قال المجلس العسكري الحاكم في مصر يوم الاحد انه حل البرلمان وعطل العمل بالدستور وسيحكم لمدة ستة شهور فقط أو لحين اجراء انتخابات وذلك عقب تنحي الرئيس حسني مبارك. وتعهد بيان للمجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي تولى الحكم في البلاد بعد احتجاجات على حكم مبارك دامت 18 يوما باجراء استفتاء على تعديلات دستورية. وكان رد الفعل الاولي للشخصيات المعارضة وزعماء المحتجين ايجابيا. وصاح أنصار الديمقراطية في ميدان التحرير "انتصار.. انتصار". وصاح البعض الاخر "لسة.. مش كفاية". وقال الزعيم المعارض أيمن نور الذي ترشح أمام مبارك في انتخابات الرئاسة عام 2005 ان هذا انتصار للثورة. وأضاف نور أن ما أعلنه الجيش لا بد أن يكون قد لبى تطلعات المحتجين. وقال محمود نصار وهو من قيادات حركة الشباب ان الجيش نفذ جزءا كبيرا من مطالب الشعب. ودعاه الى الافراج عن جميع السجناء السياسيين الذين اعتقلوا قبل ثورة 25 يناير وبعدها. وأضاف "عندها فقط سنوقف الاحتجاجات". وفي وقت سابق سيطرت قوات الجيش على ميدان التحرير للسماح بحركة المرور في وسط القاهرة ضمن جهود الجيش الدؤوب لاعادة الحياة الى طبيعتها. ونشب جدل محتدم بين المحتجين في ميدان التحرير بشأن البقاء في الميدان أو الامتثال لاوامر الجيش بالمساعدة في عودة الحياة الطبيعية. ورددت مجموعة من الناس "الشعب يريد اخلاء الميدان" وردت مجموعة أخرى "مش حنمشي.. مش حنمشي." وتتخذ مصر أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان أولى خطواتها المؤقتة نحو الديمقراطية ويعكف منظمو الاحتجاجات على تشكيل مجلس أمناء للدفاع عن الثورة ودعوا لاصلاحات سريعة من جانب الجيش بغرض اعادة القانون والنظام. وتجمع ضباط شرطة خارج وزارة الداخلية للمطالبة بزيادة أجورهم. وأطلقت أعيرة نارية تحذيرية ولكن لم يصب أحد. وفي وقت سابق دفع جنود بعضهم يحمل العصي المحتجين جانبا لفتح ميدان التحرير أمام حركة مرور السيارات. وطلب المحتجون الافراج الفوري عن السجناء السياسيين ورفع حالة الطوارئ التي استخدمها مبارك في سحق المعارضة كما طالبوا بالغاء المحاكم العسكرية واجراء انتخابات حرة ونزيهة وسرعة تسليم السلطة للمدنيين. وعلى الرغم من تنحي مبارك قال بعض المعارضين انهم يعتزمون البقاء في التحرير لضمان أن ينفذ المجلس العسكري تعهداته الخاصة بانتقال السلطة. ويعتزم المحتجون تنظيم مظاهرة كبيرة يوم الجمعة للاحتفال بالثورة وتكريم من قتلوا خلال الاحتجاجات. وقال نصار في مؤتمر صحفي "الثورة مستمرة. مطالبها لم تتحقق بعد." وأضاف "الاعتصام والاحتجاجات مستمرة لحين تحقيق المطالب.. الكل مدعوون للانضمام." واستراتيجية الجيش هي تهدئة الناس والعالم بشأن نواياه وضمان تطبيق القانون على المدى القصير بعد تفكك جهاز الشرطة الذي أخفق في سحق الاحتجاجات بالغاز المسيل للدموع والهراوات. وقال الجيش يوم السبت انه يتعهد بالالتزام بتعهدات مصر الدولية التي تشمل معاهدة السلام مع اسرائيل. وصار القيام بأعباء الشرطة قضية ملحة. وقال وزير الداخلية المصري محمود وجدي ان مصر بحاجة الى "سرعة عودة عناصر الشرطة المدنية في اقرب وقت". وقال ان 13 ألف سجين كانوا قد فروا من السجون في الايام الاولى من الثورة ما زالوا هاربين. وظهر بعض أفراد شرطة المرور في شوارع القاهرة يوم الاحد الى جانب جنود ودبابات يحرسون التقاطعات والمباني الحكومية الحيوية. لكن وزير الداخلية قال ان