تنظيم مؤتمر إرشادي لطلاب الثانوية العامة لتحديد مسارهم الجامعي بالبحيرة    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    أبرز قرارات الحكومة في اجتماعها الأسبوعي    الصحة العالمية: غزة تواجه جوعا جماعيا بسبب الحصار الإسرائيلي    شيوخ السويداء بسوريا: ما حصل بحق أبناء عشائر البدو جريمة حرب    القاهرة والرياض تبحثان مستجدات الأوضاع بالبحر الأحمر    حيثيات الحكم في "انفجار خط غاز أكتوبر": "نعوش تحركت في صمت.. وضحايا قطعت أحلامهم لحظة إهمال"    تناول السلمون يوميًا- ماذا يفعل بالجسم؟    برلين تمهد الطريق أمام تصدير مقاتلات يوروفايتر لتركيا    رغبة جارسيا تتحدى عروض الرحيل عن الريال    ليفربول يوقع عقد احتراف مع اللاعب المصري كريم أحمد    بعد الرحيل عن الأهلي.. يحيى عطية الله يقترب من العودة لناديه الأصلي (تفاصيل)    إعلام إسرائيلي: حماس تطالب بإطلاق سراح أكبر عدد من الأسرى    تجديد الثقة في تامر سمير رئيسا لجامعة بنها الأهلية والمغربي والدش وشكل نوابا حتى 2026    حمدى رزق يكتب: الحبُ للحبيبِ الأوَّلِ    هجوم روسي أدى إلى انقطاع الكهرباء عن 220 ألف أوكراني    طرح الإعلان الرسمي لفيلم Giant بطولة أمير المصري    محادثات اقتصادية وتجارية بين الصين والولايات المتحدة.. على أساس مبادئ الاحترام المتبادل    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    مؤشرات تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي في كل المحافظات    تحرير 7 محاضر لأصحاب أنشطة تجارية في حملة تموينية بالعاشر من رمضان    الأسد من المشاهير والحمل قائد المشاريع.. كيف يتعامل مواليد كل برج مع الحياة الجامعية؟    حقق إيرادات 51 مليون جنيه في 21 يوم.. أحدث أفلام أحمد السقا في السينمات (تفاصيل)    «فتحنا القبر 6 مرات في أسبوعين».. أهالي قرية دلجا بالمنيا يطالبون بتفسير وفاة أطفال «الأسرة المكلومة»    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    محافظ الغربية يتابع أعمال إصلاح كورنيش طنطا: نتحرك بخطوات مدروسة    البورصة تربح 13 مليار جنيه في آخر جلسات الأسبوع    عرضان برتغالي ومصري.. الأهلي يستقر على إعارة لاعبه    برلماني: "23 يوليو" نقطة تحول لبناء دولة العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني    نجوم لم يحصلوا على شهادة الثانوية العامة.. أبرزهم «محمد الشرنوبي»    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة ويشيد بالتقدم المحقق    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 59 ألفا و219 شهيدا    اللون الأخضر يكسو مؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم    أفضل الوسائل الطبيعية، للتخلص من دهون البطن في أسرع وقت    حتى 31 أغسطس المقبل.. استمرار العمل بتيسيرات الإعفاء بنسبة 70 % من غرامات التأخير للوحدات والمحال والفيلات    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    تقرير تونسي يكشف موعد انضمام علي معلول للصفاقسي    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    مواصفات واسعار سيارات جينيسيس الكهربائية في السوق المصرية بعد طرحها رسميا    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    أسعار البيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عباس شنن أحد القيادات التاريخية لتنظيم الجهاد ل"المصريون": لا عودة للعمل السري.. وسعى "الإخوان" لتسويق أغلبيتهم دولياً يعرقل تدشين تحالف إسلامي داخل البرلمان

لا ينكر د. عباس شنن أحد القيادات التاريخية لتنظيم الجهاد وعضو المكتب السياسي لحزب السلامة والتنمية أن تنظيمه وحزبه يعيش حالة من الارتباك فالأيديولوجية العرجاء للتنظيم حسب وصفه وتركيزها فقط على الطابع المسلح فرضت حالة من الجمود على التنظيم وجعلته يحتاج وقتاً طويلاً لتطويرها لتكون قادرة على التكيف مع الواقع السياسي الحالى..
