المؤرخ والباحث الفنى وجيه ندى هو وديع بشارة يوسف جبرائيل فرنسيس من مواليد لبنان 1نوفمبر 1921 في نيحا وقرية الشوف ، وكان والده يعمل صف ضابط في الدرك وخيالاً أيام الانتداب الفرنسي ورأس منطقة النبطية وجبل عامل . وقد ورث أخويه توفيق وإيليا هذا العمل عن والدهم ، ولا يزال الأخير يمارس عمله قائداً لفرقة موسيقى الأمن الداخلي اللبنانية . ولم يكن لأبيه شأن بالغناء إلا أنه كان سمّيعاً ويشجّع الفنّ ووالدته السيده شفيقه شديد العقيل - ووديع الابن الثاني بعد توفيق الابن البكرى والاصغر ايليا مواليد 1947 وله ست شقيقات هم توفيت احداهن وبقى على قيد الحياه ليندا ومارى وجان دارك وتبريز وناديه ( كانت مطربه باسم هناء الصافى ) ومن بعدهنّ وُلد أخي الأصغر إيليا وهو من مواليد عام 1947 ، وكان أوّل عهد وديع الصافى بالفنّ - كان يتعاون مع خاله نمر شديد العجيل وكان ذو صوت جميل وهو أوّل من علّمه العزف على العود . كان يعزف سماعيّاً على الربابة ثمّ الكمان ومن بعدهما جاء العود ؛ ومنذ ان أمسك بالعود لم يفارقه الى اليوم . وعام1931 ذهب مع زملائه بالمدرسه لنهنّئ السيدة نظيرة جنبلاط ، والدة كمال جنبلاط رئيس وزراء لبنان بعد وعكة صحّيّة فغنّى لها أغنية "يا حمام الدوح" وصار يسمع شحرور الوادي أسعد الفغالي عمّ المطربة صباح . كان شحرور الوادي عملاقاً ذا صوت جميل – وسمع لحن وصوت محمد عبد الوهاب ويا جارة الوادى وبرغم الشقاء فى ادائها الاانه مارس الغناء بها فى المحافل الفنيه واصبحت سهلة جدّاً مثل "شربة الماء"وكان يرتل في الكنيسة ، وتواكب عنده غناء ريفي وترتيل كنسي ، فكانا أهمّ شئ فى غنائه فيما بعد ,- ورغم صغر سنه ولظروف الاسره عمل صغيرا حلاقا فى احدى صالونات الحلاقه الرجالى وايضا عندما بلغ سن ال 15 عاما عمل فى معمل للزجاج . عام 1937 شجّعه والده لتقدّم الى الإذاعة وفعلاً تقدّم فتمّ قبوله، وهناك علّمه ميشال خياط وسليم الحلو القصائد والنغم والإيقاع الصحيحين . علّموه الموشّحات والتلحين وكانا يأتيان بالقصائد ويلحّناها على موازين سهله. كان ميشال خياط مغرماً بالشيخين سيد درويش وزكريا أحمد فتعلّم منه روح الرجلين . وفي العام 1938 فاز بالمرتبة الأولى في العزف على العود وفي التلحين والغناء ولمّا بلغ من العمر سبعة عشر عاماً .ثم اتى بما حفظه وتعلمه فى صباه من قرّادي ومعنّى وغزيّل وعميّم وأبو الزلف وعتابا وميجانا ، ونزح بتلك الكنز الى بيروت. عام 1940 خلال الحرب العالمية الثانية كان يسمع ألحان محمد عبد الوهاب ويرى أفلامه مع ليلى مراد ونجاة علي وغيرهما ويحفظ الألحان ويدرسها ، وتعرف على صوت أم كلثوم من خلال أسطواناتها وأفلامها ولا يستمع الى غيرهما الا أسمهان . وعشقت عبد الوهاب لاناقته والغناء الأنيق أقرب له من الحفظ والغناء وكان لا يستوعب غناء ام كلثوم الا فى فتره اخيره بعد ان اكتشفها واغرم بها وهي تسلطن بألحان رياض السنباطي . تعلّم في تلك السنوات الأولى كتابة النوتة بالطريقة التركية ، الا انها لم تعمّر طويلاً وحلّت محلّها الطريقة المعروفة اليوم ، وفى حياته غنى للإنسان...غنى للحب ..