الشرطة عادت للعمل بنسبة 35 في المئة فقط من قوتها قبل الازمة. وقال المتحدث باسم الحكومة "المهمة الرئيسية لهذه الحكومة هي استعادة الامن والنظام وتنشيط عجلة الاقتصاد وتسيير الحياة اليومية." وسعى رئيس الوزراء أحمد شفيق لطمأنة المواطنين بشأن الحكم العسكري بعد اجتماع الحكومة فقال ان الشؤون الحكومية تعرض على المجلس الاعلى ورئيسه كما كانت تعرض على رئيس الجمهورية. واضاف في مؤتمر صحفي انه لا يوجد تغيير في الشكل أو طريقة العمل. وأكد على أن الامور مستقرة تماما. ووصل شفيق الى منصبه بعد أن عينه مبارك خلفا لاحمد نظيف سعيا لوقف الاحتجاجات. وقال شفيق أيضا انه يضمن أن تعيد الحكومة الحالية حقوق الناس وتحارب الفساد. وفيما يتعلق بمصير نائب الرئيس عمر سليمان الذي عينه مبارك قال شفيق ان دور سليمان سيحدده المجلس الاعلى للقوات المسلحة. وحث الاصلاحي البارز والرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الجيش على اشراك مدنيين في العملية الانتقالية. وقال لشبكة تلفزيون سي.ان.ان "نريد مشاركة كثيفة للمدنيين." واضاف "لا يمكن ان يكون الجيش هو الذي يدير العرض." وقال شفيق انه يعتقد ان مبارك ما زال في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الاحمر وان الحكومة لم تتقدم بأي طلب لتجميد أمواله في الخارج. وقال متحدث باسم الحكومة "اذا دعت الحاجة فسيكون هناك طلب". وقال وزير بريطاني انه ينبغي أن تكون هناك خطوة دولية للتعامل مع أموال مبارك في الخارج. والى جانب التوتر في ميدان التحرير وتظاهر ضباط من الشرطة كانت هناك احتجاجات نفذها عمال من وزارتي الثقافة والصحة حيث نفس الناس عن غضبهم بعد ثلاثة عقود من القوانين التي منعت المعارضة. وكانت تعليمات الجيش واضحة بشأن ميدان التحرير. وقال محمد ابراهيم مصطفى علي قائد الشرطة العسكرية ان الجنود أزالوا خيام المحتجين من الميدان. وأضاف أن الشرطة العسكرية لا تريد بقاء المحتجين في الميدان بعد الان. وقال محتجون ان الجنود اعتقلوا نحو 50 شخصا واقتادوهم الى منطقة احتجاز تابعة للجيش قرب المتحف المصري على مقربة من الميدان. ولم يعلق الجيش فورا على ذلك. وبينما كان رجال الشرطة العسكرية يتحركون لتفريق المحتجين صاح مشاركون "سلمية سلمية". ووقعت مناوشات واستخدم بعض الجنود العصي في ضرب المحتجين. وتشبث بضع مئات بالبقاء بينما راقب الموقف نحو 2000 شخص. وزاد حجم الاحتجاج مع انضمام فئات مختلفة من الناس ومنهم مشردون وفضوليون. وتعهد المحتجون الاكثر التزاما بالبقاء. وقال محمد صلاح وهو محتج رفض ازالة خيمته "لن أبرح الميدان. على جثتي. أنا أثق بالجيش ولكنني لا أثق بمن يسيطرون على الجيش وراء الكواليس." وقالت فاتن حسن وهي محتجة أخرى ان الوقت حان لترك الجيش يؤدي وظيفته. وأضافت "اذا فشلوا في تنفيذ مطالبنا فنحن نعرف طريقنا للعودة الى الميدان. المصريون يعرفون الطريق الى أي انتفاضة يريدون قيامها مرة أخرى." لكن جهاد لبان وهو محاسب قال انه ما زال هناك جهد كبير مطلوب لضمان عدم اهدار مكاسب الثورة. وقال في اشارة الى ما قام به الجيش المصري من الاطاحة بالنظام الملكي عام 1952 "وقفنا الى جانب الجيش في ثورته... لابد أن يقفوا الى جانبنا." وأردف قائلا "لم يكن الهدف قط هو التخلص من مبارك. النظام بأكمله فاسد ولن نذهب قبل أن نرى اصلاحات حقيقية. سوف أدفن في التحرير. أنا هناك من أجل أبنائي. مصر غالية جدا لا يمكن التخلي عنها الان."