«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلطه المسرحيه و ساحة الفنون

منيره المهديه - هى زكيه حسن منصور مواليد 1885 بقرية مهديه بمحافظة الشرقيه وقد لحن لهاالموسيقار محمد علي لعبة من الطقاطيق العشرات أشهرها‏:‏ أسمر ملك روحي‏,‏ ويا حبيبي تعالي بالعجل‏,‏ ويمامة حلوة ومنين أجيبها طارت يا نينة عند صاحبها‏..‏ وكانت القطقوطة قالبا جديدا في الغناء ليس بالدور ولا الموشح ولا الموال‏,‏ لكنه شكل جديد في الأغاني يتسم بالرشاقة وخفة الظل والحركة‏,‏ ومن هذا المنطلق أبدعت منيرة المهدية في تلك الطقاطيق وغنى سيد درويش‏:‏ بونجور يا هانم يا عنية أنا والله هايم ما تردي علي‏,‏وظل صالح عبدالحي يغني الطقطوقة من العشرينيات حتي بداية الخمسينيات والتي كان آخرها ليه يا بنفسج‏,‏ وامتلأت ساحة عطاء محمد عبدالوهاب بالطقاطيق وأشهرها فيك عشرة كوتشينة وخايف أقول اللي في قلبي‏..‏ وتجمح وتجنح سلطانة الطرب عندما تغني طقطوقة زكريا أحمد إرخي الستارة اللي فريحنا لحسن جيرانك تجرحنا وقلبي بيطب قوي وخايفة‏/‏ عندك شباك نواحي العطفة افتح درفة وأقفل درفه‏/‏ ونقوم نغير مطرحنا‏,‏ والساعة كام يا سي محمد‏/‏ الوقت راح ياللا نروح‏/‏ يا خوفي لا بابا يسألني‏/‏ وعلشان غيابي يزعلني‏/‏ وأقول له إيه لو يسألني الساعة ستة وزيادة‏/‏ وحياة عيونك بزيادة‏/‏ هو إحنا خدناها عادة؟ الوقت راح ياللا نروح‏...‏ ومن بعد ثورة‏19‏ تستقيم طقاطيق المهدية التي كانت من أشد المتحمسين لكفاح المرأة المصرية حتي أنها كانت تحرص قبل بداية عرض مسرحياتها علي أن تغني
وكادت منيرة المهدية أن تسلب عقول المتفرجين والمستمعين في مقهاها نزهة النفوس الذي استثنته السلطات الإنجليزية من الإغلاق لأنها كانت تعمل لشخصية منيرة ألف حساب‏,‏ وكان الوطنيون الأحرار يجتمعون فيه ليتنسموا هواء الحرية حتي أنهم قالوا‏:‏ هواء الحرية في مسرح منيرة المهدية
وقد كان لسلطانة الطرب مواقف وطنية عديدة ساهمت من خلالها في بعث روح الوطنية حتي أنها استغلت نفوذها لدي أصحاب الشأن في أخذ العفو عن كثير من الطلاب الذين كانوا يقدمون للمحاكمات أيام ثورة‏1919,‏ وذهبت إلي مقر اللورد اللنبي لتحصل منه علي أمر بالعفو عن طالب وحيد لأمه قبضوا عليه أثناء المظاهرات‏,‏ وفي مسرحية كلام في سرك شاهدها رائد الاقتصاد المصري طلعت حرب‏,‏ فشد علي يدها قائلا إنه بعد مشاهدته الرواية خرج مقتنعا تماما بضرورة تنفيذ إنشاء بنك عربي ومصنع عربي‏,‏ وفي رواية بعنوان كلها يومين‏,‏ أي كلها يومين ويخرج الإنجليز رمز فيها مؤلفها يوسف القاضي إلي السلطان عبدالحميد بشخصية رجل تركي في حالة وصاية علي منيرة المهدية التي هي مصر‏,‏ وفيها تغني منيرة من ألحان سيد درويش‏:‏
