قبل مواجهة مازيمبي    الأهلي يصطدم بالترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    "أبو زعبل للصناعات الهندسية" تكرم المحالين للمعاش    التريلا دخلت في الميكروباص.. 10 مصابين في حادث على صحراوي البحيرة    مصرع وإصابة 10 أشخاص إثر تصادم سيارتين في البحيرة    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    اليوم.. حفل افتتاح الدورة ال 10 لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    وزير التعليم العالي: تعزيز التعاون بين منظومة المستشفيات الجامعية والتابعة للصحة لتحسين جودة الخدمات    التحقيق في سقوط سيارة من أعلى كوبرى روض الفرج    الشواطئ العامة تجذب العائلات في الغردقة هربا من الحر.. والدخول ب20 جنيها    نشرة مرور "الفجر ".. سيولة بمحاور القاهرة والجيزة    بعثة الزمالك تغادر مطار القاهرة استعدادا للسفر إلي غانا لمواجهة دريمز    فرج عامر: لم نفكر في صفقات سموحة حتى الآن.. والأخطاء الدفاعية وراء خسارة العديد من المباريات    انقطاع مياه الشرب عن منشية البكري و5 مناطق رئيسية بالقاهرة غدًا    وزير النقل يشهد توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    هل يوجد فرق بين صلاتي الاستخارة والحاجة؟ أمين دار الإفتاء يوضح    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    الصحة: 3.5 مليار جنيه لإنجاز 35 مشروعا خلال 10 سنوات في سيناء    حبس المتهم بإنهاء حياة شخص بسبب الخلاف على المخدرات بالقليوبية    لأول مرة .. أمريكا تعلن عن إرسالها صواريخ بعيدة المدى لأوكرانيا    احتجاجات طلابية في مدارس وجامعات أمريكا تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    مشاجرات خلال اعتقال الشرطة الأمريكية لبعض طلاب الجامعة بتكساس الرافضين عدوان الاحتلال    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تقسيط 30 عاما.. محافظ شمال سيناء يكشف مفاجأة عن أسعار الوحدات السكنية    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



” ضوابط الإفتاء في المستجدات الطبية”
نشر في شموس يوم 17 - 10 - 2018


شموس نيوز – خاص
انتهت فعاليات الجلسة الرابعة من المؤتمر العالمي للفتوى الذ تعقده دار الإفتاء المصرية تحت مظلة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم وجاءت الجلسة الرابعة تحت عنوان ” ضوابط الإفتاء في المستجدات الطبية ” حيث ترأسها الأستاذ الدكتور عثمان بطيخ مفتى تونس.
وشارك في الجلسة أصحاب الفضيلة سماحة الشيخ/ محمد أحمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية رئيس مجلس الإفتاء الأعلى خطيب المسجد الأقصى المبارك، وفضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد بن عبد العزيز الحداد كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء عضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، وفضيلة الأستاذ الدكتور / عبد الله مبروك النجار عضو مجما البحوث الإسلامية، وفضيلة الأستاذ الدكتور / محمد إبراهيم الحفناوي أستاذ أصول الفقه بكلية الشريعة والقانون، وفضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد أحمد لوح رئيس لجنة الإفتاء باتحاد علماء إفريقيا السنغال، وفضيلة الدكتور/ عصام أنس الزفتاوى أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وفضيلة الدكتور/ محمد وسام مدير إدارة الفتوى المكتوبة بدار الإفتاء المصرية.
وقال الشيخ / محمد أحمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية رئيس مجلس الإفتاء الأعلى خطيب المسجد الأقصى المبارك لقد طرأت على الناس في هذا العصر قضايا مستجدة، لم تكن معروفة في العصور السابقة، وكان ظهورها نتيجة التطور العلمي الذي أحدثته البشرية، وتطورت هذه الحياة أشكالها جميعها تطورًا سريعًا مذهلًا، لم يمر مثله من قبل، فكانت النوازل تنزل، وغلب على معظمها طابع العصر المتميز بالتعقيد والتشابك. مما جعل الحاجة ماسة إلى بحث هذه القضايا والنوازل، وبيان أحكامها ال شرعية من قبل أهل العلم والاجتهاد والاختصاص، حيث معرفة أحكام هذه القضايا والنوازل المعاصرة ضرورة شرعية، تستلزم بحثًا علميا منهجيا؛ لأن أفعال المكلفين تختلف باختلاف الزمان والمكان والعرف المَتبع، وتدور عليها الأحكام ال شرعية من حِل وحُرمة، وندب وكراهة واستحباب.
