بعد الانتفاضة الشعبية التونسية ضد الحكم والنظام , تخلى الرئيس السابق زين العابدين بن علي عن الحكم وتحرر الشعب التونسي من ظلم دام 23 سنه حسب تعبير القنوات والإعلام التونسي . واليوم بعد سقوط نظام الحكم وبدون الدخول في الأحداث والحيثيات التي تلت ذلك السقوط والتي تناولتها بإسهاب كافة الفضائيات. تطرح عدة أسئلة مهمة حول الخريطة السياسية المستقبلية لتونس . فالشعب التونسي يطالب بالتعددية السياسية وإلغاء احتكار الحكم من طرف الحزب الدستوري الديمقراطي ومن الأحزاب التي خلقها كمعارضه في الشكل وهي في المضمون تابعة للحزب الحاكم والتي اصطلح عليها الشارع التونسي بأحزاب الديكور. أما الحزب الحاكم فهو يأمل في الاستمرار في الحكم ضمن مجموعة من التوفيقات السياسية للخروج بحكومة توفيقية وتعددية تضمن له البقاء في السلطة والخروج من المأزق بأقل الخسائر . أما المعارضة البرلمانية والتي تضم الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وحركة التجديد وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين والحزب الاجتماعي التحرري وحزب الخضر للتقدم وحزب الوحدة الشعبية فهذه الكتلة التي اشتركت في الحكم ضمن تيار المعارضة تأمل في أن تجد لها صوتا في الحكومة والبرلمان مرة أخرى رغم أن الإصلاحات المرجوة منها لم تكن تغذي طموحات الشعب التونسي وهو أمر جدا بسيط استنتاجه فإذا كانت المعارضة تقوم بمهامها لما انتفض الشعب وطالب بمجموعة من الإصلاحات الحقوق. وتتمثل المعارضة غير البرلمانية أي الغير ممثلة, في الحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وهذين الحزبين لم يظهر لهما تمثيل في الأجهزة المنتخبة لتبقى بذلك أجندتهم السياسية مبهمة. ومن جهة أخرى تتمركز داخل الخريطة السياسية التونسية مجموعة من الأحزاب التي لم ترخص لعملها الداخلية وبقيت تعمل في الخفاء أو نفي زعمائها وهي حزب التحرير وحركة النهضة وحزب تونس الخضراء وحزب العمال الشيوعي التونسي والمؤتمر من أجل الجمهورية وحزب العمل الوطني الديمقراطي والحزب الاشتراكي اليساري . وهي مجموعة من الأحزاب لها توجهات ومرجعيات مختلفة وفق أجندات إسلامية وعلمانية وشيوعية وليبرالية . تجتمع كلها في معارضتها للنظام وطريقة الحكم والاستئثار بالثروات ، ولقد أعلن كل زعماء هذه الأحزاب عن عزمهم الترشيح للرئاسة والمشاركة في الحياة السياسية والبرلمانية . وفي قراءة سريعة للخطاب الحكومي التونسي تتأكد رغبة السلطة في إشراك كافة الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني في الحكم وهي رغبة عبر عنها في المشاورات التي قام بها رئيس الوزراء محمد الغنوشي مع كافة الأطياف السياسية التونسية , وهذه الرغبة اعتبرها جزء مهم من الشعب التونسي حسب وسائل الإعلام تمويه للشعب واستمرار للحزب الحاكم. والمعارضة بدورها تعتبر انتفاضة الشعب التونسي فرصه لتدلوا بدلوها في إطار إشراكها في تسيير الشأن العام . إن الخريطة السياسية التونسية المتوقعة من خلال هذا الاستقراء المختصر سوف يغلب عليها الطابع العلماني على اعتبار كثرة الأحزاب التي تتبنى هذا الطرح مع الأخذ بعين الاعتبار استحالة حصول حزب معين على أغلبية برلمانية وذلك بالرجوع إلى وجود أكثر من خمسة عشر حزب لذلك تبقى الحكومة التوافقية هي الحل الأمثل لتحقيق طموح التونسيين الذين أبانوا عن رغبة جامحة في التغيير من أجل الأفضل , لا أملك بصفتي رجل قانون إلا أن أحترمها وأزكيها . وعاشت تونس أبية دائما في إطار من التنمية والرخاء والاستقرار والتعاون العربي. والله ولي التوفيق ؛؛؛ www.riyad-center.com