شرفك لو ضاع منك واتهان منين تجيب غيره بكرة
إن عشت عيش حر ومنصان وإن مت خلد لك ذكري
وكان رئيس الوزراء حسين رشدي باشا من رواد مسرحها ومن أشد المعجبين بها وتروي أنه طلب منها يوما في صحبة بعض الوزراء التوسط لدي السلطات الإنجليزية للإفراج عن شاب وطني يدعي محمود جبر السجين في ثكنات قصر النيل‏,‏ وذهبت منيرة إلي دار الحماية‏,‏ وطلبت مقابلة المعتمد البريطاني الذي سألها عن دافعها لإطلاق سراح الرجل الخطير مؤكدا لها أنه سيلبي طلبها فقط إذا ما كان الأمر يتعلق بالحب والرغبة في الزواج‏,‏ فاضطرت منيرة إلي الادعاء بأن دافعها هو الحب‏,‏ فأجابها المعتمد‏:‏ سأفرج عنه بشرط واحد هو أن يتم الزواج حالا‏,‏ وأمامي وقبل أن تخرجا من هذا الباب‏..‏ ووافقت منيرة وتم زواجها بمحمود جبر علي يد المأذون المهرول المستدعي من قبل السلطات البريطانية بشهادة اثنين من موظفي السفارة‏..‏ واستمر الزواج أربع سنوات أشقي أيام حياتي‏,‏ ولم أجد وسيلة للهروب من حكم الطاعة إلا بالاغتراب‏,‏ فهجرت مصر إلي سوريا ولبنان والعراق‏,‏ وخفت أن يتتبعني فأوغلت في الصحراء حتي بلغت الناصرية وأقمت عند سلطان تلك المنطقة من الخليج العربي‏,‏ وكان معي فرقتي‏,‏ وهناك غنيت وحفظ الناس الأغاني‏,‏ ولما تم الطلاق وقفت من الفرحة أغني‏:‏بعد‏13‏ سنة ارتحت من بعد التعب لما يريد ربنا تيجي علي أهون سبب وتوفي والدها وهي رضيعة فتولت رعايتها شقيقتها الكبري وإن كتبت في مذكراتها أنها قد ولدت بالإسكندرية وأن أختها أدخلتها هناك المدرسة التي كانت تزوغ منها‏,‏ وذلك علي درب من يشتهرون فيكتبون لهم تاريخا جديدا كما يتراءي لهم في أوقات الفسح بين الحصص كانت تجتمع الطالبات ونبدأ اللعب في الفسحة نقفز ونغني‏,‏ وحين أبدأ أنا في الغناء يسكت الكل‏,‏ ولم أكن أهتم بهذه المسألة فماذا يهمني في أن يكون صوتي جميلا‏..‏ وكانت البنات يطلبن مني أن أغني فألبي عن طيب خاطر‏,‏ وعند الانصراف كنت أعود لبيتنا في شبه مظاهرة‏,‏ فالسميعة يسيرون من حولي لأغني لهم طوال الطريق‏,‏ وكانت النوافذ تفتح والناس تخرج للبلكونات ينصتون بإعجاب شديد ويلقون فوقي الزهور‏..‏ وتزور بيتهم الحاجة سيدة اللاوندية المطربة الشهيرة لتنصت ولا تصدق‏,‏ وترعي البرعم الصغير تدربه علي الأداء السليم‏,‏