وأشار المفتي العام للقدس إلى أن تعريف بعض المصطلحات كمفهوم الفتوى وكمفهوم المستجدات الطبية. وقال إنها تعنى كمصطلح مر كب؛ “الوقائع الطبية الجديدة التي لم يسبق فيها نصٌ أو اجتهاد، وقيل إنها العلم بالحكم الشرعي للأمور الخاصة بالإنسان، من حيث العلاج أنواعه جميعها؛ من الأدوية والعمليات الجراحية، والعلاج الجيني، ونحوها، ومن حيث التصرف في أعضائه، ومن حيث الممارسات الطبية من قبل الأطباء
وأما عن حكم الاجتهاد في المستجدات الطبية قال المفتى العام للقدس ذهب جمهور الأئمة إلى جواز الاجتهاد والنظر في النوازل الحادثة، أي أنه إذا وقعت نازلة لم يسبق أن بحثها العلماء، أو أفتوا فيها بقول ما، فيجوز الإفتاء فيها بعد البحث والاجتهاد من أهل الاختصاص.
ولفت د. محمد أحمد حسين النظر إلي أن الوقائع في الوجود لا تنحصر؛ فلا يصح دخولها تحت الأدلة المنحصرة، ولذلك احتيج إلى فتح باب الاجتهاد من القياس وغيره، فلا بد من حدوث وقائع لا تكون منصوصًا على حكمها، ولا يوجد للأولين فيها اجتهاد، وهذا القول يؤيده واقع الحياة المتجدد المتغير، ففي كل يوم اكتشاف جديد، أو مشكلة جديدة، أو اختراع مبتكر، أو ظرف حادث لم يسبق أن مر على الناس مثله، وهذا كله يستلزم النظر والبحث وإصدار الأحكام والفتاوى؛ حتى لا توصف الشريعة الكاملة بالقصور وعدم الاستيعاب
وأكد المفتي العام للقدس أنه لابد قبل الإفتاء في القضايا المعاصرة – ومنها الطبية – وضع منهجية محددة للبحث عن حكم هذه القضايا المستجدة، والتي لم يعثر على نصوص خاصة بها، ولا أقوالًا للفقهاء القدامى، وحتى نصل إلى حكم موافق للصواب مقارب للحق، كان لا بد للناظر في هذه النوازل والمستجدات من التقيد بمجموعة من الضوابط قبل الحكم على النازلة وخلال بحثها، ومن أهم تلك الضوابط تحديد النازلة أو المستجدة، والتأكد من وقوعها، وتصور النازلة وفهمها فهما صادقا، والنظر بكل ما ورد بشأنها، واستشارة أهل الاختصاص ومراجعتهم في اختصاصهم، والعناية بالتكييف الفقهي للنازلة الطبية، وأخيرًا مراعاة مقاصد الشريعة
وعن دور الاجتهاد الجماعي في معالجة فقه النوازل الطبية.
وقال المفتي العام للقدس للاجتهاد الجماعي دور كبير في بحث المستجدات الطبية، والوصول إلى الحكم الأقرب للصواب، الموافق لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها وذلك لأن الاجتهاد الجماعي يتميز عن الاجتهاد الفردي بكونه أكثر استيعابًا وإلمامًا بالموضوع المطروح للاجتهاد، وأكثر شمولًا في الفهم لكل جوانب القضية وملابساتها.
وفى ختام كلمته عرض المفتى العام للقدس عدة نتائج منها المستجدات الطبية: هي الوقائع الطبية الجديدة الخاصة بالإنسان، والتي لم يعثر بشأنها على نص أو اجتهاد سابق.، وكذلك حاجة الناس توجب الاجتهاد والنظر في النوازل الحادثة، لمعرفة الحكم الشرعي، وكذا لا بد للناظر في القضايا المعاصرة والمستجدات الطبية من ضوابط عدة للوصول إلى الحكم الشرعي الأقرب للصواب، والتي من أهمها: تحديد النازلة والتأ كد من وقوعها، واستشارة أهل الاختصاص فيها لتصورها وفهمها فهمًا دقيقًا، ولا بد من تكييفها فقهيا، لمعرفة الأصل الذي تنتمي إليه، وكذلك يجب على الناظر في النوازل والمستجدات أن يراعي تحقيق المصالح في حكمه وفتواه، حتى لا يخرج عن كليات الشريعة ومقاصدها العليا، وأخيرًا الاجتهاد الجماعي له الدور الأكبر والأبرز في معالجة القضايا الطبية المعاصرة.
