ما أجمل وما أروع وما أعظم أن تكون فى الكون أداة للخير تحاول أن تسعد غيرك وتصنع المحبة فتهديها للناس وللدنيا بأسرها لمن يستحق ومن لا يستحق!، فأنت صانع للمحبة جالب للخير،منتج ومسوق لهما . والأعظم من ذلك أن تكون عند ربك سبحانه وتعالى محبوبا ومفضلا على غيرك وفى أهل السماء علما بارزا مميزا فينادى الله تعالى جبريل عليه السلام أنى أحب فلانا فأحببه فيحبك جبريل وينادى فى أهل السماء أن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبك أهل السماء ثم يوضع لك القبول فى الأرض. ثم يكون الله لك سمعك الذى تسمع به ويدك التى تبطش بها وقدمك التى تسعى بها لا ترى إلا بنور الله يتعثر المتعثرون أما أنت فلا ، تضيق صدور كثيرة أما صدرك فقد شرحه الله تعالى بالإيمان ،يملؤه اليقين فى الله والأنس بقربه والسعادة برضاه عنك .هذا يأنس بماله وذاك يأنس بزوجة حسناء وآخر يأنس بمنصب أو جاه أو مكانة ، أما أنت فلا أنس يوازى أنسك ولا قرب يساوى قربك ولا حب يضارع حبك لله وحب الله لك ، ذلك لأنك من صناع المحبة. أيكون لك هذا كله وأكثر ، ثم تكون من صناع الكراهية وأهل البغضاء وترويجها والاتجار فيها وتعاطيها وإدمانها . ألا ما أردأها من بضاعة ! و ما أخسرها من تجارة! وما أتعس أصحابها ! أتترك هذا الخير وأهله وتلهث وراء أناس لا تتعلم منهم إلا كيفية كراهية البشر بلا سبب ولا داع .أيها العاقل إنهم يصنعون الكراهية فلا تكن معهم فتفوز فوزا كبيرا .إنهم قد تفننوا فى كيفية ترويج البغضاء والكراهية وزرع بذورها بين جنبات نفوس ضعفت تارة أمام المظاهر الكاذبة وتارة أخرى أمام ما يتوهمون أنه منصب أو مكانة أو جاه ،إنهم يلقنونك فى الكراهية دروسا لا يقدر على تدريسها الشيطان نفسه ، إنهم يهدمونك دون أن تدرى يدمرون فيك بقايا رجولة وآثار نخوة وأشلاء محبة وشيئا من إيثار يحولونه فيك إلى أثرة ، فإذا ما سلمت لهم من دون الله أمرك ، قاموا بشق صدرك لا ليملئوه نورا وحكمة فما كانوا يوما ما ملائكة وما كنت أنت ولن تكون نبيا ، بل يشقون عقلك وصدرك وفؤادك ليملؤه كرها على كره وبغضا على بغض وأنانية فلا ترى إلا نفسك .ولا يزالون بك حتى تأكل أكلتهم وتمشى مشيتهم وتضحك كما يضحكون وتهزأ كما يهزءون ، وعندئذ لا نجد لك شخصا ولا عقلا ولا رأيا ، فالرأى رأيهم وليس لك من الأمر شىء .انتبه إذن فأنت مجرد من كل شىء من أجل لا شىء.