وتذيع شهرة منيرة في محافظة الشرقية‏,‏ وتنتقل للعاصمة الزقازيق ليسمعها محمد فرج أحد أصحاب المقاهي بالقاهرة ليغريها بالعمل عنده في عام‏1905‏ لتبقي مغنية وراقصة خمس سنوات‏,‏ ويسمعها كامل الخلعي ويعرض عليها العمل في مقهاه بحارة بير حمص بالقرب من باب الشعرية بالقاهرة‏,‏ وتضيق منيرة بالمكان لتنتقل لملهي الألدرادو فيتسع صيتها لتستأجر بالأزبكية مقهي زهرة النفوس ومنه إلي تياترو برنتانا ثم مسرح الكورسال‏..‏ وتنتقل الست منيرة كما كانت تلقب في مرحلتها الفنية الأولي إلي لقب مطربة الأزبكية الأولي‏,‏ ومن بعدها كانت سلطانة الطرب‏,‏ تنتقل من الطقاطيق إلي تمثيل روايات الشيخ سلامة حجازي وغناء قصائده بعد إصابته بالشلل عام‏1909,‏ وهو الذي قال لها بعد سماعه لها لأول مرة‏:‏ أوصيك خيرا بحنجرتك وبتلك البحة الخالدة‏,‏ فصوتك اسمه الصوت الأبيض‏,‏ وتسأله منيرة بسذاجة‏:‏ هو فيه صوت أبيض يا شيخ سلامة؟‏!‏ فيرد عليها الفنان المتذوق‏:‏ صوتك كل‏100‏ سنة لما ييجي في الدنيا صوت زيه‏,‏ حافظي عليه‏,‏ حافظي كويس‏..‏ وقد قامت منيرة المهدية بأدوار الرجال التي كان يقوم بها الشيخ سلامة علي المسرح‏..‏أدت دور وليم الفاتح في رواية صلاح الدين‏,‏ وقامت بدور روميو في رواية روميو وجولييت أو شهداء الغرام كما أسماها الشيخ‏,‏ ودور راداميس في رواية عايدة‏,‏ ودور علي في رواية علي نورالدين‏,‏ ودور راؤول في رواية ضحية الغواية وغنت فيها قصيدته الشهيرة سلي الكواكب يا شارلوت عن سهري‏,‏ وكان الشيخ سلامة يشهد رواياته فينسي كل شيء‏,‏ ينسي أنها تمثل رواياته‏,‏ بل أدواره‏,‏ وأنها تنافس فرقته‏,‏ ويذكر شيئا واحدا إنها صوت من السماء‏,‏ فيصيح من أعماقه إعجابا وطربا‏:‏ الله أكبر‏...‏ ثم غالبت منيرة المهدية أنوثتها فتركت روايات الشيخ وتخلت عن أدوار الرجال‏,‏ وعادت الأنثي الفنانة التي تهز المسرح بأنوثتها وفنها‏..‏ وقدمت توسكا القصة الخالدة‏,‏ ووقف أمامها علي المسرح لأول مرة في حياته المطرب الكبير صالح عبدالحي بعد ريجيم قاس هبط بوزنه كثيرا الذي يروي أنه في ليلة الافتتاح وقف أمام منيرة علي المسرح‏,‏ وغنت‏,‏ فانسجم‏,‏ وبدلا من أن يرد عليها‏,‏ أخذته النشوة‏,‏ فنسي أنه يمثل‏,‏ وأطاح بقبعة التمثيل في الهواء صائحا‏:‏ الله‏..‏ كمان يا ست‏!..‏ وضجت الجماهير بالضحك والتصفيق‏,‏ وبهتت منيرة‏,‏ فقال لها علي المسرح أيضا‏:‏ أعمل لك إيه؟‏!..‏ أعصابي‏..‏ هو أنا مش بني آدم؟‏!‏ كانت منيرة سيدة المسرح‏..‏ لا لأنها صاحبته فحسب‏,‏ ولا لأنها بطلته فحسب‏,‏ بل لأنها كانت المخرجة‏,‏ ومديرة الشئون المالية‏,‏ ومهندسة الديكور والإضاءة‏,‏ ومصممة الأزياء‏..‏ أما الذين لحنوا لها‏,‏ فقد بدأوا بسيد درويش‏,‏ ومن بعده زكريا أحمد‏,‏ وكامل الخلعي‏,‏ وداود حسني‏,‏ ومحمد القصبجي‏,‏ ومحمد عبدالوهاب‏,‏ ورياض السنباطي‏..‏ كانت تبدأ أسطواناتها بصوتها‏:‏ الله الله يا أسطي منيرة‏..‏ أما المؤلفون فكان منهم فرح أنطون الذي ترجم لها كارمن‏,‏ ثم أعقبتها العديد من الأوبرات والأوبريتات توسكا وأدونا وكلام في سرك والتالتة تابتة وكلها يومين‏,‏ والغندورة وقمر الزمان وحورية هانم والجيوكندا‏,‏ والمظلومة وكيد النسا وحماتي ولولو من ألحان رياض السنباطي‏,‏ ونورا تأليف أمين صدقي‏,‏ والدجالين ومملكة الحب والمخلصة تلحين زكريا أحمد الخ‏..‏