وبدأ الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء، عضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي بالثناء على دار الإفتاء المصرية بتبنيها التجديد في المستجدات الطبية نظرًا لأن مسائل الطب لا تتناهى، وفي كل يوم منها نوازل جديدة، تحتاج أحكاما شرعية مفيدة، كان لا بد من النظر في القواعد الفقهية التي يستخرج منها أحكام للنوازل الجديدة.
وأشار الدكتور الحداد لمعنى المستجدات الطبية، ثم استعرض أنواعها، ثم بيّن حكم التطبب في الشريعة الإسلامية، مبينًا قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة في التداوي والذى يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص.
ولفت الدكتور الحداد النظر إلى معنى القاعدة الفقهية والفرق بينها وبين الضابط بقوله: قد يلتبس الفرق الدقيق بين القاعدة والضابط فيظن أنهما بمعنى وواحد، والصواب أن بينهما فرقا، فإن القاعدة تجمع فروعًا من أبواب شتى، والضابط يجمعها من باب واحد
وعن حاجة الفقه المعاصر والمستجدات الطبية للقواعد الفقهية قال الدكتور الحداد ” إن المستجدات الفقهية كثير عددها، متنوعة نشأتها، غريب استنباطها وتخريجها، فلا تفي بها النصوص الموروثة ولا المدارك المألوفة، فكان لا بد من ضبطها بقواعد جامعة يسهل الاستنباط منها واستخراج الأحكام من منطوقها وفحواها”..
واستعرض الدكتور الحداد عدد من القواعد التي تستنبط منها الأحكام الفقهية النافعة في مجال المستجدات الطبية وكيفية تطبيقها ، منها الأصل في الأشياء الإباحة، والأصل في المنافع الإباحة والأصل في المضار التحريم، والأصل بقاء ما كان على ما كان، حتى يقوم الدليل على خلافه، وما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه، والأصل في الصفات العارضة العدم، والضرر يزال، والضرورات تبيح المحظورات بشرط نقصان المحظورات عن الضرورات، وما أبيح للضرورة يقدر بقدَرها، والضرر الأشد يزال بالضرر الأخف، ويرتكب أخف الضررين لدفع أشدهما، والضرر لا يزال بالضرر، وإذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما، وإذا ضاق الأمر اتسع وإذا اتسع ضاق، وغيرها من القواعد.
وختم الدكتور الحداد بعدد من النتائج والتوصيات منها: سعة الشريعة الإسلامية للمستجدات الطبية المعقدة وأنه لا بد من إجراء الأحكام الشرعية عليها ليعرف حكم الله تعالى فيها، وكذلك ندب الشريعة الإسلامية إلى التداوي وحثها المسلمين على الأخذ بالأسباب للعلاج لينتفعوا به، وحثها على تعلم الطب والنبوغ فيه وعدم التواني أو التاكل فيه، وكذلك أيضًا أن ما يستجد من الطب والدواء ولم يرد فيه نص شرعي بتحريمه فإن الأصل فيه الإباحة والحل، فلا ينبغي التوقف فيه حتى يوجد دليل مانع، وكذلك فأن ما يحتاجه الإنسان أو يضطر إليه من الدواء الذي أصله محرم أو طرأ عليه التحريم؛ فإن الضرورة أو الحاجة الخاصة تبيحه، وأما العلاج الذي فيه مشتقات خنزيرية أو جلاتين ميتة يتعين إيجاد بديل عنه من الحلال، فإن لم يوجد واضطر الإنسان إليه فلا حرج من استعماله كما قال سبحانه في آية ذكر المحرمات: ” فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّه غَفُورٌ رَحِيمٌ ” البقرة: 173 ، وكذلك لا يستقل باستنباط الحكم من القاعدة الفقهية إلا فقيه، وعلى الأطباء الرجوع إلى الفقهاء وشرح الحالة المرضية لمعرفة حال المريض من الضرر وعدمه، وحال الدواء من وجود بديل عن المحرم من عدمه، وأخيرًا فعلى الفقهاء التوسع باستنباط الأحكام الفقهية من الفروع المذكورة أو من القواعد العامة التي يندرج فيها فروع كثيرة.
