أكد رئيس مجلس الشعب الدكتور أحمد فتحى سرور أن إرادة الشعب هى الأساس الوحيد لسلطة الحكم وانتقالها من هيئة إلى أخرى فى النظام الديمقراطى..داعيا إلى ضرورة ضمان الانتقال السلس للسلطة ومنع العنف الانتخابى. وقال سرور - فى كلمة ألقاها أمام اجتماعات الدورة ال123 للجمعية العامة للاتحاد البرلمانى الدولى فى جنيف حول منع العنف المرتبط بالانتخابات وضمان الانتقال السلس للسلطة - إن الركن الرئيسى فى ممارسة الديمقراطية يتمثل فى إقامة انتخابات حرة عادلة يتمكن من خلالها الشعب من التعبير عن إرادته..مشيرا إلى أن هذه الإرادة يتم تشكيلها من خلال عملية انتخابية يتمكن فيها كل مواطن ناخب من ممارسة حقه فى الانتخاب بحرية كاملة على قدم المساواة مع غيره. وأكد سرور ضرورة منع العنف المرتبط بالانتخابات وضمان الانتقال السلس للسلطة.. مشيرا إلى الإعلان الذى أصدره الاتحاد البرلمانى الدولى عام 1994 بشأن معايير الانتخابات الحرة والسليمة حول واجب الدولة فى اتخاذ التدابير الضرورية كى تتمتع الأحزاب والمرشحون بشروط متساوية فى الأمن وأن توفر السلطات الشروط التى تكفل الحيلولة دون العنف الانتخابى. وأوضح سرور أن القضاء على العنف الانتخابى لا يعتمد على الإطار التشريعى وحده وأن المطلوب هو نشر ثقافة الديمقراطية وسيادة القانون والإيمان بأن إرادة الشعب هى الأساس فى اختيار ممثليه فى نظام الحكم ، داعيا إلى نشر ثقافة يؤمن من خلالها كل مواطن بالقيم الديمقراطية وبقيمة صوته فى التعبير عن إرادته واختيار الممثلين الحقيقيين للشعب. وفيما يلى نص كلمة الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب أمام اجتماعات الدورة ال123 للجمعية العامة للاتحاد البرلمانى الدولى فى جنيف اليوم الثلاثاء حول منع العنف المرتبط بالانتخابات وضمان الانتقال السلس للسلطة : "يعتبر العنف الانتخابى أحد المظاهر السلبية التى تشهدها بلدان كثيرة فى العالم ، ويرجع أساسا إلى عدم توافر الثقافة الديمقراطية ، وعدم احترام سيادة القانون بجانب ضعف التحكم فى ضبط الممارسات الخاطئة فى العملية الانتخابية.. ويتمثل العنف الانتخابى فى أشكال مختلفة بعضها له مظاهر بدنية تتمثل فى الضرب والجرح والقتل والآخر له مظاهر معنوية تتمثل فى الرشوة والسب والقذف والابتزاز والوعد والوعيد والخداع والتضليل .. وكلها ظواهر تشير إلى ما يسمى بالبلطجة الانتخابية ، وأيا كانت مظاهر هذا العنف فإن تأثيره فى سلب أو إضعاف إرادة الناخبين يؤدى إلى الاعتداء على حرية إرادة الشعب فى اختيار ممثليه هذه الحرية التى تمثل جوهر النظام الديمقراطى لهذا كان العنف الانتخابى هو العدو الأول للديمقراطية. "فالركن الرئيسى فى ممارسة الديمقراطية هو فى إقامة انتخابات حرة عادلة يتمكن من خلالها الشعب من التعبير عن إرادته .. فإرادة الشعب هى الأساس الوحيد لسلطة الحكم وانتقالها من هيئة إلى أخرى فى النظام الديمقراطى .. وهذه الإرادة يتم تشكيلها من خلال عملية انتخابية يتمكن فيها كل مواطن ناخب بحرية كاملة من ممارسة حقه فى الانتخاب على قدم المساواة مع غيره. "وقد أكد الإعلان الذى أصدره الاتحاد البرلمانى الدولى سنة 1994 عن معايير الانتخابات الحرة والسليمة على واجب الدولة فى اتخاذ التدابير الضرورية كى يتمتع كل الأحزاب والمرشحون بشروط متساوية فى الأمن وأن توفر كل السلطات العامة الشروط التى تكفل الحيلولة دون العنف الانتخابى. "ولا نستطيع القول أن القضاء على العنف الانتخابى يعتمد على الاطار التشريعى وحده ، فليس بالتشريع يتم حل القضايا ..