ليس من شك أن قرار الجمعية العامة بمنح فلسطين وضع (دولة مراقب) غير عضو في لأمم المتحدة إنجاز لا يضاهيه إنجاز ، وخطوة واثبة على طريق حل القضية . قد يرى جانباً آخر الأمر من زاوية أخرى ،ويعتبره تفريطاً في الثوابت للقضية الفلسطينية ،لأن الحصول على إعتراف الجمعية العامة من وجهة نظرهم هو اعتراف بدولة اسرائيل ، وان تكون حدودفلسطين المستقبلية هي فحسب حدود الرابع من يونيو عام 1967 .فالمنطق يقودنا الى أن ما لا يدرك جله لايترك كله، وماهكذا تورد الإبل . لقد خولت تلك الصفة لفلسطين الحق في أن تشارك في الاجتماعات المختلفة للمنظمة دون أن يكون لها حق التصويت على القرارات. وتعطيها الحق في تقديم المقترحات والتعديلات والمشاركة في المناقشات.و حق المطالبة بالانضمام لبروتوكول المحكمة الجنائية الدولية والإنضمام الاتفاقيات الدولية، أسوة بدولة الفاتيكان. ولا سيما بعض المنظمات دولية تتمتع أيضا بصفة مراقب ، منها جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي. ويالها من فرصة ...أي فرصة، ونصر أي نصر. بعد أن كانت منظمة التحرير الفلسطينية مجرد "كيان بصفة مراقب"، واستعيض عن تلك التسمية "منظمة التحرير" بتسمية "بعثة المراقبة الدائمة لفلسطين" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر الثمانينات. إنها المصالح الدولية ...لا سامحها الله ،التي جعلت من دولة وليدة السنة الماضية ، دولة إنبثقت من دولة السودان العربية ، ألاوهي( جوبا )؛ دولة تتمتع بالعضوية الكاملة منذ ولادتها . وأخرى ضاربة في جذور التاريخ وبإعتراف عربي موثق ، تسعى لنيل أبسط الحقوق . ألا وهي صفة دولة مراقب. لقد سقط القناع عن مدعي معاونة القضية الفلسطينية ، وقد تبين للفلسطينيين أنفسهم الغث من السمين ، بعدما تبينوا بالواقع العملي ومن خلال عملية التصويت ،من الصديق من العدو؟!! وعلموا أي الفريقين خيرمقاماً وأحسن ندياً . يقع على السلطة الفلسطينية تحديات وتبعات عظيمة ، عليهم خوض غمارها وهي كما يلي: أولاً: عليهم تدويل القضية ،وعرضها على المنظمات الدولية الأوروبية والدولية ، ولقد أبت اسرائيل إلا تكميم الأفواه ،ومحاولة التشويش على القضية الفلسطينية . ثانياً: فتح الملفات القضائية المسكوت عنها لا سيما ملفات الأسرى المقتولين وجرائم الحروب والمذابح التي أرتكبتها قوات الإحتلال الإسرائيلية ، والمطالبة بالتعويضات اللازمة لبناء إقتصاد الدولة المستردة إن جاز التعبير والتعويضات عن إستعمار وإحتلال أراضي بالقوة ،والإعتداء الصارخ على الحريات ، وإنتهاكا لمبادئ القانونية الدولية سواء في القانون الدولي العام ،أو في القانون الإنساني ،أو مواثيق حقوق الإنسان الدولية ، والمطالبة بالتعويضات من أوروبا ، لا سيما إنجلترا (بريطانيا) بعد وعد بلفور ، وعد من لايملك لمن لا يستحق. وكشف وفضح ممارساتها العنصرية ضد الفلسطينيين والشعوب العربية ، والتنديد بالملف النووي الإسرائيلي ، المسكوت عنه ، والتنديد في نفس الوقت بموقف والوكالة الذرية للطاقة المتخاذل ،أمام المجتمع الدولي . ثالثاً: على الفلسطينيين و قبل كل شيئ إعادة ترتيب البيت من الداخل، فعليهم في المرحلة القادمة ...