لم يعد خفي على أحد سيطرت الخطاب الطائفي والتحريض المذهبي عند أدوات المال الخليجي والتخطيط الأمريكي، الذين ما أن أعُلنت الحرب على سورية حتى تمترسوا خلف كذب أعلامي وتظليل دفع ضعاف النفوس الى ترديده، والعمل علية. وكان هؤلاء يغالون في بياناتهم الطائفية وكأنهم في سباق محموم في تقديم فروض الطاعة والانقياد للحملة الوهابية الأصولية القائمة على مبدأ الغاء الأخر – هذه الحملة التي تتقاطع مع مصالح الصهيونية العالمية حتى وان اغضب هذا الكلام الكثيرين من الذين يعتبرون هذا مجرد اتهام لا يستند الى شهادات مكتوبة. ففي الحرب المعلنة على سورية كان السقوط المدوي لرموز كنا نعتقد أنها علمانية او تميل للعلمانية ولكنها لم تكن في نظر السوريين أصولية في أي حال من الأحوال – فقبول التيار العلماني السوري الموجود في هرم المعارضة التي جُمعت تحت اسم مؤتمر إسطنبول والذي نتج عنه ما يسمى ائتلاف الدوحة ((او الائتلاف السوري المعارض))، الذي أُخضع المنتمون الية لقيادة ما يسمى حركة الأخوان المسلمين المعروفة بجرائمها في سورية وبأعتراف من كانوا في قيادتها في ثمانينات القرن الماضي، حتى وان كان هذا الخضوع مخفي او غير معلن. ولم تتوقف ماكينة الإعلام المعادي لسورية عن توصيف ما يحدث على انه حرب قائمة بين مذهبين مره تقولها صراحة ومرة تمررها من خلال ضيوف مدربين على بث هذه السموم، وما مسميات الكتائب التي تقاتل الا دليل على غرق هؤلاء بالطائفية والمذهبية، وتصريحات ما يسمى قادة ميادين حول إسرائيل والغزل الذي تكرر مرارا ليس الا دليل بسيط على ان الحركات الأصولية تعمل في خدمة مشروع امريكي إسرائيلي شكله العلني تحرير شعوب المنطقة ووقف الخطر الإيراني وحقيقته تدمير الأرض والبشر ودفن حضارة عمرها الاف السنين. ومنذ اعلان داعش أو بتعبير أكثر دقة منذ إعطاء الأوامر لداعش بمهاجمة العراق، انبرى المنظرون في عصابة إسطنبول للدفاع عن العملية واستثمارها في قالب مذهبي لا يمكن لوطني ان يقبل به، لأن ما يدافع عنه هؤلاء ببساطه هو اعلان موت للمنطقة واعادتها الى ما قبل ألف واربعمائة سنه إذا لم يكن أكثر، ولا يمكن ان تصب هذه الاستعراضات الطائفية بمصلحة الوطن والمواطن الذي طالما عزفوا على وتر الدفاع عنه. فخرج ما يسمى ائتلاف الدوحة بإعلان ادعى فيه أن ما يحدث بالعراق هو حراك شعبي ولكن فيه بعض الداعشين على حد وصفه، أما المجلس الوطني الذي يعتبر رديف أساسي لما يسمى ائتلاف فقرر مغازلة داعش وتسويقها فاعتبر أن ما يحدث في العراق هو نتيجة السياسة الطائفية ((كما قالت السعودية)) فكتب معدوا الاعلان ((أزهر ربيع العراقيين بعد أن ضاقوا ذرعاً بالميليشيات المشبوهة الجوالة العابرة للحدود من لبنان إلى سورية فالعراق، وبدولة ذات نظام طائفي هي إيران تقوم بتخريب ما بنته دول المنطقة وشعوبها على مدار مئات السنين)). ولو دققنا بعبارة ^ميليشيات مشبوهة عابرة للحدود من لبنان الى سورية الى العراق ^ تصبح الصورة أكثر وضوح فالهدف من كل ما يحدث تدمير خط المقاومة في لبنان ووصفه على انه يعمل على مشروع إيراني – توصيف سورية على انها تابعة للإيراني وتصوير العراق على انه مستعمرة إيرانية. فقد أخذ الغارقون بالمذهبية والطائفية على عاتقهم محاربة أيران بالوكالة عن أمريكية وإسرائيل وأخرين، الذين أدركوا أنه لأضعاف المقاومة في لبنان يجب كسر الحلقة السورية الإيرانية ولكي تصل إسرائيل لإعلان انتصارها على إيران وسورية والمقاومة يجب اضعاف سورية ومنع العراق من النهوض.وللوصول الى ايران لا بد من تدمير كل ما هو محيط باسرائيل. ولكن وبالرغم من كل هذا الركام الطائفي والمذهبي نسمع اليوم عن تيار شعبي كبير ومن كل المذاهب والأطياف السياسية يطالب بإعلان تحالف سياسي وعسكري يضم كل القوى الوطنية والإقليمية لمحاربة هذا التمدد المدعوم بمليارات الدولارات وأحدث الأسلحة – فهزيمة هذه التنظيمات الإرهابية لن يغير وجهة المنطقة وحسب بل سيكون تاريخ ولادة العالم من جديد.