وكانت مسرحية المظلومة أنا أول عمل يشاركها فيه محمد عبدالوهاب وبعدها كانت كيلوباترا التي لحن لها فصلها الثالث بعد أن لحن سيد درويش فصليها الأول والثاني وتوفي قبل استكمال الفصل الثالث‏,‏ فأكملها عبدالوهاب وقام ببطولتها عام‏1927‏ وكانت منيرة المهدية قد عهدت أولا بتلحين الفصل الثالث للموسيقار داوود حسني فقام بعمله وتقاضي أجره إلا أنها رأت أن الألحان لا تكمل مسيرة ألحان سيد درويش فعهدت بها إلي محمد عبدالوهاب الذي استشار والده الروحي الشاعر أحمد بك شوقي فشجعه عليها‏,‏ ولكن محمدا قرر ألا يقوم بالعمل إلا إذا قام بتمثيل دور أنطونيو الدور الذي كان قصيرا لا يزيد علي بضع كلمات في الفصل الأول فاتسع تبعا لرغبته لتدخله عدة أغان لحنها عبدالوهاب لنفسه ومنها لا لست بالرجل الذي يحب إلي غير ذلك من ألحان لا تقل جودة عن ألحان سيد درويش‏,‏ وأبدع عبدالوهاب في الفصل الثالث الذي قام وحده بتلحينه‏..‏ وتوالت المواقف التي تجمع بين كيلوباترا وأنطونيو‏,‏ ليغني فيتسيد‏,‏ وتغني فتفقد رصيدها من الإعجاب‏,‏ وكانت منيرة يومها ممتلئة القوام بينما عبدالوهاب هزيلا ضامر العود من وزن الريشة‏,‏وفي أحد المواقف ترتمي كيلوباترا علي صدر أنطونيو نائحة‏:‏ حبيبي أنطونيو‏..‏ أنت جريح؟‏!..‏ وحدث أن الشاب النحيل لم يحتمل مرة كيلوباترا علي صدره‏,‏ فسقط علي أرضية المسرح ومن فوقه كيلوباترا فكادت تكتم أنفاسه ليتصايح الجمهور الجدع مايستحملشي يا سلطانة‏..‏ وتحكي منيرة المهدية أنه أثناء عرض الأوبريت دخل حسين رشدي باشا غرفتها قائلا‏:‏ إيه الواد المفعوص ده؟ أنا أنفع في دور أنطونيو أحسن منه‏,‏ وكان حسين رشدي وقتها رئيسا لمجلس الشيوخ‏..‏ فقالت له منيرة علي الفور‏:‏ مفيش مانع يا باشا‏,‏ بس علي شرط تعين عبدالوهاب رئيسا لمجلس الشيوخ‏..‏ فتركها ضاحكا بوعد بالنظر في الأمر‏..‏ و‏..‏ كتب النقاد يتساءلون بعد مشاهدتهم للأوبريت‏:‏ أين صوت المهدية؟‏!‏ أين سحرها؟‏!‏ لقد جاء عبدالوهاب لينزلها عن عرشها‏,‏ العرش الذي اغتصبه المطرب النحيل‏,‏ وفيما كتبته وقتها المجلة الموسيقية كما أوردته الدكتورة رتيبة الحفني‏:‏
