ماذا لو قُلتُ لك سأصطحبك الآن فى رحلة لترى فيها مستقبلك لعشرين يوماً قادمة أو حتى سنة أو أكثر .. لترى ماسيحدث لك بالحرف الواحد الآن وتتعامل معه مباشرةً .. أكنت تحسبنى مجنوناً ؟! .. ماذا لو قُلتُ لك سأصطحبك الآن فى رحلةٍ لترى فيها ماضيكَ لعشرين يوماً ماضيةٍ أو حتى سنةٍ أو أكثر .. لترى ماحدث لك فيها مجدداً وبالحرف الواحد الآن وتتعامل معه مُباشرةً أكنت تحسبنى مجنوناً ؟! .. من قبل أن تصفنى بالجنون تعالى معى لنرى العلماء كيفَ يُفكرون ويبحثون فيما تجاوز حدود العقل لدينا من التصور والتخيل كى يمكنك أن تصفنى أو لاتصفنى بالجنون.. هيا معى .. بدايةً يجب علينا التسليم ببعض المسلمات منها ان الاتجاهات الأربعة شمال وجنوب وشرق وغرب والكلمات فوق وتحت ويمين وشمال هي اصطلاحات لا وجود لها في الكون فلا يوجد تحت أو فوق ولاشمال أو جنوب.. ومن ثم المكان هو نسبى كما وأن التعامل بهذه المفاهيم الجديدة والنظرة الشاملة للكون بلاشك أمر محير ولاسيما اذا ادخلنا البعد الرابع وهو الزمن في حساباتنا فكل شيء يصبح نسبي. . كل شىء فى هذا الكون فى محل حركة حتى أنت فلو قُلت أنا لست متحرك فأنا ثابت امام جهاز الكمبيوتر وعلى الارض وهذا صحيح فأنت ثابت بالنسبة للكمبيوتر والأرض (أي الكرة الأرضية) ولكنهذا ليس صحيح بالنسبة للكون فأنت والكمبيوتر والأرض التي تقف عليها تتحركون وهذه الحركة عبارة عن مجموعة من الحركات منها حركة الأرض حول نفسها وحركة الأرض حول الشمس وهناك حركة للشمس والارض داخل مجرة درب التبانة ومجرة درب التبانة تتحرك بالنسبة إلى الكون.. إذا عندما اعتقدت انك ثابت فهذا بالنسبة للأشياء حولك ولكن بالنسبة للكون فكل شيء متحرك..إذاً المكان نسبياً سرعة دوران الأرض حول نفسها ربع ميل في الثانية وسرعة دوران الارض حول الشمس18 ميل في الثانية والشمس والكواكب تسير بالنسبة لجيرانها النجوم بسرعة120 ميل في الثانية ومجرة درب التبانة منطلقة في الفضاء بسرعة تصل إلى 40000 ميل في الثانية.. تخيل الان كم هي سرعتك وعدد الحركات التي تتحركها بالنسبة للكون. وقدر المسافة التي قطعتها منذ بدء قراءة هذا المقال حتى الان.. لااحد يستطيع ان يحدد هل مجرة درب التبانة هي التي تبتعد عن المجرات الاخرى بسرعة 40000 ميل في الثانية أم ان المجرات هي التي تبتعد عنا بهذه السرعة .. ومن ثم لو نظرنا لسرعة الطائرة على الأرض هى مرتبطة بسرعة الأرض فى المجرة وهكذا .. فلو تخيلنا أنفسنا فى سفينة لن نشعر بسرعتها الا إذا صعدنا أعلاها لنرى تلك السرعة من هدف ثابت كأحد الجبال المجاورة وهكذا ومن ثم لو إفترضنا اذا ارد شخص ان يصف لنا سفره من مطار القاهرة إلىمطار مسقط الدولي فإنه يقول غادرت الطائرة مطار القاهرة في الساعة الثالثة ظهراواتجهت شرقا لتهبط في مطار مسقط الدولي الساعة السادسة مساءً.. ولكن لشخص آخر في مكان ما في الكون يرى ان الطائرة ارتفعت عن سطح الأرض في مصر وأخذت تتباطأ حتى وصلت مطار مسقط لتهبط فيه.. أو ان الطائرة ومطار مسقط تحركا في اتجاهات مختلفة ليلتقيا في نقطة الهبوط .. وهنا يكون من المستحيل في الكون الواسع تحديد من الذي تحرك الطائرة أم المطار ومن ثم يكون الزمان نسبياً .. لا وجود لشيء مطلق في كل هذه الاشياء أنما هي نسبية، فالدقيقة (60 ثانية) التي نقيسها بساعاتنا يمكن ان يقيسها آخر على انها أقل من دقيقة أو أكثر، وكذلك المتر العياري طوله متر بالنسبة للشخص الذي يحمله ولكن بالنسبة لآخر يتحرك بسرعة كبيرة بالنسبة لذلك الشخص يجد المتر 80 سنتمتر وكلما زادت سرعته كلما قل طول المتر ليصبح طول المتر صفر اذا تحرك الشخص بسرعة الضوء (سنجد انه من الاستحالة الوصول لسرعة الضوء) وهذا لا يعود لخطأ في القياسات بين الشخصين أو خلل فيآلات الرصد التي يستخدمونها فكل منهما يكون صحيحا ولكن بالنسبة له والكثير من الأمور المسلم بها هكذا في حياتنا والتي نعتبرها مطلقة تصبح نسبية في عالم النسبية. . ولهذا سميت بالنظرية النسبية.. توصَّل آينشتاين فى نظريته النسبية أن هناك بُعداً رابعاً لأى جسم غيرأبعاده الثلاثةِ الرئيسة وهى الطول والعرض والإرتفاع ألا وهو الزمن .. وقال بأن المكان يرتبط بالزمن وقد أطلق عليه الزمكان كبعد رابع لأى جسم .. وقد شرح قولهُ قائلاً أن الزمن يتوقف عليه سُرعة أى جسم بمعنى أنه كلما اقترب الإنسان لسرعة الضوء كلما تباطأ الزمن، وعندما يتباطأ الزمنبمقدار معين فحينها يمكن للإنسان أن يسافر آلاف السنين إلى المستقبل!! فعندما تسافر بسرعة قريبة من سرعة الضوء، فإن ساعتك ستدور ببطء بالنسبة لساعات الموجودين في الزمن الحالي، وعندها ستبطيء ساعتك أكثر وأكثر لتستطيع حينها أن تسافر للمستقبل لعشرات الآلاف من السنين ! إذاً الزمن يتوقف على سرعة الجسم اللذى قد يكون كوكب نُوجد عليه أو مركبة فضاء نوجد فيها أوصاروخ نركبه أو حتى قطار فائق السرعة نمتطيه .. ومن ثم لو تخيلنا مثلاً توأماً عمرهما عشرين عاماً أحدهما على كوكبٍ ما وآخر على كوكبٍ ثانِ وبالطبع كلا الكوكبين نظراً لإختلاف سرعة كلاً منهما فالزمن عليهما يختلف ..فلو كانت السنة على الأرض 365 يوماً فذات السنة على كوكب عطارد ثلاثة أشهر من الوقت الذي نقيسه على الأرض بينما السنة على كوكب بلوتو فهي أكبر من ذلك بكثير وتساوي 248 سنة من سنوات الأرض.. .. ومن ثم يكون اللذى على الأرض خلال سنة صار عمرُهُ واحداً وعشرين عاماً بينما فمن هو على عطارد عمره قد صار عمره عشرين عاماً وثلاثة أشهر .. بينما فمن على بلوتو قد صار عمره 249 عاماً من سنوات الأرض وهكذا .. لكن مامعنى السنة الضوئية ولماذا لم نستخدم المسافات العادية بالكيلومتر أو الميل .. ذلك لكون المسافات الكونية مهولة وستحتاج لأرقام تقريبية مهولة لذا كانت الحاجة لمسافة معيارية تختصر الدلالة العددية ومع هذا تكون دقيقة لذا كانت سرعة الضوء هى المقياس وتقدر 300كم/ث فمثلاً أشعة الشمس تصل الأرض فى ثمانى دقائق وبهذا يكون بعد الشمس عنا ثماني دقائق ضوئية وهنا استخدمنا وحدة الزمن لقياس المسافة.. ذكرنا سابقاً أن سرعة الضوء تبلغ 300 ألف كيلو متر في الثانية الواحدة وهذايعني أنه يمكن للشعاع الضوئي أن يدور سبع مرات حول الكرة الأرضية في الثانية ولذلك لا نستغرب حين نشاهد في احدى المحطات الفضائية برنامجاً تلفزيونيا ويشاهده في نفس اللحظة اناس اخرون على الطرف الثاني من الكرة الارضية لأن الاشارات التليفزيونية تنتقل بسرعة الضوء (لانها اشعة كهرومغناطيسية مثل الضوء). وبالطبع نحن نسمع صوت الرعد بعد لحظات من رؤيةضوء البرق أو نرى ضوء انفجار قذيفة