مئة وثلاثة أيام من الإضراب المتواصل عن الطعام يسطرها الأسير أكرم الريخاوي في عجيب ملحمة ينتصر بها على جلاديه . لكنه يعيد الى حجورنا كرة نار ملتهبة تحرق كثير حقائق فررنا منها تجميلا لصور عجزنا القبيح وحتى لا نظل في الحالة هذه أحببنا بصراحة السؤال : ما الذي قدمته الأمة للأسير الفلسطيني وهو يدفع عمره للدفاع عن الامة ، عرضها ، كيانها ، أمنها ، بل وجودها . في رحلة أكرم وإخوانه مع الإضراب عن الطعام حاولة رصد طبيعة النشاط المتضامن في الداخل والخارج ، وتتبعت الحراك الرسمي لنصرة قضية الأسرى على الساحة العربية والمحلية فوجدت في الخلاصة مسيرة هنا ، ووقفة هناك ، زيارة من هذا وإتصال من ذاك ، وحين إرتفاع مشهد الفداء ذروته في النصرة وجدنا لصور الأسرى انتشارا على صفحات الفيس البوك بشكل لافت . في حكاية التضامن والنصرة سمحت لنفسي المقارنة بين ما فعله الاحتلال ( عديم الاخلاق ، القاتل ، لعين الحرسه ) مع أسيره الذي وقع في يد المقاومة الفلسطينية في غزة بغية معرفة فداحة ما نفعله تجاه الأسرى ونصرتهم ، وحتى لا نظل في الكلام النظري حاولت تتبع نشاط التضامن الصهيوني مع شاليط من خلال محاور رئيسية تمثلت في الآتي . 1 . على الصعيد الحكومي : قام الكيان بتشكيل طاقم سياسي على أعلى مستوى يديره مباشرة رئيس الوزراء الصهيوني في عمله قام بمئات اللقاءات مع رؤساء دول ، وزراء خارجية ، مؤسسات دولية والاهم مكن عائلة شاليط الاجتماع و الوصول الى أعلى هرم السياسة العالمية وتحويل إسم ولدهم الى منطوق في كافة المحافل العالمية والخطب الرسمية . 2. على الصعيد الامني : شكلت أذرع الأمن المختلفة في الكيان خلية أزمة جعلت هدفها الرئيس شاليط ومكنتها من كافة الوسائل التقنية المتطورة ، وجعلت مرجعيتها رئاسة أجهزة الاستخبارات المختلفة ، وكانت كلفة النشاط الاف ساعات العمل ومبالغ مالية طائلة ، ونشاط عسكري و أمني ضخم وكبير كان الأهم في ذلك إعتبار شاليط احد ألأهداف الرئيسية في الحرب على غزة . 3. على الصعيد الشعبي : تشكيل لجنة شعبية دائمة الانعقاد أشرفت على الاف الأنشطة العالمية والمحلية ، جوا وبحرا وبرا .هذا الحديث ليس للمبالغة فقد قامت لجان التضامن ، بنشاط لشاليط في عمق البحر ، وفي أعالي الفضاء ، ثم غدت المحافل الرسمية وغير الرسمية تجعل من بروتوكول الحضور فيها وجود أسرة شاليط في مقدمة الحضور . 4. على الصعيد الاعلامي : وضعت المسؤسسات الاعلامية شارات بصورة شاليط في الصحف ، القنوات التلفزيونية ، المواقع الاخبارية ، وجعلت أخبار شاليط إفتتاحية الصحف وعناوينها الرئيسة . 5. على صعيد النخب والساسة : رئيس الدولة ، رئيس الوزراء ، الوزراء ، اعضاء البرلمان ، رجال الثقافة ، رجال الأمن ، تقاطروا لزيارة أسرة شاليط ، أو إستضيفوا على موائدهم مع تقديم شرح واف للجهود التي تبذل بغية الافراج عن ولدهم . وتوج نشاط التضامن بعمل نموذج لسجن تقاطر عليه هذا الصنف من النخب للبقاء فيه ساعات طويلة بشكل فردي للتذكير في الحالة التي عليها شاليط . 6. على المستوى الثقافي : أيام عمل ، ورش ثقافيه ، قصائد ، نشاط طلابي مدرسي ، جامعي ، لقاءات تعريفية ، أفلام وثائقية كلها بهدف حشد الدعم لشاليط . 7. على صعيد الفعل : مبادلة شاليط بألف أسير فلسطيني من الاحكام المؤبدة و الذين نفذوا عمليات جهادية قتل فيها أكثر من 500 إسرائيلي وآلاف الجرحى . في ذكري للنقاط أحببت فتح نقاش حولها لنرصد حالة مقارنة بين ما فعل من ذلك وما يجب أن نقدمه كأمة للأسرى . بعض محق سيقول دفعنا من اجل الأسرى الكثير ، في غزة والضفة ، هنا قد نتفق على أن ما قدمه الشعب الفلسطيني على المستوى الشعبي معتبر ، لكن نسأل اليوم عن ديمومته ، عن دور السلطة ، دور النخب المثقفة ، الامة ، الساسة ، الزعماء من كان في ضيافته والد أسير أو أم مجاهد .للأسف في مروري على نشاط للمعلمين المفصولين وإطلاعي على كشف للمحرريين المقطوعة رواتبهم وجدت ان مئات من الأسرى يمنعون العمل ، ويمنعون الراتب ، الأدهى والأمر أن شهادة حسن السلوك تعطى لعميل الإحتلال وتمنع عنهم .في حرصي على وحدة الكلمة في هذا الملف ، وبغضي للفرقة على العموم أطلق رجاء في هذا الشهر الكريم بأن يتفق الفرقاء والخصماء على إخراج القيم من خصومتهم ، قيم الشهادة ، الأسر ، الجرحى ... حتى يظل من قدم وضحى يشعر أن تضحيته لم تكن يوما وبالا عليه كما نشعر اليوم بهذا ... وللاسف .وحتى لا نبتعد عن الموضوع يظل السؤال مفتوحا حول الفرق بين الريخاوي الفلسطيني و شاليط الإسرائيلي ؟