لا شك أن المنظومة التعليمية في مصر بحاجة ملحة إلى الإصلاح خاصة وأن واقعنا المؤلم يثبت أن المنتج التعليمي المصري رديء للغاية .وبما أن التعليم هو بالفعل أساس نهضة الأمم فإنه يأتى فى مقدمة الأولويات الإصلاحية بعد ثورة يناير التي من المفروض أنها نقطة البداية في إصلاح الحياة عامة والتعليم بصفة خاصة . ومخطئ من يظن أن إصلاح التعليم في مصر سيحدث بين عشية وضحاها ولكن لابد أولا أن يقر الجميع أن بمنظومة التعليم أمورا قد فسدت وتحتاج إلى إصلاح وأمورا أخرى قد استفحلت و تحتاج إلى استئصال و بتر وهى للأسف كثيرة ومتغلغلة فى جسد العملية التعليمية المهلهل وكيانها المتهالك .وتتعالى الأصوات بسؤال يفرض نفسه : من أين يبدأ إصلاح التعليم فى مصر ؟ هل من بداية السلم التعليمى أم من القمة ؟ ومن وجهة نظرى المتواضعة أرى أن الإصلاح الحقيقى يبدأ ممن يبنى السلم التعليمى ( السياسة التعليمية) أولا ثم نبدأ بدرجة السلم الأولى .فلو أن السياسة التعليمية فى مصر شارك فى وضعها المصريون المتخصصون و العاملون فى الحقل التعليمى من إداريين ومعلمين وعمال وفنيين وشاركهم جماعة من أولياء أمور أبنائنا بمراحل التعليم المختلفة والطلاب أنفسهم لنجحت السياسة التعليمية حيث أن المهتمون والمهمومون بها قد شاركوا جميعا فى وضعها . ومفاد ذلك أن يبدأ الإصلاح من المسودة الأولى للدستور التعليمى فى مصر بمشاركة القائمين على التعليم والقائمين به على السواء لكى توضع الخطوط الرئيسية للسياسة التعليمية المصرية وليست المستوردة . وما دفعنى إلى تبنى فكرة إصلاح السياسة التعليمية أولا أن التعليم فى مصر مع تعدده وتنوع مشاربه ولكنه فى النهاية قد يفشل فى تحيق الانتماء للوطن ، والسؤال هو : هل هناك سياسة واضحة للتعليم في مصر وسط شعارات تطوير التعليم وجودة التعليم التي نسمع عنها ليل نهار؟! إن الواقع العملي الذي نلمسه جميعا هو انعدام الوحدة في أية مرحلة من مراحل التعليم. مما جعل لجنة التعليم في مجلس الشعب تصدر تقريرا يتساءل هل تعبر سياسة التعليم عن ازدواجية تحول أبناء المجتمع الواحد إلي أعداء متناحرين وأجيال منقسمة علي نفسها غربيبة عن مجتمعاتها متعددة المواقف تجاه قضايا الوطن وأهدافه؟! أم عن تعددية ما بين التعليم الحكومي والخاص والأجنبي والأزهري تضمن الحق الديمقراطي لكل جماعة اجتماعية في التعبير عن نفسها وحاجاتها الثقافية والتربوية، ولكن من يضمن أن الأجيال التي تخرجت في كل هذه المشارب من أنواع التعليم المتنوعة بل أحيانا المتناقضة لها هوية واحدة وانتماء واحد وولاء واحد لبلد واحد؟! ......... هشام الجوهرى معلم ثانوى خبير بالتربية والتعليم