أزمة الكتاب الخارجي من الأزمات التي تطفو الآن فوق السطح، والتي انفجرت عندما أراد الأستاذ الدكتور وزير التربية والتعليم القضاء عليها وافساح الطريق نحو الكتاب المدرسي لتكون له السيادة والهيمنة بأقل التكاليف. والحقيقة أن الكتاب الخارجي تربع على عرش التعليم لفترة من الزمن ، هيمن فيها رأس المال من خلاله بطريقة جعلت الكثير من أولياء الأمور المتعلمين يئنون تحت وطئت سلطانه وجبروته التي لا تعرف الصالح العام، ولا تعمل على مستقبل الوطن ولا تعرف الرحمة والرأفة تجاه طبقات المجتمع الكادحة التي ترغب في تعليم أفضل لأبنائها ، لا يعرف إلا لغة المال وجمعه. والغريب أن من يقوم بوضع مناهج الكتاب المدرسي هم أنفسهم من يقومون بوضع محتوى الكتاب الخارجي فلماذا هذه الازدواجية التي يتبعونها في تقديم المادة التعليمية للمتعلم المغلوب على أمره حيث يضعون محتوى الكتاب المدرسى بطريقة سطحية مبتورة يصعب فهمها والاعتماد عليها في التحصيل في حين يضعون في الكتاب الخارجي محتوى تفصيلي وتوضيحي، مما غير إتجاه المتعلم من تحصيل العلم وتفعيله والتفكر فيه الى الحرص على الحصول على ما يمكنهم من اجتياز الامتحانات المقررة . تحول واضع المنهج من صاحب رسالة يبلغها ويسهم بها في تطوير المجتمع الى مصاص دماء وصاحب سلعة يتاجر بها في أبناء وطنه، إما أن يدفعوا ثمنها أو يحرموها ساعده في ذلك جو من اللامبالاة وعدم الرقابة وغياب الضمير انهم بذلك يجرمون في حق وطنهم وفي حق انفسهم. لما لا يقدمون ما لديهم لأبناء وطنهم من خلال الكتاب المدرسي بطريقة تنمي التفكير والابتكار والتعامل مع المواقف الحياتية ويكرثون كل طاقاتهم له اسهاماً منهم في نهضة مجتمهم ويحتسبونه عند الله عز وجل، وسيذكر لهم التاريخ دورهم في نهضة التعليم في أوطانهم كما ذكره لسلفهم أمثال رفاعة الطهطاوي وطه حسين وغيرهم من رواد النهضة التعليمية الذين أثروا الفكر وبذلوا في سبيله كل غال ورخيص. لما لا يقاطع أولياء الأمور والمتعلمون مثل هذه الكتب التي تستبيح أموالهم وتؤثر على حياتهم الاقتصادية وتضعفها بدلاً من التكدث عليها واللهث وراءها في السوق السوداء، لما لا يستندون إلى المعلم في تحقيق ما يطمحون إليه من وراء الكتاب الخارجي والمعلم قادر على سد هذا الفراغ بعلمه ومصادره التي تذلل وتبسط ما تحتويه المناهج الدراسية، لما لا يستغل المتعلم مصادر المعرفة المختلفة والتكنولوجيا الحديثة من أنترنت ووسائط متعددة في فهم محتوى الكتاب المدرسي ، لما لا يلجأون الى بوابة وزارة التربية والتعليم التي ينبغي أن توفر بها الوزارة شرحاً وتبسيطاً للمناهج الدراسية. لقد تعلمنا جميعاً في جو يسوده التفانى والعطاء من أناس عرفوا معنى الرسالة وأدوها على أكمل وجه وتركوا في نفسونا بصمة لا تنسى وفي ظروف اقتصادية أسواء بكثير من الظروف التي نعيشها الآن ولم نعرف يوما هذا الشبح الذي يطارد أبنائنا الآن ويستنزفهم. إن ما فعله الأستاذ الدكتور وزير التربية والتعليم بمنع الكتاب والخارجي والتقليل منه خطوة نحو الأصلاح يستحق عليها كل تقدير واجلال وضربة لأصحاب النفوذ وأرباب المال الذين يتاجرون بمقدرات الوطن بلا رحمة ولا شفقة. نحلم بغد أفضل لأبنائنا وأوطاننا يبنى بسواعد الشرفاء المخلصين من أبناء هذا الوطن الحريصين على تنميته ونهضته بفكرهم وثقافتهم وخبراتهم ولا يضنون عليه باي شيء اكتسبوه نظير مال زائل وثراء غير مشروع.