واستهل أ.د / محمد إبراهيم الحفناوي أستاذ أصول الفقه بكلية الشريعة والقانون بطنطا جامعة الأزهر بتحية دار الإفتاء المصرية على فكرة هذا المؤتمر الذي يلقي بظلاله على الحياة المعاصرة ، مبينا للناس الحكم الشرعي فيما نزل بهم ، فإن مثل هذه المؤتمرات وسيلة إلى اجتهاد فقهي جماعي ، يُرجى من ورائه الوصول إلى حكم الله فيما نزل بالأمة نتيجة التطور العلمي والتكنولوجي الذى أثمر عن واقع مُفعم بقضايا ونوازل قد لا تخطر على بال أحد ، فلكل واقع ما يناسبه من أحكام الشرع ، والعالم اليوم في أمس الحاجة إلى ما يضبط هذا التطور العلمي الهائل بالمنهج الإلهي
وقدم الدكتور الحفناوى تمهيدًا للحديث عن مسألتين من مسائل المستجدات الطبية وهما تجميد النطف، وتحديد جنس الجنين قائلًا: إن أساس الحكم في هذه المستجدات الطبية أمران هما :النظر في قصد المكلف ونيته ، والموازنة بين المصالح والمفاسد . فإن كان قصد المكلف موافقا لمقصد الشارع ، مع وجود المصلحة المعتبرة شرعا أو غلبتها ، فإن الحكم يكون مشروعا ، أما إن فسدت النية أو كانت المفسدة المعتبرة شرعا هي الغالبة فإن الفعل يكون ممنوعا .
وأضاف الدكتور الحفناوى ” هاتان القضيتان تتجاذبهما المصالح والمفاسد ، لذا قد يختلف الحكم فيهما من حالة إلى أخرى ، ومن فرد إلى آخر ، مما يستدعي تحقيق المناط في المسألة ، فليس الحكم فيهما مطلقا ، فما غلب من المصالح والمفاسد كان الحكم له ، وإن ترتب على ذلك تفويت أدناهما ، وإلى هذا أشار كل من الإمام الشاطبي وابن القيم والعز بن عبد السلام.
ولفت الدكتور الحفناوى النظر لنعمة الأسرة والأولاد مؤكدًا على أن نعمة الأولاد من أعظم النعم على الإنسان ، فلا يعرف قدرها إلا من حُرمها.
وعن المسألة الأولى تجميد النطف قال الدكتور الحفناوى إن قضية تجميد النطف من آثار مسألة التلقيح الصناعي ، وهي شاملة لتجميد كل من الحيوانات المنوية والبويضات والأجنة ، فلم تعدْ هذه القضية فكرةً نظرية ، بل واقعا ملموسا يتطلَّب بيان حكم الشرع فيها.
وأشار الدكتور الحناوى إلى مراد الأطباء بلفظ النطفة وأنها على ثلاث حقائق، وكذلك كيفية تجميد النطف وكيفية عمل بنوكها.
وعن ضابط الحكم الشرعي لتجميد النطف قال الدكتور الحفناوى إن أساس الحكم في هذه المسألة أمران : النظر في قصد المكلف ونيته ، والموازنة بين المصالح والمفاسد . فإن كان قصد المكلف موافقا لمقصد الشارع ، مع وجود المصلحة المعتبرة شرعا أو غلبتها ، فإن الحكم يكون مشروعا ، أما إن فسدت النية أو كانت المفسدة المعتبرة شرعا هي الغالبة فإن الفعل يكون ممنوعا.
واستعرض الدكتور الحفناوى المسألة الثانية تحديد نوع الجنين مبينا مفهوم الجنين وما المقصود بتحديد جنسه، ثم ناقش الدوافع التي تدعوا إلى تحديد جنس الجنين، وكذلك حكم الطرق الطبيعية لتحديد جنس الجنين كاختيار نوع الجنين بواسطة الغذاء أو اختيار توقيت محدد للمعاشرة الزوجية وغيرها.
وختم الدكتور الحفناوى كلمته بعرض الأقوال من منظور العقيدة والفقه في حكم تحديد جنس الجنين مرجحًا قولًا مختارًا وهو جواز تحديد جنس الجنين إذا تم بوسائل مشروعة ولم يترتب عليه محظور من إجهاض أو خلط في الأنساب على أن
يكون ذلك فتوى خاصة للأفراد يقوم بها طبيب مسلم حاذق ثقة لا تؤثر فيه عاطفة إنما يقدم الضرورة أو الحاجة التي تُنزل منزلة الضرورة ، ولا يكون سياسة عامة في الأمة فلا يشيع أمره في الأمة ، بمعنى ألا يكون سياسة عامة في الدولة ، فإنه في هذه الحالة يفتى بالمنع ؛ لإمكانية تسببه في الإخلال بالتوازن في المجتمع ، واضطراب التعادل العددي بين الذكور والإناث الذي هو عامل مهم من عوامل استمرار التناسل البشري .
