فى احداث دار القضاء العالى الاخيرة عندما نرى شيخا كبيرالسن لحيته البيضاء واضحه وضوح الشمس يركل شاب بقدمه بعد ان سقط هذا الشاب ارضا بعد الاعتداء عليه من قبل شباب ملتحين وبدلا من ان يكون تصرف هذا الشيخ الكبيران يمسك بيد الشاب ليساعده على النهوض كان هذا هو تصرفه، وعند ذلك لابد ان نبحث عن صورة آخرى حتى لانفقد الامل،وحتى وان كانت تلك الصورة قد فارقتنا منذ اسابيع لابد وان نتذكر كلماتها التى هزتنا جميعا، كلمات قليلة ولكنها تحمل اعمق المعانى بين طياتها، فقد قال بطل تلك الصورة "إن كان حظى فى الحياة قليلها فالصبر يا مولاى فيه رضاك" هزتنى وهزت الجميع تلك الحروف خاصة عندما علمت انها كانت آخر كلمات سطرها صاحبها الذى كان يصارع المرض، وادهشتنى تلك القوة التى سيطرت على صاحب تلك الكلمات فى وقت شعر فيه بقرب اوان الرحيل، وسألت ربى من اعماق قلبى ان يلهمنا نفس تلك القوة عندما نشعر بلحظات الخوف وقرب اوان الرحيل . فما اصعب الرحيل!! فعندما يرحل من هو قريب منا وعايشناه لحظات سعادته وحزنه نبكى رحيله ،فهذا هو المنطق، اما عندما نبكى رحيل من لم نعرفه ومن لم نجالسه فذلك يجعلنا نقف امام احزاننا كى نسأل انفسنا لماذا ؟ وسألت نفسى لماذا حزنت كل هذا الحزن على رحيله ؟،فلم يكتب لى القدر ولم يسعدنى الحظ ان اقابله يوما ،بحثت بداخلى عن الاجابة، ولم ابحث طويلا فوجدتها جاهزة خرجت بمجرد ان استدعيتها من داخلى لتزين اوراقى، فهو لم يكن شخصا عاديا بالنسبة لى فكنت اراه حقا قدوة ومثل للمسلم الحق المعتدل فى زمن كثر فيه المتأسلمون وتخالطت فيه الامور، وقدوة للثائر الحق ،نعم كنت اراه كل ذلك، كنت ارى فيه مثلا وقدوة لسماحة اسلامنا العظيم، فكم كان عف اللسان! فكم كان شجاعا قويا! فكم كان قويا فى الحق! وكما ترك لنا مثلا فى القوة فى الحق قبل ان يترك الدنيا لم يرد ان يذهب دون ان يعلمنا القوة فى كيفية مواجهة قرب لحظات الرحيل. كمية الحزن التى ظهرت فى كلمات كل من نعاه ،اكدت بلا ادنى شك ،ان هناك اناس تولد بعد ان تموت، كم كان صادقا مع نفسه عندما صرح بالخوف الذى كان يمتلكه من المشاركة فى ثورة 25 يناير، وخوفه من فشلها فيتم اعتقاله، ولا يوجد هناك من يعول والدته، ولكنه ترك كل ذلك وراء ظهره وكان من اول المتواجدين فى قلب الثورة، واصر احد اصحاب بيان تحريم الخروج على الحاكم ، على الا يحترم حتى حرمة الموت وينعيه بطريقته الخاصة، فها هو المتحدث باسم الجبهة السلفية تحدث عنه بكلمات عرجاء تحدث فيها عن ترك فقيدنا الكبير منصب المتحدث الرسمى باسم حزب النور وذهابه للمشاركة فى تأسيس حزب الدستور قائلا "انه اختار رفقه غير رفقته ومضى هناك بعيدا بعيدا فكانت آخر صحبته لقوم يشاقون الله ورسوله ويزيفون على الناس دينهم" تلك الحروف التى لا وزن لها لا اعلم من اين علم صاحبها بها؟؟ ومن اعطاه الصك الذى يستطيع به تحديد من يشاقون الله ورسوله ومن لا يشاقون الله ورسوله؟؟ . يا فقيدنا الكبير ويا من تركت حياتنا،كفاك شرفا اننى وغيرى الكثير نرى الفرق الكبير بينك وبين مثل هذا الشيخ الكبير صاحب اللحية البيضاء وبينك وبين من نعاك بطريقة غريبه لا تمت لاسلامنا العظيم بصلة وانك المثل والقدوة لمن اختار ان يتحمل مسئولية اللحية ،انت الآن بين يدى المولى عزوجل فلا تلتفت الى تلك الكلمات العرجاء وسر فى طريقك الى الجنة بإذنه تعالى،فنحسبك كذلك ولا نزكيك على الله. الدكتور محمد يسرى سلامه ... وداعا