كما أنه بالمقابل ليس من السهل نشر ثقافة مناهضة للعنف الانتخابى ما لم تتعمق ثقافة الديمقراطية وسيادة القانون والإيمان بأن إرادة الشعب هى الأساس فى اختيار ممثليه فى نظام الحكم .. فلابد من نشر ثقافة يؤمن من خلالها كل مواطن بالقيم الديمقراطية وبقيمة صوته فى التعبير عن إرادته ، ويدرك مدى أهمية هذا الصوت فى اختيار الممثلين الحقيقيين للشعب ..ثقافة يؤمن من خلالها كل مواطن بأهمية مشاركته السياسية فى اختيار ممثلى الشعب. "ولهذا أكد الإعلان العالمى للديمقراطية الذى أقره مجلس الاتحاد البرلمانى الدولى بالقاهرة فى سبتمبر 1997 فى البند 19 منه أن تحقيق استدامة الديمقراطية يتطلب تهيئة مناخ ديمقراطى وثقافة ديمقراطية مدعمة بالتربية والتعليم وغير ذلك من سائر وسائل الإعلام والثقافة ، وأن المجتمع الديمقراطى يلتزم بتعزيز التربية بمعناها الواسع ولاسيما التربية الوطنية وتنشئة المواطن الصالح المسئول .. كما أكد هذا الإعلان فى البند 21 منه أن دولة الديمقراطية تفترض حرية الرأى والتعبير بما ينطوى عليه ذلك من الحق فى اعتناق الرأى دون تدخل أو عائق. "وينهض التشريع بمواجهة العنف الانتخابى من خلال الضمانات التى يوفرها فى جميع مراحل العملية الانتخابية بدءا من مرحلة الدعاية الانتخابية مرورا بمرحلة الاقتراع وصولا إلى مرحلة الفرز وإعلان النتيجة .. فالإطار التشريعى لهذه الضمانات يجب أن يكفل حرية إرادة الناخبين فى التعبير .. وقد اتجه عدد كبير من الدول ومنها مصر على أن تشرف على الانتخابات بجميع مراحلها لجنة عليا مستقلة ومحايدة. "وعنيت مصر على أن يكون على رأس هذه اللجنة قاض كبير هو رئيس محكمة استئناف القاهرة .. وعنيت بأن تشرف هذه اللجنة على إدارة العملية الانتخابية ، وتختص هذه اللجنة بتلقى البلاغات والشكاوى المتعلقة بمخالفة قواعد العملية الانتخابية للتحقق من صحتها ..كما نص القانون على أنه فى كل دائرة انتخابية توجد لجنة عامة تتكون من عدد من القضاة ، وأن يتولى أعضاؤها الإشراف على الانتخابات التى تجرى فى كل لجنة من لجان الاقتراع. "ويمكن تصور أن يعالج التشريع والقواعد التى تضعها اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات العنف الانتخابى فى مرحلة الدعاية الانتخابية عبر ضمان إتاحة فرصة الترشيح للجميع وتحديد نوعية الدعاية الانتخابية ، وضمان ألا تتضمن تعبيرات مسيئة للمجتمع أو تعبيرات تستغل الدين فى أغراض انتخابية وهو ما أوجبه الدستور والقانون المصرى عندما نص على حظر مباشرة أى نشاط سياسى على أساس دينى أو مرجعية دينية ، وحظر استخدام شعارات أو رموز على هذا الأساس أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل .. وفى ذات السياق أيضا. "من المهم أن يتضمن التشريع تحريم العبث بدعايات الخصوم طالما قامت على أسس غير محظورة ، والامتناع عن شن حملات تشويه مغرضة بحقهم ، أو بث شائعات واتهامات باطلة من غير دليل ، أو محاولات العبث بالسرادقات الانتخابية وبث الذعر فيها. "وتنصب المرحلة الثانية فى مكافحة العنف الانتخابى على مرحلة عقد الانتخابات ويوم إدلاء الناخبين بأصواتهم ..