غنى للأبناء..غنى للأباء...غنى للطبيعة بسمائها وبحرها وجبلها وواديها......غنى للغربة...وغنى للوطن رنم بصوته العذب أجمل التراتيل الروحية ليسوع وللعذراء مريم بكل خشوع وتضرع.... هو الأسطورة وديع الصافي.. عام 1940 بدأ الاحتراف وكان يغنى فى احد المحلات وجائته الصبوحه وهى فلى سن الخامسة عشره وتريد الغناء وفعلا غنت معه من بين فرقتهم ومعهم المطربة لور دكاش الى جانب المطربه بهية وهبي التي اشتهرت باسم وداد و عام 1945 التقي بالحاج أبي نقولا بدران والد المطربة ألكسندرا بدران - نور الهدى والتي كانت تغنّي هناك . وساعده الى السفر لمصر عند يوسف وهبى الذي كان يستعد لبطولة فيلم مع نور الهدى – ويظهر معهم فى الفيلم وكانت قد سبقته صباح الى القاهره واقام وديع الصافى عند اقرباء ال دكاش واقام الحفلات فى القاهره بجوار خدمته فى الكنيسه وكان فى تلك الفتره يدعوهم طلعت حرب باشا مدير بنك مصر الى الحفلات والسهرات وعرض عليه مشاركته فى الفيلم المصرى “الخمسة جنيه” وكان الفيلم من انتاج بهيجه حافظ وهى التى طلبت من احمد الحفناوى الموسيقى ان يكون بجوارها مطرب ومغنياً لبنانياً ، فأتوا به فغنى مع مجموعه من المطربين ً في أغنية “جيتك من لبنان” وتقاضى مبلغ خمسة وثلاثين جنيهاً . وتقابل مع محمد عبد الوهاب بمكتبه ومعه نيقولا بدران والد نور الهدى وبعد التحيه طلب منه الموسيقار سماع صوته وفوجأ به يغنى لحن الفن وسبق للموسيقار ان غناه لاول مره منذ يومين فقط وقد استعادها منه بالغناء فى لفظ ليل عشرين مرّة ، ولا عجب فان الموسيقار ظل يؤديها كما غناها وديع الصافى \.لم ترضِ إقامته فى مصر طموحيه ولم يفعل شئ . وفي مرّة التقيى صدفه مع نجيب الريحاني فسأله ماذا تفعل فى مصر فكانت اجابته اجرب الحظ العوده الى لبنان افضل وبالفعل أحس أنه بالمهانه واستدان من المطرب محمد البكار والذى يقيم فى القاهره مبلغ 5 جنيهات وعاد الى لبنان بعد قضاء حوالى 13 شهرا فى مصر. عاد الى لبنان وعمل مع الأخوين رحباني في محل للغناء على طريق الشام في وسط بيروت . وكان الجمهور ياتى للا ستماع ايهم وكان الأخوان رحباني يعزفان معه، عاصي على البزق ومنصور على الكمان . كان يغنّي الميجانا والعتابا والمعنّى وكذلك “الفنّ” الجديدة لعبد الوهاب وأغنيات مصرية أخرى وعام 1947. سافرا معه حنان ونهاد بشعلاني فتولّى تدريبهما فازدادتا قدرة ، وكانت حنان مطربة مهولة وأهم من نهاد بكثير وهو ما صرح به – ايضا سافر الى البرازيل وهناك لقبوه كريستوفر كولومبوس و“طلّ الصباح” قد لاقت نجاحاً كبيراً في لبنان فأخذها معه البرازيل ونشرها بين المغتربين هناك . راح يغني الى جانب المعنّى والميجانا والعتابا القصائد الفصيحة أيضاً “ما لنا كلنا جوٍ يا رسول” لأبي الطيب المتنبي و”بين الخمائل والربى” لابرهيم البسيط. تزوّج عام 1951 وعام 1952 كانت ابنته دنيا 1952 ثمّ مارلين 1954 ثم فادي 1957 ثم طوني 1960 ثم جورج 1961 وأخيراً ميلاد 1967 .