قبل لحظات من سماع صوتها وهذا يعود إلى الاختلاف الكبير بين سرعة الضوء وسرعة الصوت (تبلغ سرعة الصوت 330 متر في الثانية). وسرعة الضوء ثابتة في الفراغ مهما تغير مكان المشاهد اوالراصد لسرعة الضوء. لتوضيح الجملة الأخيرة سوف نضرب مثالين من واقع الحياة اليومية. مثال: عندمانكون في سيارة سرعتها 100 كم/ساعة فإننا نرى الاجسام الثابتة وكأنها هيالتي تتحرك بنفس السرعة وفي الاتجاه المعاكس. ولكن عندما تأتي سيارة منالاتجاه المعاكس تسير بسرعة 100 كم/ساعة فإن سرعتها بالنسبة لنا تكون 200كم/ساعة (لا حظ هنا اننا جمعنا السرعتين في حالة اقتراب السيارة منا)،وإذا تجاوزنا سيارة سرعتها 80 كم/ساعة نقيس سرعتنا بالنسبة لهذه السيارةعلى أنها 20 كم/ساعة (لاحظ هنا أننا طرحنا السرعتين في حالة ابتعادنا عنالسيارة الاخرى). وإذا كانت السيارة الأخرى تسير بنفس سرعة سيارتنا فإننانقيس سرعة تلك السيارة بالنسبة لنا على انها صفر أي انها ثابتة بالنسبةلنا. مثال : لنفرض سيارة تسير بسرعة 100 كم/ساعة وقام شخص باطلاق رصاصة من مسدس في اتجاه حركة السيارة علماً بأن سرعة الرصاصة بالنسبة للمسدس هي 1000 كم/ساعة ثم استدار نفس الشخص وأطلق رصاصة أخرى في اتجاه معاكس لحركة السيارة. فإذاما قام شخص على الطريق وقاس سرعة الرصاصة في الحالة الأولى سيجد أنها1100 كم/ساعة وفي الحالة الثانية سيجد سرعة الرصاصة 900كم/ساعة. وهذا يعودإلى أن سرعة السيارة تجمع مع سرعة الرصاصة في الحالة الأولى وتطرح منهافي الحالة الثانية. هذا التسلسل المنطقي للموضوع محسوس لنا ونعرفه جيداً ولا غرابة في ذلك ولكنماذا يحدث اذا استبدل المسدس بمصدر ضوئي هنا يتدخل آينشتين ويقول أن الوضعمختلف فسرعة الضوء تبقى ثابتة في كلا الحالتين وتساوي 300 ألف كم/ الثانية وهذا لا يتغير مهما بلغت سرعة السيارة ولو فرضنا جدلاً أن السيارة تسير بسرعة الضوء فإن الضوء المنبعث من المصباح سينطلق أيضا بنفس سرعة الضوء. وتعالى لنفترض أنك في غرفة مظلمة تماماً وتحرك جسم من مكان إلى مكان آخر في هذه الغرفة فإنك لا تعلم بذلك (على افتراض انك لا تعتمد على حاسة السمع) ولكن في وجودالضوء فإن انتقال الجسم او حركته ترصدها من خلال انعكاس الضوء من علىالجسم المتحرك إلى العين. الضوء هو الوسيلة الوحيدة التي نعلم من خلالها حدوث حدث ما في الكون وهو اسرع وسيلة لنقل المعلومات بين النجوم والمجرات فحدث ما على الشمس نعلم به على الارض بعد ثمانية دقائق من وقوعه، وانفجارنجم الفا قنطورس يصلنا خبره بعد اربعة سنوات لان الضوء القادم منه سيصل الارض بعد اربعة سنوات وكذلك النجوم التي نراها في الليل قد لا تكون موجودة الان ولكننا نرى الضوء الذي صدر عنها منذ سنوات او الاف السنوات حسب بعدها عنا أما التي تبعد عنا الف مليون سنة ضوئية فإن ضوءها الذي يصلنا الآن يعطينا معلومات عنها قبل ظهور الحياة على الارض!! هذا يقودنا إلى أن كلمة الآن لا وجود لها إلا على الأرض هذا كله يدركه الناس ولاغرابة فيه لأننا نعلم كم هذا الكون واسع وفسيح.. لم تقف النظرية النسبية عند هذا الحديث فقط بل تعدته إلى القول أن الزمن نفسه لا يجري في الكون بشكل متساوي بل يقصر ويطول حسب سرعتنا ومكاننا بالنسبة للحدث.. لتوضيح هذا الفكرة نفرض ان شخصين