لقد رأي عبدالوهاب أنه إذا ما سار في التلحين مراعيا مصلحة المطربة من طبقة تمكن صوتها من تأدية مختلف الدرجات بقوة وعذوبة محافظا علي النسبة الحسابية بين طبقتي صوتي الرجل والمرأة فإن عجز صوته المحدود سوف يخرجه من حلبة السباق خاسرا‏,‏ ومن هنا وضع ألحانه من طبقة تناسب صوته هو بينما جعلها تغني في غير حدود طبقتها فخرج صوتها عاديا لا تطريب فيه‏,‏ فاترا لا حول له‏,‏ مما حرم مميزات صوتها أداء ما ثبتها علي عرشها‏,‏ وأطال عمر سلطانها‏,‏ وخرج الجمهور قائلا‏:‏ لقد صغر المهدية في نظرنا‏,‏ وتفهها في سمعنا حتي أنسانا إياها‏..‏ ويصف عبدالوهاب بعدها منيرة المهدية قائلا‏:‏ كانت سيدة جميلة جدا‏,‏ مصرية الشكل‏..‏ وجهها منمنم القسمات‏..‏ حلوة‏..‏ دمها خفيف‏..‏ بنت مجلس‏..‏ وكان وزني عند عرض الرواية يتراوح ما بين‏40‏ 45‏ كيلو‏,‏ أما كيلوباترا أو الست منيرة‏..‏ فكانت ما شاء الله أكبر مغنية في ذلك الوقت وكان العظماء يغسلون قدميها بالشامبانيا و‏..‏ لم تهتم منيرة بما يقال في أول الأمر عن سحب عبدالوهاب السجادة من تحتها إلا أنها استيقظت علي حقيقة خطر عبدالوهاب فبدأ الخلاف الظاهري علي الأمور المادية بينما كان ما خفي أعظم‏,‏
وجاء في شرح وجهة نظر عبدالوهاب:‏ لم أدخل مع السيدة منيرة في اتفاق تفصيلي علي الأجر‏,‏ ولكن بعدها جاءت اللحظة التي كان لابد فيها من تسوية الحساب‏,‏ وعندها طالبت بأن يكون أجري عشرة جنيهات في الليلة الواحدة‏,‏ وعارضت السيدة منيرة رغم أن الإيرادات كانت ذات أرقام يتواضع أمامها هذا الأجر‏,‏ وأصرت علي ألا يزيد علي ستة جنيهات‏..‏ وحاول الأصدقاء التسوية بتقسيم البلد بلدين‏,‏ لكن أحدنا لم يتزحزح عن موقفه‏,‏ وإزاء إصراري وإصرارها اتفقنا علي أن أترك الفرقة بشرط أن أتقاضي راتبي عن المدة التي اشتركت فيها بالتمثيل معها بواقع عشرة جنيهات عن الليلة‏,‏ وكان مبلغا لا يستهان به لم أقبضه في عمري قبلها‏,‏ وبعد مغادرتي للفرقة حاولت أن تقلل من أهمية هذا الانفصال فأسندت دور أنطونيو إلي الأستاذ عبدالعزيز خليل الذي لا صلة له بالغناء‏,‏ ثم استعانت بعدها بالأساتذة صالح عبدالحي ثم سيد شطا وعبدالغني السيد‏..‏
وجاء تعليق منيرة المهدية في حوار أجراه معها عبدالحليم حافظ في مجلة الكواكب عام 1954 حول كيلوباترا وعبدالوهاب‏:‏قالت منيره كان عبدالوهاب بيشتغل عندي ملحن وكمل ألحان الرواية‏,‏ وكان دور مارك أنطوان بيعمله الممثل عبدالعزيز خليل‏,‏ لأن الدور ماكانش من الأصل محتاج مغني‏,‏ والناس ماكانش يهمها التمثيل في حقيقة الأمر‏,‏ وإنما كان يهمها إنها تسمعني أنا وبس‏..‏ حتي الأستاذ فكري أباظة جاني يقول لي‏:‏ انت فاكرة يا سلطانة إن الناس عايزة تشوف تمثيل؟ الناس عاوزين بس يسمعوكي‏..‏ ولما نجح عبدالوهاب قوي لأنه غني قصادي أغراه النجاح بطلب زيادة في الماهية‏,‏ وعمل نمرة مش لطيفة أبدا‏..