وقال فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد أحمد لوح رئيس لجنة الإفتاء باتحاد علماء إفريقيا السنغال إن التجديد الفقهي لم يزل ضرورة شرعية مستدامة لا يجوز غيابها عن الساحة الإسلامية؛ لأنه كلما غاب التجديد توارى معه البحث العلمي المتجرد، وتوارى معه الاجتهاد الفقهي الضامن لاستمرارية الشريعة، وظهرت عوضاً من ذلك الاعتماد على النتائج المكرورة ، والمحصولات الجاهزة، التي يتلقاها الآخِر عن الأول مُعلَّبة كما هي، دون جهد ذي بال في التأصيل والتدليل، أو التحقيق والتنزيل.
واستعرض د. لوح تحديد عدة مفاهيم كالإفتاء والنوازل والمستجدات، مؤكدًا على أن منهجية الإفتاء في المستجدات والنوازل. نجد أنها لا تكاد تخرج عن ثلاثة مستويات وهى الباحث، والواقع، ورعاية نظام الاستدلال للنازلة.
وأكد د. لوح أن البحث العلمي المتين، والإفتاء الشرعي الرصين قرنان لا يفترقان، فكلما كان البحث في القضايا المعاصرة جارياً وفق المعايير العلمية الدقيقة كان أكثر نفعا وأينع ثمرا، وكان صالحا لبناء إفتاء رشيد.
وختم الدكتور لوح كلمته بعدة وصايا منها ضرورة تصنيف دليلٍ إرشادي للبحث الفقهي في النوازل، بحيث يتضمن الخطوات اللازمة لإجراء البحث.، مع بلورة معايير الجودة الفقهية في البحث النوازلي، وتضمينه مؤشرات أداءٍ لقياس هذه الجودة ، كما دعا د.لوح الأمانة العامة لعقد إحدى مؤتمراتها خارج مصر، كي يدرك المسئولون والشعوب في الدول الإسلامية مقدار الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية في جمع كلمة المسلمين، وفي استجلاب أسباب الأمن والاستقرار إلى دول العالم.. وأن يكون أول مؤتمر للأمانة خارج أرض مصر في دولة السنغال.
وقال د.عصام أنس الزفتاوى أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية إن الحكم الشرعى – في الدين الإسلامي الحنيف -: هو خطاب الله تعالى المتعلق أحكام المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، ومن ثم فكل فعل للمكلف يتعلق به حكم فى الشرع، ومن ثم تتشابك الأحكام الشرعية مع مساحات واسعة من أفعال الخلق مما يعتقد بعض هم أنه لا علاقة للأحكام الشرعية بها، ومن ذلك الأحكام الشرعية المتعلقة أفعال المكلفين والتي لها من اعتبار آخر مساس بمجال الطب البشرى، كحكم التداوي وتركه، وكحكم نقل الأعضاء ونقل الدم، وكالتداوي بالنجاسات، وصناعة الدواء من مشتقات الحشرات، والأحكام الشرعية المتعلقة المستجدات الطبية في مجال الأجنة ، كالرحم الصناعي وتأجير الأرحام، والتلقيح الصناعي، لما لها من آثار شرعية في أبواب النسب، والأحكام الشرعية المتعلقة بالرضاع بسبب ما استجد في مجال الطب من إدرار اللبن مع عدم وجود حمل ورضاع بالصورة المعتادة، إلى غير ذلك من صور ومستجدات في مجال الطب، ينبني عليها أحكام شرعية ، وينتج عنها آثارها الفقهية.
وأشار الدكتور الزفتاوي إلي لمحات من القرآن والأحاديث النبوية الشريفة والقواعد والضوابط الأصولية والفقهية التي تساعد في مجال التأصيل للأحكام الشرعية في مجال الطب والعلاج، ويجد فيها الفقيه والمفتي بغيته في التأصيل والاستدلال والاستنباط والتخريج الفقهي للأحكام الشرعية المعاصرة في هذا الشأن.
