كذا هو الحب يأتي بغتة و يولينا ظهره بغتة أيضا" إن التأريخ لقصص الحب يكون رائعا بعد النهاية...وخصوصا عندما تكون النهاية هي المحصلة الطبيعية للفشل...حينها تتضح كل الأمور...وتزول أى غشاوة على البصر حالت دون رؤية الحقائق جلية... الحب أعمى، تتضح كل الحقائق بعد الشفاء منه... جالت هذه الكلمات بذهنها وهى تقف في معرض السيارات بغية الشراء... لكن وقعت عيناها علي سيارة خضراء معروضة للبيع...ها هو صندوق ذكرياتها المتحرك يباع ويشتري...إنها السيارة التي شهدت أجمل لقاءاتها معه إنها الشاهد على قصة حبهما...يبدو أنه ابتاع سيارة جديدة...وباع وكر عشقهما...كبيع النساء والأطفال في سوق النخاسة... توالت الذكريات كزخات المطر: أول لقاء وأول نظرة.وأول حب، وأكبر شرخ عاطفي تذكرت أنها لم تكن راغبة في حضور ذاك الملتقي الذي سيجمعهم بالمسئول الكبير...حضرته تحت الضغط الشديد...شردت طوال الوقت...ولم تنتبه من شرودها إلا على صوته المرتفع...يعارض بحدة...تملؤه الحماسة والانفعال...همت بالسؤال عن اسمه...شيء ما جعلها تنسي و هاهي تتنفس الصعداء في نهاية الملتقي.......تلتقط هاتفها النقال لإجراء مكالمة...فيلمحها وهى تدور حول نفسها نصف دائرة بجسدها الأنثوي الصارخ... وجمالها الخاطف...كان هو الآخر يجري مكالمة...لفتت نظرها نظرة الانبهار وفمه الفاغر...حيته بإيماءة رأس ...تحية أميرة تائهة من زمانها... كم تضيق ذرعا من التنقل من مكتب لآخر من أجل توقيع لكن لابد لها من الحصول على توقيعه... استطاعت الحصول على رقم هاتفه...حددت معه موعد.. دخل مكتبه_بعد تأخر دام طويلاً_ اعتذر بكل الصيغ التي وردت على ذهنه...كان هو نفسه من لفت نظرها في الملتقي...ومن فغر فاه عندما رآها...معاملته الراقية أبطلت مفعول غضبتها الخفية هندامها الرائع...عطرها الأخاذ...وجمالها الأسطوري...جعلوه أسيرا لعينيها... يخترقها ويحتضنها بعينيه...إنها ضالته المنشودة...تحدث إليها وكأنه يعرفها منذ زمن طويل...وبعفوية غريبة سرد لها كل متاعبه ومشاكله وكأنها صديقة أو حبيبة أو زوجة غيبتها الأقدار عنه...وظهرت فجأة فوجد لديه الكثير ليقوله لها....جذبها بمنتهى المكر إلي عالمه الصاخب...وجعلها تشعر في لحظات أنها جزء منه... حان موعد انصرافها...صحبها إلى باب المصعد...صافحها بدفء غريب...ولفها بنظراته...و أهداب عينيه أذرعا تتوسل إليها كي لا تتركه...و الدموع الراكدة في بحيرة عينيه تود لو تتماوج قليلا. استطاع أن ينتزع منها وعدا بالتواصل...جاعلا لنفسه حيزا في ذهنها_وربما قلبها_ كل شيء فيه أعجبها...أناقته...عطره... حتى غروره وعناده... لم ينفرها منه....الشعرات البيضاء المتناثرة هنا وهناك. أسرتها..ربما هو حنينها إلى حنان الأب واحتواؤه...هو ما جعلها تسقط في غرامه رغم فارق العمر. نعم أُغرمت به ،وبل وربما هامت في صحراء حبه... توهمت أن الحياة وضعته في دربها تعويضا عن كل ما تقاسيه...لم يخطر ببالها أنه سيضيف إلي مآسيها مأساة جديدة...فسرعان ما أدرك رفاقه المزيفون عشقهما...وبدأ الحقد يتحرك في الصدور...وانهالت عليها رسائل البريد تحذرها منه وتخوفها وترسمه شيطان في هيئة رجل... ويصوروها له كأنها الغواية ترتدي ثوب امرأة... ليس هذا كل شيء...نعم هكذا رددت بينها وبين نفسها...فهي لم تسمح لكل هذه المهاترات أن تفقدها جنين قلبها...ولكنه هو... نسيها في غمرة ركضه خلف سراب المناصب...وصراعات الكراسي... ونسي أنها أنثي عشقت رجل...وأن قلبها كزهرة تحتاج أن يرويها بهمسات حانية في الصباح وفي المساء...وتناسي وجودها وسط هذا الزخم... وتصور أنها تحتمل الجلوس طويلا علي مقعد الانتظار في حياته...ولم تحتمل هي أنانية رجل أراد أن يحوز كل شيء ... المنصب المرموق، وقلبها الثري بالدفء والمشاعر.... حتى لو سحقها بألم الانتظار...وهى جالسة بجانب الهاتف...كمن يرجو السماء الصافية في صحراء الجزيرة العربية أن ترسل إليها الغيث...لكنه فقد كل شيء...قلبها والمنصب المنشود... فكرت للحظة أن تشتري سيارته،،وربما (.....)...ولكنها تساءلت: "ولم أشتري ذكريات معروضة للبيع.؟" ... أدارت ظهرها...تمتمت :" لن أشتري ذكريات ملقاة في سلة التدوير....بل سأذهب لمعرض يبيع سيارات جديدة