اتفق عدد من المحللين ان تفاعلات المرحلة لراهنة داخل الساحة السياسية المصرية افرزت ثلاث قوى رئيسية هي :القوى الاسلامية ومركز ثقلها الاخوان المسلمين ، القوى المدنية ممثلة في الشخصيات السياسية والإعلامية فضلا عن الحركات السياسية مثل كفاية و6 ابريل وتمرد ومركز ثقلها الاعلام الحديث والتقليدي ، قيادات الدولة والمؤسسات الرسمية ومركز ثقلها الجيش باعتباره حامي الوحدة الوطنية، والمقصود بمركز الثقل هنا السلطات او الاجهزة التي تتمتع بقدرات ضبط او تنظيم ومن ثم امكانية حشد وتعبئة وتجنيد بما يخدم افكارها ومشاريعها. والسبب الذي جعل هذه التشكيلات الثلاث تحظى بأهمية يعود الى طبيعة ضعف الاحزاب بمفهومها التقليدي وقيم المؤسسية و الرسوخ التنظيمي وهيكلة الافكار في اجهزة دائمة ، فضلا عن ضعف الثقة في كل التنظيمات باعتبارها جزءا من النظام وفلوله ،وهو ما يعود الى رواسب ثقافة سياسية تشكلت في عهد قطيعة بين النظام السياسي والشارع ، فضلا عن الواقع الذي افرزته الثورة والذي ادى الى بروز دور الحركات السياسية باعتبارها مفجر ثورة يناير وراعيتها و طبيعة المرحلة الانتقالية والتي ادت الى بروز دور الجيش باعتباره مؤسسة محايدة وبعيدة عن المهاترات السياسية. ويمكن ان نجزم ان التفاعلات بين القوى الثلاث الرئيسة ستحدد الى حد بعيد مدى استقرار مؤسسات النظام او حدوث ازمات او انهيار في نسق تفاعلاته . وبالنسبة لأنواع التفاعلات الممكنة الحدوث والمتوقعة فيمكن حصرها في ما يلي : التعاون او الاقصاء ،المساومة ،الامر الاقناع ،الاجماع. ومن بعض مظاهر هذه التفاعلات ما يلي : - فرض قرار العزل من قبل الجيش بعد محاولته اقناع كل الاطراف التوصل الى حل من خلال مهلة مقدمة قدرت ب 48 ساعة - محاولة الوصول الى اجماع وطني جميع الاحزاب من اجل تكوين حكومة تكنوقراطية تم فيها التخلي عن خيار البرادعي بسبب تحفظات حزب النور - محاولة التفاوض بين الاخوان والجيش رغم انه لم يتوصل الى الكثير بسبب تباعد وجهات النظر. الملاحظ ان التفاعلات الحادثة كانت تحظى بمبادرة الجيش مما جعله صاحب الوصاية الاول وعراب هذه المرحلة ، في حين ان الانقسامات وظروف القوى الاخرى جعلها تتراجع الى استقبال القرارات والمشاريع ، فبالنسبة الى القوى الاسلامية فقد عانت من غلق قنواتها التلفزيونية والتهديد باعتقال قادتها فضلا عن تراجع شعبيتها وتأكل شرعيتها تدريجيا ففقدت القدرة على المبادرة وتبنت مواقف دفاعية ،اما بالنسبة للقوى المدنية فالملاحظ انها لا تحظى بانسجام فكري او ايديولوجي فهي تحمل كل التيارات التي لم تستوعبها القوى الاخرى ورغم انها كانت صاحبة المبادرة بلا منازع في ثورة يناير وتمرد يوليو الا انها بقيت تفتقد الى مشروعات بديلة تجعلها صاحبة مبادرة فضلا عن عدم توفر قدرة ضبط لديها بسبب عدم توفرها على أي سلطة فهي تنظيمات افقية . والملاحظ ايضا ان التحالفات المؤقتة كانت مابين الجيش والإخوان او الجيش والقوى المدنية على حساب الاخوان ،في الوقت الذي تتسع فيه الفجوة بين القوى الاسلامية والمدنية بسبب خلافات بنيوية وإيديولوجية تمنعها من تشكيل أي تحالفات سياسية دون خطر الانفجار من الداخل في الوقت الراهن . والمعضلات التي تواجهها هذه القوى حاليا تتمثل في قدرتها على تشكيل قنوات بديلة للتواصل بدل اللجوء الى التظاهر العشوائي في الشارع ، وبناء تحالفات حقيقية تتجاوز الاختلافات الايديولوجية والسياسية وتحقيق مصالحة سياسية تبني اسس نظام سياسي قادر على تحقيق احتياجات الشعب ، وصنع مشاريع تستوعب طموح الجماهير وآمالها .