شنن يرى أن تجربة حزب السلامة والتنمية «الجهادى» رغم ما يواجهه من عقبات فإنها ستنجح في النهاية كوعاء سياسى للتنظيم السابق بشكل يقطع الطريق تماماً على الماضي المسلح ويجهز على العمل السرى الذى سددت له ثورة 25 يناير رصاصة الرحمة.
ولا يجد شنن حرجاً فى تأكيد أن النتائج التى حققها الإسلاميون فى انتخابات البرلمان طبيعية وتعود لتجربة حزب الحرية والعدالة الثرية فى العمل السياسى، مشيراً إلى أن إخفاق محاولات العلمانيين فى استعداء الشعب على الإسلاميين يقف وراء هذه النتائج.
وأكد أن مساعى حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين لتسويق أغلبيته البرلمانية دولياً ستجبره على الدخول فى تحالفات مع قوى ليبرالية وعلمانية وستخلق صعوبة أمام تدشين تحالف إسلامى داخل البرلمان.
الحوار مع د. عباس شنن تطرق لقضايا عديدة وإليكم التفاصيل:
النتائج اللافتة التى حققها الإسلاميون فى انتخابات مجلس الشعب أثارت إعجاب البعض إلا أن فشلهم فى تدشين تحالف أجج المخاوف من وقوع صراعات بينهم فى ظل تباعد المواقف بين الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية؟
- أنا لست مع إلحاق وصف الفشل المستخدم فى السؤال وإنما ينبغى القول بأن الحراك السياسى المتسارع والمتلاحق منذ الثورة ألقى بظلاله على عملية توازن القوى السياسية بل إنه وضع هذه القوى وجهاً لوجه أمام واقع جديد لم تألفه وأمام مهمات صعبة ليس أقلها عملية الاستقطاب الشعبى فهى لن تستطيع ممارسة العمل السياسى بصورة متكاملة إلا بالتنسيق والتحالف مع قوى وأحزاب سياسية أخرى وإذا كان هذا الكلام لا ينطبق على أفراد حزب «الحرية والعدالة» الذين ظلوا عقوداً طويلة يمارسون عملية الاستقطاب معتمدين على توجههم الإسلامى المتسق مع طبيعة الشعب المصرى المحبة للتدين بالفطرة حتى بلغ الحزب فى النهاية شأناً يمكنه وحده من وجهة نظرى من ممارسة العملية السياسية منفرداً على الصعيد الداخلى وهو ما لا ينطبق على قوى أخرى حديثة العهد بالعمل السياسى إلا أنه يبقى أمامه مشوار آخر فى اتجاه تسويق نفسه على الصعيد الخارجى.
ما مدى إمكانية نجاح الإخوان فى تسويق أغلبيتهم دولياً؟
- عن طريق رسائل التطمينات ومن بين هذه الرسائل قبوله التنسيق والتحالف مع القوى السياسية غير الإسلامية، اضف إلى ذلك القراءات السياسية الصحيحة أو الخاطئة للواقع السياسى المتغير أحياناً تدفع فى اتجاه التحالف والتنسيق أو العكس، وبما أن المجتمع المصرى ما بعد الثورة يعيش حالة من الحراك السياسى المتسارع والمتلاحق وهى حالة مرشحة للاستمرار فى الزمن القصير والمتوسط إلى أن تنتهى انتخابات الرئاسة وعودة الجيش إلى ثكناته، فإن عمليات التحالف والتنسيق تلك سوف تشهد هى الأخرى صعوداً وهبوطاً تبعاً لقراءات القوى السياسية للواقع السياسى وهى قراءات بالطبع متباينة تختلف باختلاف الأيديولوجيات السياسية ولكن هذا ينظر إليه باعتباره إخفاقات فى ظل أن وشائج الصلة بين القوى الإسلامية كانت تتطلب مثل هذا التحالف.. ليس هناك ما يمكن تسميه إخفاقاً أو فشلاً وإنما هى مجرد قراءات صحيحة أو خاطئة لما ينبغى فعله إزاء ظرف سياسى متغير يقتضى التحالف أو العكس ولكن ثمة باعثاً ثالثاً يقتضى من الإسلاميين ضرورة التحالف والتنسيق ليس فيما بينهم فقط بل مع التيارات الأخرى خاصة فى مرحلة ما بعد تشكيل البرلمان والإمساك بخيوط إدارة الدولة، ألا وهو الإرث الثقيل الذى ظهر للعيان فور أن انقشع غبار الثورة من الوضع الاقتصادى المنهار، إلى الفساد المستشرى فى جسد الدولة والمجتمع، مروراً بانهيار مؤسسات الدولة.. إلخ، كل هذا وغيره سيشكل ضغطاً باعثاً على التحالف وهو ما سيجنب الإسلاميين الانفراد بتحمل اللوم إذا ما تأخرت نتائج السياسات الإصلاحية.