‏ جه يوم البروفة الجنرال وماجاش‏.‏ يعني كان فاضل علي عرض الرواية يوم‏,‏ قمت أنا زعلت منه جدا‏,‏ وحتي كنت يومها جايبة له هدية تساوي‏150‏ جنيها أيام ما كان الجنيه بعشرين‏,‏ وكنت جايبة له شوية قمصان وحاجات زي دي لزوم المظهر من البون مارشيه بحوالي عشرين جنيها‏..‏ أقول لك الحق لما عمل الفصل ده قلت هو حر ولااديتوش الحاجات اللي كنت جايباهاله‏..‏
وتتوالي دقات مسرح منيرة المهدية التي تزوجت‏5‏ مرات معلنة إسدال الستار لا فتحه وذلك بعد مأساة فشل فيلمها السينمائي الوحيد عام‏1935‏ المأخوذ عن مسرحيتها الغندورة‏,‏ وكان من إخراج الإيطالي ماريو فولبي وقصة وحوار بديع خيري وبطولتها مع أحمد علام وعباس فارس وبشارة واكيم وروحية خالد‏,‏ واكتملت المأساة باحتراق النسخة الأصلية من الفيلم‏,‏ وانتقد الكتاب أداءها في الأوبريتات المقتبسة بأنها غير مؤهلة للغناء الأوبرالي‏,‏ فقد كانت تغني علي المسرح كما لو كانت تؤدي علي التخت الشرقي وتصر علي الظهور في الشخصيات الأجنبية بالقماش التللي المطرز بالترتر وخرج النجف‏..‏ ويكتمل تعتيم المسرح الشخصي‏,‏ في مطلع الحرب العالمية الثانية‏,‏ حين تستعد صاحبة الألف حذاء التي كانت تقول إن ثمنها يوازي دخل أي فنانة لمدة سنة‏,‏ والتي أهداها الملك فؤاد سيارتها الحمراء موديل‏1934‏ تستعد لبدء موسمها بمسرح برنتانيا فتدهمها سيارة بالطريق‏,‏ تلزمها الفراش لمدة ستة أشهر‏..‏ وكانت العواصف من قبل قد هبت في كل مكان لتقتلعها من عرشها يوم مات الصحفي عبدالمجيد حلمي رئيس تحرير مجلة المسرح مدبج المقالات النارية ضد منافستها أم كلثوم‏..‏مات العاشق الصحفي صريع الحمي والحب‏,‏ ورفضت منيرة أن تزوره في غيبوبته قائلة‏:‏ إن عبدالمجيد مريض بالسل وهي تخشي أن يصاب بالعدوي‏..‏ وكان الصحفي الصعيدي الشاب الولهان يغار غيرة عمياء من الكاتب الصحفي فكري أباظة خاصة عندما شاهده بعد انتهاء عرض مسرحية كيلوباترا يميل علي يد حبيبته ليقبلها إثر انحناءة من قامته الفارهة تكاد فيها جبهته تلامس الأرض فكتب يوم‏28‏ فبراير‏1927‏ يقول لمنافسه‏:‏ هي امرأة واحدة نحبها نحن الاثنين يا صديقي‏,‏ أهو القدر يعبث بنا أم نحن نعبث بها‏,‏ أم هي تلعب بنا جميعا؟ قلت لي في مقابلتنا الأخيرة إنها باحت لك بغرامها‏,‏ وأنها تحبك من دوني ولولا أنها تخشاني لنفرت مني وقالت لي بالسلامة‏.‏ ألم تذكر أنها قالت ذلك؟ وفر عليك جهدك فقد سمعت منها هذه الألفاظ عنك‏..‏ إذن هي تعبث بنا جميعا‏,‏ أحدنا تخشاه والآخر تجد مصلحتها في استرضائه‏,‏ ومع ذلك فأنت تعبدها وتطمع فيها وتغار عليها‏,‏ أما أنا فأحبها بلا عبادة ولا طمع ولا غيرة‏..