وختم الدكتور الزفتاوي كلمته بعرض نماذج من المبادئ الإفتائية الشرعية، التي قررتها دار الإفتاء المصرية في فتاواها الصادرة في مجال المستجدات الطبية التي سئلت فيها عبر تاريخها العريق ومنذ سنة 1895 م وحتى يومنا هذا ،وهذه المبادئ مستخلصة من النظر الدقيق في الأدلة الشرعية، واستقراء كلام الفقهاء والعلماء للعديد من المستجدات الطبية مثل الطب الوقائي والطب الشرعي ونقل الأعضاء والتلقيح الصناعي والحقل المجهري، وطب الحروق وتقل الدم وعمليات التخسيس والخلايا الجذعية وغيرها
وقال د. محمد وسام عباس خضر مدير إدارة الفتوى المكتوبة بدار الإفتاء المصرية إن التجديد في أمر الدين مهمة جليلة القدر عظيمة الشأن، تكفَّل ببقائها الربُّ المنان، وبشَّر بها في كل قرنٍ سيدُ ولد عدنان، وسرُّ الاضطرار إليه: أن الشريعة تخاطب الإنسان، وهو المخلوق الذي كرَّمه الرحمن، وجعله الله خليفته في هذه الأكوان، وجعل خلافته في الأرض متجددةً ما تجدد الجديدان، متعاقبة متواليةً ما تعاقب الْمَلَوَان، وأجرى عليه قوانين الزمان والمكان، وأخبر أن التَّغيُّرَ والتبدُّلَ طبيعةُ الزمان.
وأضاف د. وسام أن الإفتاء يحمل التجديد في مفهومه؛ فإن المقصود بالتجديد: التجديد في القوالب والوسائل، التي تُعرَض من خلالها الفتاوى في المسائل، فيدور أساس التجديد المقصود على إدراك الواقع المتغير؛ لأن الحكم الشرعي كلي مطلق، والفتوى جزئيةٌ مُشخَّصةٌ تتعلق بما يستجد من الوقائع والحوادث، وهذا هو الفارق الأساسي بين الفقه والإفتاء.
واستعرض د. وسام تعريف الخلايا الجذعية ومسمياتها المتعددة وبيان أن ذلك المسمي هو الراجح كما رجحته المجامع والمراجع والأكاديميات الطبية.
وعن خصائص الخلايا الجذعية قال د. وسام تمتاز الخلايا الجذعية عن غيرها من خلايا جسم الكائن الحي بمجموعة من الخصائص؛ اكتسبت بها وظائفها الحيوية وأهميتها الطبية واستخداماتها العلاجية:
ولفت د. وسام النظر إلى وظائف الخلايا الجذعية بأن لها وظيفتان أساسيتان في جسم الكائن الحي؛ وذلك بناءً على ما أودع الله تعالى فيهما من الخصائص التي تميزها عن سائر أنواع خلايا الجسم وهما تكوين خلايا متخصصة تؤدي وظائفها المحددة في الجسم، وبناء الأنسجة والأعضاء اللازمة لتكوين الكائن الحي، وهذا من حيث العموم، والأخرى ترميم الخلايا المريضة وتعويض الخلايا التالفة؛ فعندما تصاب خلايا أي نسيج في جسم الكائن الحي بضرر ما، أو ينتهي عمرها المحدد في نسيجها، تنتقل الخلايا الجذعية الموجودة في ذلك النسيج إلى المكان المصاب لإصلاحه أو التالف لتعويضه.
وأوضح د. وسام أن الخلايا الجذعية ليست على نسق مكرر واحد في توفر خصائصها، وبالتالي فليست على وتيرة واحدة في درجة تحقيق وظائفها، بل هي تتنوع باعتبارات متعددة إلى أنواع كثيرة: فهي تتنوع حسب قدرتها التمايزية، وحسب مراحل نموها، وحسب مصادرها وأماكن وجودها.
وأشار د. وسام لبعض المفاهيم الإفتائية الأساسية في مستجدات المسائل الطبية والوسائل العلاجية مثل الفرق بين البحث العلمي والاستخدام العملي، و الفرق في الإفتاء بين عالم الأشخاص وعالم الأشياء.
وعن جهود دار الإفتاء المصرية في مجال استخدام تقنية الخلايا الجذعية قال الدكتور وسام تناولت دار الإفتاء المصرية هذه المسألة بالبحث والنظر، وأصدرت فيها عدة فتاوى؛ جاءت أحكامها محققة لمقاصد الشرع ومراعية لمصالح الخلق، ثم استعرض د. وسام بعض الضوابط والقواعد والأحكام الشرعية والإفتائية التي سارت عليها دار الإفتاء في هذه المسألة، وبعض فتاوى الدار في المسألة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.