ففى هذه المرحلة الرئيسية ، وهى المرحلة التى تشهد بالأساس أعمال عنف حقيقية بالمعنى المادى والبدنى من المهم أن تنصب الجهود فيها على مكافحة كل أشكال العنف المحتملة .. فهذه المرحلة هى الأكثر من حيث قابلية ممارسة العنف ، وهى المرحلة التى تشهد أحيانا بعض أحداث عنف تصل إلى الوفاة والاعتداء البدنى واللفظى أو حتى قد تصل إلى مضايقات بالتحرش ، أو بعض حوادث إطلاق نار أو مواجهات بينية على أسس عائلية وقبلية. "كما قد تشهد اعتداء على عناصر من الشرطة أو القائمين على حماية الصناديق الانتخابية ، أو اعتداءات على عناصر ورموز قضائية وعلى المشرفين على اللجان والمراقبين من منظمات المجتمع المدنى..لذلك يجب إيلاء اهتمام أساسى لهذه المرحلة ، والنص على عقوبات مشددة على الإخلال بالأمن والنظام وخاصة عند استخدام القوة وأساليب الترويع والتخويف بقصد التأثير فى سلامة إجراءات الانتخابات. "وعلى الرغم من أن المرحلة الثالثة فى العملية الانتخابية وهى إعلان النتيجة قد تبدو أقل المراحل من حيث ممارسات العنف الانتخابى ، إلا أنها قد تشهد ألوانا أخرى من العنف.. فبالتأكيد أن الترويج من الخاسرين فى الانتخابات بعدم العدالة فى إدارة العملية الانتخابية والزعم بتواطؤ الأجهزة مع أحد المرشحين دون الآخر هو عامل مساعد على العنف.. ومن ثم من المهم التأكد من أن ذلك الإنحراف لم يقع ، ورفع أى التباس قد يكون نابعا من سوء فهم أو خطأ فى هذا الصدد حتى يتأكد للخاسر فى المعركة الانتخابية أن نتائج الانتخابات التى لم تتخالف معه هذه المرة هى نتائج سليمة تماما وأنها تعبر عن الأصوات الحقيقية التى حصل عليها مقارنة بخصمه. "لذلك من المهم أيضا معالجة الأسباب والتعامل مع الدوافع التى تدفع إلى العنف فى مرحلة ما بعد الانتخابات من خلال ضمان أن تأتى نتائج الانتخابات معبرة تماما عن حالة الدائرة واتجاهات التصويت. "وفى ضوء ما سبق يفترض أن يتضمن أى إطار تشريعى خاص بمراقبة الانتخابات ومكافحة العنف الانتخابى التأكيد على ضمان عدم تحول مؤيدى ومساندى كل مرشح إلى قوى ضاغطة على العملية التصويتية تمارس البلطجة أو الإرهاب والتخويف الفكرى أو النفسى أو المعنوى أو تطرح شعارات عدائية تستهجن القيم الأساسية أو تتسلط على القيم الأساسية للمجتمع. "وفى هذا السياق ، يهمنا التأكيد فى مجال محاربة العنف الانتخابى على دور منظمات المجتمع المدنى الوطنية ووسائل الإعلام التى تكون بمثابة القوى الناعمة خلال كل مراحل العملية الانتخابية ، فهى تقوم بدور حيوى فى متابعة الانتخابات والاطمئنان على حرية الناخبين فى التعبير ..وقد أكد القانون المصرى على حق منظمات المجتمع المدنى المصرى فى متابعة العملية الانتخابية. "والخلاصة أن الهدف النهائى لا يجب أن يتجه فقط إلى تبنى وتكثيف الإجراءات الردعية والأمنية ، وإنما خلق وإشاعة ثقافة تستهجن كل مظاهر العنف الانتخابى ، ثقافة تستهجن اغتصاب الحق. "فالهدف الأسمى والنهائى هو احترام حرية التعبير عن إرادة الشعب فى اختيار ممثليه باعتبارها الأساس الوحيد لسلطة الحكم وانتقالها من هيئة إلى أخرى فى النظام الديمقراطى.