وخلال تواجده فى بيروت كان حليم الرومى رئيسا للاذاعه اللبنانيه وطلب منه اغنيات الزجل والبعيد عن الطرب ، وفعلا كان الامر خير له وايضا المستمعين واختفت اغنيات الجندول من الاذاعه والكرنك وحلت مكانهما أغان خفيفة مثل “يا عوازل فلفلوا” لفريد الأطرش ، وكانت الاذاعه على الهواء وكان جمهور المستمعين يستمعون لمده ساعه وهم فرحين وبعد ذلك للن يسمعوا تلك الاعمال لانها على الهواء مباشرة وبالطبع فقد ضاع الكثير من التراث اللبناني ، والمصري أيضاً . وتي بشيء جديد خفيف على نسق العوازل وهكذا ولدت فكرة “عاللومة” التي لاقت كما هو معلوم نجاحاً منقطع النظير . لم تكن الأغنية اللبنانية واضحة المعالم آنذاك وكانوا يغنونها ملتبسة ، على الرغم ان الأولين قد اجتهدوا فيها من أمثال نقولا المني وايليا بيضا والياس ربيز وسامي الصيداوي . هؤلاء بدأوا الأغنية المحلّية ، بين الأمزجة العراقية والسورية والفلسطينية والمصرية ، وكان للمبدع وديع الصافى منذ عام 1959 اشتراكه في مهرجان بعلبك مع فيروز ، وكان الفنان المبدع حينما قامت الحرب الاهليه سافر الى بنما فى رحلة الاغتراب الثانيه كي يوفر لعائلته لقمة العيش فى تلك الفتره ولم تكن موفقة ، اذ مرض هناك وتقطّعت الأسباب كلها لا أكلاً ولا مبيتاً ولا وسيلة سفر ، فأرسل الى صديق له يسعفنه ولم تفلح المحاوله وعاد الى ارض الوطن مره اخرى لقد خدم لبنان في الغربة كثيراً و أرسل له الرئيس كميل شمعون طالباً منه ان يوافق فى الاشتراك بمهرجانات بعلبك الدولية فوافق . شارك في :* “مهرجان بعلبك” عام 1959 مع فيروز والرحابنة والذي غنى “البير” ، من نسج الرحابنة وهب الهوى وغيرها . ويذكر أنّ خلافاً نشب بيني وبين الرحابنة بعد إغفال اسمه بلاعلانات أدّى الى معاقبته باختصار دوره الغنائى في مهرجان تلك السنة ، فاتّفق مع توفيق الباشا قائد الفرقة الموسيقية أن يشير لتستقرّ الآلات على نغمة معيّنة فيقوم بإكمال ما اختصره الرحابنة ، في ارتجال على المسرح مباشرة أمام الجمهور ، وهذا ما حصل بالفعل ؛من الفنان وديع الصافى ومهرجان بعلبك الاخوان رحبانى وصباح وانا - وكان أهمّ من غنّى وتجاوب معه في الغناء الريفي من الأصوات النسائية ولها طلة استعراضية شكلاً وصوتا ً- فكان نجاحاً كبيراً وأفضل بكثير من وجهة نظري من المهرجان الأول . غنى فيه مع صباح الله معك يا زنبقة وعمّر يا معلم العمار وطلعني درجة درجة وأغاني شعبية عالماني ودلعونا وعيونك أخذوني ويا أم الضفاير ويا ليل يا ما فيك وغيرها . “حكاية لبنان” في “مهرجان الأنوار” عام 1960 وفيه غنّى بالساحة تلاقينا والحياة في الضيعة ورمشة عينك وشو عاد بدي فيك ولبنان يا قطعة سما ولوين يا مروان وليلتنا ويالله يا مرتي شعلي هالنار وغيرها ؛ * “طواحين الليل” في “مهرجانات جبيل” عام 1960 ؛ ” مهرجانات الأرز” عام 1963 وفيه غنى يا أرز يا صامد بأعلى جبالنا وخضرا يا بلادي وأبو المرجلة وسيجنا لبنان وغيرها ؛“أرضنا الى الأبد” في ” مهرجانات بعلبك الدولية ” عام 1964 ؛ فيه غنى الزلزال وكبيرة يا ابني فرحتي والكبة هيدي أكلتنا ويا أم العين الكحلا ويا جرن انت من حجر لبنان وغيرها ؛ “نهر الوفا” في “مهرجان وادي فينيقيا” عام 1965 ، غنى فيه وكان وكان ما كان وخيي الأبد لبنان