‏ ويكتب مصطفي أمين في أخبار اليوم بعد ذلك مقالا ناريا تحت عنوان‏:‏ المطربة التي قتلت الصحفي‏,‏ والصحفي الذي دفن المطربة‏!!.‏صاحبة أشهر عوامة علي شط النيل في إمبابة التي اشترتها بثمن فيلتها بمصر الجديدة ستة آلاف جنيه‏,‏ ثم اشترتها بعد االملكة نازلي‏,‏ `ذلك وفى احد المرات النادره من لطائف حياة منيره المهديه ان طلبت من المعجب البرنس يوسف كمال أن يهديها أسدا فأرسله في الصباح التالي للعوامة واستبدله بشبل صغيرا تبعا لرغبتها‏,‏ وكان من زوار العوامة الفريق إبراهيم فتحي باشا وزير الحربية الذي يأتي بملابس التشريفة وعلي صدره عشرات الميداليات‏,‏ وعبدالخالق ثروت باشاخير سميع بشرط الهدوء‏,‏ وحسين رشدي باشا رئيس الوزراء الذي كان يعقد اجتماع مجلس الوزراء في صالون العوامة‏,‏ ويقول لها لما أكون عندك بيروق بالي وألقي حلولا جذرية لمشاكل الوطن‏,‏ وأنا لازم أجيب بكرة مكتبي هنا‏,‏ فترد ضاحكة‏:‏ طيب يا باشا ما تعملني معاك وزيرة‏..‏ ولم يكن يمر يوم دون أن تقيم وليمة غداء أو عشاء‏,,‏ ولقد تعرض كل من الوزير أحمد خشبة باشا وحسين رشدي باشا‏,‏ لغضب الملك فؤاد لعلمه بأن كلا منهما قد قبل يد منيرة المهدية علنا‏,‏ فأقال الأول‏,‏ وهدد الثاني والذي رد أنه ليس في الدستور مادة تمنع رئيس مجلس الشيوخ من أن يقبل يد مطربة‏..‏
وكانت قد التقت بكمال أتاتورك عدة مرات بدايتها في مقهاها نزهة النفوس بالقاهرة عندما استقبلته بغناء بعض الموشحات التركية فقدم نفسه لها مهنئا‏:‏ اسمحي لي أن أقدم لك نفسي‏..‏ أنا البكباشي مصطفي كمال‏..‏ وكانت المفاجأة الكبري عندما لبت دعوة من الأتاتورك في تركيا لتفاجأ بأنه البكباشي مصطفي كمال الذي قدم لها زوجته ليزا إحدي عضوات فرقتها الراقصة في القاهرة‏..‏ وفي جولاتها غنت منيرة لباي تونس أغنيته المفضلة أسمر ملك روحي‏,‏ وفي البصرة نزلت ضيفة علي سلطان المحمرة ليملأ حقيبتها كل ليلة ذهبا‏,‏ وفي سوريا طبعت كبري شركات السجائر صورتها علي ماركة جديدة اسمها منيرة‏..‏ وكانت بدلة رقصها في الغندورة مرصعة بكاملها بالجنيهات الذهبية الحقيقية تحفظها بعد انتهاء التمثيل كل ليلة في خزانة حديدية بالبنك‏..‏ويأتي عام‏48‏ فتفكر منيرة في العودة إلي الأضواء لكنها كانت شبح منيرة علي المسرح‏,‏و لم يودع سلطانة الطرب بعد وفاتها عام‏1965‏ سوي خمسة أشخاص فقط‏..‏ حفيدها من ابنتها الوحيدة نعمات وثلاثة من أصدقائه وأمين صندوق معاشات الفنانين‏ وبائع الجرائد ومساعد فى البوليس وبعض الجيران ومازلت احتفظ بتلك الصوره فى مكتبتى المؤرخ و الباحث فى التراث الفنى وجيه ندى
01204653157 01006802177 [email protected].‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.