مخاوف التيارات العلمانية والأقباط هل ترى أن الإسلاميين نجحوا فى تبديد هذه المخاوف أم أنهم أسهموا فى تصاعد حدتها؟
- مسألة التخوفات صارت معزوفة يستعملها العلمانيون بغرض تحويل الرأى العام ضد الإسلاميين فهم يظنون أنهم لا يزال بإمكانهم السيطرة على وعى الشعب وتوجيهه حسبما يريدون ولم يدركوا بعد أن الثورة قضت على مثل هذه الخيالات.
«إثارة الشغب»
يبدو أن نتائج الانتخابات الأخيرة زادت من هذه المخاوف وبددت جميع محاولات الطمأنة التى قدمها الإسلاميون؟
- ينبغى الاعتراف بأن الإسلاميين بذلوا قصارى جهدهم فى محاولات جادة لتبديد هذه المخاوف ولا يزالون، ولكن مقصد الذين يثيرون مثل هذه التخوفات ليس الحصول على تطمينات وإنما إثارة الشعب على الإسلاميين لتحويل الرأى العام إلى مناهضتهم بدلاً من مساندتهم، لكن الذى يبدو للجميع الآن أن هذه التشغيبات لم تحقق ثمارها بل على العكس تماماً أخفق العلمانيون فى تحويل وعى الشعب عن الإسلاميين وهو ما ظهر جلياً فى الدعم الشعبى لهم خلال الانتخابات التشريعية وتحقيقهم أغلبية كبيرة داخل البرلمان.
«التقاط الأنفاس»
سجل الإخوان المسلمون وتحالف الجماعة الإسلامية والسلفيون نتائج لافتة خلال انتخابات مجلس الشعب فيما بدا تنظيم الجهاد مرتبكاً عاجزاً عن لملمة أشلائه حتى الآن؟
- ثمة ثلاثة أسباب أدت فى مجموعها إلى حالة الارتباك منها أسباب انتهت بالفعل بقيام الثورة ومنها ما ظل باقياً أهمها استمرار الضغوط والملاحقات الأمنية، فقد كانت قيادات وكوادر الجهاد يتابعون بانتظام من قبل جهاز مباحث أمن الدولة المنحل، ولم يكن أمامهم سوى خيار واحد هو إثبات حسن النية عبر التمسك بمبادرة وقف العنف حتى يتلافوا عمليات الملاحقات والاعتقالات.
