رغم أن المصريين قاموا بثورة لقلب نظام الحكم، وتصحيح الأوضاع الخاطئة، التي استمرت لأكثر من خمسين عاماً، لخير مصر وأبنائها، ورفع اسمها عالياً خفاقاً بين الأمم، بعدما أهدره فساد النظام الحاكم واستبداده، إلا أنه ظهر في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد وصول رئيس ذي اتجاه إسلامي، ومحسوب على أكبر فصيل إسلامي منظم في مصر، بل والعالم بأثره، أناس، كانوا قبل الثورة موالين للنظام، ويطبلون له، رغم أنه كان فاسداً بكل المقاييس، وأخطاؤه أكثر من حسناته، إلا أنهم كانوا يصفقون له، حتى إذا ضحك ضحكوا، وإذا كشر كشروا، وإذا قال هللوا.بعد تنحي مبارك، وسطوع شمس الحرية، على مصر وأبنائها العظماء، الذين ثاروا من أجل مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم، وحافظوا خلال ثورتهم المباركة، على مكتسبات وممتلكات الدولة، سواء كانت عامة أو خاصة، ظهر فصيل كان موالياً للنظام المخلوع، وتجرأ على أن يكون معارضاً للرئيس الشرعي للبلاد الدكتور محمد مرسي، الذي وصل إلى سدة الحكم عن طريق انتخابات نزيهة، لم تشهدها البلاد منذ فجر التاريخ، ويشهد بذلك القاصي والداني، العدو قبل الصديق.رغم أن الدكتور مرسي، منذ بداية توليه لمنصبه، مد أياديه البيضاء، لكل أبناء مصر، مسلمين وأقليات، موالين ومعارضين، طالباً منهم المساعدة للنهوض بمصر العظيمة، لخروجها من المرحلة الراهنة، التي تمر بها، إلا أن أصحاب المصالح الشخصية، الذين استفادوا من فساد النظام المخلوع، لا يهمهم مصلحة البلاد العليا، لا من قريب أو من بعيد، عارضوه بكل ما أوتوا من قوة، مستغلين في ذلك المرحلة الحرجة التي تمر بها المحروسة، وطيبة الرئيس، ومشاركة قادة المجلس العسكري له في مهامه، بل وقيادتهم للثورة المضادة، التي كادت أن تودي بثمار ثورة الخامس والعشرين من يناير، لولا يقظة القائمين عليها من الشرفاء من أبناء المحروسة.منذ اليوم الأول لتوليه مهامه، أرسل إليه بعض الأقليات، رسالة يخبرونه فيها، بأنهم سيكونون معارضين له، على الرغم من أنهم لم يروا منه شيئاً، لكي يعارضوه عليه. ومن يومها وتتوالى ردود أفعالهم، رافضين وجوده في الحكم، ومحاولين إزاحته بأي طريقة كانت، لم يتحرك حركة أو يفعل شيئاً إلا وقابلوه بالاستخفاف، رغم أن كل ما بدر منه يدل على أنه يعمل لصالح الوطن وأبنائه، فلماذا إذاً الاستخفاف به وبأفعاله؟ حتى أنهم علقوا عليه عندما بكى في الصلاة بالحرم المكي، بل وصل بهم الأمر إلى الاستخفاف به عندما ألقى كلمة في المسجد خلال صلاة التراويح، وكأنه فعل شيئاً مذموماً، أو خارجاً عن القانون.صحيح أنها المرة الأولى، في تاريخ مصر، يكون فيها الحاكم إسلامياً، ملتزماً بكتاب الله وسنة رسوله، على الرغم من أن أكثر أبنائها مسلمين سنة، مع ذلك كان كل حكامها السابقون غير ملتزمين بالكتاب والسنة، ولا يعرفون عن الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه.للمرة الأولى في تاريخ المحروسة، يختار المصريون رئيسهم بأنفسهم، دون تدخل من أحد، كما كان يحدث سابقاً، أي أنه كان من الواجب عليهم أن يفتخروا به، ويساعدوه في أداء مهامه، بدلاً من إعاقته، وعرقلة عجلة الإنتاج، وزعزعة الأمن، معاقبة له ولمن اختاروه.لابد وأن يحترم هؤلاء مشاعر الأكثرية، التي قامت بالثورة، وعرَّضت نفسها لآلة القمع والتعذيب، وفقدت من خيرة شبابها الأبرار، وما زالت مستمرة فيها، حتى تحقيق مطالبها، ولن تعود مصر إلى الوراء مهما كلفها من غالٍ أو نفيس.على الأقليات وأصحاب المصالح، أن يحترموا رأي الأغلبية، لأن استقواءهم بالخارج لن ينفعهم كثيراً، وإذا كانوا متخيلين أنه سينفعهم فهم واهمون، لأن من يستقوي بالخارج سيخسر في النهاية لا محالة، والاستقواء بالداخل هو الأبقى، لأن الأكثرية هي من حافظت على وجود الأقليات، وتركتهم ينعمون برغد العيش دون أي مضايقات تذكر، رغم قدرتهم