لديهما ساعات متماثلة تم ضبطهما بدقة، احد الشخصين قرر البقاء على الارض والشخص الآخر سافر في مركبة فضائية تسيربسرعة كبيرة، فإذا وفرت للشخص الارضي مرصدا يراقب من خلاله ساعة الشخص الفضائي فإنه كلما زادت سرعة الشخص الفضائي كلما تباطئت حركة عقارب ساعته بالنسبة للشخص الأرضي واذا ما وصلت سرعة المركبة الفضائية إلى سرعة الضوء إن الشخص الأرضي سوف يجد ان عقارب ساعة الشخص الفضائي توقفت عن الحركة أي أن الزمن توقف واصبح صفراً (لا يمكن الوصول بسرعة جسم إلى سرعة الضوء) وهذا التباطؤ في ساعة الفضائي ليس بسبب خلل في الساعة انما نتيجة لسرعته.. إن الأمر لا يقف عند هذا الحد في النظرية النسبية لأن ذلك انعكس على مفهومن اللماضي والحاضر والمستقبل فمثلا انفجار نجم ما قد يكون ماضي بالنسبة لشخص في هذا الكون ويكون حاضر لشخص آخر في مكان اخر وقد يكون مستقبلا بالنسبة لشخص ثالث في مكان ثالث. وهذا بسبب تباطؤ الزمن حسب سرعة كل شخص بالنسبة للحدث ومكانه.. ولا معني للماضي والحاضر والمستقبل إلا على الارض لان الشريط الزمني المعروف لنا يتباطئ بدرجة معينة في مكان معين في الكون ويتباطأ بدرجة مختلفة في مكان آخر وهكذا.. نعودُ فنقول لو أن توءماً عمرهما عشرين عاماً إنطلق أحدهما فى مركبة فضاء بسرعة 300 كم / ث حيث يتباطأ الزمن شيئاً فشيئاً كلما ذادت السرعة حتى إذا ماوصلت حدها الأقصى المذكور هذا وهو سرعة الضوء هنا الزمن يتوقف بالنسبة له ومهما ظلَّت رحلته فى الكون .. فلو عاد بعد عشرين عاماً سيكون عمره عشرين عاماً كما هو بينما توأمه اللذى على الأرض بات ذو الأربعين عاماً .. وفى هذه الحالة لو كان بإمكانه مشاهدة أخيه اللذى على الأرض لرأى مستقبلاً هو حاضر بالنسبة لأخيه بينما بالنسبة له فهو مستقبله بأم عينيه .. ومن ثم يظل الزمن يتباطأ وينكمش كلما زادت السرعة حتى تصير سرعة الضوء وهنا يتوقف الزمن ليرتد إلى الماضى لتبدأ رحلة العود من بعد اللازمن إلى الماضى وبذات التدرج المرتبط بالسرعة اللذى أحدث المستقبل من قبل .. والعلماء قد رأوا إستحالة حدوث العودة للماضى إنما أكدوا إمكانية السفر إلى المستقبل .. لكون الماضى هو عبَث بالمقادير اللذى قدرها الله على العباد فيعود الإنسان ليعبث فى مقادير الكون بما لايمكن أن يقبله الله ولن يُمكِّن الإنسان منه .. فى نظرى أن السفر عبر الزمن ربما يتحقق بالفعل عبر آلة للسفر من خلالها وبها ذات مواصفاتٍ خاصة تحافظ على الكتلة من التلاشى عندما تصير السرعة سرعة ضوء .. وهنا لو حدث لما كان يُخشى على الإنسان أن يحترق بل ولأمكنه أن يذهب لمستقبله فى رحلة هى الأمتع من الخيال لاريب .. سألت صديقى عالم الفيزياء ومن قبل سفره إلى طوكيو بقولى .. مامعنى قدرة أهل الأرض عليها فى قوله تعالى (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنت وظن أهلهاأنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) .. ؟ فقال : إن ظنَّ الإنسان أنه بمقدوره العبث بثوابت الكون ونواميسه وقد حاول .. هنا لابد أن يوقفه الله فوراً بفناء الأرض لكونه لو تركه يفعل مايشاء فقد يُفسِدُ فى الأرض بما لايرضى الله وهو يقدر على ذلك بعقله اللذى لايعرف قيمته الا الله فأسجد لهُ ملائكته لاريب .. ساعتها قُلت له : سبحان الله !!