ورغم أننا وأثناء التفاوض حول مبادرة وقف العنف فرقنا بين نوعين من الممارسات السياسية، الأول: العمل المسلح فهذا تعهدنا بتركه استناداً إلى نصوص شرعية لم تغفل الواقع ولم تتجاهل النتائج والثانى العمل السلمى وهذا لم نتعهد بتركه إلا أن ممارسته لم تكن سهلة المنال إذا نظرنا إلى ما يمنحه قانون الطوارئ من صلاحيات القبض والاعتقال لأتفه الأسباب فضلاً عن حاجة الجهاديين إلى التقاط الأنفاس بعد عشرات السنين من التعذيب والاعتقال، ثم إن من بين هذه الأسباب سبباً مهماً جداً تمثل بعد خروجهم من السجون فى مباشرة تحمل الأعباء الأسرية والبحث الشاق عن وظيفة أو عمل يكفل العيش الكريم، إذ لم تتحمل الدولة عبء توظيف الجهاديين حسبما وعدت أثناء مفاوضات مبادرة وقف العنف بل تنصلت من وعدها تماماً، بل ذهبت إلى أبعد من التنصل فضيقت عليهم أرزاقهم وحاربتهم فى وظائفهم، أما السبب الثالث فكان بروز مشكلة التكيف مع المجتمع ومع الواقع السياسى فقد فوجئ الجهاديون بعد عشرات السنين التى قضوها فى غياهب السجون بتغير كبير فى منظومة القيم الاجتماعية وفى الخارطة السياسية التى باتت تحتاج منهم إلى زمن ليس بالقليل لتفهمها ودراستها قبل البدء فى الانخراط فيها والتفاعل معها.
«أيديولوجية عرجاء»
«أطلقت مبادرة لجمع شتات تنظيم الجهاد فى وعاء سياسى واحد تمثل فى تأسيس حزب السلامة والتنمية غير أن المحاولة أخفقت وفشل الحزب فى تحقيق نصاب التوكيلات فما تفسيره؟
- الحزب لم يفشل وإنما يسير فى اتجاهين متوازيين اتجاه التأسيس واتجاه تطوير الأيديولوجية السياسية للجهاد وسيستغرق وقتاً ليس بالقليل إذ لابد أن نعلم أن بناء أيديولوجية سياسية يستغرق زمناً أطول مما يستغرقه تشكيل حزب سياسى إلى أن تكتمل هذه الأيديولوجية وتصبح قادرة على الصمود فى مواجهة العواصف والأعاصير السياسية، فإذا نظرنا إلى تنظيم الجهاد فى هذا الإطار لوجدنا أن أيديولوجيته المعاصرة نشأت غير مكتملة، ومازالت تحتاج تدخلاً من قبل عقول وأفهام أنصارها ومعتنقيها لتكتمل أركانها فقد نشأت على ركن واحد فقط هو القتال المسلح فهى إذن أيديولوجية عرجاء إن جاز التعبير وهذا وحده لا يسعفها فى التكيف مع الواقع السياسى المتغير لكنها تمر اليوم بمرحلة تطور تاريخى على أيدى المخلصين من أبنائها خاصة بعد الثورة وإن كانت قد سبقتها إرهاصات إبان إطلاق مبادرة وقف العنف من داخل السجون إلا أنها تحركت ببطء شديد تحت ضغط الواقع السياسى الرافض لتاريخ الجهاديين وقبضة النظام السياسى البائد الأمنية الحديدية.
تضحيات ومشانق
إذا كان إعلام مبارك نجح فى تشويه صورة الجهاديين فمبارك انتهى وانهارت منظومته الإعلامية فماذا أنتم فاعلون لتصحيح هذه الفكرة؟
- تسعى كوادر الجهاد لمحو هذه الفكرة الخاطئة وتبيان حقيقة أن الجهاديين كانوا ومازالوا وسيظلون رافدًا من روافد الثورة وجذرًا أساسيًا من جذورها، ضحوا بالغالى والنفيس من أجل تحقيق هذه الثورة، لقد بات ملحًا الآن أن يفهم الجميع أن الثورات الشعبية لا تنشأ من فراغ ولا تندلع من غير وقود، بل يسبقها عشرات السنين من التضحيات والسجون والمعتقلات والآلام وحبال المشانق، لقد ظلت معارضة الجهادين مستمرة على سياسات النظام القمعى البائد المتمثلة فى تكميم الأفواه والاعتقالات حتى طال قمع النظام البائد معظم أشكال المعارضة بنسب متفاوتة، وكانت المعارضة تتخذ أشكالاً من ردود الأفعال تتفاوت بحسب أيديولوجياتها وقدرتها على الصمود: من معارضة ديالكتيكية تتهجن وتستأنس مع بعض اللمسات التى تحفظ لها الشكل المعارض أمام الشعب إلى معارضة تلجأ إلى ردود الفعل الراديكالية لتحفظ لنفسها قدرًا من التواجد الذى يفضح النظام السياسى ويعرى سياسته الخاطئة فى إدارة الدولة وهذا ما كان يفعله الجهاديون.