المصالحة ثم المصالحة بين الطوائف السياسية الفلسطينية ،وعدم التشرذم والتناحر ،بما يعرقل مسيرة القضية الأم ،ويقف حجر عثرة أمام تحقيق المطالب . وليعلم الجانب الفلسطيني أن إسرائيل هي دولة ضعيفة هشه من الداخل ،تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ،ولكن شتان بيننا وبينهم ، هم ينحون المشاكل جانباً. رابعاً: لقد حدث تغير نوعي في التعامل مع القضية الفلسطينية ، الإلتجاء للخطوات القانونية المدروسة ومنها ،الإلتجاء للمحكمة الجنائية الدولية ، لملاحقة من يسمونهم بجنرلات إسرائيل . وتقديمهمللعدالة الدولية كمجرمي حرب . لقد خلفت إسرائيل واقعاً يصعب تغييره دون تنازل ، وأقصد ذلك التنازل النسبي لتسهيل تغيير الواقع الملموس ، عبر إحتلالها طويل المدى للأراضي الفلسطينية خامساً: توضيح مسئولية المجتمع الدولي عن ما آلت إليه القضية الفلسطينية ،وإحتلال الدولة الصهيونية ،ومأساة الشعب الفلسطيني ، ومطالبته بالوقف السريع لبناء المستوطنات الإسرائيلية . محاولة التنديد بممارسات الإستيلاء على الأراضي الفلسطينية ومصادرتها وفق مختلف القوانين الاسرائيلية التي تتيح ذلك ،أو بناء الجدار العنصري العازل ؛ الذي أقرت محكمة العدل الدولية ،عدم شرعيته وقانونيته في حكمها الإستشاري المعروف . سادساً: محاولة استصدار قرارت دولية بإيقاف مشروع القدس الكبرى ،التي تعكف إسرائيل على تنفيذه منذ سنوات ،ولم تحرك الحكومات العربية ساكناً ، ومحاولة تسجيل جميع المناطق الأثرية ، في المنطمات الثقافية الدولية ،على غرار ما حدث في كنيسة بيت لحم. إن التسليم بحل الدولتين أمر منطقي وحل مؤقت ، وهو خطوة فعلية وجدية ؛ لا تسعى إليها إسرائيل ولا ترتضيها مطلقاً، ولكن تماطل وتحاول التبرير بالجلوس على مائدة المفاوضات على هامش فكرتها . سابعاً: حقاً ... إنها فرصة تاريخية لن تتكرر ، وهي ثورات الربيع العربي غيرت تلك السياسة التي كانت تنتهجها الولاياتالمتحدة وإسرائيل ،للضغط على الحكام العرب المتخاذلين ، الذين كادوا أن يضيعوا القضية برمتها وهي لا زالت بأعناقهم منوطة بإستخدامهم أساليب قمع وتسكين الشعوب العربية الغاضبة . أخيراً...أقولها وبكل ثقة ...إن صلاح الدين المنتظر لايحمل سيفاً ... يخرجه من غمده متى شاء وكيفما شاء... معتمداًعلى محض قوته فحسب ، لا ليست القوة وحدها هي الحل الوحيد للقضية الفلسطينية ،كما يزعم الزاعمون ، بل إن صلاح الدين القادم يحمل علماً يذود به عن العرب ... يطالب ،يناضل، يندد ،لا يفوتن فرصة إلا أقتنصها . بآلية قانونية ممنهجة . ليست من خلال تصريحات الشجب والتنديد الجوفاء ... مفروغة المضمون ... ممن لا يملكون القرار. أقول للفلسطينيين أنفسهم ...أنتم أسياد قراركم .. لا تنتظروا من العرب المتكالبين على كراسي الحكم بعد أن من الله عليهم بزوال الطواغيت .. فكفروا بأنعم الله ... وأخذوا يتوسلون للكرسي سبيلاً. غلى حساب شعوبهم و أوطانهم. --------------------------- ماجستير في الحقوق وباحث بالدكتوراة كلية الحقوق جامعة الإسكندرية.