وفي نهر الوفا ولبنان جنة صفا وغيرها ؛“بحر اللولو ” في “مهرجانات بيت الدين” عام 1970 وغنى فيه يا بحر يا دوار وليالي العمر وبتذكري الإيام وغيرها ؛ “هالأرض منا ” في “مهرجانات مزيارة ” عام 1971 وغنى لا اللبناني من لبنان ولبنان غايتنا ولفيوا الغياب ويسعد مسا أهلك ويا ابني يمكن ما نعيش ؛ “أيام صيف” في “مهرجانات بيت الدين” عام 1971 وغنى فيه انت وأنا يا ليل وبتذكر الأيام والرعيان ويا قمر الدار ويا معمر للعز دياره وطاير طاير ويا بو مرعي وغيرها ؛ “وتضلّوا بخير” في “مهرجانات بعلبك الدولية” عام 1974 وغنّى فيه طيري يا يمامة وموال شروقي قاصد حماكم وقومي تا نمشي ويا ريت جنكيزخان ويا خيام الهنا وغيرها. “مدينة الفرح” في “مهرجانات بيت الدين” عام 1975 وفيه غنى بعدن ببالي وبلدي يا قصة الجداول وبهالكيس موجود السر وزرعنا تلالك وغزلان بلادي ولرميلك حالي من العالي والليل يا ليلى والمجد معمرها وغيرها .بعد ذلك جاء الطوفان فأجهض المشروع الموسيقي اللبناني الى غير رجعة . أحرقت الحرب الأهلية كل أخضر ويابس وشتّتت من لم تحرقه الى غربة وطنية وفنّية لم يعد منها . راحوا يجوبون بلاد الغربه حتى استقرّت الرحال في باريس ، ولم تتسنّ له العوده الى الوطن الا بعد ان وضعت الحرب الاهليه أوزارها في مطلع التسعينات من القرن الماضي . إلا أنّ قطار العمر كان قد فاتنه وقد بتّ في خريف العمر وقد تخطّى السبعين من عمره، ولم يعد له طاقة على العطاء فلم يغنى بعد ذلك جديدا إلا في باب الابتهالات الدينية والأدعية ولا ننسى نحن محبى فن الفنان وديع الصافى عندما يغنى عظيمه يا مصر و نعمة الايام من نظم احمد علام والحانه – وايضا يا عينى ع الصبر للمؤلف نجيب نجم والحان رياض البندك – دار يادار و على رمش عيونها من نظم حسين السيد والحان بليغ حمدى ايضا قدم له محمد عبد الوهاب لحن عندك بحريه – القارب ع المينا من نظم فؤاد حداد والحان عبد العظيم عبد الحق – وهناك اغنيه طللوا احبابنا من نظم مصطفى محمود والحان زكى نصيف – باعت لى سلامى من نظم قارون كرم والحان عفيف رضوان – نجوم واغنيات من نظم اسعد سابا – قالتلى بتروح لك مشوار من كلمات عبد الجليل وهبى والحان فيلمون وهبى ولا ننسى الحان الله يرضى عليك يا ابنى – قولى احبك وكذبى – ولو – قلبى يهواها البنت الريفيه – ارضى عم بتقاسى – هوى لبنان – سبحان من جملك على الله تعود – عطشان يا قلبى – هل القمر – سبحان خالقها – شو صابك – قلبى وين قلبك وين – غلطنا مره واحده وحبينا – قتلونى العيون السود – جينا الدار نسال ع الحبايب – شاب الهوى وشبنا – ويلى لو يدرون – حبيبى ونور عينيه – يا عيون بابا – ع الدعونه – هيهات اخطر على باله – ايدى على خدى – الليله مش بكره – بالساحه اتلاقينا – مالنا كلنا جوا- حلوه وغندوره- سلامتك ياريس – بين الخضره والميه – الفرحه الليله جامعه – يا قمر الدار – هون علينا يا زمن – ومسير اغلى الناس – الليل يا ليلى واذا مصر قالت نعم اطال الله عمره واشكركم والى مقال اخر \ المؤرخ والباحث فى التراث الفنى وجيه ندى وللتواصل 0106802177 [email protected]