ولكن سرعان ما كان يواجه النظام البائد ردود الفعل تلك بأقصى درجات العنف مع توجيه آلته الإعلامية لتشويه حركتنا بالادعاءات الكاذبة وتلفيق القضايا، مما يجعل الشعب يغرق فى دوامة من الأكاذيب تتركه حائرًا يبحث عن الحقيقة فلا يجدها نظرًا لسيطرة الإعلام الرسمى على مقدرات الأمور فى الدولة، ظل هذا الحال حتى شعر الشعب كله بسياسات النظام الحاكم القمعية الخاطئة فهب منتفضًا فى ثورة شعبية محت هذا النظام القمعى من الوجود.
إذا كان ما فهمته صحيحًا فأنتم تحاولون تبرير عنفكم ضد نظام مبارك وتعتبرونه مصدر فخر كونه أسهم مع جهود أخرى فى إسقاط هذا النظام فى النهاية؟
- إذا لم تكن الثورة على نظام مبارك الطاغوتى القمعى الفاسد فخرًا فبأى شىء يفخر الإنسان؟!! نعم نحن نفخر بهذا، لكن هذا يجب أن يقودنا إلى اجتناب الغرور وعدم الشماتة وطهارة اللسان.
هل مازلتم تدفعون فاتورة عدائكم لنظام مبارك حتى الآن لدرجة أنكم لم تنجحوا فى الحصول إلا على مقعد واحد داخل البرلمان وعبر التحالف السلفى؟
- لا يجب تجاهل أن حزبنا السياسى تحت التأسيس منشغل بشدة فى تسويق نفسه عن طريق محاولاته الدؤوبة لمحو الفكرة الإعلامية التى ألصقها الإعلام الكاذب - سحرة فرعون - فى النظام الديكتاتورى البائد بالجهاديين الشرفاء، وعن طريق عرض برنامجه السياسى المعد بعناية شديدة يتفوق بها على العديد من برامج الأحزاب السياسية، فانشغال الحزب صرفه عن الإعداد للانتخابات، لكن أنا شخصيًا خضت تجربة مريرة تثبت صحة ما ورد فى السؤال، كان ذلك فى إطار الترشح كممثل لحزب السلام والتنمية لخوض الانتخابات البرلمانية، وبدأت التجربة المريرة مع قبول اللجنة العامة للانتخابات أوراقى منذ البداية، ولكن اعترضت لجنة الفحص على شهادة إعفائى من التجنيد بحجة أن المدون بها يفيد بأننى كنت متخلفًا عن التجنيد.
«مشوار طويل»
مر ما يقرب من عام على اندلاع الثورة فهل برأيك نجحت الثورة فى تحقيق أهدافها أم أن المشوار مازال طويلاً؟
- الطريق أمام تحقيق الثورة جميع أهدافها مازال طويلاً فليست هناك ثورة تستطيع تحقيق جميع أهدافها فى عدة شهور ومن يظن ذلك ليس له إطلاع على تاريخ الثورات فى العالم، قد زال حسنى مبارك وكبار معاونيه وبقى أذناب النظام فى إدارات الدولة المختلفة لكنهم إن عاجلاً أو أجلاً زائلون لأن رأس النظام انتهى ولعل ما يثبت صحة هذا الرأى ما جرى من محاولات الانقلاب على الثورة وباءت كلها بالفشل، ولست أزعم أن هذه المحاولات انتهت بل ربما تتكرر لكنها فى النهاية تخرج دون تخطيط بل تبدو من وجهة نظرنا كجهاديين محاولات ساذجة لن تثمر شيئًا فهى ربما يصدق عليها المثل المصرى الدارج «حلاوة الروح» أما ما يشاع عن الثورة المضادة فهذه أوهام لا تبارح خيال المنتفعين من النظام البائد.
