من خلال متابعتي للاستبيانات التي أجريت على عدة مواقع الكترونية، حول المرشحين لرئاسة الجمهورية المصرية، اتضح لي حصول عبدالمنعم أبو الفتوح وعمرو موسى على أعلى نسبة من الأصوات، أي أنهما من أبرز المرشحين شعبية، ومن الممكن أن يكون يفوز أحدهما بالرئاسة.عرضت عدة قنوات فضائية مصرية، برامج المرشحين لمنصب الرئاسة، وقامت بتحليلها، وعرضت قناة «دريم» المملوكة لأحمد بهجت بالتحالف مع قناة «ون تي في» المملوكة لنجيب ساويرس مناظرة بين أقوى المرشحين للمنصب، وكان طبيعياً أن تكون إجابات عمرو موسى أقوى من أبو الفتوح، لأن أبو الفتوح يعمل طبيباً، ومهنته لا تساعده على أن يكون مفوهاً، لأنها تحتاج إلى التركيز أكثر من الكلام، أما نظيره عمرو موسى الذي عمل وزيراً للخارجية، ثم أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، أي أنه رجل سياسة من الطراز الأول، ومهنته تقتضي أن يكون مفوهاً، لكي لا يغلبه أحد في الحديث، مهما كان معارضاً بارزاً للنظام المخلوع كأبو الفتوح. وهذا ما زاد من شعبية عمرو موسى خلال المناظرة، حتى أنه وجد ترحيباً كبيراً وآذاناً صاغية لطريقته الدبلوماسية في الإجابات من كثير من أبناء الشعب المصري.ما يحدث الآن في مصر، ظاهرة جميلة وصحية، وتبعث على الأمل في غدٍ أفضل لنا ولأبنائنا، لأنه في السابق لم يكن يجرؤ أحد منا، مهما بلغت قوته وجبروته، على منافسة الرئيس في منصبه، ومن تجرأ سامه سوء العذاب. صحيح أني كنت أتمنى أن لا يكون من ضمن المرشحين للرئاسة، شخصيات خدمت في ظل النظام السابق، كعمرو موسى وأحمد شفيق، إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، وأياً كانت النتيجة سنسلم لها، ونرضى بها، لأننا سنصنعها بأيدينا في أول انتخابات ديمقراطية تشهدها مصر المحروسة.كنت أتمنى أن لا يتجاوز سن المرشحين لمنصب الرئاسة ال60 عاماً، لأنه من المعلوم أن الإنسان إذا تجاوز الستين، فإن عزيمته تضعف بحكم السن ولا يستطيع أن يقدم ما يقدمه الشباب، ومصر حباها الله بعدد كبير من الشباب المثقف والواعي الذي يستطيع أن يحمل الراية ويخدم بلده بكل عزيمة واقتدار، لكن القانون المعمول به في جميع الدول لا ينص صراحة على تحديد سن المترشح لمنصب الرئيس، وما يجري على غيرنا من الطبيعي أن يجري علينا.ما يحدث الآن من تشتت للأصوات، لم يكن وليد الصدفة، بل إني حذرت منه في مقال سابق، فور دخول الإسلاميين إلى مجلس الشعب، ونصحتهم أن يغتنموا هذه الفرصة الثمينة التي وصلت إليهم، دون عناء، لأنهم كانوا الرابح الأكبر من قيام الثورة، وعليهم أن يقدموا أنفسهم للشعب في صورة جديدة وجميلة، غير التي رسمها لهم النظام المخلوع، إلا أنهم وللأسف الشديد، ضربوا بكلامي عرض الحائط، ولم يكونوا عند حسن ظننا بهم، مما كان له السبب الأكبر في نفور كثير من الجماهير عنهم، بعدما آزروهم في الانتخابات البرلمانية.الندم لا ينفع الآن، لأن الفرصة لا تأتي للإنسان إلا مرة واحدة، واللبيب من يغتنمها قبل فوات الأوان.من الطبيعي أن تذهب أصوات الأقليات إلى أحد المرشحين، المحسوبين على النظام المخلوع، أحمد شفيق وعمرو موسى، لأنهم يخافون من وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم، على الرغم من أن خوفهم ليس له ما يبرره، إلا أن الإعلام الهابط، الذي كان يعمل تحت إمرة الرئيس المخلوع، كان يحارب الإسلام والإسلاميين، بكل ما أوتي من قوة، ويصورهم على أنهم إرهابيون، مما جعل الأقليات وبعض الأكثرية تنفر منهم، خوفاً من إقصائهم أو البطش بهم.مهما كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية، لابد وأن نسلم لها، ونرضى بها، وأياً كان الرئيس القادم يجب علينا أن نساعده على القيام بواجبه، ولا نعارضه لأتفه الأسباب، ونمنحه فرصة، لنرى ماذا سيفعل، هل سيؤدي واجبه المنوط به على أكمل وجه، أم أنه سيسير على درب المخلوع. وإذا رأيناه مجتهداً في خدمة وطنه، وينفذ برنامجه الانتخابي، الذي قطعه على نفسه، فلنستبشر خيراً، ونتركه يكمل دورته في أمن وأمان. أما إذا لم يفِ بوعوده، وينفذ برنامجه، ويصلح ما أفسده المخلوع، فوقتها يكون من حقنا أن نخرج عليه مطالبين برحيله، ولكن بالطرق السلمية، التي لا تضر بأمننا واستقرارنا.وفق الله مصر، وحفظ أمنها، ورعى شعبها، وسدد على طريق الحق خطى أبنائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.