«حضور بارز»
فرض جهاز مباحث أمن الدولة المنحل قيودًا عديدة على انخراط الإسلاميين فى السياسة فهل حال ذلك بينك وبين المشاركة فى الثورة؟
- الجهاديون جميعًا شاركوا فى الثورة إيجابًا وسلبًا فقد كان ثوار الجهاد والجماعة الإسلامية متواجدين ولهم حضور بارز منذ اندلاع الثورة كما شاركوا فى حماية ميدان التحرير ليلة واقعة الجمل الشهيرة جنبًا إلى جنب مع إخوانهم من الإخوان والسلفيين، وإن كان بعض قيادات الجهاديين آثروا عدم الظهور أمام عدسات المصورين حفاظًا على الطابع السلمى الظاهر للثورة حتى لا يقال إن الجهاديين متواجدون فى الثورة فيتخذ ذلك ذريعة لوصم الثورة بالعنف وبالتالى يتم التعامل معها بعنف سلطوى مضاد.
«الدولة المدنية»
لاتزال السجالات بين التيارين الإسلامى والعلمانى دائرة على هوية الدولة - دينية كانت أو مدنية - لماذا برأيك لم يتوقف هذا الجدل رغم تأكيد جميع ألوان الطيف الإسلامى مدنية الدولة؟
- دعنى أولاً أعرف الدولة المدنية على حقيقتها بعيدًا عن أمانى المشغبين وتفسيرات السطحيين: الدولة المدنية هى التى تعرف فى الفقه الدستورى بالدولة القانونية، وهى تتكون من أربعة عناصر:
وجود دستور، يحدد سلطات الدولة ومؤسساتها - تشريعية وتنفيذية وقضائية وغيرها - وينظم العلاقة بينها ويحدد لها اختصاصاتها، ويقرر الحقوق والحريات العامة والفردية.. إلخ.
وخضوع إدارة الدولة للقانون مثلها فى ذلك مثل الأفراد، فلا يكون القائمون على شئون الدولة فوق القانون بل من أحسن يثاب ومن أساء لا يفلت من العقاب.
فضلاً عن تدرج القواعد القانونية، فالدستور فى المرتبة العليا يليه قواعد القانون الدولى والمواثيق الدولية التى لا تخالف الدستور ولا قيم المجتمع، ثم قواعد القانون العادى الداخلى، ثم اللوائح القانونية، ثم تأتى القرارات الإدارية فى المرتبة الدنيا.. وتكمن ضرورة هذا التدرج فى حظر مخالفة أى قاعدة قانونية للقواعد التى تعلوها وإلا وصمت بالبطلانفضلا عن اقرار الحقوق والحريات العامة والفردية وكفالة صيانتها وحمايتها ضد أى اعتداء عليها من الحكام والأفراد على حد سواء وسن العقوبات الرادعة لتحقيق هذا الغرض.
كأنك تشير إلى أن الدولة المدنية لا تختلف بأى حال من الأحوال مع الدولة الدينية؟
- لا أضيف جديدًا إذا قلت إنها هى الدولة التى أنشأها الإسلام وطبقها قبل أن تعرفها الدول الأخرى بأكثر من ألف ومائتى عام.. أما التفسيرات التى يقول بها من لا دراية لهم بالثقافة القانونية أو الفقه السياسى والدستورى من أنها الدولة غير العسكرية، فهذه التفسيرات وأشباهها لا تعبر عن الحقيقة الموضوعية للدولة المدنية وإنما تعكس الجانب الشكلى فقط، وهو جانب لا يدخل بأى حال فى تعريف الدولة المدنية، فالدولة تكون مدنية إذا تحققت فيها العناصر الأربعة المذكورة، يستوى فى ذلك أن يكون حكامها مدنيين أو من العسكر، المهم ألا يدعى هؤلاء الحكام أنهم يحكمون بتفويض من الله لأن هذا من قبيل الدجل السياسى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.